تحقيق إخباري: تزايد عمالة الكهول بسبب الفقر شرقي العراق

20:00:07 12-02-2018 | Arabic. News. Cn

بعقوبة، العراق 12 فبراير 2018 (شينخوا) تشهد أغلب مدن محافظة ديالى شرقي العراق تزايد عمالة الكهول بسبب ارتفاع معدلات الفقر الحاد خاصة في المناطق المحررة ما شكل مأساة انسانية لشريحة في خريف العمر، ما دفع بعض الشباب إلى التخلي عن بعض فرص العمل لافساح المجال امام هؤلاء الكهول لكسب الرزق.

وقال منذر حيدر البالغ من العمر (64 سنة) لوكالة انباء (شينخوا) اثناء وقوفه قرب عربة خشبية صغيرة في اطراف سوق بعقوبة، مركز محافظة ديالى "انا رب اسرة فقيرة جدا ليس لدي اية وظيفة او راتب تقاعدي لذا فانا اعتمد على مهنة العتال في تأمين لقمة الخبز منذ سنوات".

وتابع حيدر، الذي يعاني من الالام في الظهر تصيبه بين الحين والاخر، ورب لاسرة مكونة من خمسة اشخاص ان " الفقر الحاد هو من دفعني للعمل وانا في خريف العمر".

واضاف "المسؤولية تفرض علينا ان نعمل الى اخر دقيقة في اعمارنا، وان نتحمل الالام والتعب، نحن البسطاء اذا لم نعمل نموت".

اما ابو اركان البالغ من العمر (60 سنة) فقال وهو يقوم بحمل البضائع في سوق الكهربائيات وسط بعقوبة" كان عندي محل متواضع في اطراف جلولاء (70 كلم) شمال شرق بعقوبة واحرقه تنظيم داعش الارهابي وفجر منزلي ففقدت كل شيء بلحظات واصبحت فقيرا لا املك اي شيء".

واضاف ان " الفقر هو من دفعني للعمل وانا في هذا السن، في مهنة لاتتلائم مع عمري، ولكن ما باليد حيلة علينا العمل من اجل تأمين لقمة الخبز".

إلى ذلك، أشار ابو حسن وهو عامل نظافة بعقد مؤقت في اطراف بعقوبة ويبلغ من العمر (58 سنة) الى ان الانسان بعمره لابد ان يتقاعد ويرتاح، لكن الحال مختلف بالنسبة له فقد اصبح عامل نظافة يعمل في مهنة شاقة للغاية لساعات طويلة مقابل دنانير معدودة لاجل اعالة اسرته الفقيرة.

وواصل ابو حسن حديثة قائلا إن " عمالة الكهول من كبار السن منتشرة في محافظة ديالى خاصة بين النازحين من ضحايا تنظيم داعش الارهابي من اجل تأمين لقمة خبز لعوائلهم"، معربا عن امنياته بان يساهم مؤتمر اعمار العراق في الكويت بمساعدة النازحين وتعمير مناطقهم وخاصة المنازل لكي يعودوا إلى ديارهم.

من جانبه، قال عدي عبدالله وهو شاب يعمل في مهنة البناء ببعقوبة "قبل اسابيع تخليت عن فرصتي بالعمل في منزل سكني لاجل رجل مسن نازح رغم اني كنت بحاجة ماسة للمال، ولكني تصرفت وفق مبدأ انساني كونه اكثر حاجة مني".

واضاف عبدالله ان " فرص المسنين في العمل بمهن شاقة ومنها البناء شبه معدومة لانها تحتاج إلى نشاط وقوة الشباب، واغلب المقاولين لايرغبون بوجود المسنين في العمل، لكن نبادر في بعض الاحيان إلى تشغيلهم استجابة لاوضاعهم الانسانية".

بدوره، قال كريم الشمري (29 سنة) صاحب مخزن لبيع المواد الغذائية في بعقوبة إن " عمالة الكهولة لم تعد حالات فردية بل تعدت ذلك، وهناك العشرات من المسنين تجدهم يبحثون عن العمل في الاسواق والمحال وبشتى المجالات بحثا عن لقمة الخبز".

واعرب الشمري عن تعاطفه وشفقته على بعض هؤلاء الكبار في السن ما يدفعه إلى توفير فرصة عمل مؤقتة في بعض الاحيان قائلا "إن وضعهم الصحي صعب بسبب الامراض المزمنة التي يعانون منها،، انها بالفعل مأساة انسانية".

على صعيد آخر، أشارت عضو مجلس ديالى نجاة الطائي إلى ان معدلات الفقر في ديالى ارتفعت بسبب سيطرة التنظيم المتطرف على اجزاء واسعة منها، والتي دمرت مصادر معيشة عشرات الالاف من المواطنين وسببت اكبر حركة نزوح في تاريخ المحافظة.

واضافت الطائي ان " عمالة الكهول بالفعل مرتفعة في ديالى بسبب الفقر الحاد"، مؤكدة ان الكثير من الاسر فقدت شبابها في دوامة العنف والهجمات الارهابية ولم يبق سوى كبار السن فيها الذين تحملوا مشقة الانفاق على عوائلهم رغم انهم في سن لا يسمح لهم بالعمل في مهن كثيرة لكن ما باليد حيلة.

ووصفت الطائي عمل المسنين الذين تجاوزوا عقد الستين او السبعين من اعمارهم بانه ماساة انسانية، داعية إلى شمولهم قدر المستطاع ببرنامج الرعاية الاجتماعية، مبينة أن الامر يحتاج إلى جهود وصبر ومتابعة مع الجهات الحكومية المختصة.

من ناحية أخرى، قال حسن الربيعي خبير اقتصادي إن " تداعيات يونيو 2014 (سيطرة التنظيم المتطرف على اجزاء من المحافظة) كانت قاسية جدا وشكلت نقطة تحول في حياة عشرات الالاف من الاسر في عدة مدن وارياف وقرى بالمحافظة".

واضاف الربيعي ان " عمالة الكهولة ارتفعت بنسبة 90 بالمائة بعد احداث يونيو ولم تعد حالات فردية في مناطق بل ظاهرة ويمكن ملاحظتها من خلال الاسواق الشعبية التي تعج بهم بحثا عن فرص عمل".

ومضى يقول "إن اغلب المسنين الذين يبحثون عن عمل هم بالاساس ضحايا التطرف وحركة النزوح والتهجير القسري التي ضربت ديالى على مدار اعوام متتالية بعد 2003 "، واصفا عمالة الكهولة بانها صورة اخرى عن الماساة الانسانية لحرب التطرف والجريمة.

وانتقد الربيعي برنامج الرعاية الاجتماعية الحكومي الخاص بتوفير منح مالية للفقراء ومنهم المسنين قائلا "لا يتمكن هذا البرنامج من احتواء الجميع كما انه يحتاج إلى تغييرات وهذا الامر يحتاج إلى وقت طويل".

ويرى المراقبون ان حل هذه الظاهرة يستوجب جهود حكومية مع منظمات المجتمع المدني لاعادة النازحين واعادة اعمار منازلهم وتوفير فرص عمل تتناسب مع اعمارهم وقدراتهم، او توفير فرص عمل لبعض افراد هذه العوائل، من خلال تقديم القروض لفتح مشروع تجاري او صناعي صغير.

وتشير التقارير المحلية إلى أن معدلات الفقر في محافظة ديالى تجاوزات حاجز الـ30 بالمائة بينها 7 بالمائة يعانون من الفقر المدقع.

وكانت مدن وقصبات كبيرة في محافظة ديالى اجتاحها تنظيم داعش الارهابي بعد يونيو 2014 وسيطر عليها لعدة اسهر قبل ان تستعيدها القوات الامنية المشتركة، لكن هذه المناطق ما تزال تعاني من النقص الكبير في البنى التحتية وتحتاج إلى دعم حكومي كبير لاعادة اعمارها واعمار آلاف المنازل التي دمرت.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى

إذا أردت ان تتصل بنا لتقديم اقتراح أو تصحيح خطأ، ارسل

البريد الإلكتروني إلي:xinhuanet_arabic@news.cn

arabic.news.cn

تحقيق إخباري: تزايد عمالة الكهول بسبب الفقر شرقي العراق

新华社 | 2018-02-12 20:00:07

بعقوبة، العراق 12 فبراير 2018 (شينخوا) تشهد أغلب مدن محافظة ديالى شرقي العراق تزايد عمالة الكهول بسبب ارتفاع معدلات الفقر الحاد خاصة في المناطق المحررة ما شكل مأساة انسانية لشريحة في خريف العمر، ما دفع بعض الشباب إلى التخلي عن بعض فرص العمل لافساح المجال امام هؤلاء الكهول لكسب الرزق.

وقال منذر حيدر البالغ من العمر (64 سنة) لوكالة انباء (شينخوا) اثناء وقوفه قرب عربة خشبية صغيرة في اطراف سوق بعقوبة، مركز محافظة ديالى "انا رب اسرة فقيرة جدا ليس لدي اية وظيفة او راتب تقاعدي لذا فانا اعتمد على مهنة العتال في تأمين لقمة الخبز منذ سنوات".

وتابع حيدر، الذي يعاني من الالام في الظهر تصيبه بين الحين والاخر، ورب لاسرة مكونة من خمسة اشخاص ان " الفقر الحاد هو من دفعني للعمل وانا في خريف العمر".

واضاف "المسؤولية تفرض علينا ان نعمل الى اخر دقيقة في اعمارنا، وان نتحمل الالام والتعب، نحن البسطاء اذا لم نعمل نموت".

اما ابو اركان البالغ من العمر (60 سنة) فقال وهو يقوم بحمل البضائع في سوق الكهربائيات وسط بعقوبة" كان عندي محل متواضع في اطراف جلولاء (70 كلم) شمال شرق بعقوبة واحرقه تنظيم داعش الارهابي وفجر منزلي ففقدت كل شيء بلحظات واصبحت فقيرا لا املك اي شيء".

واضاف ان " الفقر هو من دفعني للعمل وانا في هذا السن، في مهنة لاتتلائم مع عمري، ولكن ما باليد حيلة علينا العمل من اجل تأمين لقمة الخبز".

إلى ذلك، أشار ابو حسن وهو عامل نظافة بعقد مؤقت في اطراف بعقوبة ويبلغ من العمر (58 سنة) الى ان الانسان بعمره لابد ان يتقاعد ويرتاح، لكن الحال مختلف بالنسبة له فقد اصبح عامل نظافة يعمل في مهنة شاقة للغاية لساعات طويلة مقابل دنانير معدودة لاجل اعالة اسرته الفقيرة.

وواصل ابو حسن حديثة قائلا إن " عمالة الكهول من كبار السن منتشرة في محافظة ديالى خاصة بين النازحين من ضحايا تنظيم داعش الارهابي من اجل تأمين لقمة خبز لعوائلهم"، معربا عن امنياته بان يساهم مؤتمر اعمار العراق في الكويت بمساعدة النازحين وتعمير مناطقهم وخاصة المنازل لكي يعودوا إلى ديارهم.

من جانبه، قال عدي عبدالله وهو شاب يعمل في مهنة البناء ببعقوبة "قبل اسابيع تخليت عن فرصتي بالعمل في منزل سكني لاجل رجل مسن نازح رغم اني كنت بحاجة ماسة للمال، ولكني تصرفت وفق مبدأ انساني كونه اكثر حاجة مني".

واضاف عبدالله ان " فرص المسنين في العمل بمهن شاقة ومنها البناء شبه معدومة لانها تحتاج إلى نشاط وقوة الشباب، واغلب المقاولين لايرغبون بوجود المسنين في العمل، لكن نبادر في بعض الاحيان إلى تشغيلهم استجابة لاوضاعهم الانسانية".

بدوره، قال كريم الشمري (29 سنة) صاحب مخزن لبيع المواد الغذائية في بعقوبة إن " عمالة الكهولة لم تعد حالات فردية بل تعدت ذلك، وهناك العشرات من المسنين تجدهم يبحثون عن العمل في الاسواق والمحال وبشتى المجالات بحثا عن لقمة الخبز".

واعرب الشمري عن تعاطفه وشفقته على بعض هؤلاء الكبار في السن ما يدفعه إلى توفير فرصة عمل مؤقتة في بعض الاحيان قائلا "إن وضعهم الصحي صعب بسبب الامراض المزمنة التي يعانون منها،، انها بالفعل مأساة انسانية".

على صعيد آخر، أشارت عضو مجلس ديالى نجاة الطائي إلى ان معدلات الفقر في ديالى ارتفعت بسبب سيطرة التنظيم المتطرف على اجزاء واسعة منها، والتي دمرت مصادر معيشة عشرات الالاف من المواطنين وسببت اكبر حركة نزوح في تاريخ المحافظة.

واضافت الطائي ان " عمالة الكهول بالفعل مرتفعة في ديالى بسبب الفقر الحاد"، مؤكدة ان الكثير من الاسر فقدت شبابها في دوامة العنف والهجمات الارهابية ولم يبق سوى كبار السن فيها الذين تحملوا مشقة الانفاق على عوائلهم رغم انهم في سن لا يسمح لهم بالعمل في مهن كثيرة لكن ما باليد حيلة.

ووصفت الطائي عمل المسنين الذين تجاوزوا عقد الستين او السبعين من اعمارهم بانه ماساة انسانية، داعية إلى شمولهم قدر المستطاع ببرنامج الرعاية الاجتماعية، مبينة أن الامر يحتاج إلى جهود وصبر ومتابعة مع الجهات الحكومية المختصة.

من ناحية أخرى، قال حسن الربيعي خبير اقتصادي إن " تداعيات يونيو 2014 (سيطرة التنظيم المتطرف على اجزاء من المحافظة) كانت قاسية جدا وشكلت نقطة تحول في حياة عشرات الالاف من الاسر في عدة مدن وارياف وقرى بالمحافظة".

واضاف الربيعي ان " عمالة الكهولة ارتفعت بنسبة 90 بالمائة بعد احداث يونيو ولم تعد حالات فردية في مناطق بل ظاهرة ويمكن ملاحظتها من خلال الاسواق الشعبية التي تعج بهم بحثا عن فرص عمل".

ومضى يقول "إن اغلب المسنين الذين يبحثون عن عمل هم بالاساس ضحايا التطرف وحركة النزوح والتهجير القسري التي ضربت ديالى على مدار اعوام متتالية بعد 2003 "، واصفا عمالة الكهولة بانها صورة اخرى عن الماساة الانسانية لحرب التطرف والجريمة.

وانتقد الربيعي برنامج الرعاية الاجتماعية الحكومي الخاص بتوفير منح مالية للفقراء ومنهم المسنين قائلا "لا يتمكن هذا البرنامج من احتواء الجميع كما انه يحتاج إلى تغييرات وهذا الامر يحتاج إلى وقت طويل".

ويرى المراقبون ان حل هذه الظاهرة يستوجب جهود حكومية مع منظمات المجتمع المدني لاعادة النازحين واعادة اعمار منازلهم وتوفير فرص عمل تتناسب مع اعمارهم وقدراتهم، او توفير فرص عمل لبعض افراد هذه العوائل، من خلال تقديم القروض لفتح مشروع تجاري او صناعي صغير.

وتشير التقارير المحلية إلى أن معدلات الفقر في محافظة ديالى تجاوزات حاجز الـ30 بالمائة بينها 7 بالمائة يعانون من الفقر المدقع.

وكانت مدن وقصبات كبيرة في محافظة ديالى اجتاحها تنظيم داعش الارهابي بعد يونيو 2014 وسيطر عليها لعدة اسهر قبل ان تستعيدها القوات الامنية المشتركة، لكن هذه المناطق ما تزال تعاني من النقص الكبير في البنى التحتية وتحتاج إلى دعم حكومي كبير لاعادة اعمارها واعمار آلاف المنازل التي دمرت.

الصور

010020070790000000000000011101421369702731