تحقيق: أجواء حزينة وصعبة في استقبال شهر رمضان في غزة

01:27:48 17-05-2018 | Arabic. News. Cn

غزة 16 مايو 2018 (شينخوا) مع انتشار سرادقات العزاء لعشرات القتلى الفلسطينيين، الذين قضوا برصاص الجيش الإسرائيلي أول أمس الإثنين وفي ظل أزمة اقتصادية حادة يحل شهر رمضان هذا العام وسط أجواء من الحزن والمعاناة في قطاع غزة.

وقتل 63 فلسطينيا وأصيب 2771 اخرون خلال اليومين الماضيين في مواجهات دامية على الأطراف الحدودية لقطاع غزة مع إسرائيل ضمن "مسيرات العودة" الشعبية.

وتعد هذه أكبر حصيلة ضحايا يشهدها قطاع غزة منذ بدء مسيرات العودة الكبرى في 30 مارس الماضي للمطالبة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ورفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع.

وأثار مقطع فيديو لوالد الفتى سعيد محمد ابو الخير (16 عاما)، الذي قتل برصاص إسرائيلي أول أمس، تعاطفا هائلا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وظهر والد سعيد، وهو يصرخ في المستشفى لدى معاينته جثة نجله "بدي (أريد) سعيد يقضي معنا رمضان يا الله".

وفي مناطق متفرقة من قطاع غزة، مازالت سرادقات عزاء مقامة للقتلى الفلسطينيين تستقبل المعزين عشية حلول شهر رمضان، الذي سيبدأ الخميس وسط أجواء من الحزن والغضب.

وفي إحداها بدت والدة القتيل محمد حرز، في صدمة شديدة، وهي تستقبل المعزين في منزلها وتردد بنبرات متقطعة إنها مازالت لا تتخيل استقبال رمضان في غياب نجلها، الذي قضى عن (21 عاما).

وفي ظل هذه الأجواء الحزينة، بدت الحركة التجارية في أسواق قطاع غزة محدودة للغاية وسط تدهور اقتصادي بالغ يعانيه السكان البالغ عددهم زهاء مليوني نسمة.

ولمواجهة ذلك، لجأ التاجر زياد ابو عمرو، في منتصف الأربعينات من عمره، إلى إجراء تخفيض قياسي على بضائعه في محله التجاري في سوق مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب غزة.

وظل ابو عمرو يهتف للإعلان عن مزيد من "التخفيضات" وعروض الأسعار على ما يعرضه من مواد غذائية في محله، الذي ظل رغم ذلك يفتقد لإقبال لافت للزبائن.

ويقول ابو عمرو لوكالة أنباء ((شينخوا)) "الوضع صعب جداً والبيع محدود للغاية".

ويوضح أن "غالبية رواد السوق يعاينون البضائع من دون شراء، والوضع الاقتصادي السيء أدى إلى أن تكون بهجة شهر رمضان محدودة، ويكاد يكون كأنه مثل أي شهر آخر عادي في العام".

وشهر رمضان، وهو مناسبة معظمة لدى المسلمين يصومون فيه يوميا عن الطعام والشراب من ساعات الفجر حتى غروب الشمس، يُعرف بموائد طعام غنية ومتنوعة لتعويض طول ساعات الصيام.

وغالبا ما يقبل السكان بكثافة في غالبية الدول العربية والإسلامية هذه الأيام على الأسواق لشراء احتياجاتهم من سلع ومواد غذائية.

لكن ابو عمرو يشير إلى أن مستوى البيع لديه وأقرانه من التجار انخفض بأكثر من 60 في المائة مقارنة بأعوام سابقة، وهو ما يكبدهم خسائر كبيرة.

وطغت أجواء الركود على المشهد في سوق الزاوية القديم شرق غزة في وقت عمد فيه التجار إلى الإعلان عن حملات لتخفيض الأسعار أملا في جذب أعداد أكبر من المتسوقين.

ويقول تاجر الحلويات محمد محيسن ل(شينخوا)، إن البضائع مكدسة داخل الأسواق من كل الأصناف غير أن إقبال الزبائن "ضعيف ومحدود جدا" على الشراء رغم طبيعة احتياجات شهر رمضان المتعددة.

ويشير محيسن إلى أن التراجع في معدلات البيع تعانيه أسواق قطاع غزة منذ عدة سنوات، لكنه هذا العام قياسي وغير معهود بسبب "قلة مستويات دخل العائلات" واعتماد الميسورة منها على صرف الرواتب الحكومية.

ويقول تجار آخرون إنهم يواجهون ركودا اقتصاديا وضعفا في القدرة الشرائية لدى المتسوقين دفعا باستعدادات باهتة لشهر رمضان لهذا العام في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ منتصف يونيو عام 2007.

ويفرض على القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة منذ ذلك الوقت حصارا إسرائيليا مشددا يتضمن قيودا مشددة على حركة المعابر البرية ومسافة الصيد البحرية.

ودفعت سنوات الحصار المتتالية إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة وأن تصبح نسبة البطالة في أوساطهم من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى 43.9 في المائة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

ويقول تجار إن ما زاد التدهور التجاري في غزة هذا العام إجراءات السلطة الفلسطينية في تأخير صرف رواتب موظفيها في القطاع بعد أن كانت فرضت خصومات بما يتجاوز 30 في المائة منذ عام.

ويؤكد مراقبون اقتصاديون أن كساد الأسواق التجارية في غزة نتيجة طبيعية للظروف الاقتصادية والسياسية المتدهورة في القطاع بسبب أزمة الرواتب الحكومية والمعدلات القياسية للفقر والبطالة.

ويقول المحلل الاقتصادي من غزة أمين ابو عيشة ل(شينخوا) إن أسواق القطاع تعاني نقصا حادا في السيولة بسبب أزمة الرواتب وعدم توفر فرص عمل والتدهور الاقتصادي الحاد.

ويوضح ابو عيشة أن هذا الوضع دفع بانخفاض غير مسبوق لحركة دوران السيولة النقدية في المنظومة الشرائية، ما تسبب في تقليل حجم المبيعات والحركة التجارية بنحو 80 في المائة.

ويشير إلى أن كبار التجار في غزة قلصوا في الأشهر الأخيرة استيراد البضائع بسبب ضعف الإقبال رغم أنه من المعتاد أن معدلات الشراء في شهر رمضان ترتفع بنحو الضعف.

وتقول اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة إن ما يزيد عن مليون شخص في قطاع غزة "دون دخل يومي"، وهم يتلقون مساعدات إغاثية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وجهات إغاثية محلية وعربية ودولية، إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر لتتجاوز 65 في المائة من إجمالي السكان.

ويصف مسؤول الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع، في تصريحات ل((شينخوا)) شهر رمضان لهذا العام في القطاع بأنه "الأصعب" منذ عقود.

ويقول الطباع إن الشهر الفضيل يأتي هذا العام "في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية بسبب استمرار وتشديد الحصار الإسرائيلي، واستمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي وتفاقم نقص الخدمات الأساسية".

وينبه إلى أن خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة والخصم الموجود أصلا منذ سنوات على موظفي حركة حماس دفع بخلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية ونقصها من الأسواق، وفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية كون أن شريحة الموظفين هم القوة الشرائية الأساسية.

ويضيف الطباع أن "حالة الكساد والركود التجاري الحاصلة في غزة تهدد بتكبد التجار والمستوردين ورجال الاعمال خسائر فادحة خصوصا من يتعاملون بالبضائع الموسمية الخاصة بشهر رمضان والأعياد".

كما أن تدهور الأوضاع الاقتصادية يهدد الكثير من الشبان في غزة ممن يجدون في حلول شهر رمضان فرصة لتوفير فرص عمل مؤقتة لهم في بيع القطايف والحلويات أو الفوانيس والهدايا على بسطات متنقلة.

إضافة إلى ذلك فإن قطاع غزة يبقى يعاني من سلسلة أزمات تتعلق بنقص الخدمات الأساسية، خاصة عجز بنحو 70 في المائة من احتياجاته من الكهرباء.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى

إذا أردت ان تتصل بنا لتقديم اقتراح أو تصحيح خطأ، ارسل

البريد الإلكتروني إلي:xinhuanet_arabic@news.cn

arabic.news.cn

تحقيق: أجواء حزينة وصعبة في استقبال شهر رمضان في غزة

新华社 | 2018-05-17 01:27:48

غزة 16 مايو 2018 (شينخوا) مع انتشار سرادقات العزاء لعشرات القتلى الفلسطينيين، الذين قضوا برصاص الجيش الإسرائيلي أول أمس الإثنين وفي ظل أزمة اقتصادية حادة يحل شهر رمضان هذا العام وسط أجواء من الحزن والمعاناة في قطاع غزة.

وقتل 63 فلسطينيا وأصيب 2771 اخرون خلال اليومين الماضيين في مواجهات دامية على الأطراف الحدودية لقطاع غزة مع إسرائيل ضمن "مسيرات العودة" الشعبية.

وتعد هذه أكبر حصيلة ضحايا يشهدها قطاع غزة منذ بدء مسيرات العودة الكبرى في 30 مارس الماضي للمطالبة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ورفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع.

وأثار مقطع فيديو لوالد الفتى سعيد محمد ابو الخير (16 عاما)، الذي قتل برصاص إسرائيلي أول أمس، تعاطفا هائلا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وظهر والد سعيد، وهو يصرخ في المستشفى لدى معاينته جثة نجله "بدي (أريد) سعيد يقضي معنا رمضان يا الله".

وفي مناطق متفرقة من قطاع غزة، مازالت سرادقات عزاء مقامة للقتلى الفلسطينيين تستقبل المعزين عشية حلول شهر رمضان، الذي سيبدأ الخميس وسط أجواء من الحزن والغضب.

وفي إحداها بدت والدة القتيل محمد حرز، في صدمة شديدة، وهي تستقبل المعزين في منزلها وتردد بنبرات متقطعة إنها مازالت لا تتخيل استقبال رمضان في غياب نجلها، الذي قضى عن (21 عاما).

وفي ظل هذه الأجواء الحزينة، بدت الحركة التجارية في أسواق قطاع غزة محدودة للغاية وسط تدهور اقتصادي بالغ يعانيه السكان البالغ عددهم زهاء مليوني نسمة.

ولمواجهة ذلك، لجأ التاجر زياد ابو عمرو، في منتصف الأربعينات من عمره، إلى إجراء تخفيض قياسي على بضائعه في محله التجاري في سوق مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب غزة.

وظل ابو عمرو يهتف للإعلان عن مزيد من "التخفيضات" وعروض الأسعار على ما يعرضه من مواد غذائية في محله، الذي ظل رغم ذلك يفتقد لإقبال لافت للزبائن.

ويقول ابو عمرو لوكالة أنباء ((شينخوا)) "الوضع صعب جداً والبيع محدود للغاية".

ويوضح أن "غالبية رواد السوق يعاينون البضائع من دون شراء، والوضع الاقتصادي السيء أدى إلى أن تكون بهجة شهر رمضان محدودة، ويكاد يكون كأنه مثل أي شهر آخر عادي في العام".

وشهر رمضان، وهو مناسبة معظمة لدى المسلمين يصومون فيه يوميا عن الطعام والشراب من ساعات الفجر حتى غروب الشمس، يُعرف بموائد طعام غنية ومتنوعة لتعويض طول ساعات الصيام.

وغالبا ما يقبل السكان بكثافة في غالبية الدول العربية والإسلامية هذه الأيام على الأسواق لشراء احتياجاتهم من سلع ومواد غذائية.

لكن ابو عمرو يشير إلى أن مستوى البيع لديه وأقرانه من التجار انخفض بأكثر من 60 في المائة مقارنة بأعوام سابقة، وهو ما يكبدهم خسائر كبيرة.

وطغت أجواء الركود على المشهد في سوق الزاوية القديم شرق غزة في وقت عمد فيه التجار إلى الإعلان عن حملات لتخفيض الأسعار أملا في جذب أعداد أكبر من المتسوقين.

ويقول تاجر الحلويات محمد محيسن ل(شينخوا)، إن البضائع مكدسة داخل الأسواق من كل الأصناف غير أن إقبال الزبائن "ضعيف ومحدود جدا" على الشراء رغم طبيعة احتياجات شهر رمضان المتعددة.

ويشير محيسن إلى أن التراجع في معدلات البيع تعانيه أسواق قطاع غزة منذ عدة سنوات، لكنه هذا العام قياسي وغير معهود بسبب "قلة مستويات دخل العائلات" واعتماد الميسورة منها على صرف الرواتب الحكومية.

ويقول تجار آخرون إنهم يواجهون ركودا اقتصاديا وضعفا في القدرة الشرائية لدى المتسوقين دفعا باستعدادات باهتة لشهر رمضان لهذا العام في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ منتصف يونيو عام 2007.

ويفرض على القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة منذ ذلك الوقت حصارا إسرائيليا مشددا يتضمن قيودا مشددة على حركة المعابر البرية ومسافة الصيد البحرية.

ودفعت سنوات الحصار المتتالية إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة وأن تصبح نسبة البطالة في أوساطهم من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى 43.9 في المائة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

ويقول تجار إن ما زاد التدهور التجاري في غزة هذا العام إجراءات السلطة الفلسطينية في تأخير صرف رواتب موظفيها في القطاع بعد أن كانت فرضت خصومات بما يتجاوز 30 في المائة منذ عام.

ويؤكد مراقبون اقتصاديون أن كساد الأسواق التجارية في غزة نتيجة طبيعية للظروف الاقتصادية والسياسية المتدهورة في القطاع بسبب أزمة الرواتب الحكومية والمعدلات القياسية للفقر والبطالة.

ويقول المحلل الاقتصادي من غزة أمين ابو عيشة ل(شينخوا) إن أسواق القطاع تعاني نقصا حادا في السيولة بسبب أزمة الرواتب وعدم توفر فرص عمل والتدهور الاقتصادي الحاد.

ويوضح ابو عيشة أن هذا الوضع دفع بانخفاض غير مسبوق لحركة دوران السيولة النقدية في المنظومة الشرائية، ما تسبب في تقليل حجم المبيعات والحركة التجارية بنحو 80 في المائة.

ويشير إلى أن كبار التجار في غزة قلصوا في الأشهر الأخيرة استيراد البضائع بسبب ضعف الإقبال رغم أنه من المعتاد أن معدلات الشراء في شهر رمضان ترتفع بنحو الضعف.

وتقول اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة إن ما يزيد عن مليون شخص في قطاع غزة "دون دخل يومي"، وهم يتلقون مساعدات إغاثية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وجهات إغاثية محلية وعربية ودولية، إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر لتتجاوز 65 في المائة من إجمالي السكان.

ويصف مسؤول الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع، في تصريحات ل((شينخوا)) شهر رمضان لهذا العام في القطاع بأنه "الأصعب" منذ عقود.

ويقول الطباع إن الشهر الفضيل يأتي هذا العام "في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية بسبب استمرار وتشديد الحصار الإسرائيلي، واستمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي وتفاقم نقص الخدمات الأساسية".

وينبه إلى أن خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة والخصم الموجود أصلا منذ سنوات على موظفي حركة حماس دفع بخلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية ونقصها من الأسواق، وفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية كون أن شريحة الموظفين هم القوة الشرائية الأساسية.

ويضيف الطباع أن "حالة الكساد والركود التجاري الحاصلة في غزة تهدد بتكبد التجار والمستوردين ورجال الاعمال خسائر فادحة خصوصا من يتعاملون بالبضائع الموسمية الخاصة بشهر رمضان والأعياد".

كما أن تدهور الأوضاع الاقتصادية يهدد الكثير من الشبان في غزة ممن يجدون في حلول شهر رمضان فرصة لتوفير فرص عمل مؤقتة لهم في بيع القطايف والحلويات أو الفوانيس والهدايا على بسطات متنقلة.

إضافة إلى ذلك فإن قطاع غزة يبقى يعاني من سلسلة أزمات تتعلق بنقص الخدمات الأساسية، خاصة عجز بنحو 70 في المائة من احتياجاته من الكهرباء.

الصور

010020070790000000000000011101421371843821