بكين 10 نوفمبر 2017 (شينخوا) تنعقد حاليا فعاليات أسبوع قادة منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والباسيفيك (أبيك) لعام 2017 في مدينة دا نانغ بوسط فيتنام.
وتحت شعار "تعزيز دينامية جديدة وخلق مستقبل مشترك"، يعبر المنتدى عن فكرة "بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية" الذي يؤيده الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي يصل اليوم إلي المدينة الساحلية الفيتنامية لحضور الاجتماع السنوي للقادة الاقتصاديين لمنتدى "أبيك" يومي 10 و11 نوفمبر.
وكان تكامل منطقة آسيا والباسيفيك وضمان التجارة الحرة داخل المنطقة في صميم مهمة منتدى "أبيك" منذ تأسيسه في كانبيرا بأستراليا قبل 28 عاما. وعلى الرغم من وجود المحيطات الفاصلة، فقد سعت الاقتصادات الأعضاء في العقود الماضية إلى تحقيق تكامل اقتصادي من أجل الوصول إلى التنمية والازدهار المستدامين في المنطقة، التي تضم أكبر اقتصادين في العالم وتشكل 60 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي ونصف التجارة العالمية.
مع ذلك، فإن إبداء الالتزام أسهل من إنجازه، وخاصة في عالم اليوم حيث تشهد البشرية تحولا عميقا وتواجه العديد من التحديات والمخاطر. وفي ظل هذه الخلفية، أعلن الرئيس شي عن اقتراح الصين لبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية وتحقيق التنمية المشتركة والمربحة للجميع في خطاب رئيسي ألقاه بمكتب الأمم المتحدة في جنيف في يناير الماضي.
كما يمكن أن يؤدي مثل هذا الاقتراح إلى تنوير وتوجيه تنمية منطقة آسيا والباسيفيك، حيث تحولت الأفكار والكلمات إلى أفعال ملموسة تفيد دول المنطقة.
-- مبادرة الحزام والطريق من أجل الترابط البيني
وتوضح مبادرة الحزام والطريق، التي تضم الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ 21، بشكل جيد فلسفة ورؤية مستقبل مشترك للبشرية. وهي تهدف إلى بناء شبكات للتجارة والبنية التحتية تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا عبر الطرق البرية والبحرية، مع جزء كبير منها ضمن منطقة آسيا والباسيفيك.
ويقول الخبراء إن المبادرة تروج بنشاط لتعزيز تنمية البنية الأساسية عبر منطقة اقتصادات منتدى "أبيك" وتعزيز الروابط الملموسة بين أعضائه لضمان المزيد من التكامل.
وقال جايانت مينون، وهو خبير اقتصادي بارز من بنك التنمية الآسيوي ، إن "مبادرة الحزام والطريق هي برنامج رئيسي لزيادة الربط داخل المنطقة وبين المنطقة وبقية العالم"، مضيفا أن "تكاليف التجارة ترتبط ارتباطا مباشرا بمستوى الربط ، ومع انخفاض هذه التكاليف، فمن المؤكد أن التكامل سيزداد".
وقال مي كاليان، كبير مستشاري المجلس الاقتصادي الوطني الأعلى في كمبوديا، إن المبادرة ترتبط بشكل جيد بخطة الترابط الرئيسية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، وهو ما من شأنه أن يخلق فرصا واسعة للتعاون الإقليمي تكون بمثابة محركات للتنمية والازدهار في المستقبل.
وإلى جانب ربط التجارة وبناء البنية التحتية، زادت مبادرة الحزام والطريق أيضا من التبادلات الشعبية، وفقا لما ذكره أوه إي صن، المستشار الخاص للشؤون الدولية في المعهد الآسيوي للإستراتيجية والقيادة في ماليزيا.
وقال إنه "مع تراجع الولايات المتحدة سريعا نحو الحمائية والانعزالية ، فإننا نتطلع إلى القيادة الصينية من أجل دفع أجندة التجارة الحرة قدما".
من جانبه، أشار بيتر دريسدال، رئيس مكتب شرق آسيا للبحوث الاقتصادية ومنتدى شرق آسيا في الجامعة الوطنية الأسترالية ، إلى أنه "في منتدى الحزام والطريق، الذي عقد في بكين في شهر مايو الماضي، أوضح الرئيس شي وآخرون أن الصين توجه دعوة مفتوحة للآخرين لاستكشاف سبل للأمام لتعزيز أجندة للاستثمار في مجالات الترابط".
وأضاف أنه يتعين على الدول المعنية المضي قدما في أجندات مثل بناء البنية التحتية والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية من لعب "لعبة متبادلة المنفعة".
-- تعزيز التجارة الحرة بين أعضاء "أبيك"
كما تتضمن فكرة مستقبل مشترك للبشرية أيضا التزاما وعدت به الصين من أجل العولمة والتعددية القومية، وهو أمر أساسي للتجارة بين أعضاء اقتصادات "أبيك"، ويتماشى مع المصلحة المشتركة للبشرية.
وقال دريسدال إن "الالتزام بالتعددية على ما يبدو قد فُقد الاهتمام به في السنوات الأخيرة في الدول الصناعية"، محذرا من أنه إذا لم تقم العديد من الدول بالتأكيد على هذا المبدأ بقوة، فإن "الأساس المنطقي الذي يستند إليه الازدهار الاقتصادي لشرق آسيا ومنطقة آسيا والباسيفيك سيتعرض للخطر".
ولفت الخبراء إلى أن مثابرة الصين في تعزيز التعددية أمر يستحق الثناء. وقال مينون إن "الصين تعد مؤيدا رئيسيا للتجارة الحرة متعددة الأطراف"، مضيفا أنه "باعتبارها أكبر دولة تجارية في العالم، فإنها ستكسب الكثير من خلال الحفاظ على التعددية".
ويثبت إنشاء منطقة التجارة الحرة لمنطقة آسيا والباسيفيك عزم الصين على دفع اقتصاد مفتوح ومتكامل في إطار "أبيك". وتم إطلاق اتفاقية التجارة الحرة لمنطقة آسيا والباسيفيك في اجتماع القادة الاقتصاديين لمنتدى "أبيك" في عام 2014 في بكين من خلال المصادقة على خارطة طريق. وأجريت دراسة إستراتيجية جماعية في وقت لاحق وتمت الموافقة على النتيجة في اجتماعات منتدى "أبيك" في ليما في بيرو عام 2016.
وقال ليو تشن يانغ، مدير مركز دراسات "أبيك" بجامعة نانكلي في تيانجين، إن هذه الاتفاقية ستصبح أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم وستكون بمثابة إطار مؤسسي شامل وفعال لتحقيق التكامل الإقليمي .
وقدر تقرير صادر عن مجلس التعاون الاقتصادي لمنطقة الباسيفيك أن الاتفاقية ، عند إنجازها، ستضيف 2.4 تريليون دولار أمريكي للاقتصاد العالمي.
وقال جين جيان مين، وهو زميل بارز في معهد بحوث فوجيتسو في طوكيو، إن "الاتفاقية ، باعتبارها هدفا بعيد المدى لتكامل الأسواق في منطقة آسيا والباسيفيك، لا بد أن تلقى ترحيبا من غالبية دول المنطقة".
وكما قال الرئيس شي في قمة "أبيك" في العام الماضي في ليما "من أجل حصول أي ترتيب تجاري إقليمي على دعم واسع، يجب أن يكون مفتوحا وشاملا ومفيدا للجميع".
كما قال أيضا للقادة العالميين بأن هذه الاتفاقية هي "مبادرة إستراتيجية هامة لتحقيق الازدهار على المدى الطويل في منطقة آسيا والباسيفيك".