مقالة خاصة: خبراء صينيون: واشنطن وأنقرة....خلافات تصعب معالجتها وعلاقات عنوانها عدم اليقين

2019-11-15 17:05:57|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 15 نوفمبر 2019 (شينخوا) اجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 13 نوفمبر الجاري مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في البيت الأبيض، حيث ناقشا الملف السوري وشراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية أس-400 وغيرهما من القضايا الهامة. ورغم وصف ترامب للاجتماع بأنه "إيجابي"، لكنه فشل في حل الخلافات حول شراء تركيا لهذه المنظومة.

جاءت هذه الزيارة في وقت تشوب فيه تعقيدات العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، إذ أشار خبراء صينيون إلى أن الدولتين تشهدان خلافات حول الميليشيات الكردية المسلحة شمالي سوريا وشراء تركيا للمنظومة الروسية المتقدمة أس-400، فيما لم يتضح بعد ما إذا كان الاجتماع بين ترامب وأردوغان سيسهم في تحسين العلاقات بين الدولتين.

-- الاجتماع: تسبقه شكوك

في الواقع، لم يتحقق انعقاد هذا الاجتماع بين الرئيسين دون معوقات. ففي أوائل أكتوبر، قرر ترامب وأردوغان عقد اجتماعهما في نهاية الشهر ذاته أو في مطلع نوفمبر. ولكن ما حدث في غضون ذلك الشهر ألقى بظلاله على الاجتماع، هكذا ذكر لي شاو شيان الخبير الصيني المخضرم في شؤون الشرق الأوسط.

وشرح لي شاو شيان، قائلا "أولا، أعلن ترامب عزم واشنطن إرسال أصول عسكرية إضافية للسيطرة على حقول النفط في سوريا، وهو ما يرمز إلى تردد موقف الولايات المتحدة إزاء قيامها بسحب قواتها من سوريا وقد يؤدى إلى تغير وضع العلاقات بين الولايات المتحدة والميليشيات الكردية. ثانيا، تبنى مجلس النواب الأمريكي مؤخرا قرارا بالاعتراف رسميا بالقتل الجماعي للأرمن، فضلا عن مشروع قانون يهدف إلى فرض عقوبات على تركيا بسبب هجومها العسكري في شمال سوريا. وجميعها أمور أثارت غضب الجانب التركي وقوبلت بمعارضة منه".

وفي ظل ذلك، كانت هناك تساؤلات كثيرة حول ما إذا كان الاجتماع بين الرئيسين سيعقد أم لا. فقد ذكرت بعض التقارير الإعلامية أن بعض المسؤولين الأتراك ألمحوا إلى أن أردوغان قد يلغي زيارته المزمعة إلى البيت الأبيض.

ولكن في 6 نوفمبر الجاري، اتصل أردوغان بترامب هاتفيا، ليحددا موعد زيارة الأول إلى البيت الأبيض ليكون الـ13 من نوفمبر. وفي هذا الصدد، لفت قوه قانغ، مدير مركز بحوث الشؤون التركية بجامعة شانغهاي، إلى أن قرار أردوغان الذي جاء وسط تصاعد التوتر بين تركيا والولايات المتحدة يبرز وجود أمل لدى الجانبين في إجراء حوار لاسيما بعد التوغل التركي في شمال شرق سوريا، قائلا إن "رغبة تركيا في توسيع تأثيراتها في المنطقة ورغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على نفوذها في المنطقة ساهما في تعايش الصراع والتعاون بين الجانبين".

-- الخلافات: يصعب تجسيرها

صحيح أن الرئيسين عقدا اجتماعهما المزمع، لكن الخبراء الصينيين أشاروا إلى أنه من الصعب تراجع حدة التوتر بين واشنطن وأنقرة لمجرد انعقاد اجتماع واحد، لاسيما خلافهما حول مسألة شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية أس-400، التي شكلت موضوعا مهما طرح على طاولة اجتماع ترامب - أردوغان.

وفي الحقيقة أثبتت النتائج التي تمخضت عن هذا الاجتماع صحة توقعات الخبراء الصينيين، إذ قال ترامب إنه لم يتوصل مع نظيره التركي إلى أي اتفاق حول شراء تركيا منظومة أس-400، مشيرا في مؤتمره الصحفي مع أردوغان عقب اجتماعهما في 13 نوفمبر إلى أن هذا الشأن (أي شراء تركيا منظومة أس-400) يشكل تهديدا شديدا للجانب الأمريكي.

وقد ذكر قوه قانغ أن إعلان ترامب هذا كان متوقعا، خاصة وأن "منظومة أس-400 قد سُلمت بالفعل لتركيا، وبات من المستحيل أن تتجه أنقرة إلى إلغاء نشر المنظومة داخل البلاد".

وهكذا تبدو عملية تجسير الخلافات صعبة مع إبداء أنقرة إصرارها على شراء المنظومة بغض النظر عن معارضة واشنطن، حيث يرى قوه قانغ أن الولايات المتحدة لن تطيق في الوقت ذاته تقارب تركيا، باعتبارها عضوا مهما بمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، من روسيا.

وما يزيد الأمر سوءا، حسبما قال قوه قانغ، هو أن توغل تركيا في سوريا لضرب القوات الكردية، قوبل بمعارضة من الولايات المتحدة، دون أن يبدي الجانب التركي أي مؤشرات على التنازل بشأن هذه الضربة.

-- المستقبل: مشوب بعدم اليقين

بغض النظر عن الخلافات القائمة بين أنقرة وواشنطن، يعتقد الخبراء الصينيون أن العلاقات بين الجانبين لا يمكن أن تتمزق تماما رغم خلافاتهما، حيث قال لي شاو شيان إن زيارة أردوغان للولايات المتحدة قد تكون نقطة انعطاف بين الدولتين رغم وجود هذه الخلافات.

واتفق سون تشنغ هاو، الخبير في الشؤون الأمريكية بالمعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، مع لي في الرأي، قائلا إن ضغط الولايات المتحدة على تركيا لا يهدف إلى طرد تركيا من حلف الناتو، بل إلى دفع تركيا إلى العدول عن موقفها وتجنب تقاربها مع روسيا.

وتابع سون بقوله إن "تركيا تحظى بمكانة مهمة جغرافيا، وإن ضغطا شديدا من جانب الولايات المتحدة على تركيا قد ينتج آثارا عكسية من بينها إرتماء تركيا في أحضان روسيا. وخشية حدوث ذلك، ستسعى الولايات المتحدة إلى إتباع طريق متوازن للحفاظ على استقرار العلاقات الأمريكية - التركية.

أما بشأن الجانب التركي، فقد لفت قوه قانغ إلى أنه بالرغم من وجود خلافات بين تركيا والولايات المتحدة وحلف الناتو حول مسألة شراء أنقرة منظومة أس-400 والهجوم ضد القوات الكردية في سوريا، لن تتخلى تركيا عن هويتها كعضو بحلف الناتو وسعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والأهم من ذلك، لن تستطيع تحمل عواقب اقتصادية قد تتمخض عن حدوث صدع في علاقاتها مع الولايات المتحدة.

وفي ضوء ما سبق، يرى الخبراء الصينيون أن مستقبل العلاقات التركية - الأمريكية مشوب بالغموض وبعدم اليقين، وقد تؤدي هذه الضبابية إلى حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، وخاصة في سوريا.

الصور

010020070790000000000000011100001385580901