عبير تطور العلاقات الصينية العربية يفوح على طول الحزام والطريق

2019-09-05 16:40:45|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 5 سبتمبر 2019 (شينخوا) إن رباط الصداقة بين الصين والدول العربية يعود إلى زمن قديم حيث كان طريق الحرير القديم جسرا ربط بينهما منذ آلاف السنين. وها هما يواصلان كتابة صفحات مشرقة خلال العصر الجديد مع أن انعقدت اليوم (الخميس) الدورة الرابعة من المعرض الصيني العربي في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غرب الصين في الفترة من 5 إلى 8 سبتمبر الجاري.

-- منطلق تاريخي

عند النظر إلى الوراء في تاريخ التبادل بين الجانبين الصيني والعربي يمكننا أن نتذكر ذاك العبير الطيب الذي كان يفوح على هذا الطريق مما كان يحمله أسلافنا وهم يجوبون الصحراء ممتطين الجمال والخيول وهم يبحرون في المحيطات ليلا ونهارا على مدى شهور متتالية.

فعبر طريق الحرير هذا، انتقلت الاختراعات الصينية الأربعة الكبرى - صناعة الورق، والبارود، والطباعة، والبوصلة إلى المنطقة العربية، وتم استقدام علم الفلك ونظام التقويم والأدوية والتوابل من هذه المنطقة إلى الصين. وفي العصر الجديد، يسطر الجانبان معا فصلا مهما في العلاقات والتبادلات والتعلم المتبادل بينهما، حيث أصبحا شريكي تعاون طبيعيين في البناء المشترك للحزام والطريق.

فقد طرحت الصين مبادرة الحزام والطريق أمام العالم عام 2013، وانطلقت في التركيز على التشارك في بنائها مع العالم العربي في عام 2014، حيث لاقت تجاوبا كبيرا من الدول العربية. كما أعلنت الصين في الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي في يوليو 2018 أنها والدول العربية اتفقتا على تأسيس "شراكة استراتيجية ذات توجه مستقبلي للتعاون الشامل والتنمية المشتركة"، ليكون ذلك إيذانا بدخول العلاقات الصينية العربية مرحلة تاريخية جديدة.

وتنبع مبادرة الحزام والطريق من التربة التي نشأ فيها طريق الحرير التاريخي، وتتماشى مع حاجة الدول العربية إلى تنويع الاقتصاد وتحقيق عملية التصنيع. وتبذل الصين على الدوام جهودا حثيثة لدفع هذه الصداقة العريقة، كون الشعب الصيني يدرك منذ القدم أن الخير لا يأتي من تلقاء نفسه، وأن السعادة تتطلب الكفاح.

-- علاقات متنامية

شكل ما سبق منطلقا تاريخيا جديدا للعلاقات الصينية العربية، إذ ازدادت التبادلات التعاونية بين الجانبين كثافة وآتت ثمارا وافرة في شتى المجالات. حيث أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية أن حجم التجارة بين الصين والدول العربية بلغ 244.3 مليار دولار أمريكي في عام 2018، بزيادة 28 في المائة على أساس سنوي. وقد أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية وتجاوز حجم الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية 15 مليار دولار أمريكي.

كما ترسخ إطار التعاون "1+2+3" بين الجانبين الصيني والعربي والذي يتخذ من مجال الطاقة محورا رئيسيا، ومن مجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار جناحين، ومن المجالات الثلاثة ذات التكنولوجيا المتقدمة وهي الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة نقاط اختراق؛ ولاقى ترحيبا من دول المنطقة.

واليوم، وصل عدد الدول العربية التي وقعت اتفاقيات تعاون بشأن الحزام والطريق مع الصين إلى 18 دولة، فيما امتد التعاون الصيني العربي من المجالات القليلة المتمثلة في الطاقة والبنى التحتية في المرحلة الأولية إلى مجالات عديدة وجديدة من بينها اللوجستيات والتجارة والمالية والتكنولوجيا وغيرها في إطار الحزام والطريق.

ومن الأمثلة البارزة على مشروعات التعاون الثنائي تلك، افتتاح شركة كوسكو الملاحية للموانئ الصينية وموانئ أبوظبي محطة جديدة للحاويات في ميناء خليفة وانتهاء شركة "تبيا" الصينية للطاقة المتجددة من بناء ثلاث محطات للطاقة الشمسية كجزء من مجمع "بنبان" للطاقة الشمسية جنوب مصر والذي يعد أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم؛ وإنشاء العديد من آليات التعاون والتبادل بين الجانبين في إطار الحزام والطريق، بما فيها المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا والمركز الصيني العربي لنظام بيدو للملاحة عبر الاقمار الاصطناعية ومركز التدريب الصيني العربي للطاقة النظيفة ومركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية وغيرها.

ثمة قول مأثور يقول "إن سرت وحدك تسير سريعا، وإن سرت بصحبة تسير بعيدا" وآخر يقول إن "كثرة الصحبة تسعد الرحلة". ومن هنا انطلق عمل مشترك لتحقيق المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية للدول العربية لتتوافق مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، مثل "استراتيجية التنمية المستدامة" المصرية، و"رؤية السعودية 2030"، وإنشاء "مدينة الحرير" بالكويت، و"رؤية الأردن 2025" وغيرها. وهذه خير أمثلة على أن الجانبين الصيني والعربي يتقدمان يدا بيد.

أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد شاركت الدول العربية بفعالية في الأنشطة الدبلوماسية طوال السنوات الماضية، وفي هذا العام تحديدا تواجد الجانب العربي بحضور بارز في الدورة الثانية لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي ومعرض بكين للبستنة ومؤتمر الحوار بين الحضارات الآسيوية. وهذا يعطى بدوره قفزة غير مسبوقة من حيث الاتساع والعمق للعلاقات الثنائية.

-- تبادل ثقافي

في الواقع، طرح التعاون الصيني العربي ثمارا في مجال التبادلات الشعبية في السنوات الأخيرة مع تعمق التواصل الشعبي بين الجانبين. ففي السنوات الأخيرة، جذبت مسلسلات صينية مدبلجة مثل "حياة سعيدة" و"رومانسية الشعر الأبيض" و"دو دو" و"أنشودة السعادة" أنظار المشاهدين العرب، فيما حقق الفيلم اللبناني "كفر ناحوم" نجاحا غير مسبوق في الصين بحجم مبيعات تذاكر بلغ أكثر من 100 مليون يوان (حوالي 14.6 مليون دولار أمريكي).

ومع وضع الجانبين الصيني والعربي تعلم اللغة في صدارة أولوياتهما من أجل تحقيق تفاهم فكري وثقافي. جاءت معاهد كونفوشيوس لتمثل منصة مهمة لمعرفة الصين وكذا نافذة للتبادل الثقافي بين الصين والبلدان الأخرى. فقد أنشأت الصين 16 من معاهد كونفوشيوس و3 من فصول كونفوشيوس في 11 دولة عربية.

ويمضي تنفيذ مشروع تبادل الترجمة والنشر بين الصين والدول العربية بوتيرة أسرع حيث ظهرت (واحة الغروب) و(مختارات من شعر محمود درويش) و(أيام مع الأيام) وغيرها من الكتب العربية المترجمة إلى اللغة الصينية على شبكة إنترنت التسوق الصينية. وهكذا تواصل التبادلات الثرية بين الشعبين الصيني والعربي تعميق التعارف بينهما وتعطى زخما كبيرا لتسريع تنمية التعاون الصيني العربي.

ومع تمتع الصين والدول العربية بأسس وطيدة للتعاون وسعيهما المشترك لتحقيق نهضة الأمة ومع كون مبادرة الحزام والطريق خطوة كبيرة من أجل المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة، فإن اغتنام كل فرصة من فرص تعزيز التواصل مثل منصة المعرض الصيني العربي يضمن نجاح العمل المشترك وينثر عبير تطور العلاقات الصينية العربية في مجالات جديدة تتواكب مع العصر الجديد على طول الحزام والطريق.

الصور

010020070790000000000000011101451383677051