تحليل إخباري: معضلة القدس تهدد بفشل المساعي الفلسطينية لإجراء أول انتخابات منذ 13 عاما

2019-12-13 21:43:21|arabic.news.cn
Video PlayerClose

رام الله 13 ديسمبر 2019 (شينخوا) صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا بأن المعضلة المتبقية أمام إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة لأول مرة منذ 13 عاما تتعلق بسماح إسرائيل بإجرائها في القدس.

وأبلغت الفصائل الفلسطينية لجنة الانتخابات المركزية موافقتها على إجراء انتخابات تشريعية تتلوها انتخابات رئاسية وفق ما بادر إليه عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.

إلا أن عباس الذي رحب بموافقة الفصائل، شدد على أنه لا يمكن إجراء الانتخابات من دون أن تشمل الجزء الشرقي من مدينة القدس، وهو أمر مرتبط كليا بإسرائيل التي تحتل المدينة منذ العام 1967.

وأعلن وزير الشؤون المدنية الفلسطينية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، أن السلطة الفلسطينية طلبت رسميا من إسرائيل السماح لسكان الجزء الشرقي من القدس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية ترشحا وانتخابا.

ولم ترد إسرائيل حتى الآن على الطلب الفلسطيني، فيما يرى مراقبون فلسطينيون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن قضية القدس تمثل "معضلة كبرى" تهدد بإفشال المساعي الرامية إلى تمكين الفلسطينيين من العودة مجددا إلى صناديق الاقتراع.

ويقول مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري إن إسرائيل تتدخل في كل مراحل الانتخابات الفلسطينية ليس فقط بشأن إجرائها في القدس من عدمه.

ويشير المصري إلى أن إسرائيل "تمارس اعتقالات وتهديدات يومية في الضفة الغربية والقدس قد تطال في أي وقت قيادات الفصائل أو المستقلين الراغبين بالترشح للانتخابات".

ويضيف أن إسرائيل "يمكنها بسهولة مصادرة نتائج الانتخابات إن حصلت فعلا عبر إمكانية اعتقال النواب المنتخبين كما حصل عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2006 وهو ما يهدد مسبقا بتقويض الانتخابات".

ويستبعد المصري أن توافق إسرائيل على السماح بإجراء الانتخابات في شرقي القدس "لا سيما أنها لن تكون مطالبة من الإدارة الأمريكية بتسهيل إجراء الانتخابات في القدس بعد نقل السفارة الأمريكية إليها والاعتراف بالمدينة عاصمة موحدة لإسرائيل".

ويقاطع الفلسطينيون الإدارة الأمريكية منذ اعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر عام 2017 ونقل سفارة بلاده إلى المدينة المقدسة في مايو 2018.

ومنذ ذلك التاريخ اشتكى الفلسطينيون من سلسلة قرارات إسرائيلية استهدفت أي وجود رسمي لهم في القدس مثل إغلاق مؤسسات رسمية ومنع المسؤولين الحكوميين الفلسطينيين من أي أنشطة علنية.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد سويلم أن التركيز على ضرورة إجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس يخدم أهدافا سياسية تريد القيادة الفلسطينية تحقيقها.

ويوضح سويلم أن إجراء الانتخابات في القدس من شأنه "التأكيد على وحدة الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وهي التي ستجسد وحدة الجغرافيا الوطنية إضافة إلى وحدتها السياسية".

ويشير إلى أن إنهاء وحدة التمثيل الشرعي للفلسطينيين هو عمليا ما تبقى من الخطة الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المعروفة باسم (صفقة القرن) والتي تقابل برفض فلسطيني.

ويضيف أن القيادة الفلسطينية تنظر بأهمية بالغة لإجراء الانتخابات التشريعية كوسيلة وحدة سياسية وجغرافية بما يوجه رسالة تأكيد على إفشال الخطط الأمريكية والإسرائيلية لتقويض حل الدولتين.

وينظر الفلسطينيون بأهمية بالغة لإعادة انتخاب مؤسساتهم وبينها المجلس التشريعي بعد تعطيل استمر طويلا، لكنهم قلقون من المصاعب التي تواجه عودتهم المحتملة لصناديق الاقتراع، فضلا عن المخاوف من تأثير الخطوة على انقسامهم الداخلي.

ويؤمل أن تدفع الانتخابات إلى إنهاء الانقسام الداخلي المستمر بين الضفة الغربية وقطاع غزة منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع بالقوة منتصف عام 2007 بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.

وكانت آخر انتخابات فلسطينية أجريت للمجلس التشريعي مطلع عام 2006 وأسفرت عن فوز حركة حماس بالأغلبية، فيما كان سبق ذلك بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها عباس.

ويرى المحلل السياسي من غزة هاني حبيب أن طرفي الانقسام الفلسطيني الداخلي (حركتا فتح وحماس) لا يملكان حتى الآن نوايا جدية بإجراء الانتخابات.

ويقول حبيب إن "طرفي الانقسام في الواقع بانتظار رد سلبي من إسرائيل بمنع إجراء الانتخابات في القدس حتى يتم التنصل من إجراء الانتخابات وذلك لعدم الرغبة أصلا في إتمامها".

ويضيف أن "عدم رد إسرائيل على موقف محدد بشأن إمكانية إجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس يعود لأنها تعول على فشل هذه العملية الانتخابية لأسباب فلسطينية داخلية حتى لا تتحمل المسؤولية عن ذلك ".

ويخلص حبيب إلى أنه "لا يوجد رهان شعبي فلسطيني حتى الآن على إمكانية إجراء الانتخابات قريبا أو الثقة بإمكانية احترام نتائجها سواء من الأطراف الداخلية المستفيدة من استمرار الانقسام أو من إسرائيل".

ومنذ بدء الانقسام الفلسطيني الداخلي ظل الحديث عن إجراء انتخابات جديدة حدثا متكررا وبندا في تفاهمات المصالحة الفلسطينية من دون ترجمته لإجراءات رسمية.

وتتعثر جهود المصالحة الفلسطينية رغم توقيع عدة اتفاقات سابقة برعاية عربية متعددة أهمها من مصر آخرها في أكتوبر 2017 لتسليم حكومة الوفاق الفلسطينية إدارة قطاع غزة.

وتتبادل فتح وحماس بشكل مستمر الاتهامات بشأن المسؤولية عن تعثر تنفيذ تفاهمات المصالحة واستمرار تعطيل الانتخابات وهو ما يعزوه مراقبون إلى غياب الثقة بين الحركتين وعدم وجود ضمانات باحترام نتائج الانتخابات.

الصور

010020070790000000000000011100001386291591