بكين 7 ديسمبر 2017 (شينخوا) إن خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المثيرة للجدل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يوم الأربعاء في تحد للمعارضة القوية من العالم الإسلامي ستأتي بنتائج عكسية لأن من شأنها تأجيج التوترات في منطقة الشرق الأوسط .
ففي تخلي دراماتيكي عن السياسة الخارجية التي انتهجها أسلافه ، لم يعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل فحسب، وإنما يبدأ أيضا عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى هذه المدينة المقدسة. وقد أثارت هذه الخطوة، التي قوبلت بترحيب من إسرائيل، أثارت غضب العالم الإسلامي الذي حذر من تداعياتها الخطيرة.
ومن جانبها، ذكرت الصين يوم الأربعاء أن وضع القدس حساس ومعقد وحثت جميع الأطراف المعنية على توخي الحذر من أجل تحقيق السلام والهدوء في الشرق الأوسط. كما أكدت الصين دعمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على أساس حدود 1967والقدس الشرقية عاصمة لها، ودعت جميع الأطراف المعنية إلى الالتزام بقرارات الأمم المتحدة المعنية وحل الخلافات عن طريق المفاوضات وتدعيم السلام والاستقرار الإقليميين.
إن وضع القدس يقع في قلب الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وفي إطار عملية أوسلو للسلام، فإن وضع القدس لابد أن يتم تقريره في مفاوضات الوضع النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويتمسك الفلسطينيون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية في التسوية النهائية.
ورغم أن إسرائيل إحتلت القدس الشرقية خلال حرب عام 1967 وسن الكنيست الإسرائيلي قانونا في عام 1980 يعلن بشكل أحادي المدينة المقدسة عاصمة أبدية غير قابلة للتجزئة لإسرائيل، لا يعترف المجتمع الدولي بأسره بهذه الخطوة الإسرائيلية.
وتقع سفارات جميع الدول بما فيها السفارة الأمريكية حتى الآن في تل أبيب وليس القدس وذلك للسماح للإسرائيليين والفلسطينيين بتقرير الوضع النهائي للقدس عبر المفاوضات.
وحتى بعدما أقر الكونغرس الأمريكي قانونا في عام 1995 يقضى بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، أمر أسلاف ترامب الثلاثة بوقف هذه الخطوة بمراسيم رئاسية، بهدف دفع عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية قدما.
وأخذ ترامب،المعروف أن لديه صهر يهودي، يروج على نطاق واسع لموقفه المؤيد لإسرائيل حتى منذ بدء حملته الانتخابية الرئاسية بوعده بنقل السفارة إلى القدس. ولكن قراره بتغيير الوضع الراهن للقدس لا يعد إساءة تقدير فحسب، وإنما أيضا خطوة خطيرة.
وباتخاذه هذه الخطوة، يبدو أن ترامب وضع رهانا على الانقسام بين الدول الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط، الذي يأمل ترامب في أن يمنعهم من الاتحاد ضد الولايات المتحدة بشأن القدس.
وفي الواقع، قد تجلى هذا الانقسام في المواجهة الأخيرة بين قطر وكتلة عربية بقيادة السعودية، والتنافس المتنامي بين السعودية وإيران. ومن ناحية أخرى، تعاني كثير من الدول العربية من تهديدات مستمرة من الإرهاب وعدم الاستقرار السياسي.
بيد أن ترامب استخف على ما يبدو بالحساسية الكبيرة لقضية القدس ومخاطر تغيير وضعها الراهن. فالقدس تعد أحد القضايا القلائل التي يمكن أن تجمع جميع الدول الإسلامية ضد الولايات المتحدة رغم خلافاتهم .
وقد يلجأ الفلسطينيون، الذين شعروا بخيبة أمل بسبب الجمود الذي طال أمده في عملية السلام منذ عام 2014، إلى العنف للتعبير عن غضبهم ويأسهم.
وعلاوة على ذلك، قد يستغل الإرهابيون والجماعات المتطرفة غضب المسلمين في أنحاء العالم إزاء الخطوة الأمريكية وتعاطفهم مع الفلسطينيين، لكسب تأييد المسلمين لقضاياهم، بما في ذلك شن هجمات ضد أهداف أمريكية.
ولاشك في أن تجدد العنف في الأراضي الفلسطينية، وتزايد زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، واحتمال حدوث موجة من الهجمات الإرهابية ستأتي جميعا بنتائج عكسية. وفي النهاية، ستدفع الولايات المتحدة ثمنا باهظا لذلك.