بكين 18 يناير 2017 (شينخوا) خلال السنوات القليلة الماضية بدا أن العولمة قد فقدت سحرها وقوتها الدافعة، بل فقدت أيضا، على نحو يدعو إلى الإحباط، اتجاه المضي قدما.
وما بين التجمع على نحو وثيق أو التفكك، يواجه المجتمع الدولي خيارا حرجا بالغ الأهمية للكثيرين.
وخلال المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي والذي يعقد في منتجع دافوس السياحى في سويسرا شارك الرئيس الصيني شي جين بينغ أفكاره عن كيف ينبغي للعالم أن يعيد ضبط العولمة من أجل الأفضل.
وخلال خطابه في منتدي دافوس الذي يعد أهم المنتديات الاقتصادية العالمية جذبا للأنظار، حاول الرئيس شي جين بينغ أن يجمع المزيد من التوافق بشأن بناء مجتمع ذى مصير مشترك للإنسانية.
وطرحت فكرة بناء مثل هذا المجتمع للمرة الأولى في عام 2012، وخلال السنوات الأربع الماضية، سافر الرئيس الصيني حول العالم ليشارك أفكاره مع زعماء العالم الآخرين لبيان أن تلك الفكرة يمكن أن تكون نهجا واعدا لإنعاش العولمة.
وبحسب التفسيرات الكثيرة التي عرضها الرئيس الصيني فإن التجربة الكبرى تحتاج إلى أن ترتكز على الانفتاح والشمولية.
وفي تشديده على أهمية حصول الجميع على المنافع الناجمة عن العولمة الاقتصادية، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن تواصل التنمية الصينية تقديم الفرص لدوائر الأعمال في البلدان الأخرى.
وفي السنوات الخمس المقبلة من المنتظر أن تصدر الصين بضائع تقدر قيمتها بـ8 تريليون دولار وأن تقوم باستثمارات خارجية مقدارها 750 مليار دولار، حسبما افاد الرئيس الذي أضاف أن السياح الصينين سيقومون بـ700 مليون رحلة حول العالم.
وقال المدير التنفيذي ومؤسس المنتدى كلاوس شواب فى إشادته بالخطاب المهم للرئيس الصينى باعتباره علامة بارزة فى تاريخ المنتدى أن خطاب الرئيس شي "المثير للأفكار" سيرسم اتجاه الاقتصاد العالمي كما أن المنتدى الاقتصادي العالمي عازم على زيادة تعزيز شراكته مع الصين.
وتقلد شي منصبه فى قيادة الصين بعد أن عمل لسنوات عديدة كمسئول محلي في بعض المناطق شديدة الفقر في الصين فى أواخر القرن الماضي.
وقد شهد شي كيف أن سياسة الإصلاح والانفتاح قد أعادت تشكيل اقتصاد بلاده الذي كان مغلقا يوما ما وساعدت في رفع الاقتصاد ليكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ويدرك الرئيس جيدا أنه من الأفضل لشعوب العالم بما فيها الصين كي تنمو وتزدهر أن تتعامل فيما بينها على نحو متكافىء وأن تضم بعضها بعضا وليس العكس.
والأمر الأكثر أهمية هو أن مصدرا رئيسا للعداوات المنتشرة حاليا ضد العولمة هو أنها تحابى القلة المتميزة فى بعض القوى الغربية.
ولعل البرهان الأوضح على ذلك هو اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008 بسبب جشع صفوة وول ستريت والتى انتهت بمعاناة البسطاء في داخل أمريكا وخارجها أشد المعاناة.
لذلك فإن العولمة الجديدة والأكثر عدالة ينبغي أن تركز على الشمولية كقوة رئيسة جاذبة تؤكد أنها لن تترك أحدا خلفها.
ولتجسيد تلك التجربة الكبرى، وضعت الصين مبادرة الحزام والطريق، التي تسعى لتعزيز البنية التحتية للعديد من البلدان المنضمة لتلك المبادرة وتعزيز قدراتها الصناعية ليكون لديها الأسس لنمو اقتصاداتها.
وتحاول الصين أيضا إصلاح نظام الحوكمة الاقتصادية العالمي المنكسر من خلال التصدى لتأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية حتى يمكن تغطية الفجوات التمويلية الناجمة عن ترتيبات مؤسسات النظام المالي فيما بعد الحرب العالمية الثانية بما يشمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وعلى مر القرون ومن خلال صفقات التجارة وتبادلات الأفراد، أصبح أغلب أجزاء العالم بالفعل فى ترابط فيما بينهم يزيد أو يقل. وإن محاولة السير فى اتجاه معاكس لذلك فى هذه اللحظة التى تشهد نموا اقتصاديا عالميا ضعيفا سيكون أمرا يتسم بقصر النظر وكارثيا.
وبما ان إيجاد الطريق الصحيح للعولمة هو الخيار المعقول الوحيد، فإن خارطة الطريق التى قدمها الرئيس شى قد تكون هى موجة المستقبل.