واشنطن 10 إبريل 2018 (شينخوا) تراجع حجم استثمار الصين المباشر في الولايات المتحدة بأكثر من 35 في المائة في عام 2017 بسبب تغير السياسات في البلدين، بحسب تقرير جديد مشترك نشرته اللجنة الوطنية الأمريكية للعلاقات الأمريكية -الصينية ومجموعة رودوم يوم الثلاثاء.
وأشار التقرير إلى أن قيمة المعاملات الاستثمارية الصينية المباشرة في الولايات المتحدة تراجعت إلى 29 مليار دولار أمريكي في عام 2017، مسجلة انخفاضا قياسيا من 46 مليار دولار أمريكي في عام 2016، ما ينظر إليه كـ "أول تغيير رئيسي خلال عقد".
وتراجعت أيضا قيمة الاستحواذات الصينية المعلنة حديثا في الولايات المتحدة بنسبة90 في المائة بالمقارنة مع السنة السابقة، ويمكن الشعور بالتأثير الناجم عن انخفاض الاستثمار هذا على المستوى المحلي، وفقا للتقرير.
وقال التقرير إن "المشاريع المخططة في المجالات الجديدة أرجئت، وأضيفت فرص عمل أقل بالمقارنة مع السنوات السابقة، حتى أن بعض الشركات الصينية بدأت تبحث عن مشترين لبيع أصولها في الولايات المتحدة".
وعزا التقرير انخفاض الاستثمار الصيني المباشر في العام الماضي إلى عنصرين ناجمين عن تغير السياسات في الصين والولايات المتحدة على حد سواء، وليس الديناميات التجارية.
فمن جهة، شدد المنظمون الصينيون الإشراف على أنشطة الاستثمار الخارجي التي تقوم بها الشركات الصينية الخاصة، كجزء من جهد أوسع لتقليل نفوذها في القطاع المالي الصيني، مع فرملة صفقات الاستثمار الخارجي "غير المنطقية".
ومن الجهة الأخرى، قامت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة بتوسيع نطاق المراجعة على الاستثمارات الصينية.
وأكد التقرير أن هذا "يعكس جزئيا التدقيق المستمر منذ وقت طويل على الاستثمارات الصينية في قطاعات التكنولوجيا العالية المتعلقة بالدفاع، ولكنه أيضا يتعلق بمخاوف جديدة مثل الاستثمارات في التكنولوجيا الناشئة الحتمية والشركات التي تملك كنوز البيانات الشخصية للمواطنين الأمريكيين".
ولفت التقرير إلى تأجيل وإلغاء عدد غير مسبوق من الصفقات الصينية في السنة الماضية نظرا لفشل الأطراف المعنية في الحصول على موافقة اللجنة.
ويأتي التقرير على خلفية مساعي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصانعي القانون الأمريكيين لفرض المزيد من التدقيق على الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة عبر توسيع صلاحية اللجنة بشكل ملحوظ.
وحذر التقرير من أن "لجنة مجددة قد لا تردع أعمال الاستحواذ في التكنولوجيا العالية فحسب، ولكنها أيضا تقلل من حجم الاستثمار الخارجي الصيني المباشر في المجالات الجديدة في مراكز البحث والتطوير، وغيرها من الأنشطة الابتكارية في القطاعات المعينة".
وقال آدم بوسن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث يتخذ من واشنطن مقرا له، إنه "من الغباء والهزيمة للنفس" أن تقوم الولايات المتحدة بتوسيع نطاق مراجعة اللجنة لتقييد الاستثمارات الصينيية بشكل أوسع.
وقال بوسن لوكالة أنباء ((شينخوا)) "قامت مؤسستنا بالكثير من الأبحاث، التي تشير إلى أن الاستثمار الخارجي المباشر، سواء من أو إلى دولة، هو النوع الجيد للتدفقات الرأسمالية"، مضيفا أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة يهدف لتعزيز الدخول ووظائف القيمة المضافة، وجذب المزيد من الابتكار إلى الولايات المتحدة.
ووافقه في الرأي ستيفن أيه. أورلينز، رئيس اللجنة الوطنية للعلاقات الأمريكية الصينية، قائلا إنه "من المهم جدا أن تحافظ الولايات المتحدة على سوق مفتوحة للاستثمار."
وأضاف "عندما يتم رفض الاستثمارات، سيكون هناك مقايضات حقيقية في تقييم الأصول، وكذا الوظائف والنمو الاقتصادي" مشيرا إلى أن الاستثمارات الصينية تدعم الآن ما يزيد على 150 ألف وظيفة أمريكية.
وقال هنري ليفين، المستشار الكبير في شركة "ألبرايت ستونبريج"، وهي شركة استشارية أمريكية رائدة، إنه " من السئ" توسيع سلطات لجنة الاستثمار الأجنبي الأمريكية على الاستثمارات الصينية لمعالجة المخاوف المتعلقة بنقل التكنولوجيا، لأنها تغطي بالفعل من قبل قوانين الأمريكية القائمة المتعلقة بالصادرات.
وأكد ليفين لـ((شينخوا))، أنه "حتى في إطار اللوائح الجديدة للجنة، ما زلت أرى أن الغالبية العظمى من الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة لن تتأثر،" مؤكدا أن الاستثمار الصيني في مجالات الفنادق والطاقة الشمسية وانتاج السيارات لن يمس باللوائح الجديدة.
لكن بوسن قال إن شركات التكنولوجيا الصينية قد تتخطي الولايات المتحدة لتعزيز استثماراتها في أوروبا واليابان، إذا واجهت كلفة أعلى في القيام بأعمال هنا.
وقال "إننا نعرف أن هناك بعض شركات التكنولوجيا الصينية تقوم بأعمال كبيرة وكثير من المشاريع الاستثمارية المشتركة في أوروبا وحتى اليابان".
وذكر التقرير أن القيمة التراكمية لمعاملات الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكية في الصين وصلت إلى 256 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2017، بينما سجلت القيمة التراكمية للاستثمار الأجنبي الصيني المباشر في الولايات المتحدة 140مليار دولار أمريكي بنهاية العام الفائت.
وقال أورلينز "في جوهره، الاستثمار يتطلب التزاما طويل المدى بطريقة لا تتطلبها التجارة وخلق علاقات تجارية مثمرة ودفع الاتصالات بين الشعبين،" مشيرا إلى أن "الاستثمار الثنائي يحقق بالفعل الفوز المتبادل عندما يزدهر، مما سيوفر الدافع المطلوب للعلاقات في الأوقات الجيدة والصعبة".