كانبيرا 10 ديسمبر 2016 (شينخوا) يملك برنارد رايت مزرعة تبلغ مساحتها 810 هكتارات وتقع على بعد 140 كلم شمالي كانبيرا. وعندما تحدث رايت بحماسة كبيرة عن كم ساعدته اتفاقية التجارة الحرة بين الصين واستراليا على بيع كميات أكبر من صوف أغنام مرينو الذي ينتجه إلى الصين، يمكنك أن تدرك أن أساس العلاقات الثنائية متين ومستقبلها مشرق.
فقد دخلت اتفاقية التجارة الحرة بين الصين واستراليا حيز التنفيذ في 20 ديسمبر عام 2015، لتسهم على الفور في خفض التعريفة الجمركية المفروضة على منتجات استرالية مثل لحم البقر والنبيذ والفواكه وغيرها لتدخل السوق الصينية بسهولة أكبر.
وبالنسبة لرايت، فهو يملك 220 رأسا من الأغنام المنتجة للصوف في مزرعته. ومن بين حجم الصوف الذي ينتجه سنويا ويتراوح بين 10 آلاف و12 ألف كغم، يتم تصدير 75% منه إلى الصين. وبالنسبة للأبقاء المنتجة للحم والتي يصل عددها إلى 200 رأسا في مزرعته، فإنه يحصد مقابل بيع لحمها سعرا أفضل بفضل هذه الاتفاقية.
وخلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) في وقت سابق من الأسبوع الجاري، ذكر رايت إن الاتفاقية ألغت الحصة المفروضة على الصوف الاسترالي المصدر إلى الصين. وقد زاد حجم إنتاج الصوف في مزرعته بنسبة تتجاوز 50% مقارنة بحجم إنتاجه في العام الماضي.
واستخدم رايت الزيادة في إيرادات مبيعات المزيد من الصوف واللحوم في بناء فناء وحظيرة جديدين، ووفر تربية صحية للماشية. وبالماكينات الجديدة وبالمزيد من الأسمدة، يتطلع إلى أن يكون العام المقبل أفضل.
ويطمح ابنه في البدء في زراعة كروم العنب في المزرعة بهدف تصدير النبيذ خلال سنوات قليلة إلى السوق الصينية.
بيد أن قصصا مثل قصة رايت لم تلفت انتباه وسائل الإعلام الاسترالية. فالعلاقات الصينية - الاسترالية تحمل قصة مختلفة إذا لم تتابع سوى تقارير الإعلام الاسترالي، حيث قال وزير الشؤون الخارجية الاستراليا السابق بوب كار إن استراليا شهدت "ذعرا مناهضا للصين" و"هيستريا مناهضة للصين" في عام 2016.
وفي سبتمبر، أفادت التقارير بأن عضو مجلس الشيوخ عن حزب العمال سام داستياري، الذي هو على خلاف علني مع سياسات الحكومة الاسترالية بشأن بحر الصين الجنوبي، طلب من شركة يديرها استرالي من أصل صيني دفع نفاقات سفره. وتم إجباره على الاستقالة من منصبه بالبرلمان.
ثم ظهرت تخمينات وإدعاءات لا أساس لها تفيد بأن جميع الصحف الصادرة بالصينية في استراليا لها علاقة بالحكومة الصينية. وذهبت بعض الصحف إلى أبعد حد في السخافة لتتهم الزائرين الصينيين إلى استراليا، الذين يتجاوز عددهم الإجمالي 1.1 مليون في عام 2016، بالتجسس.
وواجهت الاستثمارات الصينية المزيد من الأعمال العدائية في استراليا حيث رفض وزير الخزانة سكوت موريسون مرتين مساع صينية لشراء أصول استرالية معللا ذلك بأنه يرتكز على أساس الأمن القومي.
وفي مقال نشر في وقت سابق من العام الجاري بصحيفة استرالية، طلب كار من رجال الدولة في بلاده عدم النظر إلى الصين "من خلال أعين الولايات المتحدة".
ونقل كار عن دنيس ريتشاردسون وزير الشؤون الخارجية والتجارة سابقا ووزير الدفاع حاليا قوله إن "مصالحنا ليست دائما نفس مصالح قوة عظمى".
وإذا كان كار يتخذ موقفا شاذا في منتصف عام 2016 في السياسة الخارجية لاستراليا، فكثير ممن شاطروه وجهة نظره تحدثوا عما يدور في أذهانهم بحلول نهاية العام مع انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة.
فبعدما كسر ترامب عرفا دام لقرابة 40 عاما في الدبلوماسية الأمريكية بحديثه بشكل مباشر مع زعيم تايوان تساي إينج -ون، دعا المزيد من الدبلوماسيين والإستراتيجيين الاستراليين بلادهم إلى انتهاج سياسة خارجية أكثر استقلالا في وقت من عدم اليقين سيصبح بكل تأكيد واقعا مع تولي ترامب لمهام منصبه رسميا في يناير 2017.
وفيما شكا بعض المحليين من أن ترامب لم يتشاور مع أي من الحلفاء الإقليميين، واستراليا واحدة منهم، قبل تلقى اتصال من تساي، أشار البعض بصراحة إلى حقيقة أن رئاسة ترامب تعنى أن الولايات المتحدة عادت إلى سياسات القوة العظمي.
وذكر جيوف رابي سفير استراليا السابق لدى الصين في مقال نشرته صحيفة ((استراليان فاينانشيال ريفيو)) "علينا الآن أن نتخذ قرارا حقيقيا بشأن كيفية إدارتنا لسياساتنا الخارجية والأمنية".
وثمة حقيقة التي لا ريب فيها تكمن في أن الطريقة التي تختار الولايات المتحدة التعامل بها مع الصين يكون لها تداعيات كبيرة على استراليا.
إن موسم العطلات أوشك على الحلول في استراليا وبعدها بشهر في الصين. ومن المؤكد أن المزيد من السائحين الصينيين سيزورون استراليا خلال عيد الربيع الذي يحل في نهاية يناير وسيباع للصين المزيد من كرز تسمانيا.
وسيعد هذا بمثابة تذكرة جيدة لصناع السياسة الاستراليين بضرورة تحديد ما يرتكز عليه أساس العلاقات الصينية- الاسترالية وفي أي اتجاه ينبغي أن تسير هذه العلاقات.