تحليل إخباري: مؤتمر وارسو الأمريكي يزيد المخاوف الفلسطينية بشأن السعي لتجاوز مبادرة السلام العربية

2019-02-15 22:32:49|arabic.news.cn
Video PlayerClose

رام الله 15 فبراير 2019 (شينخوا) أظهر الفلسطينيون معارضة شديدة لمؤتمر وارسو بشأن الأمن والسلام بالشرق الأوسط الذي عقدته الولايات المتحدة الأمريكية (الأربعاء والخميس) الماضيين بمشاركة إسرائيل ودول عربية.

ويرى مراقبون فلسطينيون، في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن انعقاد المؤتمر المذكور زاد من المخاوف لدى الفلسطينيين بشأن سعي الإدارة الأمريكية لتجاوز مبادرة السلام العربية على حساب تصفية قضيتهم.

وأطلقت جامعة الدول العربية مبادرة السلام العربية في العام 2002 بموجب مقترح قدمته في حينه المملكة العربية السعودية بغرض حل القضية الفلسطينية.

وتنص المبادرة على تطبيع الدول العربية والإسلامية علاقاتها مع إسرائيل بشرط انسحابها من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ العام 1967 وقيام دولة فلسطينية مستقلة.

ورفضت إسرائيل المبادرة منذ إطلاقها، وسعت كبديل عنها طوال السنوات الماضية إلى إقامة علاقات مع الدول العربية دون ربط ذلك بحل القضية الفلسطينية.

وجاء انعقاد المؤتمر الأمريكي في وارسو ليزيد الهواجس الفلسطينية بشأن مشاركة رسمية لدول عربية بجانب إسرائيل لبحث الوضع السياسي في الشرق الأوسط ودور الأطراف الفاعلة الرئيسة - ومنها إيران - في التطورات التي تشهدها المنطقة.

وقبل أيام من عقد المؤتمر، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات أن الجانب الفلسطيني رفض دعوة لحضور وارسو وأنه لم يفوض أحدا للحديث باسم فلسطين.

واعتبر عريقات أن مؤتمر وارسو "محاولة لتجاوز مبادرة السلام العربية وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني".

من جهتها، قالت الرئاسة الفلسطينية أمس (الخميس) إن قضية الشرق الأوسط هي سياسية وليست أمنية، ومفتاح تحقيق الأمن والاستقرار هو حل القضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

واعتبر الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أنه من دون إيجاد حل للقضية الفلسطينية قائم على حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية وتحقيق آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال، فإن كل المؤتمرات واللقاءات "سيكون مصيرها الفشل وستكون فقط مضيعة للوقت".

ورأى أبو ردينة أن "الاستمرار في مثل هذه المشاريع الفاشلة لن يؤدي سوى إلى خلق مناخ سلبي يستفيد منه المتطرفون وأعداء السلام".

وتقاطع السلطة الفلسطينية الإدارة الأمريكية منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها في 14 مايو الماضي.

ومنذ إعلان ترامب يطالب الفلسطينيون بآلية دولية لرعاية مفاوضات السلام مع إسرائيل المتوقفة أصلا بين الجانبين منذ العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية لم تفض إلى أي اتفاق.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي من الضفة الغربية جهاد حرب أن مؤتمر وارسو يمثل "محاولة أمريكية للالتفاف على المقاطعة الفلسطينية للإدارة الأمريكية منذ اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل".

ويشدد حرب على أنه بالنسبة للفلسطينيين فإن مواقف الإدارة الأمريكية تتناقض مع المبادرة العربية للسلام وحقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية.

ويشير إلى أن القيادة الفلسطينية باتت في موقفها المقاطع لواشنطن على قناعة بأن الإدارة الأمريكية الحالية "ليست داعمة لإسرائيل بل شريكا للتغطية على انتهاكاتها ومجمل مواقفها تناقض الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية".

وينبه حرب إلى أن القيادة الفلسطينية تظهر تمسكا شديدا بموقفها في الاستمرار بمقاطعة الإدارة الأمريكية والتصدي لصفقة القرن للسلام طالما لم تتراجع واشنطن عن مواقفها ولم تلتزم بحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.

وقررت إدارة ترامب في ديسمبر العام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت إلى المدينة التي يطالب الفلسطينيون أن يكون الجزء الشرقي منها عاصمة لدولتهم العتيدة، سفارتها إليها في مايو الماضي.

وخلال العام 2018، اتخذت إدارة ترامب سلسلة قرارات وصفت بانها غير مسبوقة مثل إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ووقف الدعم المالي عن الفلسطينيين وعن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وحتى الآن امتنعت واشنطن عن طرح خطتها للسلام التي تسمى إعلاميا "صفقة القرن" كما تعهدت قبل ذلك، وسط مصاعب حادة تتعلق أساسا بالرفض الفلسطيني الشديد للتعامل مع هذه الخطة خاصة أنها لا تستند بشكل واضح حتى الآن على حل الدولتين.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي من غزة هاني حبيب إن الإدارة الأمريكية الحالية أعلنت منذ يومها الأول "الحرب" على القضية الفلسطينية وعلى قرارات الشرعية الدولية وتنكرت لالتزاماتها حيال الاتفاقيات الدولية الموقعة بضمانها، وبالتالي فإن فلسطين لن تتعامل مع أي مخرجات لمؤتمر وارسو.

ويرى حبيب أن دعوة عدة دول عربية من بينها مصر والإمارات والبحرين والسعودية والأردن والمغرب، للمشاركة في أعمال مؤتمر وارسو تجسد الأهداف الحقيقية وراء مثل هذه الدعوة لإجراء حوارات ثنائية وربما جماعية بين إسرائيل وممثلي الدول العربية المشاركة.

واعتبر أن هذه الخطوة تمثل انتقالا بالغ الخطورة في ملف التطبيع العربي مع إسرائيل وانقلاباً منظماً على مبادرة السلام العربية على حساب تصفية القضية الفلسطينية.

ويحذر حبيب من السعي الأمريكي من وراء عقد مؤتمر وارسو للتقدم خطوة أساسية نحو إقامة ما يسمى بحلف ناتو عربي ـ إسرائيلي، يهدف إلى محاصرة إيران من جهة، وتصفية القضية الفلسطينية وتكريس الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وسوريا ولبنان، وإيجاد حاضنة عربية لصفقة القرن الأمريكية.

وكان ترامب تعهد في بداية ولايته في البيت الأبيض بالعمل على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه قال إن واشنطن ستحترم ما يتوصل إليه الطرفان في طاولة المفاوضات.

ولاحقا تحدث مسئولون أمريكيون عن صفقة قرن يجرى إعدادها في أروقة البيت الأبيض من دون أن يحددوا موعدا لطرحها رسميا وفي ظل تسريبات إعلامية متضاربة بشأن ذلك.

ولم يعلن المسئولون الأمريكيون أي تفاصيل رسمية بشأن مضمون صفقة القرن، لكن تقارير إسرائيلية تحدثت مرارا أنها ستتضمن عرض إعلان قرية "أبو ديس" شرقي القدس باعتبارها العاصمة الفلسطينية، مقابل انسحاب إسرائيلي من 3 أو 5 من القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس.

وحسب التقارير الإسرائيلية لن تتضمن الصفقة أي اقتراحات بانسحاب إسرائيلي من المستوطنات القائمة أو من الكتل الاستيطانية الكبيرة وإبقاء منطقة الأغوار الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية مع إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومن دون جيش أو أسلحة ثقيلة.

الصور

010020070790000000000000011101421378252481