الجزائر 11 فبراير 2018 (شينخوا) بمئذنته الأطول في العالم، يرتفع "المسجد الكبير" الذي تشيده الجزائر على الساحل الشمالي للبلاد، كتحفة معمارية ينشط أكثر من 2000 مهندس وعامل صيني على قدم وساق لانجازها.
وتتراءى للمرء مباني المشروع مترامية الأطراف، على بعد عشرات الكيلومترات، وسيكون عند انجازه أكبر مسجد في إفريقيا وثالث مسجد في العالم من حيث المساحة بعد الحرم المكي والمسجد النبوي بالسعودية.
ويضم المسجد أطول مئذنة في العالم بارتفاع يصل إلى 270 مترا، وهي تشكل بحسب السلطات الجزائرية رمزا للجزائر المسلمة وتتويجا لتضحيات الشعب الجزائري عبر تاريخه الحافل بنصرة الإسلام.
هذا المشروع الضخم بأبعاده السياسية والحضارية والثقافية، لم يكن ليمنح إلا إلى شركة قادرة على التحدي، لذا لم تكن مصادفة أن يقع الإختيار على ((الشركة الوطنية الصينية للبناء والهندسة)) أو (سي اس سي يى سي).
فقد برهنت هذه الشركة الموجودة في الجزائر منذ أكثر من 30 عاما، على كفاءتها في بناء الوحدات السكنية والطرقات الكبيرة والجسور والمدارس والمستشفيات.
ومن أجل تسليم هذا المشروع الذي تعتبره السلطات الجزائرية حيويا، فإن 2300 مهندس وعامل صينى يعملون على إنجازه بوتيرة سريعة خصوصا وأن المشروع سجل تأخرا بسبب تعقيداته وكذلك بسبب الأزمة المالية التي تشهدها الجزائر جراء تراجع عائدات البلاد من النفط بعد انهيار أسعاره في السوق العالمية منذ 2014.
وقال رئيس المشروع وانغ ليانغتسو إنه "مع نهاية العام 2018 فإنكم ستلاحظون انتهاء كل الأشغال في الواجهة الخارجية للجامع الكبير".
وأكد وانغ في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) أنه من أجل استدراك الوقت الضائع فإنه "فرض على العمال وتيرة أسرع لإتمام الأشغال إلى درجة أنهم لن يمنحوا سوى يومين راحة فقط في عطلة الربيع، وهم يعملون 24/24 بالمناوبة إلا في حالة سوء الأحوال الجوية".
من جهته، قال المدير بالنيابة لقسم التخطيط الخاص بجامع الجزائر كي ساوو، "إنه لم تبق سوى أعمال التزيين داخل الجامع والتي ستتم بالتعاون مع شركائنا الجزائريين والأوروبيين بشأن الدراسات وأنماط التزيين".
ولايبعد المسجد سوى كيلومترا واحدا عن شاطئ البحر، ويقع في منطقة وسط بين مطار الجزائر الدولي ومدينة الجزائر العاصمة.
وتمنح الرؤية من مئذنة المسجد على علو 37 طابقا، فرصة مشاهدة صورة بانورامية لمن يريد التعرف على العاصمة وجوارها بكل أبعادها الجمالية والعمرانية والبحرية والزراعية والمدنية.
فخليج العاصمة الجزائر يتراءى للمشاهد من السماء كما لم يراه من قبل وكذلك البحر المتوسط بمياهه الزرقاء وسفنه المبعثرة هنا وهناك، محملة بشتى البضائع تنتظر دورها لإفراغ حمولتها بميناء العاصمة التجاري.
كما تتيح المئذنة موقعا لاكتشاف المناطق الخضراء داخل العاصمة والأشجار المثمرة بالرغم من زحف البنايات الجديدة التي أخذت حيزا كبيرا من العاصمة الجزائر منذ الاستقلال العام 1962، وكل شبر من العاصمة متاح تصويره، الساحات ومدينة القصبة العتيقة بأعالي العاصمة وفندق الأوراسي الكبير وكنيسة السيدة الأفريقية المطلة على خليج الجزائر من الناحية الغربية.
وفي الوقت الذي كان فيه فريق عمل ((شينخوا)) يقوم بعمله والتقاط الصور من كل جهة في جامع الجزائر، بدا العمال منهمكين في إنجاز أعمالهم لأنه لا وقت لديهم يضيعونه بحسب كي ساوو.
وقال كي إن فريقا من العمال يقوم حاليا بطلاء القبة الكبيرة للجامع، وهذا العمل الصعب يتم بواسطة منصة معلقة على علو 33.6 متر، وهذه براعة تقنية في حد ذاتها في مجال البناء والهندسة المدنية.
وفوق سطح قاعة الصلاة أي على علو 40 مترا، وقف مهندس معماري جزائري شاب يدعى علي جمعة، يتابع إنجاز واجهات قاعة الصلاة في تجربة غير متوقعة بالنسبة له كما أكد لـ ((شينخوا)).
وشرح علي كيف أنه يمكن لأشعة الشمس إضاءة قاعة الصلاة بواسطة نظام من العاكسات المثبتة داخل القبة وخارجها، فضلا عن وجود نظام لجمع مياه الأمطار توجه لسقي حدائق الجامع خصوصا وأن الجزائر تقع في منطقة شبه جافة.
وسيمكن لهذه التحفة المعمارية الممتدة على مساحة 20 هكتارا، استقبال 120 ألف مصل.
وسيضم الجامع عدة مباني مستقلة، منها قاعة للمحاضرات، ومتحف للتاريخ الإسلامي، ومركز للبحوث حول تاريخ الجزائر، ودار للقرآن، ومحلات تجارية، ومطعم ومكتبة ومرآب يسع سبعة آلاف سيارة ومباني إضافية مخصصة لأمن وصيانة الجامع.