مقالة خاصة: شنتشن: محور صيني عالمي لتحقيق أحلام يحركها الابتكار

17:06:26 04-12-2017 | Arabic. News. Cn

بكين 4 ديسمبر 2017 (شينخوا) كانت زيارة ميشيل هايسي الأولى إلى شنتشن محض صدفة.

لكن ما كان غير متوقع أكثر بالنسبة للألماني البالغ من العمر 55 عاما هو أن هذه المدينة الصينية سوف تساعد في جعل حلم طفولته يتحقق.

-- أرض الأحلام للشركات الناشئة

عندما كان طفلا، أحب هايسي بناء الأشياء بكل ما كان يمكن أن يجده -- علب وأغطية وأشرطة ومحركات ومصابيح وبطاريات. وخلال نشأته، حاول أن يصبح فني راديو ومصورا لكنه لم يتخل أبدا عن حلمه بأن يصبح مخترعا.

وسمع هايسي لأول مرة عن شنتشن كمنطقة اقتصادية خاصة في الصين منذ أكثر من 20 عاما في أكبر معرض للحواسيب في العالم في هانوفر بألمانيا.

في عام 2011، خطط هايسي لزيارة معرض إلكتروني تقليدي في هونغ كونغ، ولكن صديقا له جره إلى آخر. وهناك قابل بعض رجال الأعمال الصينيين الذين دعوه في وقت لاحق للسفر إلى المدينة الصينية الواقعة في جنوبي شرق البلاد لرؤية مصانعهم.

وقال إن "شنتشن جنة للتنمية"، مضيفا "إذا كان لديك أي متطلبات أو احتياجات لإلكترونيات جديدة، أذهب إلى الطابق السفلي وأستطيع العثور عليها". وكان يشير إلى هواتشيانغبي، وهي واحدة من أكبر أسواق العالم الإلكترونية وأكثرها صخبا، حيث تكتظ فيها محلات صغيرة تبيع جميع أنواع الأدوات الإلكترونية.

وهايسي حاليا الرئيس التنفيذي لشركته الناشئة في شنتشن. واختراعه الرئيسي، "لابسكرين"، هو فكرة أكثر منه كمنتج. ومن خلال "لابسكرين"، يمكن للمرء أن يعرض جميع وظائف الهاتف الذكي على شاشة محمولة بحجم ورقة "أيه 4" عالية الوضوح بشكل كامل، مثل كتابة قصة أو مشاهدة فلم. ومن خلالها، يأمل هايسي في مشاركة فكرة "مكتبه المحمول" مع شركاء راغبين من جميع أنحاء العالم.

ومن المؤكد أن هايسي ليس الحالم الوحيد الذي يعتبر هذه المدينة الضخمة وجهته النهائية.

سيريل إيبرزويلر، وهو مؤسس مشارك في "هاكس أكسيليراتور"، وهي شركة تسريع استثماري تركز على شركات ناشئة في مجال الأجهزة مقرها في شنتشن وسان فرانسيسكو. وجنبا إلى جنب مع 10 شركات خاصة بالأجهزة، قام الفرنسي البالغ من العمر 38 عاما بتأسيس شركة "هاكس" في مرآب لتصليح السيارات في شنتشن في عام 2011.

وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "هناك شيئا واحدا اكتشفناه أثناء دعم سلسلة توريد هذه الشركات الناشئة هو أن شنتشن تعد مكانا جيدا لوضع النموذج الأولي -- وليس فقط في مجال الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية ، وإنما أيضا فيما يخص معدات معقدة للغاية في مجال الصحة والروبوتات ومساحات التصنيع".

وعلى مدى ست سنوات، سعت شركة "هاكس" إلى دعم الأفكار التجارية من الطابعات ثلاثية الأبعاد إلى الطائرات المسيرة، وكذلك غيرها من أجهزة المنتجات الاستهلاكية لأكثر من 145 شركة ناشئة. وتوفر التوجيه والخبرة من البداية إلى النهاية.

وفي كل عام، يجلب إيبرزويلر فرق أعضائها يأتون من جميع أنحاء العالم، أكثر من نصفهم من الولايات المتحدة أو أوروبا، إلى شنتشن. وقال إن "ما كان علينا تطويره في ذلك الوقت كان وسيلة فعالة لهم للعمل في الصين".

ومن وجهة نظر إيبرزويلر، فإن ميزة شنتشن الفريدة من نوعها هي أن لديها الكثير من المصانع الصغيرة التي تدعم الكبيرة. ويصفها بأنها "ذيل طويل من التصنيع في الصين"، كما كان يقود حركة "الأجهزة منخفضة التكلفة" لإعادة تشكيل طريقة تصنيع المنتجات من خلال دمج مرحلة النماذج الأولية ومرحلة التصنيع قدر الإمكان.

ويعتقد أن الثقافة السائدة للمصادر المفتوحة في المدينة هي بالتحديد ما تحتاج إليه الشركات الناشئة من أجل القيام بعمليات تصنيع صغيرة بشكل فعال مع كثير من المرونة والتكلفة المنخفضة نسبيا وذلك لتقليل وقت الطرح إلى السوق.

وقال إنه "من الصعب جدا، أو من المستحيل فعليا القيام بذلك في وادي السليكون. عليك أن تبحث على الانترنت وتطلب شيئا وتنتظر لأربعة أو خمسة أيام والحصول عليه بعد شحنه، وتشغيله، وفي حال كان لا يعمل، تقوم بذلك مرة أخرى".

-- حاضنة للعلامات التجارية العالمية

ولم تساعد شنتشن الشركات الجديدة في الخروج من قوقعتها فحسب، بل أيضا رعت العديد من الشركات التكنولوجية على مستوى عالمي في الصين، وخاصة في مجال صناعة الهواتف الذكية العالمية.

وتأسست شركة (هواوي) عملاق الاتصالات في شنتشن الصينية في عام 1987. وقد أصبحت اليوم شركة رائدة في مجال تصنيع الهواتف الذكية في العالم. ووفقا لتحليل من شركة "كونتربوينت" لبحوث الاستشارات، فقد تفوقت على شركة "آبل" الأمريكية من حيث مبيعات الهواتف الذكية العالمية في شهري يونيو ويولوي، وهي المرة الأولى في التاريخ.

وبفضل تصاميم ذات شاشات عرض كبيرة ووظائف تصويرية متقدمة، أصبح صانعو الهواتف المحمولة الصينية الآن أكثر شعبية بين العملاء في الخارج.

وتستخدم ماتيلدا فون سيدو، التي ترأس جمعية خيرية محلية في أوسلو بالنرويج، حاليا هاتف "بي 10 لايت" من شركة "هواوي".

وقالت "إنني مسرورة جدا بشرائي لهذا الجهاز .. إذ إني كمستخدمة لنظام أندرويد، لا أرى أي سبب يدعوني لاختيار علامة تجارية أخرى، والهاتف لديه كل الصفات التي أريدها وأكثر"، مشيرة إلى أن العديد من أصدقائها وأفراد عائلتها يستخدمون أيضا هواتف من "هواوي".

وصرح إليوت مولي غودبارني، وهو محرر أخبار في ((موبايل نيوز))، وهي صحيفة رائدة في مجال تجارة صناعة الهواتف النقالة في بريطانيا، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه يعتقد أن نجاح "هواوي" هو دليل على جودة عالية وأسعار أكثر معقولية.

وبالمقارنة مع مشروع "هواوي" في العالم المتقدم، فإن شركة "ترانسشون" القابضة، ومقرها أيضا في شنتشن، تضع نصب أعينها قارة أفريقيا.

وبلغت الحصة السوقية من العلامات التجارية للهواتف النقالة التابعة لشركة "ترانسشون" 38 في المائة في أفريقيا في العام الماضي، وفقا لما ذكرته مؤسسة البيانات الدولية، وهي مزود رئيسي لمعلومات السوق والخدمات الاستشارية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهذا يعني أنه من بين كل ثلاثة هواتف محمولة تباع في القارة، هناك هاتف من صنع "ترانسشون".

وإن استثمارات شركة "ترانسشون" في العديد من البلدان الأفريقية لم تجعلها علامة تجارية منزلية في القارة فحسب، بل أيضا جلبت منافع حقيقية للأفارقة.

في عام 2011، أنشأت الشركة مصنعا للتليفونات الذكية في أثيوبيا. وتستعين الآن بخدمات 1600 موظف محلي.

وجاء الميسجد تيكا للعمل لدى الشركة الصينية عندما افتتحت مصنعها. وفي ظرف 6 سنوات، رُقي من عامل على خط التجميع إلى رئيس لقسم تخطيط الانتاج. وحاليا، يحصل على دخل جيد جدا.

وقال إن "الشركة الصينية غيرت حياتي"، مضيفا أن الكثيرين في أثيوبيا يريدون الحصول على وظيفة هناك لأن شركات المحمول تدفع جيدا.

وفي الوقت الذي تقوم فيه الشركات الصينية من شنتشن بإنتاج الهواتف للزبائن في العالم، انخرطت أيضا في البنية التحتية لخدمات المحمول من أجل ربط السكان المحليين بالعالم أوسع.

فشركة هواوي تعمل منذ عام 2013 مع هيئة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الزامبية والشركات المحلية من أجل مد تغطية الشبكة إلى المناطق النائية. وفي عام 2014، ساعدت على ربط أكثر من 500 قرية لأول مرة من خلال تركيب 196 محطة أساسية في مناطق نائية بـ10 مقاطعات في الدولة.

ــ قلب الابتكار

بادئة أعمالها من الصفر تقريبا، كافحت بعض شركات التكنولوجيا من شنتشن من أجل الفوز بحصتها من السوق بمنتجات مقلدة رخيصة الثمن. كانت كلمات من عينة "رخيصة ورديئة وغير أصلية" من بين الكلمات الأكثر شيوعا لوصف منتجاتها.

لكن مع سنوات من المنافسة القوية في السوق والتطوير، تغيرت هذه الصورة. كان الابتكار عاملا رئيسيا في المساعدة على فرض هذا التغيير.

وفي معرض إيفا للتكنولوجيا في برلين هذا العام، كشفت هواوي عن معالجها كيرين 970. وتوفرت الشريحة التي صممها فرعها "هاي سيلكون تكنولوجيز" في هاتفيها الرائدين الجديدين ميت10 وميت10 برو.

ويزدهر الابتكار أيضا في تطوير برامج المحمول وتطبيقاته.

وصدر لأول مرة في عام 2011 تطبيق ويتشات للتواصل الاجتماعي عبر المحمول تطوير شركة تنسنت في شنتشن. وقالت الشركة في وقت سابق من هذا الشهر أن التطبيق لديه الآن 902 مليون مستخدم نشط يوميا، بينهم مئات الملايين من خارج الصين. بالنسبة للكثير منهم، أصبح ويتشات وسيلة للحياة.

في الوقت نفسه، مع سماح المزيد والمزيد من الدول الأجنبية باستخدام خدمات الدفع الصينية عبر المحمول، بدأ الكثير من السياح الصينيين يدفعون عبر ويتشات بدلا من الدفع نقدا أثناء وجودهم في الخارج. ووفقا لتشنغ هونغ مين، المسؤول عن تشغيل خدمة " ويتشات باي" أو "الدفع عبر ويتشات" في آسيا-الباسيفيك، فإن الخدمة قد أصبحت متاحة الآن في 19 دولة ومنطقة للدفع بـ12 عملة.

ولم تأت هذه الطفرة التكنولوجية والنجاحات الابداعية من فراغ.

ففي سعيها إلى التفوق في الابتكار، تستثمر شركات التكنولوجيا مثل هواوي بجنون.

وتخصص هواوي الآن أكبر ميزانية للبحث والتطوير مقارنة بأي شركة صينية أخرى. وفي العام الماضي وحده، استثمرت 11 مليار دولار في البحث والتطوير، وكان معالجها كيرين 970 نتيجة سنوات عديدة من هذا الاستثمار.

في الوقت نفسه، تولي هذه الشركات اهتماما كبيرا للتعاون الدولي عندما يتعلق الأمر بالابتكار. وقد أنشأت هواوي مختبرات بحثية في روسيا وفرنسا لتحسين تصميم الهاتف النقال. وفتحت تنسنت مختبرا للذكاء الاصطناعي في مدينة سياتل الأمريكية.

كما قدمت الحكومة المحلية في شنتشن العديد من السياسات التفضيلية للتأكد من جذب المزيد من المواهب، بما في ذلك البدلات والعلاوات السخية وتحسين ظروف البحث العلمي.

وفي سبتمبر، أطلق الحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب باري مارشال مختبرا للهندسة الطبية الحيوية في جامعة شنتشن. كان هو خامس مختبر من نوعه في شنتشن بمدخلات من حائزين على الجائزة العالمية المرموقة.

ويصادف العام المقبل الذكرى الـ40 لإطلاق سياسة الإصلاح والانفتاح. قبل 4 عقود، لم يكن يتصور سوى القليل أن يتحول هذا الجيب الصغير للصيد إلى مركز لعشرات الآلاف من الشركات المبتدئة ويستضيف البعض من أكثر شركات التكنولوجيا الصينية نجاحا. إنها لمعجزة ثمرة جهد جماعي ومستمر.

وقال هايسي، المخترع الألماني، إن شنتشن أعطته المزيد من الإلهام والأمل من أي مكان أخر على وجه البسيطة.

ومع روح الابتكار والانفتاح التي تتسم بها، ستواصل المدينة تحقيق المعجزات مدفوعة بآمال مئات الآلاف من الأشخاص مثل هايسي.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى

إذا أردت ان تتصل بنا لتقديم اقتراح أو تصحيح خطأ، ارسل

البريد الإلكتروني إلي:xinhuanet_arabic@news.cn

arabic.news.cn

مقالة خاصة: شنتشن: محور صيني عالمي لتحقيق أحلام يحركها الابتكار

新华社 | 2017-12-04 17:06:26

بكين 4 ديسمبر 2017 (شينخوا) كانت زيارة ميشيل هايسي الأولى إلى شنتشن محض صدفة.

لكن ما كان غير متوقع أكثر بالنسبة للألماني البالغ من العمر 55 عاما هو أن هذه المدينة الصينية سوف تساعد في جعل حلم طفولته يتحقق.

-- أرض الأحلام للشركات الناشئة

عندما كان طفلا، أحب هايسي بناء الأشياء بكل ما كان يمكن أن يجده -- علب وأغطية وأشرطة ومحركات ومصابيح وبطاريات. وخلال نشأته، حاول أن يصبح فني راديو ومصورا لكنه لم يتخل أبدا عن حلمه بأن يصبح مخترعا.

وسمع هايسي لأول مرة عن شنتشن كمنطقة اقتصادية خاصة في الصين منذ أكثر من 20 عاما في أكبر معرض للحواسيب في العالم في هانوفر بألمانيا.

في عام 2011، خطط هايسي لزيارة معرض إلكتروني تقليدي في هونغ كونغ، ولكن صديقا له جره إلى آخر. وهناك قابل بعض رجال الأعمال الصينيين الذين دعوه في وقت لاحق للسفر إلى المدينة الصينية الواقعة في جنوبي شرق البلاد لرؤية مصانعهم.

وقال إن "شنتشن جنة للتنمية"، مضيفا "إذا كان لديك أي متطلبات أو احتياجات لإلكترونيات جديدة، أذهب إلى الطابق السفلي وأستطيع العثور عليها". وكان يشير إلى هواتشيانغبي، وهي واحدة من أكبر أسواق العالم الإلكترونية وأكثرها صخبا، حيث تكتظ فيها محلات صغيرة تبيع جميع أنواع الأدوات الإلكترونية.

وهايسي حاليا الرئيس التنفيذي لشركته الناشئة في شنتشن. واختراعه الرئيسي، "لابسكرين"، هو فكرة أكثر منه كمنتج. ومن خلال "لابسكرين"، يمكن للمرء أن يعرض جميع وظائف الهاتف الذكي على شاشة محمولة بحجم ورقة "أيه 4" عالية الوضوح بشكل كامل، مثل كتابة قصة أو مشاهدة فلم. ومن خلالها، يأمل هايسي في مشاركة فكرة "مكتبه المحمول" مع شركاء راغبين من جميع أنحاء العالم.

ومن المؤكد أن هايسي ليس الحالم الوحيد الذي يعتبر هذه المدينة الضخمة وجهته النهائية.

سيريل إيبرزويلر، وهو مؤسس مشارك في "هاكس أكسيليراتور"، وهي شركة تسريع استثماري تركز على شركات ناشئة في مجال الأجهزة مقرها في شنتشن وسان فرانسيسكو. وجنبا إلى جنب مع 10 شركات خاصة بالأجهزة، قام الفرنسي البالغ من العمر 38 عاما بتأسيس شركة "هاكس" في مرآب لتصليح السيارات في شنتشن في عام 2011.

وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "هناك شيئا واحدا اكتشفناه أثناء دعم سلسلة توريد هذه الشركات الناشئة هو أن شنتشن تعد مكانا جيدا لوضع النموذج الأولي -- وليس فقط في مجال الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية ، وإنما أيضا فيما يخص معدات معقدة للغاية في مجال الصحة والروبوتات ومساحات التصنيع".

وعلى مدى ست سنوات، سعت شركة "هاكس" إلى دعم الأفكار التجارية من الطابعات ثلاثية الأبعاد إلى الطائرات المسيرة، وكذلك غيرها من أجهزة المنتجات الاستهلاكية لأكثر من 145 شركة ناشئة. وتوفر التوجيه والخبرة من البداية إلى النهاية.

وفي كل عام، يجلب إيبرزويلر فرق أعضائها يأتون من جميع أنحاء العالم، أكثر من نصفهم من الولايات المتحدة أو أوروبا، إلى شنتشن. وقال إن "ما كان علينا تطويره في ذلك الوقت كان وسيلة فعالة لهم للعمل في الصين".

ومن وجهة نظر إيبرزويلر، فإن ميزة شنتشن الفريدة من نوعها هي أن لديها الكثير من المصانع الصغيرة التي تدعم الكبيرة. ويصفها بأنها "ذيل طويل من التصنيع في الصين"، كما كان يقود حركة "الأجهزة منخفضة التكلفة" لإعادة تشكيل طريقة تصنيع المنتجات من خلال دمج مرحلة النماذج الأولية ومرحلة التصنيع قدر الإمكان.

ويعتقد أن الثقافة السائدة للمصادر المفتوحة في المدينة هي بالتحديد ما تحتاج إليه الشركات الناشئة من أجل القيام بعمليات تصنيع صغيرة بشكل فعال مع كثير من المرونة والتكلفة المنخفضة نسبيا وذلك لتقليل وقت الطرح إلى السوق.

وقال إنه "من الصعب جدا، أو من المستحيل فعليا القيام بذلك في وادي السليكون. عليك أن تبحث على الانترنت وتطلب شيئا وتنتظر لأربعة أو خمسة أيام والحصول عليه بعد شحنه، وتشغيله، وفي حال كان لا يعمل، تقوم بذلك مرة أخرى".

-- حاضنة للعلامات التجارية العالمية

ولم تساعد شنتشن الشركات الجديدة في الخروج من قوقعتها فحسب، بل أيضا رعت العديد من الشركات التكنولوجية على مستوى عالمي في الصين، وخاصة في مجال صناعة الهواتف الذكية العالمية.

وتأسست شركة (هواوي) عملاق الاتصالات في شنتشن الصينية في عام 1987. وقد أصبحت اليوم شركة رائدة في مجال تصنيع الهواتف الذكية في العالم. ووفقا لتحليل من شركة "كونتربوينت" لبحوث الاستشارات، فقد تفوقت على شركة "آبل" الأمريكية من حيث مبيعات الهواتف الذكية العالمية في شهري يونيو ويولوي، وهي المرة الأولى في التاريخ.

وبفضل تصاميم ذات شاشات عرض كبيرة ووظائف تصويرية متقدمة، أصبح صانعو الهواتف المحمولة الصينية الآن أكثر شعبية بين العملاء في الخارج.

وتستخدم ماتيلدا فون سيدو، التي ترأس جمعية خيرية محلية في أوسلو بالنرويج، حاليا هاتف "بي 10 لايت" من شركة "هواوي".

وقالت "إنني مسرورة جدا بشرائي لهذا الجهاز .. إذ إني كمستخدمة لنظام أندرويد، لا أرى أي سبب يدعوني لاختيار علامة تجارية أخرى، والهاتف لديه كل الصفات التي أريدها وأكثر"، مشيرة إلى أن العديد من أصدقائها وأفراد عائلتها يستخدمون أيضا هواتف من "هواوي".

وصرح إليوت مولي غودبارني، وهو محرر أخبار في ((موبايل نيوز))، وهي صحيفة رائدة في مجال تجارة صناعة الهواتف النقالة في بريطانيا، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه يعتقد أن نجاح "هواوي" هو دليل على جودة عالية وأسعار أكثر معقولية.

وبالمقارنة مع مشروع "هواوي" في العالم المتقدم، فإن شركة "ترانسشون" القابضة، ومقرها أيضا في شنتشن، تضع نصب أعينها قارة أفريقيا.

وبلغت الحصة السوقية من العلامات التجارية للهواتف النقالة التابعة لشركة "ترانسشون" 38 في المائة في أفريقيا في العام الماضي، وفقا لما ذكرته مؤسسة البيانات الدولية، وهي مزود رئيسي لمعلومات السوق والخدمات الاستشارية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهذا يعني أنه من بين كل ثلاثة هواتف محمولة تباع في القارة، هناك هاتف من صنع "ترانسشون".

وإن استثمارات شركة "ترانسشون" في العديد من البلدان الأفريقية لم تجعلها علامة تجارية منزلية في القارة فحسب، بل أيضا جلبت منافع حقيقية للأفارقة.

في عام 2011، أنشأت الشركة مصنعا للتليفونات الذكية في أثيوبيا. وتستعين الآن بخدمات 1600 موظف محلي.

وجاء الميسجد تيكا للعمل لدى الشركة الصينية عندما افتتحت مصنعها. وفي ظرف 6 سنوات، رُقي من عامل على خط التجميع إلى رئيس لقسم تخطيط الانتاج. وحاليا، يحصل على دخل جيد جدا.

وقال إن "الشركة الصينية غيرت حياتي"، مضيفا أن الكثيرين في أثيوبيا يريدون الحصول على وظيفة هناك لأن شركات المحمول تدفع جيدا.

وفي الوقت الذي تقوم فيه الشركات الصينية من شنتشن بإنتاج الهواتف للزبائن في العالم، انخرطت أيضا في البنية التحتية لخدمات المحمول من أجل ربط السكان المحليين بالعالم أوسع.

فشركة هواوي تعمل منذ عام 2013 مع هيئة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الزامبية والشركات المحلية من أجل مد تغطية الشبكة إلى المناطق النائية. وفي عام 2014، ساعدت على ربط أكثر من 500 قرية لأول مرة من خلال تركيب 196 محطة أساسية في مناطق نائية بـ10 مقاطعات في الدولة.

ــ قلب الابتكار

بادئة أعمالها من الصفر تقريبا، كافحت بعض شركات التكنولوجيا من شنتشن من أجل الفوز بحصتها من السوق بمنتجات مقلدة رخيصة الثمن. كانت كلمات من عينة "رخيصة ورديئة وغير أصلية" من بين الكلمات الأكثر شيوعا لوصف منتجاتها.

لكن مع سنوات من المنافسة القوية في السوق والتطوير، تغيرت هذه الصورة. كان الابتكار عاملا رئيسيا في المساعدة على فرض هذا التغيير.

وفي معرض إيفا للتكنولوجيا في برلين هذا العام، كشفت هواوي عن معالجها كيرين 970. وتوفرت الشريحة التي صممها فرعها "هاي سيلكون تكنولوجيز" في هاتفيها الرائدين الجديدين ميت10 وميت10 برو.

ويزدهر الابتكار أيضا في تطوير برامج المحمول وتطبيقاته.

وصدر لأول مرة في عام 2011 تطبيق ويتشات للتواصل الاجتماعي عبر المحمول تطوير شركة تنسنت في شنتشن. وقالت الشركة في وقت سابق من هذا الشهر أن التطبيق لديه الآن 902 مليون مستخدم نشط يوميا، بينهم مئات الملايين من خارج الصين. بالنسبة للكثير منهم، أصبح ويتشات وسيلة للحياة.

في الوقت نفسه، مع سماح المزيد والمزيد من الدول الأجنبية باستخدام خدمات الدفع الصينية عبر المحمول، بدأ الكثير من السياح الصينيين يدفعون عبر ويتشات بدلا من الدفع نقدا أثناء وجودهم في الخارج. ووفقا لتشنغ هونغ مين، المسؤول عن تشغيل خدمة " ويتشات باي" أو "الدفع عبر ويتشات" في آسيا-الباسيفيك، فإن الخدمة قد أصبحت متاحة الآن في 19 دولة ومنطقة للدفع بـ12 عملة.

ولم تأت هذه الطفرة التكنولوجية والنجاحات الابداعية من فراغ.

ففي سعيها إلى التفوق في الابتكار، تستثمر شركات التكنولوجيا مثل هواوي بجنون.

وتخصص هواوي الآن أكبر ميزانية للبحث والتطوير مقارنة بأي شركة صينية أخرى. وفي العام الماضي وحده، استثمرت 11 مليار دولار في البحث والتطوير، وكان معالجها كيرين 970 نتيجة سنوات عديدة من هذا الاستثمار.

في الوقت نفسه، تولي هذه الشركات اهتماما كبيرا للتعاون الدولي عندما يتعلق الأمر بالابتكار. وقد أنشأت هواوي مختبرات بحثية في روسيا وفرنسا لتحسين تصميم الهاتف النقال. وفتحت تنسنت مختبرا للذكاء الاصطناعي في مدينة سياتل الأمريكية.

كما قدمت الحكومة المحلية في شنتشن العديد من السياسات التفضيلية للتأكد من جذب المزيد من المواهب، بما في ذلك البدلات والعلاوات السخية وتحسين ظروف البحث العلمي.

وفي سبتمبر، أطلق الحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب باري مارشال مختبرا للهندسة الطبية الحيوية في جامعة شنتشن. كان هو خامس مختبر من نوعه في شنتشن بمدخلات من حائزين على الجائزة العالمية المرموقة.

ويصادف العام المقبل الذكرى الـ40 لإطلاق سياسة الإصلاح والانفتاح. قبل 4 عقود، لم يكن يتصور سوى القليل أن يتحول هذا الجيب الصغير للصيد إلى مركز لعشرات الآلاف من الشركات المبتدئة ويستضيف البعض من أكثر شركات التكنولوجيا الصينية نجاحا. إنها لمعجزة ثمرة جهد جماعي ومستمر.

وقال هايسي، المخترع الألماني، إن شنتشن أعطته المزيد من الإلهام والأمل من أي مكان أخر على وجه البسيطة.

ومع روح الابتكار والانفتاح التي تتسم بها، ستواصل المدينة تحقيق المعجزات مدفوعة بآمال مئات الآلاف من الأشخاص مثل هايسي.

الصور

010020070790000000000000011100001367998691