مقالة خاصة: هل استثمار الصين "تهديد" لأوروبا، أم مصدر نموٍ لها؟

2018-10-21 14:28:18|arabic.news.cn
Video PlayerClose

لندن 21 أكتوبر 2018 (شينخوا) على ضفة سوميريست جنوب غربي بريطانيا، تعمل حفارات ورافعات عملاقة في موقع إنشاء تزيد مساحته على 245 ملعب كرة قدم، سيحتضن بالمستقبل مفاعلين نوويين ضمن مشروع هينكلي بوينت سي (Hinkley Point C).

هذا المشروع الذي يستمر 10 سنوات، ويوصف بأنه "أول محطة طاقة نووية بريطانية في غضون جيل"، ظل يعمل بصورة سلسة في طريقه لإتمام المرحلة الأولى الهامة في منتصف العام المقبل 2019، والمتمثلة بإرساء المنصة أو الأساس الجوهري الذي سيرتكز عليه الموقع.

المشروع الذي قيمته 14 مليار جنيه استرليني (18 مليار دولار أمريكي) تأتي ثلث استثماراته من الصين، سيخلق 25 ألف فرصة عمل، خلال مرحلة البناء، و900 فرصة عمل دائمية بعد تشغيله عام 2025.

وسيساعد أيضا في ضمان نحو ثلث الطاقة الكهربائية البريطانية، المولدة حاليا من الطاقة النووية. وستتم تصفية نحو نصف مفاعلات بريطانيا العاملة حاليا وعددها 15، بحلول عام 2025.

لقد وافقت الحكومة البريطانية على هذا المشروع في عام 2016، بعد تأجيل القرار لفترة قصيرة، ممهدة الطريق لنسخة مطورة من العصر الذهبي للعلاقات الصينية-البريطانية، رغم بعض المزاعم الإعلامية حول ما يسمى "التهديد" الذي تمثله استثمارات الصين في أوروبا، عبر ما يروج بأنه "استراتيجية كبرى".

قال ستيفن بيري، رئيس مجموعة (نادي الـ48) وهو رابطة تجارية قامت بخطوة هامة جدا لكسر الجليد في العلاقات التجارية مع الصين في فترة الخمسينات من القرن الماضي، إن التمييز الذي كان قائما ضد الصين قبل أكثر من 60 عاما، مازال موجودا نوعا ما.

هذا التمييز المجحف ضد الصين، والكثير منه يخالف حتى أبسط الحقائق، يمكن أن يحرم أوروبا من فرص عظيمة ناجمة عن التنمية في الصين، وفقا لبيري.

فرص حقيقية

في مدينة ديساو-روسلو الألمانية، قرب برلين، هناك شركة عربات ومقطورات سكك حديدية معروفة بالمدينة، كانت على شفا الإفلاس.

وتقدمت شركة مشروع مشترك صينية-سويسرية بشراء الشركة الألمانية الموشكة على الإفلاس، في نوفمبر 2016. قال المدير التنفيذي للشركة الألمانية، يان هاردير، في حديث مع ((شينخوا))، إن الشركة الصينية المُشترية قد أبقت جميع العمال الـ45 في أعمالهم، بعد عملية الشراء، وانتعشت أعمال الشركة الألمانية مرة أخرى، بفضل هذا الشريك الصيني الموثوق، بحيث أنها وظفت المزيد من العمالة خلال العامين الماضيين.

هذا المدير التنفيذي للشركة الألمانية، نفى وجود أية دوافع سياسية وراء عقد الاتفاق مع الشركة الصينية، فقال "في نهاية المطاف، الهدف الرئيسي لعملنا هو تقديم أفضل الخدمات للمسافرين في تنقلاتهم اليومية".

وفي صربيا، هناك معمل حديد كان مملوكا للدولة، وشارف على الإفلاس، ولكنه عاد وانتعشت أعماله بفضل شركة صينية ساهمت به عام 2016.

وحسبما قال دراغان ستيفانوفتش، سكرتير دولة بوزارة الاقتصاد الصربية، فإن حياة 20 ألف شخص، تعتمد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على هذا المعمل واستمرارية عمله.

جسر وليس عزلة

إن الاستثمارات الصينية لا تسهم في ضمان خلق فرص عمل في أوروبا فحسب، بل تساعد في بناء جسر يقلل فجوة التنمية بين المناطق.

على سبيل المثال، أصبحت مدينة لودتش وسط بولندا، وهي محطة توقف لقطارات شحن البضائع بين الصين وأوروبا، محورا لوجستيا حيويا يربط شرقي أوروبا بغربيها.

ويربط المشروع الرائد الكبير لسكك الحديد وقطارات الشحن السريعة بين الصين وأوروبا، ضمن مبادرة الحزام والطريق، بين 48 مدينة صينية و42 مدينة في 14 بلدا أوروبيا.

قال نائب عمدة مدينة لودتش، كريسيستوف بياتكوفسكي، إن المدينة ستصبح بالتأكيد من أكبر محاور الخدمات اللوجستية في أوروبا، بفضل الاستثمارات المشتركة بين الصين وبولندا، مضيفا أن المدينة تثمن عاليا تعاونها مع الصين.

وفي الجبل الأسود، يجري بناء طريق سريع إستراتيجي بمساعدة من الصين، لمواصلة انفتاح البلاد وتحديثها، وفقا لما أكده فيسيلين فوكوتيتش الوزير السابق في الجبل الأسود ورئيس أحدث جامعة خاصة فيها حاليا، خلال حديثه مع وكالة أنباء ((شينخوا)).

قال فوكوتيتش، الذي عمل خبيرا في الشؤون الاقتصادية قبل تأسيس جامعة دونجا جوريكا الخاصة، "لا جدال في أن الطريق السريع يعد منشأة أساسية للبنية التحتية تعمل على تهيئة الظروف لانفتاح الجبل الأسود وتحديثها".

وأشار فوكوتيتش إلى أن إنشاء بنية تحتية أفضل سيسهم أيضا في زيادة عدد الزائرين للبلاد، مضيفا بقوله "يفد إلى الجبل الأسود الآن حوالي مليون سائح سنويا".

وتقوم الجبل الأسود الآن ببناء قسم طوله 41 كلم من الطريق السريع، ويمثل هذا القسم المرحلة الأولى من الطريق السريع المزمع إنشاؤه والذي يصل طوله إلى 180 كلم، وهو أكبر مشروع للبنية التحتية في البلاد ويهدف إلى ربط ميناء بار الجنوبي بجارتها الشمالية والحبيسة صربيا.

نقص بالمعرفة الثقافية

لقد ذهبت بعض وسائل الإعلام الغربية إلى حد أنها ألقت باللائمة على الصين، بأنها تسعى "لإضعاف وتفرقة أوروبا".

ودحض البروفيسور كوستاس غولياموس، عميد الجامعة الأوروبية في قبرص، مثل هذه المزاعم قائلا "إن الاستثمارات الصينية تهدف لمنفعة متبادلة، وهناك عوامل إيجابية كثيرة جدا لهذه الاستثمارات الصينية في أوروبا، وعلى هذا الأساس، هناك الكثير من الدول والاقتصادات في أوروبا تعتبر استثمارات الصين مصدرا للفرص".

وأضاف "أن الاستثمارات الصينية يمكن أن تكون مصدرا لفرص العمل وللتنمية وحتى للتقدم التكنولوجي".

من جانبه، قال فرانسيسكو مارينيو، وهو خبير ايطالي بشئون الصين في مدينة بولونا، إن العروض الصينية "هي طريقة جديدة للتعاون" مع أوروبا والعالم في مجالات تشمل التجارة والاقتصاد والتبادلات الثقافية والسياسية والمؤسسية.

وأشار إلى أنه بالمقارنة مع السياسات الأحادية والحمائية، فإن الصين تقدم الفرصة "لرخاء سلمي مشترك" بين الدول.

الصور

010020070790000000000000011101421375483341