بكين 26 مايو 2017 (شينخوا) يبدأ اليوم (الجمعة) العد التنازلي ببقاء مائة يوم على اجتماع قادة دول بريكس في مدينة شيامن الصينية والمقرر في سبتمبر المقبل لعقد قمة لمجموعة تمثل منبراً هاماً للحوار والتعاون في مجالات عدة بين دولها الأعضاء وتسعى في عقدها الثاني الذي يحمل عنوان "بريكس: شراكة أقوى لمستقبل أفضل" إلى بناء منصة أوسع لتعاون جنوب - جنوب وتشكيل نمط "بريكس بلس" للتعاون المفتوح وخلق وضع جديد للتنمية المشتركة بين أسواق الدول الناشئة والنامية وتأسيس شراكات أرحب معها.
وفي هذا الإطار وما تكتسبه القمة التاسعة المرتقبة لمجموعة بريكس، التي تضم كلا من الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، من أهمية وما ستشهده على هامشها من انعقاد منتدى للاقتصادات الناشئة والنامية،لاقى تطلع الصين على لسان وزير خارجيتها وانغ يي إلى حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لهذه القمة الهامة اهتماماً بالغاً من الباحثين المخضرمين الصينيين المتابعين للعلاقات الصينية- المصرية.
فالأستاذ داي شياو تشي، من مركز الدراسات العربية في جامعة الدراسات الدولية ببكين يقول إن بريكس باعتبارها نموذجاً للتعاون بين الدول النامية من المتوقع أن تمنح - إلى جانب مبادرة الحزام والطريق - مزيداً من الفرص لإجراء تعاون معمق بين الصين ومصر اللتين تعدان دولتين ناميتين مهمتين في العالم، مشيرا إلى أن مشاركة مصر رفيعة المستوى في قمة بريكس بشيامن ستكون دلالة على الدور البارز الذي تضطلع به الصين في الحوكمة الاقتصادية العالمية وحرص مصر على مشاركة دول بريكس وخاصة الصين في هذه الحوكمة وحتى الانضمام للمجموعة مستقبلاً.
و"في ظل تحقيق الصين ومصر لإنجازات كبيرة في إطار مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 (الحزام والطريق)، ستقدم آلية بريكس التي تتمثل في المنفعة المتبادلة والكسب المشترك وتتوافق مع هذه المبادرة من حيث الغرض والهدف، منصة تعاون جديدة بين البلدين" هكذا أشار داي، مضيفا أن "هذا سيسهم في ترسيخ وتوطيد علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي أعلنها البلدان أثناء زيارة الرئيس السيسي للصين عام 2014 وشهدت نمواً وتعزيزاً بزيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لمصر عام 2016".
وفي الواقع، نمت آلية بريكس على مدى عقدها الأول لتصبح آلية نموذجية للتعاون الدولي في شتي المجالات وليست الاقتصادية والمالية والإنمائية فحسب وحققت نتائج مثمرة مع افتتاح بنك دول بريكس للتنمية وإطلاق صندوق نقد احتياطي للطوارئ عام 2015، بل وكشفت إحصاءات صندوق النقد الدولي أن نسبة إسهامات دول بريكس في نمو الاقتصاد العالمي تجاوزت 50% وصار إجمالي اقتصاداتها يمثل 23% من إجمالي الاقتصاد العالمي مقارنة بـ12% قبل 10 أعوام.
ولدى توقعه بأن تضخ قمة شيامن المرتقبة زخماً فيما تحقق من قبل باعتبار بريكس محركاً رئيسياً لدفع العولمة والتنمية المستدامة العالمية بوجه عام، قال وانغ لين تسونغ رئيس مكتب بحوث العلاقات الدولية في قسم شؤون غرب آسيا وشمال إفريقيا بأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية إن المشاركة المصرية المرتقبة في القمة ستجعل مصر، باعتبارها دولة ذات أهمية بالغة في قارة إفريقيا إضافة إلى جنوب إفريقيا، تفيد وتستفيد من توسيع آليات تعاونها مع الدول الأعضاء في مجموعة بريكس ومن بينها الصين.
وأكد وانغ أن آليات التعاون بين الصين ومصر تشمل الآن )العلاقات الثنائية، ومنتدى التعاون الصيني العربي، ومنتدى التعاون الصيني الإفريقي، وكذا إطار مبادرة الحزام والطريق)، وما من شك في أن بريكس باعتبارها آلية نموذجية لتعاون جنوب- جنوب ستعود على البلدين بمزيد من الفوائد.
وتابع بقوله إن محور "الإسكندرية - كيب تاون" الذي تسعى مصر إلى دفعه خلال هذه الأعوام يعد مثالاً دالاً على اهتمام مصر بتوسيع تعاونها مع دول بريكس حيث سيعمل على ربط مصر بدول أفريقيا ومنها بدول بريكس التي تعد من الاقتصادات القوية الناشئة، منوها إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه تفاعل مصر الوثيق مع التجمعات الإفريقية الثلاثة "الكوميسا" و"الساداك" و"شرق إفريقيا" في هذا الصدد وكذا إلى تركيز مصر مع تمتعها بوضع سياسي واجتماعي مستقر على إجراء إصلاح اقتصادي يتطلب بصورة أساسية تعاونا مع الاقتصادات الرئيسية في العالم ومن بينها دول بريكس التي شهدت تطوراً كبيراً في العقد الماضي منذ إطلاقها.
واتفق معه داي في الرأي مضيفا أن تعميق التعاون يساعد مصر في تهيئة بيئة انفتاحية أكثر نضوجا، وسيدفع باتجاه دراسة مصر لتجربة الصين الناجحة في الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفقر ورفع المستويات المعيشية.
ولاشك أن قمة بريكس تنعقد في وقت حاسم يشهد فيه المجتمع الدولي صعوبات وتحديات جمة من بينها التباطؤ الاقتصادي واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء وتعزيز الحمائية التجارية وتزايد حالة عدم اليقين إزاء الانتعاش الاقتصادي العالمي.
وتعقيبا على ذلك، أوضح وانغ أن التواصل مع مصر على وجه الخصوص في إطار بريكس يسهم بدوره في تعزيز تبادل التجارب والخبرات نظراً لوجود العديد من أوجه التشابه في الظروف الوطنية بين هذا البلد العربي الكبير ودول بريكس أو غيرها من الدول النامية والاقتصادات الناشئة، لافتا إلى أن قمة شيامن تعد بمثابة فرصة مواتية لكي تتقاسم الصين ومصر والاقتصادات الناشئة والنامية الأخرى الخبرات الناجحة في تنمية الدولة وتعم الفائدة على جميع الأطراف المشاركة.
وفي الواقع لم تمض سوى عشرة أيام على اختتام منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي الذي عقد في بكين يومي 14 و15 من الشهر الجاري بحثا عن حلول لتحديات يواجهها العالم حتى دخلت الصين حالة من التحضير والاستعداد لقمة بريكس حيث يتبقى بدءاً من الآن مائة يوم على افتتاح هذه القمة التي تمثل نشاطاً دبلوماسياً هاماً آخر تستضيفه الصين في عام 2017، نشاطاً من المتوقع أن يطرح ثماراً على العالم أجمع وخاصة الدول النامية والاقتصادات الناشئة.