تعليق: الأحادية والنهج الشعبوي يضعفان المصداقية الأمريكية

2018-10-25 19:08:19|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 25 أكتوبر 2018 (شينخوا) يظل الاحتكاك التجاري بين الولايات المتحدة والصين مستمرا منذ عدة شهور، دون وجود علامة واضحة على نهايته. ومن الواضح بشكل متزايد أن المشكلة تكمن في النهج الأحادي وأساليب التنمر لدى واشنطن.

وتقوم الإدارة الأمريكية الحالية بخلط إحصاءات تجارية جزئية ومضلّلة إلى جانب مزاعم زائفة تنبثق عن عاطفة شعبوية، ما تسبب بشكل غير مقصود في إحداث ضرر، إذ إن مثل هذه الأساليب تُضعف من مصداقية الولايات المتحدة.

وفي أحدث تطور، قالت الولايات المتحدة إنها ستنسحب من الاتحاد البريدي العالمي، زاعمة أن الاتفاقية الأممية سمحت لشركات أجنبية "بالاستفادة من" الشحنات الرخيصة المتجهة إلى الولايات المتحدة.

وتبدو هذه الكلمات مألوفة في هذه الأيام، إذ تُذكّرُنا، من بين أمور أخرى، بالخطاب المعادي للصين، والذي ألقاه نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في وقت سابق هذا الشهر في معهد هودسون، أحد المراكز البحثية في واشنطن.

واستخدمت الولايات المتحدة مزاعم تجارية مبالغ فيها ضد اقتصادات أخرى، بما في ذلك الصين، على سبيل المثال لا الحصر، بناء على إحصاءات جزئية في الأقل يُقصد منها التضليل. ولدى استشهادها بعدم التوازن في تجارة البضائع، تزعم واشنطن أنه "يتم استغلالها منذ فترة طويلة" من قبَل دول أخرى.

ومع ذلك، قال الخبراء مرارا إنه من المضلل للغاية النظر فقط إلى الأرقام في التجارة الظاهرة. ففي حين أن الولايات المتحدة تعاني من عجز كبير في تجارة السلع، إلا أن لديها فائضا ضخما في تجارة الخدمات.

وبالإضافة إلى ذلك، تحقق الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات أرباحا ضخمة من السوق الصينية والعالمية. وقد خرج الاقتصاد الأمريكي من ركود كبير مع ازدهار سوق العمل لديها وسط تعزيز مكانتها الريادية في سلسلة التوريد الدولية بدلا من إضعافه.

لقد كان الانقسام الداخلي الأمريكي أكثر وضوحا. وهذا يشير بوضوح إلى وجود مشكلة. ولا شك في أن الولايات المتحدة استفادت كثيرا من عولمة التجارة والاقتصاد. فقد استفاد شركات مثل مايكروسوفت وآبل وأمازون، إلى جانب جميع مزارعي فول الصويا الأمريكيين، من السوق الصينية، وكذلك حال مصنعي الطائرات الأمريكيين جنبا إلى جنب مع عمالقة صناعة الأدوية.

وفيما يتعلق بالاحتكاك التجاري، لطالما أكدت الصين انفتاحها على المفاوضات واستعدادها للعمل مع الولايات المتحدة بغية حل القضية عبر المحادثات القائمة على المساواة والاحترام المتبادل.

إن الأمر يتطلب نظرة طويلة الأمد لتقييم العولمة. بينما قد تكون هناك آلام في ظل التكيّف مع الأمر، إلا أن جميع البلدان، بما فيها الولايات المتحدة، باتت اليوم أفضل حالا مما كانت عليه بدون العولمة.

وفي المشهد السياسي، تحرك البندول نحو الواقعية السياسية في الولايات المتحدة. فبدلا من أن تعمل القيادة الأمريكية الحالية كقيادة مؤسسية على الوجه الأكمل، قامت بتأجيج الشعور الشعبوي.

ومن الخطير بالنسبة لشخصيات سياسية عديمة الخبرة أن تنشر أرقاما مضللة بشكل متعمد بالإضافة إلى نشر الخوف بهدف خلق فزاعة خرافية يطلق عليها "التهديد الصيني".

ويبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم حوالي الخمس مقارنة مع نظيره بالولايات المتحدة. وتدرك الصين تماما أنها استفادت بشكل كبير من تعاونها المربح للجانبين مع باقي العالم. ولكنها تحاول حماية القاعدة المتعددة الأطراف للنظام العالمي، وتشعر بسعادة برؤية الآخرين وهم يستفيدون من هذه التعددية.

أسقطت الإدارة الأمريكية الحالية، لسبب غير معروف، التعددية والممارسات المتعارف عليها في الدبلوماسية لصالح الأحادية والأساليب الهدامة التي تخدمها. وحتى إذا استطاعت الولايات المتحدة تحقيق مكاسب ضئيلة بشكل مؤقت، والتي بالتأكيد ليست مضمونة، فإنها ستعاني من خسائر كبيرة على المدى الطويل. فبمجرد بداية السير في الطريق الهدام فلن تكون هناك رجعة من الناحية العملية.

ولا يبشر هذا الاتباع القوي لسياسة "أمريكا أولا" بالخير للمجتمع الدولي. ولا يبشر بالخير أيضا للولايات المتحدة نفسها. هذا المنطق لا يمكن أن يكون أكثر وضوحا. إذا اتبعت كل دولة هذا الاهتمام الضيق بخدمة النفس من جانب واحد بشكل متهور، فإن الفوضى والخراب هي النتيجة النهائية الوحيدة المتوقعة.

وفي السياق، كتب الصحفي المحنك فيليب بورينج الموجود في آسيا، في مقالة حديثة بجريدة ((ساوث تشاينا مورنينج بوست)) الصادرة بالإنجليزية، "انخفضت الثقة في الولايات المتحدة بشكل أسرع مما توقعه أغلب المواطنين الأمريكيين".

ويتعين أن تكون هذه الملاحظة بمثابة صيحة تنبيه. كما أن نهج واشنطن الأحادي وأساليب التنمر التي تتبعها جعلت من الصعب بالنسبة للصين وأي دولة مسؤولة أخرى توقيع أي اتفاقيات مهمة مع الولايات المتحدة. كما وضع مستقبل العولمة في طريق خطر.

والحل الوحيد للخروج من هذا اللغط هو عودة واشنطن إلى طاولة المفاوضات وتجنب تسييس الاحتكاك التجاري والعمل معا من أجل إيجاد حل سلمي. ومن شأن هذا أن يساعد الولايات المتحدة على استعادة بعض الثقة والمصداقية.

الصور

010020070790000000000000011101421375580201