مقالة خاصة: شغف تعلم اللغة الصينية يعكس التقارب التاريخي الكبير بين الصين والعالم العربي

2018-10-28 09:48:19|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 28 أكتوبر 2018 (شينخوا) الصينية...لغة تتطلب دراستها معرفة آلاف الرموز وحفظها عن ظهر قلب وكتابتها بكل دقة متناهية، ولكن دارسيها العرب يجدون في الرحلة التي يقطعونها لإجادتها متعة ورغبة كونها لغة تحمل حضارة عريقة وثقافة ثرية تواصلت منذ قديم الزمان مع منطقتهم وتفاعلت مع حضارتهم.

فالشاب المصري أحمد فوده (23 عاما) عشق اللغة الصينية وتخصص في دراستها بجامعة عين شمس المصرية واختار لنفسه اسم صيني وهو "دا وي". وفي أغسطس من عام 2016، حاز دا وي على المركز الثاني على مستوى العالم والمركز الأول على مستوى منطقة إفريقيا في الجولة النهائية من مسابقة "جسر اللغة الصينية"، وهي مسابقة في إتقان اللغة الصينية لطلبة الجامعات الأجانب. وخاض تجربة العمل كمذيع في برنامج تليفزيوني في مدينة تيانجين الصينية لمدة ثلاثة أشهر.

وفي الواقع، طرحت شجرة التعاون الصيني-العربي ثمارها في مجال التبادلات الشعبية في السنوات الأخيرة، وهو ما فتح قناة للتواصل الشعبي بين الجانبين. وعلى الصين والدول العربية أن تواصلا جهودهما لوضع اللغة في صدارة أولوياتهما من أجل تحقيق تفاهم فكري وثقافي.

وقد ظهر في الشرق الأوسط ميل شديد لدراسة اللغة الصينية والتعرف عن قرب على الصين وأطلق على هذا المنحى اسم "شغف باللغة الصينية" و"شغف بالصين". ويقدم أحمد فوده مثالا على ذلك وهو يسير في هذا الاتجاه الذي غير حياته.

أما الدكتور حسن رجب مدير معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس فهو شاهد على ازدياد الشغف إلى تعلم اللغة الصينية ومعرفة الثقافة الصينية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة ويتلمس هذه الحماسة بنفسه.

ويقول رجب، الذى كان بين الدفعة الأولى من خريجي الجامعات المصرية في تخصص اللغة الصينية، إنه في عام 2018، تقدم أكثر من 300 طالب بطلبات للدراسة في قسم اللغة الصينية بكلية الألسن جامعة قناة السويس التي كانت قد خططت لقبول 30 طالبا فقط؛ مضيفا أنه في أنحاء مصر، انضم حوالي 600 آخرين إلى معهد كونفوشيوس في عام 2017.

وحتى يومنا هذا، أنشأت الصين 12 من معاهد كونفوشيوس و4 من فصول كونفوشيوس الدراسية في تسع دول عربية، وقدمت دورات تدريب أكاديمية لـ70 ألف طالب، فيما شارك 13336 طالبا في اختبار إجادة اللغة الصينية المعروف (HSK).

وحول هذا الموضوع، قال هو يوي شيانغ نائب رئيس البحوث العربية بجامعة الدراسات الدولية ببكين إن معاهد كونفوشيوس أصبحت نوافذ هامة لمعرفة الدول العربية بالصين، وتلعب دورا فريدا في تعميق التعاون التعليمي والثقافي بين الجانبين.

وفي المغرب، أقيمت مراسم تدشين معهد كونفوشيوس للغة والثقافة الصينية بمقر رئاسة جامعة عبد المالك السعدي بتطوان في 28 مارس 2017، لتصبح بذلك المغرب أول بلد عربي يضم ثلاثة معاهد كونفوشيوس، حيث أصبح معهد كونفوشيوس في المغرب مركز تدريب معتمد لأغراض التأهيل المهني للمرشدين السياحيين المحليين، وهو ما يسهم في دفع تنمية السياحة المحلية.

وفي الأردن، ومع التزايد الملحوظ في الإقبال على تعلم اللغة الصينية هناك ولاسيما من جانب رجال الأعمال وجيل الشباب في المدارس والجامعات، اتجهت عدة مدارس إلى تعليم الصينية كلغة ثالثة لطلبتها مثل مدرسة الأهلية.

وفي مصر، شهدت معرفة المصريين بالثقافة الصينية "طفرة كبيرة" خلال العامين الماضيين. وهناك إقبال كبير جدا على الالتحاق بالمعهد من جانبين، الأول إقبال من طلاب أقسام اللغة الصينية (بالجامعات المصرية) الذين يأتون للمعهد ليحسنوا مستواهم في اللغة الصينية، والثاني إقبال بدأ منذ عام من طلاب تخصصات أخرى ومن كليات مثل التجارة والطب والآثار والحقوق لتعلم اللغة الصينية بهدف الالتحاق بجامعات صينية ومواصلة دراسة تخصصاتهم في الصين.

وفي الإمارات، تتوافد أعداد كبيرة على معهد كونفوشيوس في كل من جامعتي زايد ودبي لتعلم اللغة الصينية والتعرف على ثقافتها من قبل الأفراد في الدوائر الحكومية وطلبة المدارس والمواطنين الإماراتيين.

وثمة مجموعة من الأسباب تجعل الشباب فى دول الشرق الأوسط يقبلون على دراسة اللغة الصينية، وأولها يتمثل في رغبتهم في الحصول على فرص عمل داخل الشركات الصينية العاملة في بلدانهم، فضلا عن عامل آخر يتعلق برغبة المستوردين العرب الذين يتعاملون مع المنتجات الصينية، في تعلم اللغة من أجل التحكم أكثر في مجال نشاطهم.

أما الفتاة الإيرانية حميدة فارد، التي ولدت ونشأت في الكويت، فقد عادت في يناير 2018 إلى الكويت بعد الدراسة في الصين لمدة ست سنوات. وتمكنت من العثور على فرصة عمل بعد أقل من 20 يوما فقط من عودتها إلى هناك بفضل إتقانها للغة الصينية.

فقد أرسلت سيرتها الذاتية عبر الويتشات، وهو تطبيق للتواصل شائع الاستخدام في الصين، ولفتت انتباه العديد من الشركات. واختارت حميدة فارد في النهاية العمل في شركة هواوي الصينية، وهي مزود عالمي للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأجهزة الذكية. وها هي الآن تتولى منصب منسقة تسليم المنتجات المسؤولة عن تعزيز الأعمال التجارية للشركة مع الموزعين المحليين.

وقالت حميدة فارد إن عملها يعطيها الفرصة ليس لتقديم المنتجات الصينية فحسب، وإنما لتعريف السكان المحليين أيضا بالثقافة والمفاهيم الصينية، لتصبح بذلك "سفيرة غير رسمية".

ومن جانبه، أشار عضو جمعية المرشدين السياحيين بمدينة الأقصر المصرية صابر حجي إلى أن الصين تعد أحد أكبر الأسواق المصدرة للسياحة، مؤكدا أهمية تعلم اللغة الصينية في ضوء تزايد عدد السائحين الصينيين الوافدين إلى مصر.

ومع الاتجاه التصاعدي الملحوظ في الإقبال على تعلم اللغة الصينية، تم إنشاء البث الأول لبرنامج "تعليم اللغة الصينية" عبر قنوات النيل التعليمية المصرية ليغطي ملايين المشاهدين في 22 دولة عربية.

ومن ناحية أخرى، تُرجمت بعض الأفلام والمسلسلات الصينية المشهورة إلى العربية ووزعت في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، ومنها "حياة سعيدة" و"الزواج العار"و"كيد النساء" و"شباب بكين" و"حي الحياة". ولم يزدد حجم عرضها على شاشات التلفاز العربية فحسب، وإنما تنوعت في موضوعاتها لتعرض للمشاهد العربي جوانب عديدة للصين وفي حقب مختلفة. علاوة على ذلك، تلقى أفلام الرسوم المتحركة الصينية رواجا في العالم العربي، وخاصة سلسلة الرسوم المتحركة الصينية "الخروف شي والذئب هويتاي" التي أعجبت الأطفال المصريين كثيرا.

وفي الواقع، نشأت التبادلات الشعبية والثقافية المتبادلة بين الصين والعالم العربي منذ قرون وتشهد في هذه السنوات ازدهارا غير مسبوق بفضل دفع تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الجانبين، ولاسيما مع تكرار تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين قادة الجانبين.

الصور

010020070790000000000000011101451375637671