مقالة خاصة: تونس بعد سبع سنوات من انتفاضة الحرية والكرامة، هل يعيد التاريخ نفسه؟

13:57:31 13-01-2018 | Arabic. News. Cn

بكين 13 يناير 2018 (شينخوا)يصادف الـ 14 من يناير، الذكرى السابعة لسقوط نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، إثر اندلاع أولى انتفاضات "الربيع العربي" في عام 2011، في وقت تشهد فيه تونس حاليا تجدد الاحتجاجات التي ترفع نفس المطالب تقريبا.

اندلعت انتفاضة "الحرية والكرامة" التونسية في 2011 ثم امتدت إلى دول أخرى بمنطقة الشرق الأوسط مثل مصر وليبيا واليمن وسوريا، ولم تنته هذه الفوضى حتى الآن . أما تونس، فحققت انتقالا سياسيا سلميا فيما بعد. ولكن، الأزمة الاقتصادية العميقة، والهجمات الإرهابية العديدة والصراع مع التطرف، قد أدت إلى تباطؤ الانتعاش .

وينظر الغرب إلى تونس باعتبارها النجاح الوحيد بين دول ما يسمى بانتفاضات الربيع العربي التي حدثت في 2011، لكن الحكومات التونسية المتعاقبة منذ ذلك الحين، لم تتمكن من معالجة المشكلات الاقتصادية المتفاقمة.

في عام 2012، كان 62% من التونسيين يشعرون بالتفاؤل تجاه المستقبل، حسب استطلاع معهد الجمهورية الدولي. ولكن، الاحتجاجات في تونس صارت أكثر فأكثر منذ عام 2015، وارتفعت درجة الاستياء الاجتماعي بشكل سريع.

إن كرة الثلج تتدحرج وتكبر نتيجة الغضب وخيبة الأمل لدى الشعب التونسي، مع تفاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي.

لقد طالب المحتجون بـ "العمل، الحرية، الكرامة الوطنية"، ورددوا تلك الشعارات في الشوارع التونسية مع انطلاق ثورة 2011. فهل سيعاد سيناريو ما قبل 7 سنوات؟

وبين هذا الطرف وذاك، تختلف وسائل الاحتجاج وتتنوع تبريرات مواجهتها؛ فقد أعلن العميد خليفة الشيباني، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، في تصريحات بثتها إذاعات محلية تونسية يوم الجمعة أن عدد المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الأخيرة، قد بلغ أكثر من 750 معتقلا في مختلف مناطق البلاد ، منهم 150شخصا تم اعتقالهم ليلة الخميس-الجمعة بتهم التخريب والسرقة وتهديد الأمن العام.

وأضاف أن 90 % من المعتقلين لا تتجاوز أعمارهم 30 سنة، "ما يعطي انطباعا بأن أهداف المعتقلين ليست الاحتجاج السلمي بل ممارسة أعمال السرقة والنهب وتهديد الممتلكات العامة والخاصة"، على حد قوله.

ووجّه رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد، اتهاما إلى "الجبهة الشعبية" وهي ائتلاف المعارضة الرئيسي في تونس، بعدم التحلي بالمسؤولية، والتحريض على الفوضى.

أما على جانب المعارضة، فقد اعتبرت هندة الشناوي، أحد مؤسسي حركة "فاش نستناو؟ " (ماذا ننتظر؟( الشبابية الجديدة المعارضة، أن التاريخ يعيد نفسه، وأسلوب الحكومة الحالية يشبه أسلوب نظام الرئيس الأسبق بن علي في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، قائلة "لقد تعودنا على شيطنة التحركات الاجتماعية في تونس، وها هي الحكومة تقوم بتجريمنا وتعاملنا كما لو كنا مخربين ولصوص."

وتشهد تونس منذ الاثنين الماضي مظاهرات ومسيرات غاضبة للتنديد بقانون المالية للعام 2018، الذي تضمن زيادة في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية ، بما فيها الدواء، حيث تقول الحكومة إنها ضرورية لخفض عجز الموازنة.

وتطورت تلك المظاهرات لتتحول إلى حراك احتجاجي واسع، شمل غالبية مدن المحافظات التونسية، تخللته مواجهات عنيفة مع قوات الأمن التي لجأت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

وأمام اتساع رقعة المواجهات، اضطرت السلطات التونسية إلى الدفع بالجيش الذي انتشرت وحداته في عدد من المدن والقرى لحماية المقرات الحكومية والمؤسسات والمنشآت الحيوية.

أما الفساد باعتباره الآفة الخطيرة، فتستمر السجالات حوله بين الحكومة والمعارضة، ويستمر معها غضب الشارع التونسي الذي تمسه هذه الآثار المقلقة يوميا، مع حديث عن فقدان الاقتصاد 20% من ناتجه القومي.

أشار تشانغ يو يو، الباحث بمعهد شؤون الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، إلى أن الأزمة الاقتصادية ،وخاصة الفجوة الكبيرة بين المحافظات الساحلية والداخلية، هي السبب الرئيسي لتفجر الاحتجاجات الأخيرة في تونس.

حسب البيانات الاقتصادية ، ظل معدل التضخم عند حوالي6.4، وتجاوز معدل البطالة 15%، وبلغ معدل البطالة للخريجين الجامعيين 30%.

وحسب بيانات معهد الجمهورية الدولي فإنه في نهاية عام 2016، كانت اهتمامات التونسيين تتركز على الاقتصاد ومشاريع إصلاح البنية التحتية، حيث أعرب 42% من التونسيين عن أن "الاقتصاد" هو أكثر القضايا إلحاحا، بينما اختار 20% من التونسيين "البنية التحتية المتخلفة" كأولوية هامة يجب معالجتها.

وبين ما حدث قبل 7 سنوات، والتغيرات الحاصلة حاليا على الساحة التونسية والإقليمية والدولية، يرى تشانغ يو يو، أن مطالب التظاهرات الأخيرة، قريبة من تلك الفترة، ولكن الظروف الخارجية قد تغيرت كثيرا بعد سنوات من الاضطرابات والحروب التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط ، مضيفا أن اقتصاد تونس كان يعتمد بدرجة كبيرة على السياحة التي لم تنتعش من تأثيرات الهجمات الإرهابية في عام 2015، كما أن الدول الأوروبية ، باعتبارها المصدر الرئيسي للسياحة في تونس، تعاني هي الأخرى من تراجع اقتصادي، الأمر الذي يقلل عدد السياح إلى تونس.

ومضى الباحث تشانغ يقول إنه ما لم يطرأ تحسن ملحوظ على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، وتتهيأ فرص العمل لشريحة واسعة من الناس، لاسيما الشباب والخريجين، ويشعر الناس فعلا بكرامة حياة مضمونة، فلا يمكن ضمان إخماد مثل هذه الاحتجاجات أو كبح تجددها بين الحين والآخر، مهما تنوعت الحكومات ورئاساتها، ومهما اختلفت الوجوه، فإن الأوضاع ستستمر في التفاقم، وسيستمر حراك الشارع ، وسيبقى الناس يطالبون بحقوقهم التي ينبغي أن تبقى ضمن المشروع والعقلاني .

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى

إذا أردت ان تتصل بنا لتقديم اقتراح أو تصحيح خطأ، ارسل

البريد الإلكتروني إلي:xinhuanet_arabic@news.cn

arabic.news.cn

مقالة خاصة: تونس بعد سبع سنوات من انتفاضة الحرية والكرامة، هل يعيد التاريخ نفسه؟

新华社 | 2018-01-13 13:57:31

بكين 13 يناير 2018 (شينخوا)يصادف الـ 14 من يناير، الذكرى السابعة لسقوط نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، إثر اندلاع أولى انتفاضات "الربيع العربي" في عام 2011، في وقت تشهد فيه تونس حاليا تجدد الاحتجاجات التي ترفع نفس المطالب تقريبا.

اندلعت انتفاضة "الحرية والكرامة" التونسية في 2011 ثم امتدت إلى دول أخرى بمنطقة الشرق الأوسط مثل مصر وليبيا واليمن وسوريا، ولم تنته هذه الفوضى حتى الآن . أما تونس، فحققت انتقالا سياسيا سلميا فيما بعد. ولكن، الأزمة الاقتصادية العميقة، والهجمات الإرهابية العديدة والصراع مع التطرف، قد أدت إلى تباطؤ الانتعاش .

وينظر الغرب إلى تونس باعتبارها النجاح الوحيد بين دول ما يسمى بانتفاضات الربيع العربي التي حدثت في 2011، لكن الحكومات التونسية المتعاقبة منذ ذلك الحين، لم تتمكن من معالجة المشكلات الاقتصادية المتفاقمة.

في عام 2012، كان 62% من التونسيين يشعرون بالتفاؤل تجاه المستقبل، حسب استطلاع معهد الجمهورية الدولي. ولكن، الاحتجاجات في تونس صارت أكثر فأكثر منذ عام 2015، وارتفعت درجة الاستياء الاجتماعي بشكل سريع.

إن كرة الثلج تتدحرج وتكبر نتيجة الغضب وخيبة الأمل لدى الشعب التونسي، مع تفاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي.

لقد طالب المحتجون بـ "العمل، الحرية، الكرامة الوطنية"، ورددوا تلك الشعارات في الشوارع التونسية مع انطلاق ثورة 2011. فهل سيعاد سيناريو ما قبل 7 سنوات؟

وبين هذا الطرف وذاك، تختلف وسائل الاحتجاج وتتنوع تبريرات مواجهتها؛ فقد أعلن العميد خليفة الشيباني، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، في تصريحات بثتها إذاعات محلية تونسية يوم الجمعة أن عدد المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الأخيرة، قد بلغ أكثر من 750 معتقلا في مختلف مناطق البلاد ، منهم 150شخصا تم اعتقالهم ليلة الخميس-الجمعة بتهم التخريب والسرقة وتهديد الأمن العام.

وأضاف أن 90 % من المعتقلين لا تتجاوز أعمارهم 30 سنة، "ما يعطي انطباعا بأن أهداف المعتقلين ليست الاحتجاج السلمي بل ممارسة أعمال السرقة والنهب وتهديد الممتلكات العامة والخاصة"، على حد قوله.

ووجّه رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد، اتهاما إلى "الجبهة الشعبية" وهي ائتلاف المعارضة الرئيسي في تونس، بعدم التحلي بالمسؤولية، والتحريض على الفوضى.

أما على جانب المعارضة، فقد اعتبرت هندة الشناوي، أحد مؤسسي حركة "فاش نستناو؟ " (ماذا ننتظر؟( الشبابية الجديدة المعارضة، أن التاريخ يعيد نفسه، وأسلوب الحكومة الحالية يشبه أسلوب نظام الرئيس الأسبق بن علي في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، قائلة "لقد تعودنا على شيطنة التحركات الاجتماعية في تونس، وها هي الحكومة تقوم بتجريمنا وتعاملنا كما لو كنا مخربين ولصوص."

وتشهد تونس منذ الاثنين الماضي مظاهرات ومسيرات غاضبة للتنديد بقانون المالية للعام 2018، الذي تضمن زيادة في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية ، بما فيها الدواء، حيث تقول الحكومة إنها ضرورية لخفض عجز الموازنة.

وتطورت تلك المظاهرات لتتحول إلى حراك احتجاجي واسع، شمل غالبية مدن المحافظات التونسية، تخللته مواجهات عنيفة مع قوات الأمن التي لجأت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

وأمام اتساع رقعة المواجهات، اضطرت السلطات التونسية إلى الدفع بالجيش الذي انتشرت وحداته في عدد من المدن والقرى لحماية المقرات الحكومية والمؤسسات والمنشآت الحيوية.

أما الفساد باعتباره الآفة الخطيرة، فتستمر السجالات حوله بين الحكومة والمعارضة، ويستمر معها غضب الشارع التونسي الذي تمسه هذه الآثار المقلقة يوميا، مع حديث عن فقدان الاقتصاد 20% من ناتجه القومي.

أشار تشانغ يو يو، الباحث بمعهد شؤون الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، إلى أن الأزمة الاقتصادية ،وخاصة الفجوة الكبيرة بين المحافظات الساحلية والداخلية، هي السبب الرئيسي لتفجر الاحتجاجات الأخيرة في تونس.

حسب البيانات الاقتصادية ، ظل معدل التضخم عند حوالي6.4، وتجاوز معدل البطالة 15%، وبلغ معدل البطالة للخريجين الجامعيين 30%.

وحسب بيانات معهد الجمهورية الدولي فإنه في نهاية عام 2016، كانت اهتمامات التونسيين تتركز على الاقتصاد ومشاريع إصلاح البنية التحتية، حيث أعرب 42% من التونسيين عن أن "الاقتصاد" هو أكثر القضايا إلحاحا، بينما اختار 20% من التونسيين "البنية التحتية المتخلفة" كأولوية هامة يجب معالجتها.

وبين ما حدث قبل 7 سنوات، والتغيرات الحاصلة حاليا على الساحة التونسية والإقليمية والدولية، يرى تشانغ يو يو، أن مطالب التظاهرات الأخيرة، قريبة من تلك الفترة، ولكن الظروف الخارجية قد تغيرت كثيرا بعد سنوات من الاضطرابات والحروب التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط ، مضيفا أن اقتصاد تونس كان يعتمد بدرجة كبيرة على السياحة التي لم تنتعش من تأثيرات الهجمات الإرهابية في عام 2015، كما أن الدول الأوروبية ، باعتبارها المصدر الرئيسي للسياحة في تونس، تعاني هي الأخرى من تراجع اقتصادي، الأمر الذي يقلل عدد السياح إلى تونس.

ومضى الباحث تشانغ يقول إنه ما لم يطرأ تحسن ملحوظ على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، وتتهيأ فرص العمل لشريحة واسعة من الناس، لاسيما الشباب والخريجين، ويشعر الناس فعلا بكرامة حياة مضمونة، فلا يمكن ضمان إخماد مثل هذه الاحتجاجات أو كبح تجددها بين الحين والآخر، مهما تنوعت الحكومات ورئاساتها، ومهما اختلفت الوجوه، فإن الأوضاع ستستمر في التفاقم، وسيستمر حراك الشارع ، وسيبقى الناس يطالبون بحقوقهم التي ينبغي أن تبقى ضمن المشروع والعقلاني .

الصور

010020070790000000000000011101421368929301