مقالة خاصة: ماذا قدم ترامب للشرق الأوسط في العام الأول من رئاسته؟

15:37:18 10-01-2018 | Arabic. News. Cn

بكين 10 يناير 2018 (شينخوا) بعد أيام وتحديدا في 20 يناير الجاري يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أكمل العام الأول له في الحكم. وطوال ذلك العام، كان أداؤه ونهجه فيما يتعلق بسياسته تجاه منطقة الشرق الأوسط محط اهتمام الكثيرين بل ومثار جدل المجتمع الدولي بأسره.

وتابع الخبراء الصينيون تحركات ترامب خلال الـ365 يوما الماضية حيث لاحظوا أن الملامح والخطوط العريضة لسياسته في الشرق الأوسط بدأت تتضح تدريجيا لتنبثق عن أسلوب شخصي مختلف عن أسلافه ووضع لايزال مضطربا بالمنطقة وسمة سائدة تتمثل في التراجع النسبي في القوة الشاملة للولايات المتحدة، مشيرين إلى أن ترامب لم يجلب للمنطقة - بخلاف النجاح في مكافحة الإرهاب- أي خير، وإنما حمل في جعبته سياسات وقرارات فاقمت من الفوضى في إقليم يواجه معضلات معقدة ومتشابكة.

-- نقطة الاختلاف في سياسة ترامب

يرى ليو باو لاي، الذي سبق أن عمل سفيرا للصين لدى الإمارات والأردن، أن سياسة إدارة ترامب في التعامل مع شؤون الشرق الأوسط ليست سوى استمرارية للسياسة التي انتهجتها إدارة سلفه أوباما ولكن مع إدخال بعض التغييرات حيث ظلت النغمة الأساسية لها متمثلة في انكماش إستراتيجي واضح مع اتخاذ مكافحة الجماعات الإرهابية أولوية أساسية، منوها إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران هي الجانب الذي طاله التغيير وطغت عليه أفكار ترامب الجديدة.

وعن هذا التحول، قال ليو باو لاي إن ترامب اتخذ موقفا متشددا وتبني لهجة صارمة تجاه إيران متخليا بذلك عن نهج أوباما الذي شهد تحسنا في العلاقات مع إيران وتخفيفا للعقوبات المفروضة عليها وتقييدا لبرنامجها النووي عبر اتفاق شامل، حيث تعتقد الولايات المتحدة وفقا لما تمليه الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه إيران أن السلطات الإيرانية سلطات ديكتاتورية تقدم الدعم لتنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرهما من المنظمات الإرهابية بهدف تخريب المنطقة وزعزعة استقرارها وإثارة العنف الطائفي في العراق وحروب في اليمن وسوريا.

"لذلك، فإن السياسة الأمريكية تجاه إيران تهدف إلى ردع أي عمل عدائي إيراني وضمان عدم امتلاك إيران إطلاقا لأسلحة نووية. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، ستبقى الولايات المتحدة وحلفاؤها على تعاون بيني في هذا الصدد وتواصل تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، وقطع كل الطرق أمام امتلاك إيران لسلاح نووي. ومن ثم، جاءت النتيجة المباشرة لإستراتيجية ترامب الجديدة واضحة ومتجسدة في عدم الاعتراف بالاتفاق النووي الإيراني"، هكذا أشار ليو باو لاي.

وشاطره الرأى تشن تشي روي البروفيسور في معهد الشؤون الخارجية الصيني، قائلا إن ترامب يعمل على حشد الدعم لسياسته إزاء إيران ولا يدخر جهدا في التودد لحلفائه التقليديين بالمنطقة لتشكيل تحالف مناهض لإيران، حيث يعكف بشكل حثيث على ترميم وتعزيز علاقاته مع حلفائه وإعادة بناء نظام الحلفاء مع اختياره للسعودية وإسرائيل كأول وجهتين في أول جولة خارجية له منذ توليه الرئاسة.

"أما على صعيد القضية الفلسطينية، فقد رفضت الإدارات الأمريكية المتعاقبة اتخاذ أي قرار بشأن القدس نظرا للحساسية الشديدة لوضع هذه المدينة المقدسة، ولكن ترامب ضرب بالعرف عرض الحائط حينما اعترف لأول مرة بالقدس عاصمة لإسرائيل وتوجيهه بنقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس"، هكذا ذكر تشن تشي روي.

وأشار تشن تشي روي إلى أن السبب وراء خروج ترامب عن العرف يكمن في رغبته في الوفاء بوعوده الانتخابية واسترضاء اليهود، وهذا يصب بدوره في صالح حصوله على دعم اليهود داخليا ويساعد في الوقت ذاته على تقارب بلاده مع إسرائيل لإنشاء تحالف مناهض لإيران. بيد أن هذه الخطوة تنم على انحياز صارخ لإسرائيل وتأتي على حساب المصلحة الفلسطينية، وقد تدفع عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية إلى طريق مسدود.

-- تأثيرات وعواقب سياسة ترامب

تعليقا على سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط، قال جين تسان رونغ نائب رئيس كلية العلاقات الدولية بجامعة الشعب الصينية، إن سياسة ترامب هذه تعد تجسيدا واضحا لمبدأ "أمريكا أولا" الذي يركز على مصالح الولايات المتحدة، ملمحا إلى أن "ترامب يمتلك مهارة في افتعال التناقضات بين دول المنطقة واستخدامها بعد ذلك لخدمة المصالح الأمريكية".

وأضاف جين تسان رونغ أنه نظرا للوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، فسوف يكون لسياسة ترامب في هذه المنطقة سلسلة من التأثيرات،محذرا من أن أي مغامرة غير محسوبة العواقب في الشرق الأوسط من جانب ترامب قد تفضى إلى تفاقم الاضطرابات في هذه المنطقة الجيوسياسية الأكثر غليانا والأكثر تعقيدا من حيث تشابك مختلف الصراعات.

ويرى الخبير جين أنه عند تحليل أداء ترامب خلال العام الماضي، يتبين أن واشنطن تعمدت إثارة الفوضى في الشرق الأوسط بدلا من تهدئة الأوضاع ، والمثال على ذلك الأزمة الخليجية التي حدثت في يونيو الماضي حيث لم تقم الولايات المتحدة بتخفيف حدة الوضع بصفتها حليفا مشتركا للجانبين القطري والسعودي،بل انتهزت الفرصة لبيع الأسلحة للبلدين وترك الاحتكاكات الداخلية بين الدول العربية قائمة دون أن تلعب دورا بناء في حل الأزمة. أما بالنسبة لإيران، فقد تم نصب "علم العداء" تجاهها في المنطقة ولعبت أمريكا دور "صب الزيت على النار" لتدفع باتجاه تدهور العلاقة بين إيران والسعودية.

ويعتقد المحللون أن سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط تهدف في الأساس إلى استعادة نفوذ الولايات المتحدة هناك، لكنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية، ولا سيما في ضوء سلسلة من "تحركات الانسحاب" التي قام بها ترامب على الصعيد الدبلوماسي بعد توليه الرئاسة ومنها على سبيل المثال تحديه للاتفاق النووي الإيراني رغم المعارضة الواسعة لذلك من المجتمع الدولي، وخطوته بشأن وضع القدس التي قوبلت أيضا بمعارضة من غالبية بلدان العالم.

وفي هذا السياق، ذكر تشن تشي روي أن أسلوب ترامب في "عدم إتباع نهج عادي" قد يؤدى إلى إضعاف نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومن ثم اتساع هوة الثقة بينها وبين بلدان المنطقة، لافتا إلى أنه بين أيدي ترامب، قد تضيع المصالح الأمريكية طويلة الأجل نتيجة السعي إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى

إذا أردت ان تتصل بنا لتقديم اقتراح أو تصحيح خطأ، ارسل

البريد الإلكتروني إلي:xinhuanet_arabic@news.cn

arabic.news.cn

مقالة خاصة: ماذا قدم ترامب للشرق الأوسط في العام الأول من رئاسته؟

新华社 | 2018-01-10 15:37:18

بكين 10 يناير 2018 (شينخوا) بعد أيام وتحديدا في 20 يناير الجاري يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أكمل العام الأول له في الحكم. وطوال ذلك العام، كان أداؤه ونهجه فيما يتعلق بسياسته تجاه منطقة الشرق الأوسط محط اهتمام الكثيرين بل ومثار جدل المجتمع الدولي بأسره.

وتابع الخبراء الصينيون تحركات ترامب خلال الـ365 يوما الماضية حيث لاحظوا أن الملامح والخطوط العريضة لسياسته في الشرق الأوسط بدأت تتضح تدريجيا لتنبثق عن أسلوب شخصي مختلف عن أسلافه ووضع لايزال مضطربا بالمنطقة وسمة سائدة تتمثل في التراجع النسبي في القوة الشاملة للولايات المتحدة، مشيرين إلى أن ترامب لم يجلب للمنطقة - بخلاف النجاح في مكافحة الإرهاب- أي خير، وإنما حمل في جعبته سياسات وقرارات فاقمت من الفوضى في إقليم يواجه معضلات معقدة ومتشابكة.

-- نقطة الاختلاف في سياسة ترامب

يرى ليو باو لاي، الذي سبق أن عمل سفيرا للصين لدى الإمارات والأردن، أن سياسة إدارة ترامب في التعامل مع شؤون الشرق الأوسط ليست سوى استمرارية للسياسة التي انتهجتها إدارة سلفه أوباما ولكن مع إدخال بعض التغييرات حيث ظلت النغمة الأساسية لها متمثلة في انكماش إستراتيجي واضح مع اتخاذ مكافحة الجماعات الإرهابية أولوية أساسية، منوها إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران هي الجانب الذي طاله التغيير وطغت عليه أفكار ترامب الجديدة.

وعن هذا التحول، قال ليو باو لاي إن ترامب اتخذ موقفا متشددا وتبني لهجة صارمة تجاه إيران متخليا بذلك عن نهج أوباما الذي شهد تحسنا في العلاقات مع إيران وتخفيفا للعقوبات المفروضة عليها وتقييدا لبرنامجها النووي عبر اتفاق شامل، حيث تعتقد الولايات المتحدة وفقا لما تمليه الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه إيران أن السلطات الإيرانية سلطات ديكتاتورية تقدم الدعم لتنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرهما من المنظمات الإرهابية بهدف تخريب المنطقة وزعزعة استقرارها وإثارة العنف الطائفي في العراق وحروب في اليمن وسوريا.

"لذلك، فإن السياسة الأمريكية تجاه إيران تهدف إلى ردع أي عمل عدائي إيراني وضمان عدم امتلاك إيران إطلاقا لأسلحة نووية. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، ستبقى الولايات المتحدة وحلفاؤها على تعاون بيني في هذا الصدد وتواصل تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، وقطع كل الطرق أمام امتلاك إيران لسلاح نووي. ومن ثم، جاءت النتيجة المباشرة لإستراتيجية ترامب الجديدة واضحة ومتجسدة في عدم الاعتراف بالاتفاق النووي الإيراني"، هكذا أشار ليو باو لاي.

وشاطره الرأى تشن تشي روي البروفيسور في معهد الشؤون الخارجية الصيني، قائلا إن ترامب يعمل على حشد الدعم لسياسته إزاء إيران ولا يدخر جهدا في التودد لحلفائه التقليديين بالمنطقة لتشكيل تحالف مناهض لإيران، حيث يعكف بشكل حثيث على ترميم وتعزيز علاقاته مع حلفائه وإعادة بناء نظام الحلفاء مع اختياره للسعودية وإسرائيل كأول وجهتين في أول جولة خارجية له منذ توليه الرئاسة.

"أما على صعيد القضية الفلسطينية، فقد رفضت الإدارات الأمريكية المتعاقبة اتخاذ أي قرار بشأن القدس نظرا للحساسية الشديدة لوضع هذه المدينة المقدسة، ولكن ترامب ضرب بالعرف عرض الحائط حينما اعترف لأول مرة بالقدس عاصمة لإسرائيل وتوجيهه بنقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس"، هكذا ذكر تشن تشي روي.

وأشار تشن تشي روي إلى أن السبب وراء خروج ترامب عن العرف يكمن في رغبته في الوفاء بوعوده الانتخابية واسترضاء اليهود، وهذا يصب بدوره في صالح حصوله على دعم اليهود داخليا ويساعد في الوقت ذاته على تقارب بلاده مع إسرائيل لإنشاء تحالف مناهض لإيران. بيد أن هذه الخطوة تنم على انحياز صارخ لإسرائيل وتأتي على حساب المصلحة الفلسطينية، وقد تدفع عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية إلى طريق مسدود.

-- تأثيرات وعواقب سياسة ترامب

تعليقا على سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط، قال جين تسان رونغ نائب رئيس كلية العلاقات الدولية بجامعة الشعب الصينية، إن سياسة ترامب هذه تعد تجسيدا واضحا لمبدأ "أمريكا أولا" الذي يركز على مصالح الولايات المتحدة، ملمحا إلى أن "ترامب يمتلك مهارة في افتعال التناقضات بين دول المنطقة واستخدامها بعد ذلك لخدمة المصالح الأمريكية".

وأضاف جين تسان رونغ أنه نظرا للوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، فسوف يكون لسياسة ترامب في هذه المنطقة سلسلة من التأثيرات،محذرا من أن أي مغامرة غير محسوبة العواقب في الشرق الأوسط من جانب ترامب قد تفضى إلى تفاقم الاضطرابات في هذه المنطقة الجيوسياسية الأكثر غليانا والأكثر تعقيدا من حيث تشابك مختلف الصراعات.

ويرى الخبير جين أنه عند تحليل أداء ترامب خلال العام الماضي، يتبين أن واشنطن تعمدت إثارة الفوضى في الشرق الأوسط بدلا من تهدئة الأوضاع ، والمثال على ذلك الأزمة الخليجية التي حدثت في يونيو الماضي حيث لم تقم الولايات المتحدة بتخفيف حدة الوضع بصفتها حليفا مشتركا للجانبين القطري والسعودي،بل انتهزت الفرصة لبيع الأسلحة للبلدين وترك الاحتكاكات الداخلية بين الدول العربية قائمة دون أن تلعب دورا بناء في حل الأزمة. أما بالنسبة لإيران، فقد تم نصب "علم العداء" تجاهها في المنطقة ولعبت أمريكا دور "صب الزيت على النار" لتدفع باتجاه تدهور العلاقة بين إيران والسعودية.

ويعتقد المحللون أن سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط تهدف في الأساس إلى استعادة نفوذ الولايات المتحدة هناك، لكنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية، ولا سيما في ضوء سلسلة من "تحركات الانسحاب" التي قام بها ترامب على الصعيد الدبلوماسي بعد توليه الرئاسة ومنها على سبيل المثال تحديه للاتفاق النووي الإيراني رغم المعارضة الواسعة لذلك من المجتمع الدولي، وخطوته بشأن وضع القدس التي قوبلت أيضا بمعارضة من غالبية بلدان العالم.

وفي هذا السياق، ذكر تشن تشي روي أن أسلوب ترامب في "عدم إتباع نهج عادي" قد يؤدى إلى إضعاف نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومن ثم اتساع هوة الثقة بينها وبين بلدان المنطقة، لافتا إلى أنه بين أيدي ترامب، قد تضيع المصالح الأمريكية طويلة الأجل نتيجة السعي إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل.

الصور

010020070790000000000000011100001368851701