غزة 30 مارس 2018 (شينخوا) على الرغم من أنه كان من المفترض أن تسير (مسيرات العودة الكبرى) في غزة بشكل سلمي، إلا أنها تحولت إلى يوم دام بسبب المواجهات العنيفة مع الجيش الاسرائيلي على طول الشريط الحدودي، حيث أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 15 فلسطينيا وإصابة أكثر من 1400 آخرين.
ويعتبر اليوم (الجمعة) هو أول أيام الاعتصام الذي سيستمر لاكثر من 35 يوما للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على مغادرة مدنهم خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.
وانطلقت فعاليات اليوم بمناسبة حلول "يوم الأرض" الذي يحيي فيه الفلسطينيون ذكرى مقتل ستة فلسطينيين داخل الخط الأخضر برصاص الشرطة الإسرائيلية خلال مظاهرات العام 1976 احتجاجا على مصادرة الحكومة لأراضي في شمال إسرائيل.
ورغم ان فعاليات الاعتصام بدأت بشكل سلمي، الا ان هذا المشهد لم يستمر سوى بعض الوقت بعد أن أطلقت قوات من الجيش الإسرائيلي متمركزة خلف السياج الفاصل الرصاص الحي على مجموعات من المتظاهرين حاولوا الاقتراب من السياج الفاصل.
وصرح الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة لوكالة أنباء (شينخوا)، بأن تسعة فلسطينيين قتلوا خلال التظاهر قرب السياج الفاصل.
وأوضح القدرة أن القتلى هم: محمد كمال النجار وأمين منصور أبو معمر، ومحمد نعيم أبو عمرو وأحمد إبراهيم عودة وجهاد أحمد فرينة ومحمود سعدي رحمي وعبد الفتاح عبد النبي وإبراهيم صلاح أبو شعر وعبد القادر مرضي الحواجري.
وأضاف أن ثلاثة آخرين قتلوا في حادثتي قصف مدفعي إسرائيلي في جنوب وشمال قطاع غزة وهم وحيد نصر الله أبو سمور وساري وليد أبو عودة وحمدان إسماعيل أبو عمشة.
فيما قتل اثنان يتبعان لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بعد قصف مدفعي للجيش الاسرائيلي لبرج مراقبة لهم في بيت حانون شمال قطاع غزة.
وقال بيان صادر عن اللجنة التنسيقية لمسيرة العودة الكبرى إن إقدام الجيش الإسرائيلي على قمع المشاركين في مسيرة العودة السلمية بالقوة الجبرية واستخدام الرصاص الحي "جريمةً ضد الإنسانية وجريمة عدوان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية".
واتهم البيان الجيش الإسرائيلي بتعمد رفع وتيرة الاستخدام المفرط للقوة ضد المشاركين المدنيين العزل في مسيرة العودة في قطاع غزة "ما يدلل على أن دولة الاحتلال تتصرف على أنها دولة فوق القانون".
وكانت اللجنة التنسيقية، المشكلة من الفصائل الفلسطينية ومؤسسات حقوقية وقطاعات شعبية وشبابية، منذ عدة أسابيع لاعتصام شعبي ضمن (مسيرة العودة الكبرى) ابتداء من اليوم.
وتم نصب مئات الخيام في خمس مناطق رئيسية على الأقل شرق قطاع غزة بما في ذلك دورات مياه وتحضير وجبات طعام بهدف تشجيع المشاركين على الاستمرار في الاعتصام.
وتولى شبان تحضير القهوة على الطريقة العربية التقليدية.
وحملت بعض الخيام أسماء القرى التي ينحدر منها اللاجئون الفلسطينيون.
وتوافدت عائلات بأكملها تضم أفراد من جميع الأعمار للمشاركة في (مسيرات العودة الكبرى) وهي فكرة أطلقتها شخصيات أكاديمية وحقوقية وتبنتها لاحقا الفصائل الفلسطينية.
وقال أبو حسام عبيد (55 عاما) لوكالة أنباء (شينخوا)، إنه حضر مع زوجته وأبنائه للمطالبة بحقهم في العودة إلى أرض والده وأجداده التي هجروا منها قسرا العام 1948.
وأضاف عبيد بنبرات من التحدي "حضرنا هنا لإيصال رسالة للعالم وإسرائيل مغتصبة الأرض الفلسطينية بأننا نتواجد ..وباقون على العهد وكلنا أمل بالعودة إلى بلادنا وديار الآباء والأجداد قريبا".
ولا توجد تقديرات عملية بإمكانية نجاح أن يعود عبيد وأمثاله من اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم لكن الرجل عبر عن فرحته لمجرد تواجده عند أقرب نقطة إلى مدينته الأصلية المجدل.
وقالت سيدة تدعى أم عمر (41 عاما) "عندما هجرت إسرائيل أجدادنا حولتهم إلى مشردين في خيام ونحن سنرجع إلى أراضينا انطلاقا من الخيام أيضا".
وأضافت "تواجدنا اليوم على الحدود بالقرب من قرانا وبلداتنا الأصيلة هو شعور بالفرحة نتنفس هوائها ونحزن على عدم تمكننا من الوصول إليها بفعل الاحتلال الإسرائيلي".
وكان لافتا تواجد قيادات الفصائل الفلسطينية ضمن المعتصمين وهي المرة الأولى التي يشاهدون فيها على مقربة من السياج الفاصل مع إسرائيل.
وأدى المعتصمون صلاة الجمعة داخل الخيام فيما بشر الخطباء الفلسطينيين بالنصر مع إصرارهم على التمسك بحقوقهم وحثوا على الثقة في ذلك.
رغم احتدام المواجهات بين المتظاهرين و الجنود الاسرائيليين، سار المسن أبو أدهم درابية متكئا على عكازه على مقربة من السياج الفاصل وهو يلوح بأصابعه بإشارة النصر.
وقال درابية "تواجدنا اليوم على حدود قطاع غزة وبالقرب من قرانا الأصيلة يوم نصر وعيد ونتمنى أن ندوسها بأقدامنا قريبا تجسيدا لحقنا في العودة".
وأضاف "إنا من مواليد قرية سمسمة داخل فلسطين ولن أقبل بأقل من أن أرجع لها مهما طال الزمن وإن لم أتمكن من ذلك فأبنائي وأحفادي لن يتنازلوا".
وتابع متحديا "سنواصل اعتصامنا وتظاهراتنا حتى تحقيق حلم العودة مهما كلفنا ذلك من تضحيات ودماء".
وقال المتحدث باسم الفعالية أحمد أبو رتيمة ل((شينخوا))، إن "الاعتصام السلمي على طول الحدود جاء للمطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية بالعيش بحرية وكرامة".
وأضاف أبو رتيمة "حاول الاحتلال من خلال رسالته الإرهابية الدموية واستهداف المعتصمين سلميا بث الخوف والترهيب في نفوس الفلسطينيين لثنيهم عن المواصلة في طريق يعلم خطورته الاستراتيجية عليه".
وتابع "لكن ردنا على الإجراء الإسرائيلي هو أن مواصلة حراكنا السلمي ميادين العودة الخمسة (على أطراف شرق قطاع غزة) ستبقى حية حتى الخامس عشر من مايو المقبل".
ويحيي الفلسطينيون في 15 مايو من كل عام ذكرى ما يطلقون عليه (النكبة) الفلسطينية التي جرت العام 1948 حيث طرد ونزح من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل حوالي 957 ألف فلسطيني، أي ما نسبته 66 في المائة من إجمالي الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في (فلسطين التاريخية) آنذاك".
ويعد ملف اللاجئين الفلسطينيين من أبرز قضايا الصراع التاريخي مع إسرائيل الذي قارب على سبعة عقود، ومع مرور كل هذه السنوات دون إيجاد حل للملف فإن تكاثر اللاجئين الفلسطينيين زاد قضيتهم تعقيدا.
وتشهد الأراضي الفلسطينية توترا متواصلا منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من شهر ديسمبر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.
ورفض الفلسطينيون قرار ترامب وخطته المقرر طرحها للسلام بينهم وبين وإسرائيل.
وقال قياديون فلسطينيون إن اعتصامات حدود غزة اليوم رسالة رد برفض قاطع وانطلقت فعاليات اليوم بمناسبة حلول "يوم الأرض" الذي يحيي فيه الفلسطينيون ذكرى مقتل ستة داخل الخط الأخضر برصاص الشرطة الإسرائيلية خلال مظاهرات العام 1976 احتجاجا على مصادرة الحكومة لأراضي في شمال إسرائيل.
وتخلل برنامج فعاليات الاعتصام فقرات رقص دبكة شعبية وأغاني وطنية قدمتها فرق فلكلورية.
ومع حلول الظلام بدأ الكثير من المحتشدين بمغادرة المناطق الحدودية لكن أغلبهم رددوا أنهم سيعودون غدا (السبت).