رام الله 7 فبراير 2017 (شينخوا) يعتبر مراقبون فلسطينيون أن إقرار الكنيست الإسرائيلي قانونا لتسوية الوضع القانوني للبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية يعد بمثابة قضاء كلي على حل الدولتين المدعوم دوليا لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الممتد منذ عدة عقود.
وصادق الكنيست الإسرائيلي مساء أمس (الاثنين) على القانون المذكور بالقراءتين الثانية والثالثة لشرعنة البؤر الاستيطانية التي توصف بالعشوائية وذلك بتأييد 60 عضو كنيست مقابل معارضة 52 عضوا.
وقوبل القانون بتنديد شديد من الرئاسة الفلسطينية التي طالبت المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته "قبل أن تصل الأمور إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها".
ويعتبر النائب الفلسطيني مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، أن القانون الإسرائيلي يمهد لتحويل 120 بؤرة استيطانية تضم 3850 وحدة استيطانية في الضفة الغربية وشرق القدس إلى مستوطنات جديدة.
ويقول البرغوثي لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن خطورة القانون المقر إسرائيليا أنه يتيح "تشريع الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الخاصة ومصادرتها لصالح تصعيد التوسع الاستيطاني".
ويضيف إنه يهدف كذلك إلى "إتاحة المجال للاستيلاء على ما يسمى بمناطق (ج) الخاضعة حسب اتفاق أوسلو للسلام المرحلي بين إسرائيل والفلسطينيين عام 1993 للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية والتي تصل مساحتها ما نسبته 62 في المائة من أراضي الضفة الغربية، والقضاء على فكرة إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة".
ويعد الاستيطان أبرز ملفات الخلاف بين الفلسطينيين وإسرائيل في ظل توقف مفاوضات السلام بينهما منذ نهاية مارس عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم.
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي من الضفة الغربية عبد المجيد سويلم، أن إقرار القانون المذكور يعبر عن أن الاستيطان "تحول إلى العنصر المحرك الوحيد للفكر اليميني المتطرف في إسرائيل".
ويقول سويلم ل((شينخوا))، إنه بإقرار هذا القانون تأكد أن المستوطنات باتت هي وجهة السياسة الإسرائيلية "بحيث تحول الاحتلال إلى الراعي والحامي للاستيطان، وتحولت السياسات الاستيطانية إلى أولوية مطلقة".
ويشير بذلك إلى "تحويل إسرائيل الميزانيات والموارد المالية الضخمة إلى آليات متوافق عليها من عموم أطراف المعسكر اليميني بحيث يتم الانتقال بالاستيطان من العنصر المحرك إلى صمام أمان سياسي لصمود وسيطرة وتحكم اليمين بالمعادلة السياسية في إسرائيل".
ويرى سويلم، أن إسرائيل بهذا الواقع "تكون قد انتقلت من دولة الجيش إلى دولة المستوطنين بحيث أصبح الاستيطان هو روح الحياة السياسية فيها والعنصر الديناميكي الأهم لديها".
وجاء إقرار القانون بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم (2234) في 23 ديسمبر الماضي بموافقة 14 عضوا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت حول عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية.
وأكد قرار مجلس الأمن المذكور، أن المستوطنات "غير شرعية بموجب القانون الدولي"، وطالب إسرائيل بأن توقف على الفور وبشكل كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما كان سبق إقرار القانون المذكور إعلان إسرائيل عن خطط لبناء ما يزيد عن ستة آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربية وشرق القدس منذ مطلع العام الجاري.
ويربط الكاتب والمحلل السياسي من الضفة الغربية سميح شبيب بين التصاعد الحاصل في الاستيطان الإسرائيلي وانتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وينبه شبيب ل((شينخوا))، إلى "الصمت" الأمريكي على تسارع وتيرة الاستيطان "بعد أن كان ترامب شجع الاستيطان وتبناه إبان حملته الانتخابية ما دفع إسرائيل لاستغلال هذه الحالة بشكل تصعيدي".
ويعتبر أن تصاعد مشاريع الاستيطان الإسرائيلي خاصة في القدس وما حولها، وما يتعلق بشبكة السكك الجديدة الواصلة ما بين الكتل الاستيطانية وإسرائيل، وربط المستوطنات بالمدن الإسرائيلية يظهر ما تعتزم إسرائيل القيام به بشأن ضم كامل الضفة الغربية.
وعليه يشدد شبيب على أن ما يجري "جد خطير وبات يحتاج إلى وقفة دولية مسئولة، ووضع حد حاسم لإجراءات إسرائيل الاستيطانية لما تحمله تلك الإجراءات من خطر يهدد الأمن والسلام في المنطقة وفي العالم".
ولوح مسئولون فلسطينيون أخيرا بالتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لطلب تسريع التحقيق في ملف قدموه سابقا بشأن الاستيطان الإسرائيلي وخطورته على إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وفي هذا الصدد، هدد وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية رياض المالكي بأنه "في حال فشلت الإدارة الأمريكية ومجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية بوقف العدوان إسرائيلي على الأرض الفلسطينية لا يلومنا أحد على اتخاذ أي خطوة أو قرار للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني".
وقال المالكي لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية "سنذهب إلى المحكمة الجنائية الدولية ونطالبها بفتح تحقيق رسمي حول الاستيطان، بالإضافة إلى الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لطلب عقد جلسة خاصة لتقديم مشروع قرار حول هذا الموضوع ".
وأضاف إنه "في حال فشلنا في مجلس الأمن بسبب فيتو أمريكي أو غيره، سنذهب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لنطالبها بتحمل مسئولياتها".
كما أعلن المالكي عن خطوات فلسطينية أخرى للرد "ستكون في طبيعة العلاقات اليومية الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي بما في ذلك التنسيق الأمني، وكذلك الانتقال من السلطة الفلسطينية إلى الدولة بكل ما يعنيه ذلك من مسئوليات وتحدي ومواجهة".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي من الضفة الغربية رجب أبو سرية، أن المواجهة الفلسطينية للاستيطان "دخلت معركة كسر عظم" خاصة في ظل صعوبة المهمة في عهد ترامب.
ويقول أبو سرية ل((شينخوا))، إن القيادة الفلسطينية تدرك أن المعركة مع الاستيطان هي الأشد ضراوة "ذلك أن الصراع أصلا ومنذ عقود يدور حول أرض الضفة الغربية، لمنع إقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة".
لكنه يشير إلى أن القيادة الفلسطينية معلقة بحل الدولتين في وقت لا تؤمن فيه بالعنف ولا بالحل من خلال الحروب والقتال وتتبع منذ سنوات طريق الكفاح السياسي الدبلوماسي، وأعلى سقف تدعو له هو المقاومة السلمية.
كما ينبه أبو سرية، إلى أن أي توجه فلسطيني لمحكمة الجنايات في مواجهة الاستيطان "سيكون محفوفا بصعوبات بالغة خاصة بعد تهديدات واشنطن الأخيرة بوقف كل المساعدات المالية عن السلطة، واتخاذ إجراءات مشددة ضدها حال توجها للمحافل الدولية ضد إسرائيل".