مقالة خاصة: فلسطيني من غزة مبتور القدمين يعمل سائقا ليعيل أسرته

2019-09-11 17:48:05|arabic.news.cn
Video PlayerClose

غزة 11 سبتمبر 2019 (شينخوا) يمارس الشاب الثلاثيني سعد الله عنابة من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة عمله كسائق سيارة أجرة في شوارع المدينة بدقة واحترافية عالية.

وللوهلة الأولى تعتقد أن عنابة يجلس داخل سيارته البيضاء من نوع (مرسيدس) مستخدما يديه وقدميه كما الأسوياء، إلا أن المفاجأة أنه مبتور القدمين جراء استهداف إسرائيلي لمجموعة كان أحد أفرادها العام 2004.

ويبدأ عنابه يومه المعتاد بكل نشاط وحيوية، بممارسة التمارين الرياضية ومن ثم تناول وجبة الإفطار ليتوجه بعد ذلك عبر كرسيه المتحرك إلى سيارته وسط فرحة على وجهه واستمتاعه بالعمل.

ويقول عنابة لوكالة أنباء ((ِشينخوا)) الذي يتنقل عبر كرسيه المتحرك وصولا إلى سيارته ليبدأ عمله في توصيل الزبائن إلى ما يريدون "بدأت العمل كسائق منذ عامين، بعد أن ضاقت سبل الحياة أمامي، خاصة في ظل الفقر الذي نعيش فيه، جراء الحصار الإسرائيلي والخصم المالي للسلطة الفلسطينية على موظفيها في القطاع".

ويضيف عنابة الذي يعمل موظفا في السلطة الفلسطينية ويعول أسرة مكونة من 5 أفراد، أن "العمل كسائق بنصف جسد أفضل عليه من انتظار تبرعات الناس".

وبشأن كيفية القيادة بدون قدمين يوضح، أنه "صنع أدوات خاصة توضع قرب المقود وتستخدم باليد وظيفتها دفع وإيقاف السيارة من خلال عملية الوصول والفصل بين دواستي الفرامل والوقود عوضا عن القدمين عبر ورشات السيارات في مدينته".

ويتابع عنابة بينما يشرح كيفية استخدامها، أن "القطع المستخدمة حديدية تم لحامها ووصلها في بعضها البعض لتسهل عليه التحكم بالسيارة".

ويشير الشاب الذي يعاني ظروف اقتصادية صعبة جدا دفعته للسكن في منزل بسيط يسقفه الصفيح ويتكون من غرفة واحدة وصالة ضيافة، "أعيش بنصف جسد، ولكن حياتي مكتملة بالنسبة لي، فلا مكان للإعاقة في حال تمتنعنا بالعزيمة والارادة".

ويلفت عنابة، إلى أن "المجتمع لم يتقبل في بادئ الأمر عمله كسائق سيارة لأنه مبتور القدمين (..) الناس منهم من كان يخاف وينزل ومنهم من كان يرفض أن يركب بالأساس"، لكن مع مرور الوقت وتمكنه في ممارسة عمل أصبح الناس يعتادون عليه ويشجعونه على مواصلة ذلك بل لقبوه "السائق المبتور".

ويقول الشاب المتحمس ويبدو عليه الإصرار بينما يلاعب أحد أطفاله الصغار "نصف الجسد لم يحرمني من ممارسة حياتي، وأن أكون عائلتي وأعمل مثل باقي الآباء الذين يهتمون بأطفالهم".

ويضيف عنابة، أنه "على العكس أشعر بأنني مميز بين الناس بعزيمتي وإرادتي وقدرتي على تقبلي لوضعي وجعل الآخرين أن يتقبلونني وأيضا يفتخرون بي".

ولا يقتصر تميز الشاب على قيادة السيارة، بل هو رياضي يمارس لعبة كمال الأجسام، حيث يتوجه إلى النادي الرياضي ثلاثة أيام أسبوعيا، ويتميز بين أقرانه بالقدرة العالية على اللعب ورفع الأوزان الثقيلة.

وسبق أن شارك في مباريات كرة السلة للمقعدين على الكراسي المتحركة، وحصل على ميداليات ذهبية وبرونزية لأكثر من مرة، ويقول "الرياضة هي أساس الحياة من خلالها نستطيع تفريغ الطاقة السلبية واستيعاب كل ما هو ايجابي رغم من الظروف المعيشية الصعبة التي نعاني منها".

ولم تمنع إصابته في البتر من التطوع في علاج جرحى مسيرات العودة الشعبية على طول الحدود الشرقية لغزة نفسيا لكي يستطيعوا التعامل مع وضعهم الجديد وتقبل أنفسهم كونه خبرة في ذلك لقدم إصابته"، حسب ما يقول.

ويضيف، أنه "يذهب بشكل دوري إلى المستشفيات في قطاع غزة، كي يزور الجرحى، ويتحدث معهم، ويخبرهم تجربته وكيف أصبح رجلا نافعا لنفسه وأسرته ومجتمعه، وأنهم بإمكانهم أن يصبحوا كذلك دون مساعدة أحد".

ويعرب عنابة، عن أمله أن "يتمكن من السفر إلى ألمانيا ليتلقى العلاج فيها، ويستطيع أن يركب أطراف صناعية، من أجل السير على قدميه مرة أخرى، داعيا دول العالم إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ليعيش الشعب الفلسطيني بكرامة أسوة بباقي شعوب العالم".

وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة الذي يقطنه ما يزيد عن اثنين مليون نسمة منذ منتصف العام 2007 اثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بالقوة على جراء جولات من الاقتتال مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.

ويلقي هذا الوضع بظلاله القاتمة على الواقع الاقتصادي والمعيشي في غزة، بحيث إن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أكد في تقرير له بمناسبة يوم العمال العالمي مطلع مايو الماضي، أن معدل البطالة في القطاع وصل حوالي 52 في المائة.

وأوضح التقرير أن حوالي 83 في المائة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، نتيجة لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع.

ويبلغ معدل الدخل اليومي للفرد 2 دولار أمريكي، وذلك بحسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، وهو ما يعد الأسوأ عالميا.

ونتيجة للأوضاع المأساوية، بدأت مسيرات العودة الشعبية على طول حدود غزة الشرقية في مارس العام 2018 من أجل رفع الحصار الإسرائيلي والمطالبة بحق العودة ما أدى إلى مقتل 310 فلسطينيين وإصابة آلاف آخرين عدد منهم ببتر أطرافهم.

الصور

010020070790000000000000011100001383841951