دمشق 14 أبريل 2018 (شينخوا) نددت دمشق بـ"العدوان الغاشم" ، الذي شنته الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا فجر اليوم (السبت) على أهداف عسكرية في سوريا، على خلفية هجوم كيماوي مزعوم في الغوطة الشرقية، التي أعلن الجيش السوري استعادتها بالكامل.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد، إن "العدوان" الأمريكي البريطاني الفرنسي سيزيد بلاده "تصميما على الاستمرار في محاربة وسحق الإرهاب".
وشنت الولايات المتحدة بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا فجر اليوم ضربات صاروخية ضد منشآت عسكرية سورية، وذلك على خلفية تقارير عن هجوم كيماوي مزعوم اُتهم النظام السوري بتنفيذه يوم السابع من أبريل الجاري بمنطقة دوما في الغوطة الشرقية، التي كان يسيطر عليها مسلحو المعارضة بالقرب من دمشق.
ووقعت الضربات في الساعة 3:55 فجر اليوم بالتوقيت المحلي السوري (12:55 بتوقيت غرينتش)، وطالت أهدافا في دمشق وخارجها، حسب بيان للجيش السوري.
وقالت القيادة العامة للجيش السوري في بيانها إن "عدوانا ثلاثيا غادرا نفذته في الساعة الثالثة وخمس وخمسين دقيقة من فجر اليوم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا عبر إطلاق حوالي مائة وعشرة صواريخ باتجاه أهداف سورية في دمشق وخارجها".
وأصابت بعض الصواريخ أحد مباني مركز البحوث العلمية ، الذي يضم مركزا تعليميا ومخابر علمية في حي برزة شرق دمشق، إذ اقتصرت الأضرار على الماديات، حسب البيان.
وتابع أنه تم حرف مسار صواريخ أخرى استهدفت موقعا عسكريا قرب حمص وسط سوريا، وقد أدى انفجار أحدها إلى جرح ثلاثة مدنيين.
فيما تمكنت منظومات الدفاع الجوي السورية من التصدي بكفاءة عالية للصواريخ وأسقطت معظمها، بحسب الجيش.
ولم يقدم بيان الجيش المزيد من التفاصيل بشأن المواقع، التي استهدفتها الضربات.
لكن وسائل إعلام محلية نقلت عن مصادر عسكرية سورية قولها إن الضربات استهدفت "نحو عشرة مواقع في سوريا تركزت غالبيتها في دمشق وريفها، إضافة إلى حمص".
وبجانب مركز البحوث العلمية في برزة بدمشق، استهدفت الضربات اللواء 105 حرس جمهوري، وقاعدة دفاع جوي- جبل قاسيون، ومطار المزة العسكري، ومطار الضمير العسكري.
ونفى مسؤول بمركز البحث العلمي في برزة وجود أسلحة كيماوية في تلك المنشأة.
وقال رئيس قسم المعهد لتطوير الصناعات الصيدلانية والكيميائية في المركز سعيد سعيد، في تصريحات لوسائل إعلام، بينها وكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق بعد الضربات الغربية إن "منظمة حظر الأسلحة الكيماوية زارت هذا المبنى في عام 2013، ونفذت عدة جولات تفتيش بداخله".
وأضاف أن "المبنى كان قاعدة عمل، إذ أحضر خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية جميع العينات المشتبه بها من مواقع مختلفة إلى هذا المبنى وأصدروا تقريرين يفيدان بأن هذا المبنى كان فارغًا من أي عوامل كيميائية للحرب".
وأشار إلى أنه "إذا كان المبنى يحتوي على أسلحة كيميائية (..) فإنه لن يتمكن هو وزملاؤه الآخرون من الوقوف هناك بعد القصف والتحدث للصحفيين".
وفي ريف دمشق، استهدفت الضربات مركز البحوث العلمية بجمرايا، واللواء 41 قوات خاصة، ومواقع عسكرية قرب الرحيبة في القلمون الشرقي، ومواقع في منطقة الكسوة، حسب المصادر.
وقال التلفزيون الرسمي السوري في وقت سابق إن الدفاعات الجوية أسقطت 13 صاروخاً بمنطقة الكسوة في ريف دمشق.
وقال مصدر لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق إنه "تم التصدي لعدة صواريخ في منطقة الكسوة بريف دمشق الجنوبي قبل الوصول إلى هدفها، حيث يوجد موقع عسكري تابع للجيش السوري هناك".
وكذلك استهدفت الضربات مركز البحوث العلمية في ريف حماة، ومستودعات تابعة للجيش في حمص.
ولم يصدر تأكيد رسمي باستهداف كافة هذه المواقع.
لكن الحكومة السورية نددت بالضربات، معتبرة أنها "عدوانا بربريا غاشما"، وتعهدت بمواصلة الحرب على الإرهاب.
وقال الرئيس السوري خلال اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الايراني حسن روحاني، إن "العدوان (..) لن يزيد سوريا والشعب السوري إلا تصميما على الاستمرار في محاربة وسحق الإرهاب في كل شبر من تراب الوطن".
وذكرت وكالة الأنباء السورية ((سانا)) أن الأسد أوضح خلال الاتصال "تفاصيل العدوان وكيفية صده".
ورأى الأسد أن هذا العدوان جاء نتيجة "لمعرفة القوى الغربية الاستعمارية الداعمة للإرهاب أنها فقدت السيطرة (..) وفقدت مصداقيتها أمام شعوبها وأمام العالم ليأتي العدوان بعد أن فشل الإرهابيون بتحقيق أهداف تلك الدول حيث زجت بنفسها في الحرب على سوريا".
وأكد الجيش كذلك استمراره في الدفاع عن سوريا وحماية مواطنيه، مشددا على أن مثل هذه الاعتداءات "لن تثنيه عن الاستمرار في سحق ما تبقى من مجاميع إرهابية مسلحة على امتداد الجغرافيا السورية".
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية السورية بشدة في بيان اليوم "العدوان البربري الغاشم" على سوريا.
ونقلت الوكالة الرسمية عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية قوله إن "سوريا تدين بأشد العبارات العدوان الثلاثي الغاشم الأمريكي البريطاني الفرنسي ضد سوريا، والذي يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ويظهر مجددا استهتار دول العدوان بالشرعية الدولية".
وأضافت أن" العدوان جاء نتيجة الشعور بالإحباط لفشل المشروع التآمري على سوريا وردا على اندحار أدواتهم من التنظيمات الإرهابية أمام تقدم الجيش السوري".
وأكدت أنه "لن يكون مصير الأصلاء أفضل حالا من الأدوات وأن الهزيمة والفشل والعار بانتظارهم".
ورأت "أن توقيت هذا العدوان، الذي يتزامن مع وصول بعثة التحقيق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا للتحقق من الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما يهدف أساسا إلى إعاقة عمل البعثة واستباق نتائجها والضغط عليها في محاولة لعدم فضح أكاذيبهم وفبركاتهم".
وليست هذه المرة الأولى، التي تزور فيها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية دمشق.
فقد قامت بذلك في أواخر العام 2013 عندما وافق الجيش السوري على تدمير ترسانته الكيميائية.
وأعلنت المنظمة الدولية في يناير من العام 2016 تدمير كل الأسلحة الكيماوية التي أعلنت عنها الحكومة السورية حينها بموجب اتفاق أمريكي روسي لتجنب ضربة أمريكية وشيكة على سوريا.
لكن ذلك لم يمنع الاتهامات الغربية لسوريا بتنفيذ هجوم كيماوي في دوما وتوجيه ضربات لسوريا، في خطوة رأى مراقبون سوريون أنها "انتقامية" وتهدف للتشويش على عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
ورأى المحلل السياسي عماد النداف، أن "الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا أرادت أن تشوش مسبقا على عمل فريق منظمة الأسلحة الكيميائية".
وقال المحلل السياسي شريف شحادة، لـ ((شينخوا)) إن الضربات "لم تحقق أهدافها لأن سوريا لا تمتلك أسلحة كيميائية".
ورأى شحادة "أن الهدف لم يكن تدمير سلاح كيميائي، ولكن كان الهدف هو إخراج الرئيس الأمريكي من المأزق الذي وضع نفسه فيه، معتبرا أن الضربات كانت "انتقامية للمجموعات الإرهابية المسلحة التي خرجت من دوما بالغوطة الشرقية".
وأعلن الجيش السوري اليوم استعادة الغوطة الشرقية بالكامل بعد إخراج جميع مقاتلي الفصائل المعارضة من مدينة دوما آخر معاقلهم في المنطقة الواقعة قرب دمشق.
وقال الجيش في بيان بثه التلفزيون الرسمي مساء اليوم إنه "بالتزامن مع تصدي منظومات دفاعنا الجوي للعدوان الثلاثي الذي شنته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على العديد من الأهداف في سوريا، وبعد سلسلة من العمليات العسكرية المركزة والقوية على مدى أسبوع أتمت وحدات من قواتنا المسلحة الباسلة والقوات الرديفة والحليفة تطهير الغوطة الشرقية بكامل بلداتها وقراها من التنظيمات الإرهابية المسلحة".
وتابع أن ذلك حصل "بعد إخراج جميع الإرهابيين من مدينة دوما آخر معاقل الإرهابيين في الغوطة الشرقية".
وأضاف "أن وحدات الهندسة باشرت بتفتيش الساحات والشوارع والممرات لإزالة الألغام والمفخخات التي زرعها الإرهابيون في المدينة بغية تمكين بقية الوحدات من تأمين المناطق المحررة وتجهيزها لعودة المدنيين إلى منازلهم".
وضبطت قوات الجيش السوري عديد من مصانع ومستودعات الأسلحة والذخيرة، ومستودعات للأغذية ومستشفيات ومستودعات للأدوية، إضافة إلى عدد كبير من الأنفاق، حسب البيان.
وتعهد الجيش السوري في بيانه بأنه "لن يتوقف عن محاربة الإرهاب واجتثاثه أينما حل على تراب سوريا".