بكين 16 مايو 2018 (شينخوا) أدى نقل واشنطن سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس إلى اندلاع احتجاجات في قطاع غزة يوم الاثنين مما أسفر عن مقتل 63 فلسطينيا على الأقل خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
تزامنت الاحتجاجات مع الذكرى السنوية السبعين لإعلان قيام إسرائيل، قبل يوم من ذكرى النكبة الفلسطينية التي شهدت نزوح نحو 750 ألف فلسطيني من وطنهم خلال الحرب بين العرب وإسرائيل في عام 1948.
وبعد سبعين عاما، مازالت الحرب والنزاع تضرب أركان المنطقة كما أن السلام في الشرق الأوسط مازال صعب المنال.
فتح صندوق باندورا
أعلن قيام دولة إسرائيل في عام 1948 مما تسبب في اندلاع حرب الشهور الثمانية بمشاركة عدد من الدول العربية والمعروفة باسم الحرب العربية-الإسرائيلية الأولى.
وخلال الحرب، سيطرت القوات الصهيونية على غرب مدينة القدس، المقدسة في اليهودية والمسيحية والإسلام.
وفي عام 1967، حققت إسرائيل نصرا كاسحا على جيرانها العرب في حرب الأيام الستة المعروفة أيضا باسم الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة وسيطرت على القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة.
ولسنوات سعى الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية في ضوء حل الدولتين الذي اقترحته الأمم المتحدة على حدود ما قبل 1967.
ويبدو أن حرب 1948 بين العرب وإسرائيل فتحت صندوق باندورا للنزاعات العسكرية في الشرق الأوسط. فمنذ ذلك الحين، يستخدم القتال لحل النزاعات وتمزيق المنطقة بلا هوادة.
وعلى مدار السبعين عاما الماضية، أدت الحروب الخمسة بين العرب وإسرائيل والنزاعات بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى مقتل أكثر من 80 ألف شخص.
وفي العقود الأخيرة أسفرت النزاعات في اليمن ولبنان وتركيا والحرب الإيرانية العراقية وحرب الخليج وحرب العراق والنزاع السوري، عن مقتل مليوني شخص تقريبا في المنطقة.
الفوضى مستمرة
بعد مرور سبعة عقود على انتهاء الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، فُتح صندوق باندورا جديد شمل هذا المرة نقل الولايات المتحدة سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس والانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني والضربات الجوية الإسرائيلية والإيرانية في سوريا.
ويقول مراقبون إن السياسة الطائشة والعدوانية التي تتبعها إدارة دونالد ترامب في الشرق الأوسط ستتسبب في تصعيد الوضع المتوتر بالفعل في المنطقة، وهو ما لا يختلف كثيرا عن "سكب البنزين على النار."
ويقول الباحث الليبي والخبير في شؤون الشرق الأوسط جلال الفتوري إن نقل واشنطن سفارتها إلى القدس يقضي تماما على "فرصة تحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل."
ويقول عبد الفتاح مورو النائب الأول لرئيس البرلمان التونسي "يجب أن تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن دعمها الأعمى لإسرائيل لا سيما عندما يتعارض الأمر مع كل البروتوكولات والمواثيق الدولية."
ولم يجتمع مفاوضون إسرائيليون وفلسطينيون منذ أربع سنوات مما أدى إلى تجميد عملية السلام. وبعد نقل السفارة، في استفزاز كبير للفلسطينيين والعالم العربي، يبدو أن فرص استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية آخذة في التضاؤل أكثر من أي وقت مضى.
سبيل للخروج
يتوق الشرق الأوسط، الذي دمرته الاضطرابات الطويلة والتراجع الاقتصادي المستمر والنزاعات، للأمن والاستقرار أكثر من أي وقت مضى.
وبعد سنوات من الإحباط، بدأت المزيد من دول المنطقة إدراك عدم جدوى المنهج الغربي وحولت عيونها باتجاه الشرق.
ولقد حاز المقترح الصيني بالتسوية السياسية في الشرق الأوسط، دعما واسعا. كما لاقى المبدأ الصيني لتعزيز السلام مع التنمية، المتمثل في مبادرة الحزام والطريق، استقبالا حارا.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أمس الثلاثاء ما حدث في غزة في اليوم السابق "بالمأساة المروعة،" وقال إن "ذلك لا يكشف سوى عن أهمية الحل السياسي."
إن الجمع بين التسوية اسياسية والتنمية الاقتصادية هو السبيل الوحيد للخروج من مأزق الشرق الأوسط الطويل، بحسب ما ذكره مراقبون.
وقال المنسق الأمم الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادنوف أمس الثلاثاء "يجب أن ندعو الجميع لتجنب اتخاذ خطوات أحادية تبعدنا عن عملية السلام والعمل في المقابل لإنهاء الاحتلال ودفع هدف بناء سلام عادل ومستدام يؤدي في نهاية الأمر لإنشاء دولتين: إسرائيل وفلسطين...تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن ورخاء."
إن الطريق للسلام ليس سهلا كنزهة في حديقة. ولكن يجب مواصلة السير تجاهه.