بكين 7 يونيو 2017 (شينخوا) لأول مرة، استقبلت محطة الفضاء الدولية أول تجربة مصممة بشكل مستقل من قبل الصين يوم الاثنين.
لطالما كان التعاون الفضائي بين الصين والولايات المتحدة شيئا محرما بسبب ما يعرف بـ "تعديل وولف" الأمريكي الذي يحظر على وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" ومكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا التعاون مع الصين في الأنشطة الفضائية، والذي لا يزال مستمرا حتى الآن . إلا أن مشروع العلوم التجارية الصينية الذي يتم نقله إلى محطة الفضاء الدولية على متن سفينة الفضاء الأمريكية دراغون ، يعتبر مشروعا رائدا في جدول أعمال التعاون الأكبر بين الولايات المتحدة والصين في مجال الفضاء.
- التعاون التجاري
لم يتم نقل أي حمولة تجارية صينية إلى محطة الفضاء الدولية في السابق. غير أن برنامج "سبيس إكس" دخل التاريخ عن طريق مركبته الفضائية " دراغون " في مهمة إعادة الإمداد.
انطلقت المركبة الفضائية على متن الصاروخ الحامل "فالكون 9" التابع لشركة الفضاء الأمريكية يوم السبت الماضي من مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا، فيما أمسكت الذراع الآلية لمحطة الفضاء به صباح يوم الاثنين .
ومن بين ما يقرب من 2700 كيلوغرام من الإمدادات المرسلة إلى محطة الفضاء الدولية، تستخدم حمولة علمية وزنها 3.5 كيلوغرام صممها معهد بكين للتكنولوجيا للتحقيق في كيفية تسبب الإشعاعات الفضائية والجاذبية الصغرى في حدوث طفرة جينية.
ووفقا لفريق البحث، سيركز المشروع على الطفرات التي تحدث للجينات التي تشفر الأجسام المضادة، وأجزاء من الجهاز المناعي الذي يحدد الأجسام الغريبة، فيما قال الدكتور دنغ يوي لين، قائد التجربة الصينية من معهد بكين للتكنولوجيا، قال لوكالة أنباء شينخوا إن النتائج ستجيب على بعض الأسئلة الهامة جدا والأساسية حول علوم الحياة.
وأضاف دنغ انها ليست أول تجربة صينية على محطة الفضاء الدولية، إلا أنها " المرة الأولى التي يتم فيها تصميم التجربة وتصنيع معداتها بشكل مستقل في الصين لإجرائها في محطة الفضاء الدولية ".
وكانت شركة نانوراكس الأمريكية التي تتخذ من هيوستون مقرا لها وتعمل في مجال خدمات الاستخدام التجاري لمحطة الفضاء الدولية، كانت قد وقعت اتفاقا في عام 2015 مع معهد بكين للتكنولوجيا بشأن نقل أول تجربة مصممة للصين إلى محطة الفضاء الدولية.
وبموجب الاتفاق، تقدم نانوراكس خدمة إرسال مشروع العلوم الصيني إلى الجانب الأمريكي من محطة الفضاء، فيما سيجري رواد الفضاء هناك التجارب مرتين باستخدام جهاز نانوراكس في حوالي 20 يوما.
- طريق جديد
قال جيفري مانبر، الرئيس التنفيذي لشركة نانوراكس في رسالة عبر البريد الإلكتروني لوكالة أنباء شينخوا: " إن العمل التجاري يعتبر طريقا لفتح أبواب جديدة، ليس لديه رمزية أو " تبعية علمية"، لأنه يقوم على أساس المتطلبات ويمكن أن يكون منظما لتلبية مخاوف جميع الأطراف ، مشيرا إلى أن العمل التجاري هو الطريق إلى الأمام نحو مزيد من التعاون مع الشركات الصينية والمنظمات التعليمية ".
ويرى العديد من الخبراء في مجال السياسة الفضائية أن الاتفاق هو خطوة هامة في تشكيل عمل مشترك مستقبلي ممكن بين الصين والولايات المتحدة اللتين تعملان على استكشاف الفضاء.
وفي هذا السياق؛ قال توني جانون، مدير تطوير الأعمال في سبيس فلوريدا لشينخوا إن هذا العمل التجاري للفضاء في فلوريدا يعني شراكة دولية جديدة مع جامعات ومعاهد بحوث صينية.
وأضاف جانون أن العمل يظهر اتجاهات متزايدة نحو ما بات يعرف بالفضاء التجاري، وعدم حصره فقط بالوكالات الفيدرالية والحكومة التي تعمل على تقديم العلوم، وإنما توسيعه ليشمل الجامعات والشركاء التجاريين الساعين للحصول على إجابات باستخدام الجاذبية الصغرى كوسيلة لاكتشاف الحقيقة من العلم وتعزيز الجهود البشرية في البحوث ".
- الالتزام بالقانون
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، حظر قانون أمريكي يعرف بتعديل وولف، حظر على وكالة الفضاء الأمريكية " ناسا" ومكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا التعاون مع الصين في الأنشطة الفضائية.
وفي الميزانية الفيدرالية للولايات المتحدة لعام 2011، أدرج عضو الكونغرس الجمهوري الأمريكي فرانك وولف حكما يحظر على ناسا ومكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا القيام بأي نشاط علمي مشترك مع الصين للفترة المتبقية من السنة المالية 2011.
وفيما تقاعد وولف في يناير 2015، إلا أن القانون لا يزال ساري المفعول حتى اليوم.
ومع ذلك، تعتبر صفقة نانوراكس عملا تجاريا مشروعا ، حيث قال مانبر إن شركته عملت جاهدة أولا فهم أسباب تردد بعض الأمريكيين من التعاون مع الصينيين، وحاولت التعامل مع تلك الاعتراضات ، بدلا من محاربتها، مضيفا أن شركته تلقت تعاونا من البيت الأبيض والكونغرس ومن أعضاء الحزبين السياسيين.
وقالت كاثرين هامبلتون المتحدثة باسم وكالة ناسا لشينخوا في رسالة بالبريد الالكتروني إن ناسا امتثلت لجميع المتطلبات القانونية لاخطار الكونغرس بهذا النشاط، ووافق جميع شركاء محطة الفضاء الدولية على إدراج التجربة.
- رؤية العلماء
هناك رغبة متزايدة لدى المنظمات والأشخاص في توسيع العلاقات مع الصين في المشاريع المدنية والتجارية.
وحول ذلك قال دنغ:" لم يوجد تعاون رسمي في مجال الفضاء بين الصين والولايات المتحدة لفترة طويلة، ولذا فإنني آمل أن يساعدنا هذا المشروع على استكشاف طرق التعاون بين هاتين القوتين الفضائيتين.
وبدوره أشار ليروي تشياو، رائد الفضاء السابق في ناسا وقائد محطة الفضاء الدولية إلى أهمية المشروع الصيني، قائلا :" هذه خطوة جيدة للأمام ، أعتقد دائما بأن التعاون هو أفضل طريق نحو الأمام بالنسبة لكل من الولايات المتحدة والصين، وخاصة عن طريق الاستكشاف المدني للفضاء . "