بكين 23 نوفمبر 2017 (شينخوا) يجول في الخاطر قول الفيلسوف اليوناني أرسطو "هدف الحرب لابد أن يكون السلام" في الوقت الذي انعقدت فيه أمس الأربعاء بمدينة سوتشي الروسية محادثات ثلاثية بشأن القضية السورية ركزت على الحلول السياسية لهذه القضية وسط آفاق جديدة وصدر عقب اختتامها عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني بيانا مشتركا، أكدوا فيه دعمهم لدفع العملية السياسية في سوريا من أجل تحقيق السلام والاستقرار، ما فتح نافذة جديدة لاستعادة السلام في سوريا، ينبغي على جميع الأطراف أن يحرصوا عليها أشد الحرص.
وبدورهم، قال المحللون إن استعادة السلام في سوريا تصب في صالح الشعوب العربية وخطوة مهمة أيضا للحفاظ على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لافتين إلى أن قمة الدول الثلاث رسمت مسارا صحيحا لحل قضايا إقليمية ساخنة.
فقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه بفضل جهود الدول الثلاث (روسيا وتركيا وإيران)، لم تتعرض سوريا لخطر التقسيم خلال أزمتها وحققت نصرا في الحرب على الإرهاب دون حدوث كارثة إنسانية. وناحية أخرى وفي إطار محادثات أستانا بشأن القضية السورية التي طرحتها هذه الدول الثلاث معا، أقيمت مناطق خفض التصعيد الأربع التي ساعدت في الحد من مستوى العنف بشكل كبير إضافة إلى تخفيف حدة الأزمة الإنسانية السورية وتقييد تدفق اللاجئين، ما أتاح فرصة لهم للعودة إلى ديارهم. وأضاف بوتين أن القضية السورية تدخل حاليا مرحلة جديدة حيث قدمت روسيا وتركيا وإيران أساسا حقيقيا لحلول سياسية لهذه القضية.
كما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن التعاون بين روسيا وتركيا وإيران فتح آفاقا جديدة لحل الأزمة السورية، وحققت الأطراف الثلاثة تعاونا شاملا ولاسيما في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، مضيفا أن الدول الثلاث ستواصل تعاونها الوثيق القائم على احترام سلامة أراضي سوريا وسيادتها ووحدتها من أجل مساعدتها على استعادة السلام والاستقرار.
ومن جانبه أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن محادثات أستانا تلعب دورا حاسما في وقف الصراع السوري المستمر منذ سنوات وستعود بالفائدة على المنطقة برمتها، ولها تأثير إيجابي في التوصل إلى حل للقضية السورية.
ودعا الرؤساء الثلاث في البيان المشترك الحكومة السورية والمعارضة إلى حضور "مؤتمر الحوار الوطني" الذي سيقام في سوتشي قريبا. بينما اعترف الرئيس الروسي بوتين بأن دفع العملية السياسية السورية أمرا غير سهل، و"في حاجة إلى تنازلات من جميع الأطراف بما فيها الحكومة السورية".
وفي نفس اليوم, أصدرت وزارة الخارجية السورية تصريحا أعربت فيه عن ترحيبها بالبيان المشترك الذي وقعته روسيا وتركيا وإيران، مضيفة أنه تأييد لكل جهد سياسي يهدف إلى وقف الصراع السوري.
وفي سياق القمة، أشار المحللون إلى أن تحقيق السلام يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، قائلين إنه على الصعيد الداخلي، ثمة حاجة إلى قيام الحكومة السورية بتكثيف العمل على حل الخلافات الداخلية قبل المحادثات. ومن ناحية أخرى، ينبغي على المعارضة السورية الداخلية الإنخراط في مفاوضات السلام بصورة فعالة وبناء تحركاتها على أساس مصلحة الشعب السوري.
أما بالنسبة للمجتمع الدولي، فرأى المحللون ضرورة أن تتخذ الدول الغربية إجراءات فعالة لدفع إنهاء الاضطرابات في سوريا، وترك حرية الاختيار للشعب السوري، والحفاظ في الوقت ذاته على مناخ مستقر لعملية إعادة الإعمار السورية.
وأكدوا على ضرورة أن يواصل المجتمع الدولي جهوده لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتفادى استغلال الأطراف المتطرفة لفرصة سقوط تنظيم (داعش) لتقوية نفسها، منوهين إلى أهمية المساهمة في تقديم وتنسيق المساعدات الإنسانية أثناء عملية معالجة القضايا الإقليمية.
وقد ذكرت وزارة الخارجية الصينية في وقت سابق أن الصين تدعو الأطراف المعنية إلى تعزيز التواصل وتحقيق وقف إطلاق النار والحد من العنف في سوريا ودفع العمليات الإنسانية قدما لإتاحة فرصة لاستئناف المفاوضات تحت وساطة الأمم المتحدة.
إن التاريخ يبرهن على أنه ليست هناك حرب جيدة وليس هناك سلام سيء. وها هي نافذة تفتح الآن لتتيح فرصة حقيقية لبدء حقبة سلام تنعم بها سوريا.