تحليل إخباري: لماذا ارتفعت ودائع المصريين في البنوك رغم الغلاء؟

2018-08-10 07:09:55|arabic.news.cn
Video PlayerClose

القاهرة 9 أغسطس 2018 (شينخوا) عزا خبراء اقتصاديون اليوم (الخميس)، زيادة ودائع المصريين في البنوك إلى ارتفاع سعر الفائدة، والقضاء على المضاربات الدولارية والعقارية، وزيادة تحويلات العاملين بالخارج.

ورأوا أن زيادة الودائع حدت من التضخم، بعد أن قلصت السيولة الموجودة في السوق، وشجعت المصريين على الادخار، متوقعين وصول حجم الودائع لمستويات أعلى.

وأعلن البنك المركزي قبل أيام، ارتفاع إجمالي الودائع لدى الجهاز المصرفي في إبريل الماضي إلى 3.525 تريليون جنيه (الدولار الأمريكي يعادل 17.82 جنيه مصري)، مقابل 3.042 تريليون في يونيو 2017، و2.761 تريليون في ديسمبر 2016.

وبلغ عدد المدخرين في مصر حوالي 28 مليون مواطن، حسب رئيس البنك المركزي طارق عامر.

وجاء ارتفاع حجم الودائع في وقت يعاني المصريون من زيادة أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق منذ تحرير سعر الصرف.

وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي رشاد عبده إن ودائع المصريين فى البنوك ارتفعت بنسبة كبيرة، لعدة عوامل أولها "ارتفاع أسعار الفائدة بعد قرار تحرير سعر الصرف، الذى أدى إلى ارتفاع سعر الفائدة فى البنوك إلى 20% حينها، ثم انخفضت إلى 18% ثم إلى 16 و15% حاليا، وهي أيضا نسبة كبيرة".

وأعلن البنك المركزي في نوفمبر 2016 تحرير سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، ما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه، حيث وصل الدولار إلى 17.82 جنيه حاليا بدلا من 8.88 جنيه فقط قبل التعويم.

وعقب قرار تحرير سعر الصرف، ارتفع معدل التضخم بشكل غير مسبوق حتى وصل إلى أعلى معدل له في يوليو 2017 حين بلغ 34.2%، مقارنة بمستويات لم تتجاوز 12% قبل قرار التعويم.

وفي محاولة لمواجهة هذا الأمر أعلنت البنوك عن شهادات إدخار ذات عائد مرتفع بلغ 20%، ثم طرحت لاحقا شهادات بعائد 15% بعد قرار البنك المركزي خفض أسعار الفائدة.

وأضاف عبده، وهو رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن "المصريين يريدون أن يكون لديهم دخل إضافي لكي يستطيعوا أن يعيشوا، وادخار الأموال في البنوك مع هذه الفائدة الكبيرة فرصة كبيرة لتحقيق هذا الهدف، لذلك زادت الوادئع".

وتابع أن "وضع وديعة في البنك بالنسبة لكثير من المصريين أفضل من إقامة مشروع خاص، في ظل الفائدة الكبيرة بالبنوك، والادخار مهم جدا لأن دور البنك أنه وسيط مالي بين الطرفين، طرف يملك مالا وآخر محتاج إليه لإقامة مشروعات، وبالتالي حينما تزيد الودائع فى البنوك يقوم البنك بضخها فى صورة قروض لرجال الأعمال والمستثمرين بهدف إنشاء مشروعات، وهو ما يصب فى صالح تشغيل الشباب والحد من البطالة".

وواصل أن "إقبال المصريين على ادخار أموالهم فى البنوك يحد من التضخم نظريا، لأنه لن يكون هناك سيولة فى السوق، وبالتالي لن يكون هناك طلب كبير على المنتجات، فتقل نسبة التضخم".

وبلغ معدل التضخم على أساس سنوي في يوليو الماضي 13%، حسب بيان للجهاز (المركزي للتعبئة العامة والإحصاء) اليوم.

بدوره قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن زيادة الودائع في البنوك المصرية أمر متوقع.

وأوضح في تصريح لوكالة (شينخوا)، أن "البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي وعقب تحرير سعر الصرف لكي يسحب السيولة الموجودة لدى المواطنين، بغرض الحد من الاستهلاك، حيث شجع قرار رفع أسعار الفائدة المواطنين على الادخار في البنوك للاستفادة من الفائدة المرتفعة".

وتنفذ الحكومة المصرية برنامجا للإصلاح الاقتصادي، شمل إلى جانب تحرير سعر الصرف، رفع الدعم تدريجيا عن أسعار الوقود والكهرباء والغاز والخدمات الحكومية، وإقرار سلسلة من القوانين الاقتصادية الخاصة بالضرائب والاستثمار.

ورأى إبراهيم أن "الادخار هو بديل الاستهلاك في مصر، فعندما يزيد الاستهلاك ترتفع الأسعار، صحيح أن الاستهلاك يقوم بتنشيط الاقتصاد فى بعض الفترات لكن فى ظل وجود ظروف صعبة من المهم أن يقل الاستهلاك قليلا، وتذهب الأموال إلى الادخار، حتى تستخدم البنوك الأموال فى الاستثمار، الذي سيؤدي بدوره إلى زيادة الإنتاج وليس الاستهلاك، وبالتالي ستقل الأسعار".

تابع أنه "بالطبع إيداع الأموال فى البنوك يحد من التضخم، فكلما زاد سعر الفائدة كلما كان هناك دافعا لدى الناس لتأجيل الاستهلاك جزئيا وهذا يقلل التضخم"

أما الدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي فرأى أن "زيادة حجم الودائع مؤخرا نتاج العديد من الأسباب، أهمها القضاء على المضاربة على الدولار من خلال تحرير سعر الصرف، والقضاء على المضاربة العقارية بزيادة الطروحات الحكومية من أراضي وشقق سكنية".

وأرجع زيادة الودائع أيضا إلى "اتخاذ الحكومة إجراءات مهمة في مجال الشمول المالي، فضلا عن عودة تحويلات المصريين للجهاز المصرفي".

وارتفعت التحويلات المالية للمصريين العاملين في الخارج خلال الشهور العشرة الأولى من العام المالي 2017 - 2018 نحو 8.5 مليار دولار، لتصل إلى 26 مليار دولار، بنسبة زيادة 48.2%.

ورأى جاب الله، أن "هناك أمورا إيجابية لزيادة المدخرات في البنوك، أهمها زيادة القدرة التمويلية للاقتصاد المصري، والمساعدة على احتواء التضخم الناتج عن زيادة حجم النقود، وإن كان التضخم الناتج عن زيادة أسعار عناصر الإنتاج يحتاج للمراجعة".

وتابع أنه "في كل الأحوال، لا يجب أن ننكر أن زيادة حجم الودائع لهذا المستوى أمر إيجابي، ومتوقع زيادتها أكثر من ذلك". ودعا إلى "العمل على تنمية ثقافة ريادة الأعمال واستخدام المدخرات في مشروعات تساعد على التشغيل وخفض معدلات البطالة ورفع مستوى النمو وزيادة الإنتاج بصورة ترفع العرض المحلى لمستوى يناسب حجم الطلب، ما يؤدي إلى حدوث توازن في السوق عند أسعار تناسب المواطن".

الصور

010020070790000000000000011100001373798911