بكين 14 مايو 2017 (شينخوا) لاقت الكلمة الرئيسية التي ألقاها الرئيس الصيني شي جين بينغ في حفل افتتاح منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي ترحيبا واسعا من مسؤولين بارزين بالدول الأجنبية ومن الباحثين والمهتمين بشؤون الصين على مستوى العالم.
وخلال كلمته، أظهر شي روح طريق الحرير، قائلا إنها أصبحت إرثا عظيما للحضارة الإنسانية، حيث قال شي أمام الحضور الذين ضموا أكثر من 1500 شخصية من كافة أنحاء العالم "بامتدادها عبر آلاف الأميال والسنوات، تجسد طرق الحرير القديمة روح السلام والتعاون والانفتاح والشمول والتعلم المتبادل والمنفعة المتبادلة."
وأكد شي في كلمته على أنه ينبغي لمبادرة الحزام والطريق أن تصبح حزاما وطريقا للسلام والرخاء والانفتاح والابتكار والربط بين الحضارات المختلفة.
ويتفق هذا المفهوم مع هدف مبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس شي لأول مرة في عام 2013، وهي المبادرة التي تضم الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الواحد والعشرين، والتي تهدف إلى بناء شبكة للتجارة والبنية الأساسية تربط آسيا بكل من أوروبا وأفريقيا على طول طرق الحرير القديمة.
وقد وُصفت كلمة شي أيضا بأنها "كلمة عميقة وحكيمة تمزج بين الفلسفة والتاريخ والعلاقات الدولية وغير ذلك من المباديء" وذلك على حد قول كيث بينيت، نائب رئيس نادي مجموعة 48 في بريطانيا، وهو شبكة أعمال مستقلة معنية بتعزيز العلاقات بين بريطانيا والصين.
وقال بينيت "كلمة شي تنطلق من حقائق الحاضر وتلخص وتستقي الدروس من التاريخ، وترسم خارطة طريق علمية وواقعية نحو مستقبل مشرق من الرخاء المشترك والمستدام لكافة البلدان والشعوب."
وعقب سماعه خطاب شي، قال دافيد جوسيه، محلل الشؤون العالمية وخبير الشؤون الصينية المقيم في باريس، إنه يتفق مع شي في أن مبادرة الحزام والطريق هي "مشروع القرن" لأنها تمزج بين "الحركة ووضوح الرؤية والوسائل القوية"، وهو ما أعلنه شي في خطابه.
وقال جوسيه "سوف يشكل المنتدى حافزا قويا وعاملا على تسريع تحقيق الارتباطات على طول الطرق الخاصة بالمبادرة."
التمسك باقتصاد عالمي منفتح
قال جيمس لورينسيسون نائب مدير معهد العلاقات الصينية - الأسترالية بجامعة سيدني للتكنولوجيا، إنه أيضا يعتقد أن الخطاب سوف يلقى قبولا حسنا على مستوى العالم "لأنه أكد على التعاون وعلى اقتصاد عالمي منفتح."
وأشاد أستاذ الاقتصاد بتمسك الصين باقتصاد عالمي منفتح كـ " قوة للمبادرة وقوة للخطاب" لأن العالم "ينزع إلى السير في الاتجاه المضاد."
وأضاف لارينسيسون أن أكثر ما لفت انتباهه هو حديث شي عن "عدم إعادة اختراع العجلة، لأن أكثر التعليقات رواجا حول مبادرة الحزام والطريق هو أنها "مبادرة صينية منفردة."
وقال لارينسيسون "ما يقوله شي هو عكس ذلك تماما، فمبادرة الحزام والطريق تقوم على المبادرات الموجودة بالفعل، وتستفيد من قوى البلدان الأخرى. وبكلمات أخرى، الأمر لا يخص الصين وحدها. المبادرة تجعل من الصين والبلدان الأخرى فريقا واحدا للحصول على نتائج أفضل."
كما لفت انتباه لارينسيسون في خطاب شي أيضا ما قاله شي عن بناء نظام مالي متنوع.
قال شي في كلمته "إن شبكة تعاون مالية متعددة الطبقات لمبادرة الحزام والطريق قد بدأت تتبلور. الصين سوف تعمل أيضا مع الأطراف المعنية على صياغة مشتركة للخطوط الارشادية لتمويل مشروعات التنمية المتعلقة بمبادرة الحزام والطريق."
وأعرب لارينسيسون عن اعتقاده بأن الشبكة المقترحة سوف تمثل حلا لتمويل المشروعات ذات الصلة على طول طرق الحزام والطريق.
وتابع "إن الأموال الصينية لن تستطيع وحدها حل مشاكل الإنتاجية بالمنطقة ولكن ما سوف تفعله هو الاستفادة من مشاركات حكومات البلدان الأخرى ومن تمويل القطاع الخاص. وبوضع هذه المصادر معا، سوف تجد المنطقة فرصة طيبة تستطيع من خلالها تمويل المبادرات التي سوف تتمكن من توفير انتاجية أفضل."
تمويل إضافي يبلغ 100 مليار يوان
وحول توفير دعم مالي خاص لمبادرة الحزام والطريق، أعلن الرئيس شي في خطابه أن الصين سوف تساهم بتمويل إضافي يبلغ 100 مليار يوان (نحو 14.5 مليار دولار أمريكي) في صندوق طريق الحرير.
ووصف سلطان محمود هالي، رئيس المنتدى الاعلامي الباكستاني - الصيني والمحلل الدفاعي والسياسي البارز، هذه الخطوة بأنها " إشارة عظيمة " على تقديم مساعدة كبيرة لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق.
وتابع "سوف تمهد هذه الخطوة أيضا الطريق وتعطي مثالا للدول الأخرى المعنية بالانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق ، لكي يساهموا في التمويل، وبهذا تصبح المبادرة ناجحة ومفيدة للمنطقة بكاملها بل وللعالم أجمع."
واتفق مع هالي في الرأي، وزير خارجية نيبال براكاش شاران مهات، الذي قال إن إعلان شي يمثل "أنباء طيبة للدول المجاورة مثل نيبال "كدعم صيني سوف يلعب دورا حاسما بالنسبة لنيبال في الارتقاء بوضعها من دولة داخلية تحظى بقدر قليل للغاية من التطور إلى بلد متطور."
وقال مهات "ترغب نيبال في تعزيز السكك الحديدية والطرق التي من شأنها تعزيز الارتباطية مع الصين، وجلب المزيد من الاستثمارات الصينية. نحن نتوقع منحا وقروضا ميسرة من الصين لتنمية مشروعات البنية الأساسية."
وقال سيخون بوفيلاي الأمين العام لرابطة الصداقة بين لاوس والصين إنه، بنفس الشكل، تمثل مبادرة الحزام والطريق أهمية كبيرة فيما يخص التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في لاوس.
وقال بوفيلاي "فقط فيما يخص التنمية الاقتصادية، سوف تعاني التنمية في لاوس كثيرا بدون التعاون بين الصين ولاوس" مضيفا أنه يأمل أن يعمل المنتدى على تحقيق المزيد من التعاون بين البلدين.
ورجوعا إلى خطاب الرئيس شي، فإن شي أكد أن مزيدا من التركيز سيتم توجيهه إلى حماية البيئة وتحسين مستوى معيشة الشعوب، حينما نتحدث على التنمية وبخاصة "القضايا الخاصة ببقاء الشعوب وتحقيقها لاساسيات العيش في البلدان على طول طرق المبادرة."
ويرى بوفيلاي الصين "كممثل للحداثة " بالتنمية السريعة التي حققتها في مجال العلوم والتكنولوجيا وبكونها "مثالا يحتذى في العالم."
وأضاف "لقد تجاوزت الصناعات والتكنولوجيا الصينية مثيلاتها في الكثير من البلدان، والآن هم يحتاجون إلى شراء منتجات من الصين."