مقالة خاصة: خبراء صينيون: الطريق طويل أمام تشكيل الحكومة العراقية الجديدة

15:05:11 22-05-2018 | Arabic. News. Cn

بكين 22 مايو 2018 ( شينخوا) حصل تحالف "سائرون" المدعوم من رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر على المركز الأول في انتخابات مجلس النواب العراقي التي جرت مؤخرا حاصدا 54 مقعدا من أصل 329، ما شكل مفاجأة كبيرة يراقب الجميع بعدها عن كثب مجريات عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وتعقيبا على نتائج أول انتخابات تشريعية يجريها العراق بعد دحر تنظيم الدولة (داعش)، ذكر الخبير الصيني تشانغ يوان الباحث المساعد في معهد دراسات شؤون الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي أن فوز الصدر (44 عاما) يرجع أساسا إلى دعوته إلى الإسراع بإصلاح النظام السياسي في البلاد.

وأوضح تشانغ أنه في مجال الإصلاحات السياسية الداخلية، أبدى الصدر تصميمه على محاربة الفساد وسعيه إلى تحسين معيشة ورفاهية المواطنين العراقيين، ما جعله يكسب قلوبهم، إذ قال الصدر في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع التدوين المصغر ((تويتر)) بعد إعلان النتيجة النهائية للانتخابات "بعد أن بنى الشعب بصوته السلطة التشريعية ومن خلال الملحمة الانتخابية الرائعة، فعلى السلطة التنفيذية القادمة أن تبني للشعب أسس العدل والرفاهية والأمان، لا أن تبني قصورا وجدرانا"، مشددا على وجوب أن تبني السلطة التنفيذية المقبلة أسس العدل والرفاهية للشعب.

ومن ناحية أخرى، معروف أن الصدر خاض معارك ضد الولايات المتحدة في عدد من المدن العراقية بعد غزو العراق عام 2003، فهو رافض للوجود الأمريكي والأجنبي في البلاد، ومن ثم، تعد "مناهضته للولايات المتحدة" سمة شخصية مميزة له، هكذا قال الخبير تشانغ، مضيفا أنه بصفته زعيما دينيا وأيضا زعيما سياسيا ناضجا، فهو قائد عملي والأكثر توافقا مع احتياجات الشعب العراقي في هذه المرحلة.

لهذا يرى تشانغ أن الدعم الذي قدمه الشيعة من القاع الاجتماعي العراقي للصدر كان مفتاح انتصار كتلته في الانتخابات الأخيرة، مشيرا إلى أن اختيار الناخبين العراقيين لتحالف "سائرون" يدل على أنهم تعبوا من النخب السياسية التي تولت مناصب سياسية منذ حرب العراق.

وشاطر الرأي سون ده قانغ، وهو أيضا باحث بمعهد دراسات شؤون الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي، مسلطا الضوء على انخفاض نسبة المشاركة في الاقتراع التي أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنها بلغت 44.52% لتمثل أدنى نسبة منذ بدء الانتخابات متعددة الأحزاب في عام 2005، حيث قال إن "هذا يعكس في الواقع خيبة أمل بين عامة الشعب العراقي في مرشحي الكتل السياسية، إذ إنهم لا يهتمون بالاقتصاد ومعيشة الشعب وإنما بالسعي وراء تحقيق مصالح سياسية ودينية".

أوضح سون أنه "بعد إبادة (داعش)، بات العراق بحاجة ماسة إلى الحفاظ على السلام ودفع إعادة الإعمار، وخاصة أن التيارات السياسية داخل العراق متعددة وهناك انقسام بين الشيعة وإضعاف للسنة والأكراد لم يستطيعوا لعب دور حاسم في الانتخابات، ومن ثم لا توجد أي قوة قادرة بمفردها على تشكيل الحكومة الجديدة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن قيام تحالفي "سائرون" المدعوم من الصدر و"النصر" بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادى بطرح أفكار تتعلق بإجراء إصلاحات في النظام السياسي ومكافحة الفساد داخل العراق، أمر يلمح إلى احتمال تعاونهما مستقبلا.

لكن سون أعرب عن اعتقاده بأنه لا تزال هناك تحديات أكبر تنتظر العراق أبرزها: كيفية تشكيل الحكومة الجديدة عبر التفاوض؟ حيث يرى أنه لا توجد قوة واحدة حصلت على أكثر من نصف المقاعد ، ومن ثم سيكون أمام عملية تشكيل حكومة ائتلافية عراقية جديدة طريق طويل عليها أن تقطعه.

وفيما يتعلق بالحكومة القادمة، قال باو تشنغ تشانغ، الباحث بنفس المعهد بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي، إنه في ضوء تأكيده على ضرورة الابتعاد عن الاصطفافات الطائفية، من المرجح أن يشكل تحالف الصدر مع التحالفات الأخرى ائتلافا في البرلمان، ولكن باو رأى أيضا أنه لا يمكن إغفال أن حدة المنافسة قد تشتد بين الكتل السياسية في العراق، "سائرون" و"النصر" وتحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري وائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، حول الأحقية في تشكيل الحكومة.

وبما أن الصدر لم يترشح مباشرة في الانتخابات، فلا يمكن له أن يتولى رئاسة الوزراء، لكن سيلعب بصفته زعيم الكتلة السياسية التي حصدت أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الأخيرة دورا رئيسيا في المفاوضات المختلفة وتبادل المصالح لتشكيل الحكومة العراقية، حسبما أشار باو.

ومن ناحية أخرى، اتفق باو مع محللين عراقيين في أن "فوز الصدر شكل صداعا لإيران بسبب توجهه نحو علاقات عربية متزنة، حيث أثارت زيارته للمملكة السعودية ولقاؤه ولي العهد محمد بن سلمان الكثير من التساؤلات حول دور محتمل للسعودية، التي تتنافس في العراق بقوة مع إيران بعد أن كانت إيران خلال السنوات السابقة توحد الشيعة في تحالف واحد لكن هذا التحالف انفرط عقده".

ففي الواقع، يستند الصدر الذي يرأس تيارا من أقوى الحركات السياسية بالعراق، على إرث والده(محمد صادق الصدر) الزعيم الشيعي العراقي القومي القوي، الذي كان يعتز بالهوية العربية لشيعة العراق، الأمر الذي سيضمن تحقيق شيء من التوازن بالعراق بحيث لا تميل موازين القوة لصالح المجموعات المنحازة لإيران، أو تلك التي تسعى إلى إخراج العراق من مدار نفوذ إيران.

ومع تصريح إيران علانية قبل الانتخابات بأنها لن تسمح لكتلة الصدر التي تمثل تحالفا متباينا من الشيعة والشيوعيين وجماعات علمانية أخرى بتولي الحكم، رأي المحللون الصينيون أن ذلك يوضح أن إيران ستبذل كل ما في وسعها للحفاظ على نفوذها في العراق وممارسة الضغوط. وبالتالي فالوضع في غاية الحساسية، ولاسيما أن الصدر أوضح من جانبه أنه ليس على استعداد للتوصل إلى ترضية مع إيران بتشكيل ائتلاف مع حليفيها الرئيسيين هادي العامري ونوري المالكي، كما ذكر عقب إعلان نتائج الانتخابات أنه لن يتعاون إلا مع رئيس الوزراء حيدر العبادي والأكراد والسنة.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى

إذا أردت ان تتصل بنا لتقديم اقتراح أو تصحيح خطأ، ارسل

البريد الإلكتروني إلي:xinhuanet_arabic@news.cn

arabic.news.cn

مقالة خاصة: خبراء صينيون: الطريق طويل أمام تشكيل الحكومة العراقية الجديدة

新华社 | 2018-05-22 15:05:11

بكين 22 مايو 2018 ( شينخوا) حصل تحالف "سائرون" المدعوم من رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر على المركز الأول في انتخابات مجلس النواب العراقي التي جرت مؤخرا حاصدا 54 مقعدا من أصل 329، ما شكل مفاجأة كبيرة يراقب الجميع بعدها عن كثب مجريات عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وتعقيبا على نتائج أول انتخابات تشريعية يجريها العراق بعد دحر تنظيم الدولة (داعش)، ذكر الخبير الصيني تشانغ يوان الباحث المساعد في معهد دراسات شؤون الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي أن فوز الصدر (44 عاما) يرجع أساسا إلى دعوته إلى الإسراع بإصلاح النظام السياسي في البلاد.

وأوضح تشانغ أنه في مجال الإصلاحات السياسية الداخلية، أبدى الصدر تصميمه على محاربة الفساد وسعيه إلى تحسين معيشة ورفاهية المواطنين العراقيين، ما جعله يكسب قلوبهم، إذ قال الصدر في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع التدوين المصغر ((تويتر)) بعد إعلان النتيجة النهائية للانتخابات "بعد أن بنى الشعب بصوته السلطة التشريعية ومن خلال الملحمة الانتخابية الرائعة، فعلى السلطة التنفيذية القادمة أن تبني للشعب أسس العدل والرفاهية والأمان، لا أن تبني قصورا وجدرانا"، مشددا على وجوب أن تبني السلطة التنفيذية المقبلة أسس العدل والرفاهية للشعب.

ومن ناحية أخرى، معروف أن الصدر خاض معارك ضد الولايات المتحدة في عدد من المدن العراقية بعد غزو العراق عام 2003، فهو رافض للوجود الأمريكي والأجنبي في البلاد، ومن ثم، تعد "مناهضته للولايات المتحدة" سمة شخصية مميزة له، هكذا قال الخبير تشانغ، مضيفا أنه بصفته زعيما دينيا وأيضا زعيما سياسيا ناضجا، فهو قائد عملي والأكثر توافقا مع احتياجات الشعب العراقي في هذه المرحلة.

لهذا يرى تشانغ أن الدعم الذي قدمه الشيعة من القاع الاجتماعي العراقي للصدر كان مفتاح انتصار كتلته في الانتخابات الأخيرة، مشيرا إلى أن اختيار الناخبين العراقيين لتحالف "سائرون" يدل على أنهم تعبوا من النخب السياسية التي تولت مناصب سياسية منذ حرب العراق.

وشاطر الرأي سون ده قانغ، وهو أيضا باحث بمعهد دراسات شؤون الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي، مسلطا الضوء على انخفاض نسبة المشاركة في الاقتراع التي أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنها بلغت 44.52% لتمثل أدنى نسبة منذ بدء الانتخابات متعددة الأحزاب في عام 2005، حيث قال إن "هذا يعكس في الواقع خيبة أمل بين عامة الشعب العراقي في مرشحي الكتل السياسية، إذ إنهم لا يهتمون بالاقتصاد ومعيشة الشعب وإنما بالسعي وراء تحقيق مصالح سياسية ودينية".

أوضح سون أنه "بعد إبادة (داعش)، بات العراق بحاجة ماسة إلى الحفاظ على السلام ودفع إعادة الإعمار، وخاصة أن التيارات السياسية داخل العراق متعددة وهناك انقسام بين الشيعة وإضعاف للسنة والأكراد لم يستطيعوا لعب دور حاسم في الانتخابات، ومن ثم لا توجد أي قوة قادرة بمفردها على تشكيل الحكومة الجديدة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن قيام تحالفي "سائرون" المدعوم من الصدر و"النصر" بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادى بطرح أفكار تتعلق بإجراء إصلاحات في النظام السياسي ومكافحة الفساد داخل العراق، أمر يلمح إلى احتمال تعاونهما مستقبلا.

لكن سون أعرب عن اعتقاده بأنه لا تزال هناك تحديات أكبر تنتظر العراق أبرزها: كيفية تشكيل الحكومة الجديدة عبر التفاوض؟ حيث يرى أنه لا توجد قوة واحدة حصلت على أكثر من نصف المقاعد ، ومن ثم سيكون أمام عملية تشكيل حكومة ائتلافية عراقية جديدة طريق طويل عليها أن تقطعه.

وفيما يتعلق بالحكومة القادمة، قال باو تشنغ تشانغ، الباحث بنفس المعهد بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي، إنه في ضوء تأكيده على ضرورة الابتعاد عن الاصطفافات الطائفية، من المرجح أن يشكل تحالف الصدر مع التحالفات الأخرى ائتلافا في البرلمان، ولكن باو رأى أيضا أنه لا يمكن إغفال أن حدة المنافسة قد تشتد بين الكتل السياسية في العراق، "سائرون" و"النصر" وتحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري وائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، حول الأحقية في تشكيل الحكومة.

وبما أن الصدر لم يترشح مباشرة في الانتخابات، فلا يمكن له أن يتولى رئاسة الوزراء، لكن سيلعب بصفته زعيم الكتلة السياسية التي حصدت أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الأخيرة دورا رئيسيا في المفاوضات المختلفة وتبادل المصالح لتشكيل الحكومة العراقية، حسبما أشار باو.

ومن ناحية أخرى، اتفق باو مع محللين عراقيين في أن "فوز الصدر شكل صداعا لإيران بسبب توجهه نحو علاقات عربية متزنة، حيث أثارت زيارته للمملكة السعودية ولقاؤه ولي العهد محمد بن سلمان الكثير من التساؤلات حول دور محتمل للسعودية، التي تتنافس في العراق بقوة مع إيران بعد أن كانت إيران خلال السنوات السابقة توحد الشيعة في تحالف واحد لكن هذا التحالف انفرط عقده".

ففي الواقع، يستند الصدر الذي يرأس تيارا من أقوى الحركات السياسية بالعراق، على إرث والده(محمد صادق الصدر) الزعيم الشيعي العراقي القومي القوي، الذي كان يعتز بالهوية العربية لشيعة العراق، الأمر الذي سيضمن تحقيق شيء من التوازن بالعراق بحيث لا تميل موازين القوة لصالح المجموعات المنحازة لإيران، أو تلك التي تسعى إلى إخراج العراق من مدار نفوذ إيران.

ومع تصريح إيران علانية قبل الانتخابات بأنها لن تسمح لكتلة الصدر التي تمثل تحالفا متباينا من الشيعة والشيوعيين وجماعات علمانية أخرى بتولي الحكم، رأي المحللون الصينيون أن ذلك يوضح أن إيران ستبذل كل ما في وسعها للحفاظ على نفوذها في العراق وممارسة الضغوط. وبالتالي فالوضع في غاية الحساسية، ولاسيما أن الصدر أوضح من جانبه أنه ليس على استعداد للتوصل إلى ترضية مع إيران بتشكيل ائتلاف مع حليفيها الرئيسيين هادي العامري ونوري المالكي، كما ذكر عقب إعلان نتائج الانتخابات أنه لن يتعاون إلا مع رئيس الوزراء حيدر العبادي والأكراد والسنة.

الصور

010020070790000000000000011101421371976601