شيكاغو 20 ديسمبر 2017 (شينخوا) رافقت أكبر شركة خاصة للبذور في العالم "ستاين سيد" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته للصين في نوفمبر الماضي، ووقعت اتفاقية تعاون مع أحد شركائها المحليين هناك.
ولدى حديثه عن الاتفاقية، كان لي جوان تشاو مدير فرع ستاين سيد في الصين سعيدا للغاية، حيث قال "لقد أثبت ذلك التزام ستاين سيد تجاه السوق الصينية والمزارعين الصينيين"، مضيفا "إن هذه الاتفاقية ستمكننا من إقامة منصة لتعزيز توسعنا في الصين بصورة أكثر كفاءة وفعالية".
وذكر تشاو "هدفنا يكمن في نقل ما توصلنا إليه في علم الوراثة الذي ينتج محاصيل عالية الغلة إلى أكبر عدد ممكن من المزارعين الصينيين. فلدينا مشاعر إيجابية جدا تجاه الصين ونشعر بالامتنان الشديد لمشاركتنا في ثاني أكبر سوق للبذور في العالم".
فتجربة ستاين سيد في الصين تعد صورة مصغرة للتجارة الزراعية المتزايدة باستمرار بين الصين والولايات المتحدة.
-- جهود على المستويات الحكومية
في أول اجتماع لهما في منتجع مار- أيه- لاغو في مدينة بالم بيتش بولاية فلوريدا الأمريكية في إبريل المنصرم، استهل الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ خطة عمل من 100 يوم، مع وضع إعادة فتح الصين لسوقها أمام لحوم البقر الأمريكية في مقدمة الأولويات.
وفي 20 يونيو الماضي، أعلنت الإدارة العامة الصينية للرقابة على الجودة والتفتيش والحجر الصحي أن واردات لحوم البقر القادمة من الولايات المتحدة مسموح بها في الصين.
وفي 27 يونيو، بدأ متجر "نادي سام" ذو العضوية في سلسلة متاجر شركة "وول مارت" الأمريكية العملاقة لتجارة التجزئة في بيع لحوم البقر الأمريكية، ما كان مؤشرا على أن الصين رفعت حظرا استمر 14 عاما على واردات لحوم البقر القادمة من الولايات المتحدة.
وبدورها تعهدت الحكومة الأمريكية بإصدار لوائح بشأن صادرات الدجاج والطيور الصينية
كما كانت زيارة الرئيس ترامب للصين في نوفمبر الماضي مثمرة بالنسبة للمزارعين الأمريكيين: فسوف يعقد المشترون الصينيون صفقات شراء 12 مليون طن (أو ما تقدر قيمته بخمسة مليارات من الدولارات الأمريكية ) من فول الصويا من الولايات المتحدة في موسم عام 2017- 2018، وذلك من بين نوايا التعاون الاقتصادي والتجاري التي تصل قيمتها إلى 253.5 مليار دولار أمريكي.
وفيما بين الزيارتين، وقعت أكثر من 20 شركة صينية وأمريكية عقود معاملات زراعية قيمتها 5.012 مليار دولار في دي موين عاصمة ولاية إيوا بوسط غرب الولايات المتحدة في يوليو الماضي، ستقوم بموجبها شركات صينية باستيراد 12.53 مليون طن من فول الصويا و371 طن من لحوم الخنزير ولحوم البقر من شركات أمريكية. ويعد هذا أكثر من ضعف قيمة العقود التي بلغت قيمتها 2.1 مليار دولار ووقعها وفد صيني في الولايات المتحدة في عام 2016.
وفي محاولة للحد من الخلل التجاري مع الولايات المتحدة الذي بدأ اعتبارا من تسعينات القرن الماضي، أرسلت الصين وفود مشتريات إلى الولايات المتحدة. وقد شكلت المنتجات الزراعية جزءا رئيسيا من المشتريات الصينية للسلع الأمريكية.
ومن جانبه ذكر مات ديبي الرئيس التنفيذي لرابطة مربي الماشية في ولاية إيوا "يبدو أن حكومتينا تعملان معا لإعادة ترسيخ هذه الفرصة"،مضيفا "إننا متحمسون لذلك، فنحن نستعد فعلا للعمل مع الصينيين عندما تأتي هذه الفرصة كنتائج لعمل حكومتينا معا، وذلك لإنتاج وتصدير المنتجات التي يحتاجها هؤلاء المستهلكون".
وأشار ديبي إلى أن الصين "سوق مهم جدا، بل وموضوع مهم جدا لكل من حكومتينا ومنتجينا في ولايتنا "، مضيفا "إننا مهتمون حقا ونأمل في أن تواصل الحكومتان العمل قدما في هذا الاتجاه بطريقة جيدة للجميع".
-- حماسة بين المزارعين
تعد الصين أكبر سوق لفول الصويا الأمريكية بعد السوق الأمريكية نفسها، حيث تستورد قرابة 30 في المائة من فول الصويا المنتج في الولايات المتحدة.
وفي تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، ذكر بول بورك مدير مجلس صادرات فول الصويا الأمريكي لمنطقة شمال آسيا أن صناعة فول الصويا الأمريكية تستكشف السوق الصينية منذ 35 عاما.
وقال بورك إن "مزارعي فول الصويا الأمريكيين فتحوا مكاتب لهم في الصين في عام 1982. واستثمروا في برامج دعمت أهداف الصين المتمثلة في تحقيق الأمن الغذائي المستدام وسلامة الأغذية على مدى 13 عاما قبل بيع أولى شحناتهم من فول الصويا للصين في عام 1995".
ولفت بورك إلى أن مجلس صادرات فول الصويا الأمريكي، الذي يمثل 10 من مصدري فول الصويا الأمريكيين، "سيواصل تنفيذ برامج تطوير السوق هذه بالصين في جهد يرمي إلى تهيئة بيئة مربحة للجانبين بين منتجي فول الصويا الأمريكيين وصناعات تجهيز فول الصويا والإنتاج الحيواني الصينية"، مضيفا أن التوقعات تفيد بأن العلاقات الثنائية "ستظل راسخة".
ويقدر مدير فرع مجلس صادارت فول الصويا الأمريكي في الصين شياو بينغ تشانغ بأن الولايات المتحدة ستبيع فول صويا تصل إجمالي قيمته إلى 14 مليار دولار إلى الصين بحلول نهاية أغسطس 2018.
واتفق تشاو من ستاين سيد مع تصريحات بورك، قائلا لـ((شينخوا)) إنه نظرا لكونها ثاني أكبر سوق للبذور في العالم، "فالصين ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لشركة ستاين سيد".
وأضاف "منتجاتنا الرئيسية تتمثل في بذور الذرة وفول الصويا، وهما المحصولان الرئيسيان في الصين. ونظرا لوقوع مناطق الإنتاج على خط عرض متماثل، فمن الطبيعي بالنسبة لنا أن نحاول اختيار أفضل ما توصلنا إليه في علم الوراثة ويصلح في الوقت ذاته للصين تماما".
ولدى حديثه عن الاتفاقية التي وقعت في نوفمبر الماضي، ذكر تشاو إن "أهمية هذا العقد تكمن في السماح لأكبر شركة بذور أمريكية خاصة بأن يكون لها حضور كبير في الصين".
وقد زار كيرك ليدز الرئيس التنفيذي لجمعية فول الصويا في ولاية إيوا معظم المقاطعات الصينية، وقال إن "صناعة فول الصويا في ولاية إيوا والولايات المتحدة تدرك أن الصين عميل رئيسي وعلينا العمل بجد للحفاظ عليه".
وأضاف بورك "إن أي اضطراب في التجارة والعلاقات بين الصين والولايات المتحدة تكون له عواقب وخيمة على الزراعة الأمريكية، وتحديدا على صناعة فول الصويا. ولهذا فإننا نستثمر في هذه العلاقات. ولقاء المستهلكين هناك يستثمر في هذه العلاقات".
-- دخول لحوم البقر والخنزير الأمريكية إلى الصين مجددا
تجدر الإشارة أيضا إلى أن عقود المعاملات الزراعية التي وقعت في دي موين في يوليو الماضي هي: بالإضافة إلى ما تشمله من واردات من فول الصويا قدرها 12.53 مليون طن، فسوف تشترى الشركات الصينية لحوم خنزير ولحوم بقر تصل إلى 371 طن من الشركات الأمريكية.
فبعد تعليق دام 14 عاما، أعادت الصين فتح بابها أمام منتجات الدواجن واللحوم الأمريكية في منتصف عام 2017.
وسعد مصنع شركة "إيوا بريميم بيف" بهذه الفرصة وتقدمت بطلب لتصدير لحوم البقر إلى الصين، وأعرب مايكل غاجر مدير سلامة الأغذية بالشركة عن ثقته بجودة منتجات شركته وسلامتها قائلا "منشآتنا تعمل يوميا في ظل مستوى عال جدا من الوعي بسلامة الأغذية. ولدينا سجل جيد جدا من سلامة الأغذية ". وتصل مساحة المصنع إلى 200 ألف قدم مربع ويتعامل مع 1150 رأس من الماشية يوميا.
وتسعى شركة "إيوا بريميم بيف" حاليا للوصول إلى شركات تقوم بالفعل بأنشطة أعمال مع الصين وتحاول بناء تواصل تجاري معها. وقال غاجر لـ((شينخوا)) "نحاول بناء علاقات مع هذه الأنواع من الشركات حتى نتمكن من ترسيخ مكانة للحوم البقر عالية الجودة التي تنتجها شركتنا، ترسيخ مكانة لها في السوق الصينية".
ووفقا لإحصاءات وزارة الزراعة الأمريكية، برزت الصين كمشتر رئيسي للحوم البقر في السنوات الأخيرة، حيث زادت وارداتها من 275 مليون دولار في عام 2012 إلى 2.5 مليار دولار في عام 2016.
وتعد أمريكا أكبر منتج للحوم البقر في العالم ورابع أكبر مصدر له في العالم، حيث تجاوزت مبيعاتها العالمية 5.4 مليار دولار في عام 2016. وحتى دخول الحظر حيز التنفيذ، كانت أمريكا أكبر مورد للحوم البقر المستوردة بالنسبة للصين، حيث كان لحومها تمثل 70 في المائة من إجمالي واردات الصين من لحوم البقر.
وتشير التقديرات إلى أن إعادة فتح الصين لسوقها أمام لحوم البقر ومنتجات اللحوم الأمريكية سيعود بالفائدة على حوالي 60 مليون من القائمين على تربية الماشية في الولايات المتحدة.
-- الزراعة تدعم العلاقات الصينية - الأمريكية
لطالما كانت المنتجات الزراعية دائما منتجا متميزا حيث تسجل الولايات المتحدة فائضا تجاريا مع الصين.
ووفقا لإحصاءات الجمارك الصينية، بلغ حجم تجارة المنتجات الزراعية الثنائية 31.2 مليار دولار في عام 2016. وبلغت حجم واردات الصين من الولايات المتحدة 23.8 مليار دولار، فيما بلغت حجم الصادرات إليها 7.4 مليار دولار؛ وسجلت الصين عجزا تجاريا قيمته 16.4 مليار دولار.
وتظهر الإحصاءات الأمريكية أن الصين تعد ثاني أكبر سوق مقصد للمنتجات الزراعية الأمريكية، حيث يصل إليها 15 في المائة من صادرات المنتجات الزراعية الأمريكية.
كما تعد الصين أول أكبر سوق مقصد لفول الصويا الأمريكي، حيث يصل إليها 62 في المائة من إجمالي الصادرات الأمريكية من فول الصويا؛ وتعد ثاني أكبر سوق مقصد للقطن الأمريكي حيث يصل إليها 14 في المائة من إجمالي صادرات القطن الأمريكي.
فهناك مزارع أمريكي يصدر منتجات زراعية تصل قيمتها إلى 12 ألف دولار إلى الصين في المتوسط سنويا.
وصرح ستابليتون روي السفير الأمريكي السابق لدى الصين لـ((شينخوا)) بأن "التعاون الزراعي (بين الصين والولايات المتحدة) أصبح جزءا مهما جدا من العلاقات. ومعظم الأمريكيين ومعظم الصينيين ليسوا على دراية بهذا. فهو حقا أحد دعائم العلاقات".
وأضاف "كلانا يعتبر الزراعة جزءا هاما جدا من اقتصادينا، فعدد المزارعين يتراجع في البلدين، لكن الإنتاجية الزراعية آخذة في الارتفاع بسرعة كبيرة".
وأكد روي قائلا "هذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا نملك هذا الأساس من التعاون، حتى عندما تكون بيننا خلافات في مجموعة من المجالات. وإنه لمن الأهمية بمكان البناء على هذا الأساس".