بكين 20 ديسمبر 2017(شينخوا) شهدت أمريكا اللاتينية فترة تعديل خلال عام 2017 المقترب من نهايته، حيث تتعافى تنميتها الاقتصادية ، وتخف حدة التوترات السياسية، وتغير دول المنطقة سياساتها الخارجية وفقا لاحتياجاتها الواقعية وللوضع الدولي.
--انتعاش اقتصادي وسياسي
لقد خيمت سحب نمو سلبي في سماء القارة لسنتين، إلى أن أخذت تتبدد بالانتعاش الذي شهده عام 2017، وهي نتيجة رئيسية لارتفاع أسعار الفحم والنفط والغاز الطبيعي والمعادن، في الأسواق العالمية.
هذا الانتعاش نال دعما إضافيا من اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة حول أمريكا اللاتينية والكاريبي، والتي توقعت أن يكون النمو الاقتصادي بالمنطقة 1.2% هذه السنة، و2.2% عام 2018.
ولكن، يبدو أن هذا التعافي التدريجي من غير المحتمل أن يتحول إلى انتعاش قوي بسبب عوامل عدم يقين عديدة داخلية وخارجية، مثل الأسعار المتراجعة للسلع، وإعادة التفاوض غير المثمر حول اتفاقية التجارة لأمريكا الشمالية(نافتا)، والتقدم البطئ في الإصلاحات الهيكلية لدول المنطقة.
أما الساحة السياسية فلم تشهد مفاجآت مدوية. لقد تولى الرئيس البرازيلي ميشال تامر مقاليد السلطة في بلاده بعد إقالة سلفه الرئيسة السابقة ديلما روسيف، إثر إدانتها بمخالفات مالية وإقالتها العام الماضي، ونجا الرئيس تامر من تحقيق اتهامات جنائية، بعد أن صوّت المجلس الأدنى للبرلمان في أكتوبر، لصالح وقف الاتهامات ضده، الأمر الذي ضمن له الرئاسة حتى عام 2018.
وكان شهر ديسمبر خطوة جديدة نحو الاستقرار السياسي للحزب الاشتراكي المتحد الحاكم في فنزويلا الذي حقق فوزا كبيرا في الانتخابات الإقليمية وفاز بـ308 ولاية أو إقليم من أصل 335، بعد أن وافق حزب الطاولة المستديرة الديمقراطي المعارض، على إجراء حوار مع الحكومة، لمعالجة أزمة التنازع على السلطة، والمستمرة لسنوات.
وفي الأرجنتين ، ورغم المعارضة الواسعة، تمكنت الحكومة من إمرار العديد من الإصلاحات الاقتصادية الموجهة للسوق. وآخر ما حققه الرئيس موريسيو ماكري من نجاح، كان إمرار الكونغرس لإصلاح نظام التقاعد يوم الثلاثاء .
قال يان جين، الزميل الباحث في شئون أمريكا اللاتينية ، في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، إن الجناح اليميني قد حصل على بعض القوة خلال صراعه العام الماضي مع جناح اليسار، وهو يدفع نحو إصلاح هيكلي وتعزيز لقوته وسلطاته.
في الوقت نفسه، يستغل اليسار هذه الفرصة لتعزيز تأثيره السياسي والاجتماعي ، حسب رأي يان.
--تغيرات في السياسة الأمريكية
على مدى سنوات، ظلت الولايات المتحدة تتبنى سياسة أو أسلوب "الجزرة والعصا"، في علاقاتها مع أمريكا اللاتينية ، ولكن حدثت عدة تغيرات منذ أن تولى الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم، في يناير الماضي.
ورغم أن الكونغرس الأمريكي لم يوافق على بناء سور أو جدار على طول الحدود الأمريكية - المكسيكية، لكن ترامب مازال على موقفه هذا، محاولا الحفاظ على الوعد الذي قطعه خلال حملته الانتخابية .
وحدثت ضجة خلافية حول الطلب الأمريكي لإعادة التفاوض على اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية(نافتا)، في وقت لم تحقق فيه الجولة الخامسة من المفاوضات بالمكسيك، أية نتيجة. وتواجه المكسيك ضغوطا كبيرة من الحكومة الأمريكية التي تقول إن اتفاق (نافتا) قد أضر الاقتصاد الأمريكي ، وتهدد بإلغائه.
وشهدت الولايات المتحدة انتكاسة في علاقاتها مع كوبا، حيث تراجعت حكومة ترامب عما تحقق من تقدم خلال إدارة أوباما، فيما يتعلق بتطبيع العلاقات الثنائية.
والأكثر من ذلك، أن الولايات المتحدة أعلنت عدة جولات من العقوبات ضد فنزويلا بعد أن سعى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى تشكيل الجمعية التأسيسية الوطنية، ودفعت واشنطن الاتحاد الأوروبي وبعض دول أمريكا اللاتينية إلى ممارسة الضغط على حكومة مادورو.
في هذا الصدد، أشار شو شي تشنغ، الزميل الباحث في معهد دراسات أمريكا اللاتينية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، وهي الأكاديمية الأعلى بالصين، أشار إلى بعض الضعف في وحدة دول أمريكا اللاتينية عندما تواجه مثل هذه الظروف، مضيفا أنه لم يتم تحقيق تقدم يذكر في عملية التكامل الإقليمي بسبب عوائق متعددة.
--علاقات خارجية متعددة الأبعاد
لقد ظلت أمريكا اللاتينية تضيف أبعادا جديدة لعلاقاتها الخارجية، وتوسع التنمية المتبادلة مع أوروبا وآسيا، وتكتسب زخما في تعزيز وتوطيد علاقاتها مع الصين.
في عام 2017، تم تحديد المنطقة كامتداد طبيعي لطريق الحرير البحري للقرن الـ21، وهو طريق بحري جديد ضمن مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين عام 2013. (مبادرة الحزام والطريق تعني الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري العريق، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، وتعرف عالميا بشكل مختصر هو: مبادرة الحزام والطريق).
لقد أعربت كل من المكسيك وشيلي والأرجنتين والبرازيل وبيرو ودول أخرى، عن رغبتها للانضمام لهذه المبادرة، وتشكيل تعاون استراتيجي مع الصين.
قال قوه تسون هاي، الباحث المساعد في معهد دراسات أمريكا اللاتينية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية "إن الصين تشهد تحولا في هيكلها الاقتصادي ، بينما تشهد أمريكا اللاتينية بعض التغيرات والتعافي الاقتصادي . والعام الجديد سيشهد تنمية أوثق بين الجانبين."
وأضاف قوه "إن ما يستحق اهتمامنا وتركيزنا هو كيف سيتبادل الجانبان تجارب الإدارة من أجل تحقيق وضعية المنفعة المزدوجة."