السفير السوداني: قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي ستمثل نقلة نوعية خاصة في العلاقات الافريقية الصينية
(شينخوانت)
بكين 27 أغسطس 2018 (شينخوانت)أكد السفير أحمد محجوب شاور السفير السوداني لدى الصين مؤخرا، أهمية قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني- الإفريقي المقرر عقدها في سبتمبر المقبل، مشيرا إلى أنها "ستمثل نقلة نوعية خاصة في العلاقات الافريقية الصينية."
وصرح السفير ذلك في مقابلة خاصة مع شينخوانت، فقد أعرب عن آرائه حول العلاقات الصينية السودانية وسياسة الإصلاح والانفتاح الصينية وقمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي ومبادرة "الحزام والطريق" وغيرها من المواضيع الأخرى.فيما يلي تفاصيل المقابلة مع السفير:
شينخوانت: أقيمت بين الصين والسودان الصداقة الراسخة في التاريخ، فقد حقق الجانبان تعاونا ناجحا في البنية التحتية والتصنيع والتعليم والثقافة وغيرها من المجالات، فما رأيكم حول آفاق العلاقات والتعاون بين البلدين في العصر الجديد؟
السفير: أولا، أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لوكالة أنباء شينخوا لاتاحة هذه الفرصة للقاء وللتحدث عن عمق العلاقة الصينية السودانية، حيث أن العلاقة السودانية الصينية هذه العلاقات ضاربة الجذور وممتدة وراسخة ومتطورة دائما الى الامام في هذه السنوات التي مضت. وستبلغ العلاقة في فبراير من العام المقبل عامها الستين وقد تطورت من علاقة عادية إلى شراكة استراتجية في عام 2015. وهي علاقة في كل المحاور السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وعبر هذه العلاقة، قامت الدولتان الصديقتان بكثير من المشاريع المشتركة والتنسيق في كثير من المشاريع المشتركة. سواء كان ذلك في المحافل الدولية بينهما معا أو من خلال اللقاءات الثنائية في المشاريع المشتركة لمنفعة البلدين الصديقين.
شينخوانت: وما هي المجالات أو المشاريع الواعدة بين البلدين في المستقبل القريب؟
السفير: من المعروف أن أهم مشروع قامت به الصين في السودان هو مشروع استخراج النفط، وكان المشروع ناجحا جدا، فهو يمثل نموذجا في إفريقيا وغيرها من دول الجنوب في التعاون الاقتصادي. ويبرهن على نجاح التجربة الصينية في هذا المجال.
وفي مجال التعدين، من المعروف أن السودان زاخر بثروة معدنية هائلة بكافة أنواعها بداية من المعادن النفيسة كالذهب والفضة والنحاس وغيرها حتى المعادن الاقتصادية مثل الحديد والرخام وغيرها. وهناك عدد كبير من الشركات الصينية تعمل الآن في السوق السودانية. وهناك بشرى بتوقيع عدد كبير من الاتفاقيات مع شركات صينية كبرى للعمل في مجال التعدين في الفترة القليلة المقبلة وسوف يبدأ انطلاق أعمالها في السودان.
وفي إطار الزراعة بدأت تجارب ناجحة جدا في مجال الزراعة والتصنيع الزراعي من خلال منح قيمة مضافة للمنتجات الزراعية مع شركات وجهات صينية. ونحن الآن نسعى الى تحقيق شراكة اقتصادية في المجال الزراعي أيضا بين الصين والسودان. خاصة وأن السودان يمتلك موارد هائلة جدا من الموارد الطبيعية التي تخص الزراعة وتوافر المياه سواء كان ماء نهر النيل أو الأنهار الأخرى أو المياه الجوفية.
وكذلك هناك مجال الثروة الحيوانية، حيث يمتلك السودان ثروة حيوانية هي الاكبر على نطاق افريقيا والعالم العربي، بالاضافة إلى الثروة السمكية في البحر الأحمر أو في مجال الانهار غير الاستزراع السمكي. ويمكن أن تكون هناك شراكة اقتصادية بين السودان والصين في هذا المجال. أولا لكفاية السوق المحلي، ثم الانطلاق للتصدير إلى الصين أو شمال افريقيا أو الاتحاد الاوروبي ودول الخليج العربي . ونحن قادرون على تغطية احتياجات تلك البلدان من الثروة الحيوانية لما لدينا من موارد.
(شينخوانت)
شينخوانت: يصادف العام الجاري الذكرى الـ٤٠ لتنفيذ الصين لسياسة إصلاح الصين والانفتاح على العالم الخارجي، فما هي التغيرات الحاصلة في الصين خلال العقود الأربعة الماضية؟ وما هي الخبرات التي حصلت عليها الصين؟ وترى أنه من الضروري نقلها الى السودان أو القارة السمراء للاستفادة منها؟
السفير: كل من يغيب عن الصين ولو لشهور قليلة يلاحظ التقدم الهائل الذي تشهده الصين يوميا والرفاهية الذي تحققت لشعبها بهذه السياسة الرشيدة، والتي اعتقد انها لن تكون نموذجا لدول العالم الثالث فقط وإنما لكافة دول العالم، حيث ينبغي أن تتبعها دول العالم بعد اثبات نجاحها وتحقيقها للصين تقدما اقتصاديا هائلا ورفاهية للشعب.
إن ما اتبعته الصين من 40 عاما بالاصلاح والانفتاح هو العكس تماما لما تقوم به دول كبرى حاليا من سياسات حمائية تحارب بها الانفتاح الاقتصادي، حيث حقق الانفتاح للصين تقدما كبير جدا، وأهم ما يمكن أن تستفيد منه افريقيا في هذا المجال هو نقل التقنيات والاستفادة من التقنية الصينية والخبرات الصينية في سبيل بناء اقتصاد قوي وتحقيق رفاهية الشعوب.
شينخوانت: تنطلق فعاليات قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الافريقي في شهر سبتمبر، وتهدف القمة الى الارتقاء بالعلاقات الودية بين الصين والدول الافريقية، من وجهة نظركم ما هو المستوى التي وصلت اليه علاقات الصين مع الدول الافريقية وما هي السبل لمزيد من الارتقاء بها؟
السفير: إن العلاقات الصينية الافريقية متطورة خلال السنوات الماضية وشهدت العديد من اللقاءات سواء كانت على المستوى الوزاري أو على مستوى القيادات، وكان آخرها قمة جوهانسبرغ، وكان هناك جولة للرئيس الصيني مؤخرا في عدد من الدول الافريقية وهو ما يدل على مدى اهتمام الصين بالقارة الافريقية، والتي حضر خلالها قمة بريكس في جنوب أفريقيا العضو الهام في الاتحاد الافريقي، وهي دلالة على عمق العلاقات وتطورها.
كما أن مجالات الاهتمام بين الجانبين كبيرة جدا بين الصين والدول الافريقية، أهمهما إصلاح الامم المتحدة ومجلس الأمن في المجالات السياسية، وبالاضافة إلى سياسات الانفتاح والتكامل الاقتصادي بين الدول الافريقية والصين، وتملك افريقيا من المؤهلات ما يسمح لها بالعمل مع الصين في هذه المسارات للوصول إلى الاهداف المرجوة والمبتغاة، في ظل هيمنة تهدف إلى أن تكون الوحيدة التي تسيطر على موارد وتوجهات كل البشرية.
شينخوانت: ما هي توقعاتكم لقمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي التي ستنعقد في سبتمبر؟
السفير: تقديري أن هذه القمة ستكون انطلاقة كبرى وجديدة في العلاقات وستمثل نقلة نوعية خاصة في العلاقات الافريقية الصينية، وستشهد بلا شك اتفاقا كاملا في كل المجالات مع حضور أكثر من 50 زعيما ورئيسا افريقيا في مكان واحد للتشاور حول الهموم المشتركة، وسيكون اعلان بكين المقبل وثيقة هامة لكيفية التعامل بين الشعوب.
(شينخوانت)
شينخوانت: دعم السودان مبادرة "الحزام والطريق" منذ انطلاقها، كيف تقرأون تأثير المبادرة على العلاقات الصينية السودانية والعلاقات الصينية الإفريقية؟ كيف يمكن أن تعود المبادرة بمنافع ملموسة على الشعوب الإفريقية بشكل عام والشعب السوداني بشكل خاص؟
السفير: إن مبادرة "الحزام والطريق" ذكية جدا لمصلحة البشرية، ولا تستهدف تحقيق مصلحة شعب على حساب أخر، وإنما تحقيق المصلحة المتبادلة، وهي تمثل نموذجا عالميا لكيفية التعامل بين الجنوب والجنوب وأيضا منصة انطلاق إلى التعامل مع كل دول العالم.
لدى الصين ماضيها في التعاون الدولي وتنطلق هذه المبادرة لتوطد هذه العلاقات في مجالات مختلفة ولتكون سببا في رفاهية ورخاء البشرية وسواء كان في المجالات الاقتصادية او السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية، وكثير من المشتركات بين افريقيا بشكل عام والسودان بشكل خاص وبين الصين.
وبالنظر إلى العلاقات الصينية السودانية سنجدها لم تبدأ في المجال الاقتصادي، هي بدأت في وقت مبكر جدا في المجال الثقافي حيث كانت فرقة الاكروبات الشعبية الصينية هي أول من بدأ في اختراق هذه العلاقة وتطورت إلى ان وصلت المستوى المتطور والمتقدم جدا حاليا. والمشتركات كبيرة جدا والشعوب الافريقية عامة، الشعب السوداني خاصة محب للشعب الصيني وللقيادة الصينية. وسيظل السودان داعما لمبادرة الحزام والطريق بقوة وسيكون شريكا فاعلا في إنجاحها.
شينخوانت: ما هي مقترحات السودان لتحقيق مجتمع المصير المشترك بين الصين والدول الافريقية بما يضمن التنسيق بين مبادرة الحزام والطريق واجندة الأمم المتحدة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة من جهة والاستراتيجيات التنموية للدول من جهة اخرى؟ السفير السوداني: إن مبادرة المستقبل المشترك للبشرية ليس بينها وبين أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة أو الاستراتيجيات التنموية للدول الأخرى أي تعارض، ولكنها تسير في نفس المنحى ولذلك سيكون التكامل بينهما هو ما يغلب، وهو المؤهل لنجاح المبادرة في الفترة المقبلة.
شينخوانت: ما هي وجهة نظركم حول الانتقادات الموجهة للصين بانها تهديد لاقتصاديات القارة الافريقية أو أنها من الاستعمارات الجديدة عليها؟
السفير: إن الصين تقوم في علاقاتها على مصالح مشتركة ومتبادلة وفهم مشترك، ولا تقوم على سياسات إملائية أو استعمارية بعكس ما تقوم به الدول الاخرى، ويتمتع السودان بتجربة كبيرة في التعامل مع الصين منذ بداية العلاقات الثنائية منذ ما يقرب من 60 عاما، وسياستها تقوم على الاحترام المتبادل، ولم نشعر في يوم من الأيام أن الصين استعمارية على السودان أو على أي دولة من الدول الافريقية.
شينخوانت: أصبحت القارة السمراء مقصدا سياحيا لعدد متزايد من السياح الصينيين خلال السنوات الأخيرة، كيف تقرأون هذا الاتجاه؟ وفي ظل تمتع السودان بموارد سياحية متنوعة، ما هي الخطط التي سيتخذها السودان لجذب المزيد من الزوار الصينيين؟
السفير: السياحة الصينية مهمة جدا بالنسبة إلى عدد السكان الصينيين والتطور الذي حصل لمستوى دخل المواطنين الصينيين خلال السنوات الماضية وكل العالم يستهدف السياح الصينيين، ولدى افريقيا موارد سياحية كبيرة ومتنوعة، مثلا لدينا في السودان سياحة الغطس في البحر الأحمر وسياحة السفاري في المحميات البرية ولدينا أيضا السياحة الثقافية لحضارة مروي وكوش وغيرها، وهناك سياسات تستهدف السياح سواء كان السائح الصيني أو أي سائح أخر. وتوفر الدولة السودانية الأمن والحماية وهو أول ما يرغب فيه السائح من أي جنسية، بالاضافة إلى وجود بنية تحتية يجد فيها السائح الراحة والاستجمام وهو ما يمكن أن يكون مدخلا لتعاون استثماري بين شركات صينية تعمل في المجال السياحي وبين الدول الافريقية ومن ضمنها السودان لاقامة بنى تحتية مؤهلة لجذب السائح الصيني وغيره من السياح.