مقالة خاصة: صيادون مغامرون يستخدمون بنادق بحرية لصيد الأسماك في بحر غزة

2019-10-11 18:44:23|arabic.news.cn
Video PlayerClose

 

غزة 11 أكتوبر 2019 (شينخوا) لجأ صيادون فلسطينيون أخيرا إلى المغامرة بالغوص في البحر قبالة شواطئ غزة لصيد الأسماك هربا من قيود الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على قطاع غزة منذ 13 عاما.

ويغوص هؤلاء بشكل شبه يومي بحثا عن الأسماك التي تتجمع حول الصخور أو تختبئ في جحورها ضمن المساحة البحرية المتاحة لهم معتمدين على بنادق خاصة بالصيد.

وهم يحتاجون إلى ترقب أنواع الأسماك لإطلاق رؤوس بنادقهم المدببة تجاهها وغرسها في أجسامها بشكل مباشر فتقع فريسة لهم، لكن هذه المهمة ليست سهلة أبدا.

إذ تعد عملية الغوص في البحر من أجل اصطياد الأسماك "مغامرة ومخاطرة"، خاصة في ظل عدم توفر أدوات الغوص اللازمة للغواصين في غزة، مثل أنابيب الأكسجين والبدل الخاصة بالغوص إضافة إلى الزعانف.

وتمنع إسرائيل دخول هذه الأدوات إلى غزة منذ بدء حصارها على القطاع، عقب سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السيطرة عليه بالقوة بعد جولات اقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية صيف العام 2007.

ويعتمد الصيادون المغامرون بشكل يومي على أحوال الطقس وقوة الأمواج لكي يتعرفوا على المواعيد التي تمكنهم الدخول إلى البحر وممارسة هواياتهم بالصيد تبعا لنقاء المياه.

ويقود العشريني عبد الكريم سليم، من دير البلح، وسط القطاع، قاربه الصغير برفقة زميله يوميا، متجها إلى سواحل رفح وخانيونس جنوب القطاع بحثا عن أفضل الأماكن لرؤية الأسماك التي تتجمع بين الصخور البحرية.

وبعد انقضاء ساعة من عملية البحث عن منطقة صخرية مناسبة، أرسى سليم قاربه في منطقة على عمق 18 مترا، وبدأ بارتداء زعانف (توضع في الأقدام) تختلف أحدهما عن الأخرى ونظارات السباحة، حاملا بندقيته ذو المقدمة الحادة، وغطس إلى البحر مختفيا عن الأنظار.

وبعد دقيقتين من الغوص ظهر سليم مرة أخرى إلى سطح البحر متنهدا لقلة الأكسحين في الأعماق، حاملا سمكة كبيرة من نوع (اللوكس) بعد ان أصبحت فريسة معلقة في حافة بندقيته.

وبدت السعادة على وجهه وهو يردد إنه سيكسب الكثير من المال من صيد اليوم، لافتا إلى أن المنطقة الصخرية التي نزل إليها كانت مكتظة بالأسماك المتنوعة.

وتعيش الأسماك كقبائل وعائلات حول الصخور، إما بشكل حر وتكون عادة طليقة، أو تكون في جحور خاصة بها، فيما يحتوي بحر قطاع غزة على العديد من أنواع الأسماك مثل (السردين، والغزلان، والصروص، واللوكس الأحمر والأبيض والدنيس) وغيرها العشرات.

وما إن انتهي سليم من جولته الأولى في الصيد التي استغرقت قرابة ساعتين ونصف، تمكن خلالها من صيد 4 كيلو من الأسماك المختلفة، عمد على بيع الكيلو الواحد منها بمبلغ (25 شيكل إسرائيلي)، (الدولار الأمريكي الواحد يساوى 3.50 شيكل).

ويقول سليم لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه يتخصص بصيد الأسماك الكبيرة وهي قليلة التواجد، لأنها مربحة أكثر من الصغيرة والمنتشرة في الأسواق، مشيرا إلى أن التجار الذين يشترون منه الأسماك التي يصطادها يصدروها إلى إسرائيل والضفة الغربية نظرا لندرتها وكبر حجمها.

ويضيف "البحار عالم الربح الوفير، في حال استطعنا الإبحار إلى أميال أبعد من تلك التي تفرضها علينا إسرائيل، لكننا دائما نجد البدائل كي نستطيع توفير عمل خاص بنا ونحصل على المال".

ويعمل سليم، وهو أب لطفلة واحدة، كمدرب غوص إلى جانب صيده للأسماك، ويقول "لا يمكنني الاعتماد على الصيد وحده لذلك أعمل مدربا للغوص على الرغم من قلة الموارد التي نستعملها في تدريبنا".

وأعلنت إسرائيل منتصف هذا العام توسيع مساحة الصيد من شمال القطاع حتى ميناء غزة بحيث تبدأ من مسافة ستة إلى 15 ميلا بحريا ضمن تفاهمات لتعزيز وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية.

إلا أن الصيادين يتشكون أن إسرائيل لم تلتزم بذلك وتقوم بملاحقتهم يوميا في عرض البحر.

ولم يحالف محمود الأقرع (21 عاما) الحظ في التخصص في اصطياد الأسماك الكبيرة، لكنه وجد من الصيد عبر البنادق بديل منطقي عن الشباك التي لا يستعملونها إلا بشكل موسمي، حسب هجرة الأسماك.

ويقول الأقرع لـ((شينخوا)) "الشباك تتكدس في أماكنها دون أن نتمكن من الصيد بها نتيجة الحصار البحري، وأيضا ملاحقة الطرادات الإسرائيلية لنا في غالبية الأيام".

ويوضح الأقرع الذي يعيل عائلة مكونة من 11 فردا، أن بنادق الصيد تمثل لهم بديلا مناسبا لتساهم بشكل كبير في توفير قوت يومهم وأيضا عدم بقائهم عاطلين عن العمل.

ويرافق الصياد النحيل صديقة سليم برحلاته البحرية اليومية، حيث إنهما يتقاسمان الأجرة، إلا أن الأقرع يصطاد الأسماك الأصغر حجما، إضافة إلى الجلمبات (سلطعونات) من قاع البحر.

ويقول الأقرع "ننزل البحر وسط مخاطر ليست بالبسيطة، فربما يتسبب خطأ بسيط بكارثة لذلك ننزل اثنين مع بعضنا لنساعد بعضنا في حال حدوث أي مكروه لأحدنا".

وكانت المغامرة التي يقوم بها الصيادون على الرغم من المخاطر التي يتعرضون لها، في أعماق البحر، دافعا للمصور الصحفي محمد أسعد من مدينة غزة لنقلها للمرة الأولى إلى العالم الخارجي عبر انتاجات صحفية.

ولجأ أسعد لتقليل انخراطه اليومي بمتاعب العمل الصحفي اليومية، إلى توثيق العالم البحري وكيفية اصطياد الأسماك بالبنادق البحرية وفق آليات تختلف ما بين الصيادين.

ويقول أسعد لـ((شينخوا))، إن قطاع غزة عبارة عن شريط ساحلي يطل على مسطح من البحر الأبيض المتوسط بطول 40 كيلو مترا وقد رغب باستغلاله في الخروج عن المألوف لتغطية الجانب الأخر من القطاع.

ويغوص أسعد مع الصيادين أثناء عمليات الصيد، ويوثق تحرك الأسماك بأدوات تصوير بسيطة لا توازي كاميرات التصوير تحت الماء ذات التقنيات المتقدمة التي عادة ما يتم استخدامها في العالم.

ويقول "الناس ترى الأسماك على الأطباق لكنهم لا يعلمون كيف تعيش تحت الماء، لذلك وددت أن أنقلها لهم لأن الاسماك تعيش كقبائل وأسراب وكان من الجميل تصوير هذه المشاهد بالإضافة إلى الكتل الصخرية المتكونة على شواطئنا".

ويشير أسعد، إلى مواصلته في المغامرة، لعله يكون سببا في تغيير الرواية الإسرائيلية بأن أدوات الغطس يتم استخدامها في عمليات عسكرية تقودها الفصائل المسلحة في القطاع، مؤكدا أن الصيادين يمارسون حقوقا مدنية ولا علاقة لهم بأية نشاطات عسكرية.

   1 2 3 4 >  

الصور

010020070790000000000000011100001384642191