الكويت 26 مايو 2018 (شينخوا) يبتسم المهندس الصيني الشاب تسو يونغقانغ، بخجل، وهو يقرأ رسالة من زوجته اختلطت فيها مشاعر الحب بالشكوى لبعده عنها معظم وقته منذ زواجهما قبل أكثر من عام وانشغاله بعمله في الكويت ضمن مشروع مدينة صباح السالم الجامعية.
وكتبت زوجة تسو رسالة علنية الى زوجها عبر موقع التواصل الصيني تسأله "هل تزوجت الرياح والرمال في الكويت؟".
ويقر تسو أن رعايته لزوجته وأسرته ليست كافية "لكن الحاجة اليه أكبر" في هذا المشروع حيث يرى نفسه كـ"حجر الزاوية" فيه بالنظر الى حجم المهام الموكلة اليه.
ويقول تسو، وهو يجلس في مكتبه بموقع انشاء بالمدينة الجامعية الواقعة في منطقة الشدادية بمحافظة الفروانية، "لست الرمال والرياح التي تهب في الكويت، بل حجر الزاوية في المدينة الجامعية".
ويضيف المهندس الشاب لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أنا أدرك أن رعايتي لأسرتي وزوجتي غير كافية، ولكن هنا الحاجة إلي أكثر".
والتحق تسو بعد تخرجه من جامعة صينية في عام 2013 بشركة الإنشاء والهندسة الوطنية الصينية.
واشتهرت الشركة في الكويت بإشرافها على بناء مقر البنك المركزي المطبوعة صورته على ورقة النقد الكويتي من فئة الـ (5) دينار.
ويعمل تسو مهندسا لإدارة التكاليف حيث يشرف على ميزانية المشروعات لأكثر من 30 ألف قائمة من العناصر المستخدمة بداية من شاحنات النقل العملاقة حتى المسامير صغيرة الحجم.
ويشرح تسو بايجاز طبيعة عمله قائلا "أتابع دائما مدى تطور المشروعات وتكلفتها ثم أقدم تقارير حول الحالة الراهنة إلى قادة الشركة لتصحيح أي خطأ أو انحراف قائم في عملية البناء في وقت مناسب".
ويبدو ذلك عاديا للبعض، ولكن الأمر في الواقع خلفه عمل شاق وجهد كبير.
فالمهندس تسو لكي "يتابع دائما" عمله، كان عليه أن يحمل جهاز الكمبيوتر معه دائما الى كل مكان خلال فترة الإجازة التي قطعها في الصين.
ولم يفارق الكمبيوتر تسو حتى في لحظات زفافه وأثناء احتفال الأقارب والأصدقاء حول المأدبة.
ولتصحيح مسار العمل في "وقت مناسب"، اضطر المهندس تسو أن ينهي اجازته في الصين مرتين بشكل "قاطع".
في المرة الأولى, كان تسو يعاني من ألم شديد ناتج عن حصى في المرارة لأكثر من عشر ساعات لكنه أصر على العودة بالطائرة إلى الكويت في اليوم التالي.
وفي المرة الثانية, ترك تسو زوجته وحدها في البيت رغم ارتفاع درجة حرارتها وعاد إلى الكويت في الموعد المحدد.
والمهندس تسو نموذج لكثير من الموظفين الصينيين العاملين في شركات ومؤسسات البناء والانشاء الصينية الذين يأتون وهدفهم الاستمتاع بالعمل وبذل الجهد.
ويعمل هؤلاء بحماس لانجاز جسر أو مبنى أو طريق في سبيل تعزيز وتعميق التعاون الثنائي بين البلدين.
وتتولى شركة الإنشاء والهندسة الوطنية الصينية الاشراف على مشروعات المبنى الإداري المركزي والمسجد الرئيسي ومركز المؤتمرات وصالة المعارض.
كما تتولى الاشراف على مشروعات المركز الثقافي ومكتبة الجامعة المركزية ومركز الزوار ومباني العنابر للطلاب والطالبات.
وبالنسبة لسو، فان هذه المشروعات تعد "طفلا" له.
ويؤكد المهندس الشاب أنه بذل كل ما في وسعه خلال خمس سنوات بداية من الفوز بالعطاء حتى التوقيع على العقود وتنفيذ عملية البناء.
وتقتصر فترة التواصل بين تسو وزوجته عن طريق الهاتف كل يوم على بضع دقائق بسبب أشغاله المكثفة والكثيرة في موقع المشروعات.
ولذلك, كتبت زوجته في الرسالة العلنية "أتمنى أن أصبح حجرا في المدينة الجامعية لكي ألتقي معه كل يوم".
في المقابل، يأمل تسو أن يعوض زوجته عن فترة غيابه وانشغاله بالعمل بعد انتهاء المشروع.
ومن المتوقع أن يكتمل إنشاء هذه المشروعات في نهاية العام المقبل.
وفي كل مرة يحلم فيها تسو بإكتمال هذه المشروعات, يشعر أن الأمر يستحق هذا الجهد المبذول.
ويقول "سوف يتمتع الكويتيون بالمباني عالية الجودة.. وستصبح هذه علامة بارزة للإنشاء الصيني في الكويت".
وتعمل شركة الإنشاء والهندسة الوطنية الصينية في البرنامج الإنشائي لمدينة صباح السالم الجامعية الكويتية الى جانب شركات صينية أخرى.
ويقام المشروع على مساحة 6 ملايين متر مربع ويضم 60 مبنى و8 محطات تحويل طاقة.
وستستوعب المدينة 40 ألف طالب وطالبة.
ويوجد أكثر من 40 شركة ومؤسسة صينية ونحو ثمانية آلاف من الموظفين الصينيين يشاركون في حوالي 80 مشروعا متنوعا في الكويت.
وأطلقت الكويت في بداية عام 2017 خطة تنموية تمثل رؤيتها لمستقبل اقتصادي واعد حتى عام 2035 وتتطلع فيه لتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري اقليمي.
وأدرجت ضمن محاور هذه الخطة الطموحة المعروفة بـ "رؤية الكويت 2035" مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين في عام 2013.
