بعقوبة، العراق 11 ابريل 2017 (شينخوا) على مقربة من السوق الشعبي وسط منطقة بني سعد بمحافظة ديالى شرقي العراق، تقع أطلال "الخان" أحد أهم نقاط استراحة القوافل على طريق التجارة القديم أو ما يعرف بـ"طريق الحرير" بين الشرق والغرب.
وأنشئ خان بني سعد قبل ثلاثة قرون تقريبا بطراز معماري وهندسي مميز، وهو عبارة عن فندق يضم عدة غرف متجاورة.
وكان الخان يستخدم محطة استراحة للتجار الذين يستخدمون طريق الحرير كما توجد فيه مخازن للبضائع وساحة لوقوف العربات والخيول والابل.
لكن هذا المعلم الأثري أصبح ينظر اليه بحسرة وألم وهو يواجه خطر الاندثار نتيجة ما اعتراه من اهمال وما لحق به من تجاوزات فضلا عن العوامل البيئية، بحسب مسؤولين محليين.
وقال رئيس مجلس منطقة بني سعد جنوب مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى سعد رسول الحسيني، ان الخان "يعد شاهدا على فترة زمنية مهمة في تاريخ المنطقة خاصة فيما يتعلق بطريق الحرير القديم بين الشرق والغرب".
وأوضح الحسيني لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "الخان لم يكن دار استراحة بل كان فندقا متكاملا للقوافل التجارية القادمة من بلاد فارس والصين والهند نحو العراق وبلاد الشام ومصر والجزيرة العربية".
وتابع الحسيني "لم يتبق من مبنى الخان سوى 30 في المائة، بسبب الاهمال المزمن، حتى بدأت أركانه وزواياه بالاندثار".
وأرجع الحسيني ذلك الى عوامل متعددة أبرزها التجاوزات التي تعرض لها المبنى التاريخي وارتفاع مناسيب المياه الجوفية، وعدم وجود رؤية محلية للاستفادة من هذا المعلم في السياحة.
ويعد خان بني سعد من الشواخص الأثرية ذات الطراز الإسلامي والتي لا تزال قائمة في محافظة ديالى.
ويعود بناء الخان إلى العهد العثماني، في الفترة مابين (1677- 1681) في عهد الوزير عمر باشا العثماني، ويقع في منطقة بني سعد (10 كم) جنوب بعقوبة.
وكان الخان يسمى بـ"الفندق الذهبي" حيث وفر خدمات كبيرة للقوافل التجارية ناهيك عن وجود اسطبلات للخيول والابل.
وأسهم وجود الخان في دفع العديد من العشائر للسكن والعيش بجواره بعد ان وفر لها نشاطا تجاريا واقتصاديا لعقود طويلة.
وتقر نجاة الطائي عضو مجلس محافظة ديالى بوجود اهمال كبير لملف الاثار والمواقع التراثية في ديالى نتيجة عدم وجود رؤية حكومية شاملة بهذا الصدد، لافتة الى أن أهم ما يهدد آثار ديالى هو التجاوزات "الصارخة" من قبل المواطنين.
وقالت الطائي ان" دائرة اثار ديالى رفعت اكثر من 90 دعوى قضائية بحق المتجاوزين على المواقع الاثرية خلال السنوات الماضية ما يعطي فكرة واضحة عن التحديات الكبيرة التي تواجه الاثار".
وبينت الطائي ان "ما وصل اليه مبنى الخان القديم، أمر محزن للغاية لانه يمثل مرحلة تاريخية مهمة في ديالى والمنطقة واندثاره يشكل خسارة كبيرة للتاريخ".
ودعت الى "ضرورة رصد ميزانيات مالية تسهم في انقاذ الاثار والمواقع التاريخية مع تطبيق القوانين الصارمة في حمايتها من التجاوزات".
ومن جانبه قال علي قاسم، موظف حكومي، ان" الخان معلم أثري مهم لكنه مهمل منذ عقود طويلة حتى انه تحول في بعض السنوات الى مكب للنفايات وساحة لوقوف المركبات قبل ان يتم معالجة الخلل".
ويشكو قاسم من غياب ثقافة الحفاظ على الاثار في المجتمع وهو ما أدى الى "تنامي معدلات التجاوز عليها ليس في منطقة بني سعد فقط، بل في مناطق واسعة من ديالى".
الخوف نفسه على مصير الخان عبر عنه جاسم خليل، وهو مدرس تاريخ، قائلا ان "الخان القديم على شفا الاندثار الكلي ولم يبق من المبنى سوى مساحة محدودة في حالة يرثى بها بسبب التقلبات المناخية والتجاوزات".
كما تسبب وقوع عدة انفجارات عنيفة قريبة من الخان في السنوات الاخيرة في الحاق أضرار واضحة في تماسك جدرانه، وفقا لخليل.
ويمثل الخان تجربة معمارية قل مثيلها، بحسب خبير الاثار عدنان السعدي.
وأوضح السعدي أن الخان تم بناؤه بطريقة استثمرت البيئة من خلال تحويل الرياح الحارة في الصيف الى باردة من خلال استخدام النوافد والشقوق التي تعمل على تبريد الهواء في غرف المسافرين.
وطالب السعدي بـ "ضرورة الاهتمام بما تبقى من مبنى الخان وتوثيقه لانه تجربة مميزة تحاكي عصرا ذهبيا للتجارة الدولية".
واشار الى هناك محاولات كثيرة لإنقاذ هذا الخان القديم من الاندثار لكنها تصطدم بجدار التخصيصات المالية.
ولفت الى ان عملية ترميم الخان وتأهيله تقع على عاتق وزارة الثقافة والسياحة والآثار، لان الخان يعد صرحا تراثيا يؤرخ لحقبة زمنية من تاريخ العراق.
وقال محمد عثمان الزيدي، وهو مدرس تاريخ متقاعد، ان الخان القديم في منطقة بني سعد، كان أحد أهم نقاط الإستراحة على طريق بلاد فارس- بغداد ومنها الى البلدان الاخرى، وهو أشبه بفندق كبير كان يوفر السكن والطعام والماء للقوافل التجارية.
واشار إلى ان ما يميز الخان هي القبب العالية والتي تم بناؤها بطرق هندسية نجحت في استثمار العوامل المناخية لمعالجة برودة الشتاء وحرارة الصيف.