مقالة خاصة: مع تهديد طهران بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار .. اتفاق إيران النووي أمام "مفترق حياة وموت"

2020-01-22 00:05:07|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 21 يناير 2020 (شينخوا) أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوم الاثنين إن بلاده ستنسحب من اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية إذا ما أحيل برنامجها النووي إلى مجلس الأمن الدولي، وذلك بعد تفعيل فرنسا وبريطانيا وألمانيا الأسبوع الماضي آلية حل الخلافات المتعلقة بالاتفاق النووي ردا على تراجع إيران عن بعض التزاماتها النووية خلال الأشهر الماضية.

ويرى محللون أنه بعد انسحاب الولايات المتحدة الأحادي من الاتفاق النووي، فإنها ما انفكت تحاول بكل الطرق تقويضه، معتبرين أن تهديد الدول الأوروبية الثلاث باللجوء إلى آلية حل الخلافات يأتي من أجل إجبار إيران على توقيع اتفاق جديد يواءم مصالح الولايات المتحدة، وبالتالي فإن الاتفاق النووي الإيراني يقف أمام "مفترق حياة وموت".

-- رد إيران المتشدد

ويعتقد المحللون أنه في حال جرى إطلاق آلية حل الخلافات في الاتفاق النووي رسميا وإحالة مناقشة القضية النووية الإيرانية إلى الأمم المتحدة، ستنسحب إيران من اتفاقية عدم الانتشار النووي ما سيؤدي إلى "تفكك" الاتفاق النووي الإيراني، المعروف أيضا باسم خطة العمل المشتركة الشاملة، الذي أبرم في عام 2015.

وقالت لو جين، الخبيرة في الشؤون الإيرانية في معهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن إيران تتفاوض مع الدول الأوروبية الثلاث بشكل قانوني في إطار الاتفاق النووي، وتعتقد بأن قيام الدول الثلاث بإحالة برنامجها النووي إلى الأمم المتحدة سيدمر الجدية والنزاهة والشرعية المرتبطة بالاتفاق.

في الواقع، ليست هذه هي المرة الأولى التي تهدد فيها إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي. إذ سبق أن كتب الرئيس الإيراني حسن روحاني وغيره من كبار المسؤولين الإيرانيين في عام 2018 إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عدة مرات، للمطالبة بحل الخلافات بين الموقعين على الاتفاق ضمن إطاره فقط، وإلا ستخرج من معاهدة عدم الانتشار.

وحول سبب تشدد الموقف الإيراني، ذكرت لو جين أن إيران قلقة من فقدان الشرعية. إذ أنه في الوقت الحالي، تعتبر العقوبات الأمريكية الأحادية غير قانونية، ولكن بمجرد بدء آلية حل الخلافات ومناقشة القضية النووية الإيرانية من قبل مجلس الأمن الدولي، قد تخضع إيران لعقوبات قانونية شاملة من قبل المجتمع الدولي.

-- اضطرار إيران إلى الإعلان

يرى العديد من المحللين أن تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار ليس نابعا من إرادتها بكليته، وإنما هو ملاذ أخير اضطرت إليه جراء ما تمارسه الولايات المتحدة من "ضغط شديد" عليها، ناهيك عن "الترهيب الأمريكي" الموجه ضد أوروبا.

ويعتقد وو بينغ بينغ، مدير معهد الثقافة العربية الإسلامية في جامعة بكين، أن الاتفاق النووي الإيراني يتلخص في جملة مفادها "حسن نية مقابل حسن نية"، بحيث تلتزم إيران بالاتفاق مقابل الحصول على مساعدات اقتصادية أوروبية. بيد أنه بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق في مايو 2018، وتحت تهديد العقوبات بموجب "الولاية القضائية الطويلة"، توقفت أوروبا أيضا عن استيراد النفط الإيراني وانتفت فوائده الاقتصادية الموعودة مسبقا.

وقد حثت إيران مرارا أوروبا على الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي دون جدوى، فقلصت تدريجيا تنفيذها للاتفاق على خمس مراحل. وأعلنت إيران في الخطوة الأخيرة، التي جاءت بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني، قائد قوة فيلق القدس بالحرس الثوري في غارة جوية أمريكية، أن برنامجها النووي لم يعد ملتزما بأية قيود عملية أو التزامات في إطار الاتفاق النووي، وهو ما أثار المخاوف الأوروبية والتي سرعان ما أعلنت أنها ستطلق آلية حل الخلافات ضمن الاتفاق.

في الواقع، مارست إيران ضبط النفس طوال الوقت. ويعتقد كل من وو بينغ بينغ ولو جين أن الجانب الإيراني قد أكد مرارا على أنه يمكن عكس كل الخطوات التراجعية في تنفيذ الاتفاق. ومن ناحية أخرى، تم تقييد وفرة تخصيب اليورانيوم وكميته، بحيث لم تتجاوز "الخط الأحمر" المحدد عند 20 في المائة.

-- لا نية لدى إيران لتطوير أسلحة نووية

ويرى الخبراء الصينيون أنه لا نية لدى إيران لامتلاك أسلحة نووية بالفعل، وإنما تستخدمها كأداة سياسية في النضال الجيوسياسي.

وأشار ما شياو لين، البروفسور في جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية، ومدير معهد دراسات حوض البحر الأبيض المتوسط، إلى أن إيران تدرك بوعي أنه بمجرد عبورها بالفعل العتبة النووية، فإنها تواجه تهديد الحرب. وربما تأخذ إسرائيل زمام المبادرة في شن حرب ضد إيران، وستتقدم الولايات المتحدة لحماية إسرائيل، ثم تتطور إلى حرب واسعة لا يتحمل الأطراف كافة تبعاتها.

بالنسبة لأوروبا، فإن حماية الاتفاق النووي الإيراني يصب في مصلحتها. ويعتقد وو بينغ بينغ أن أوروبا تأمل في الحد من المواجهة في الشرق الأوسط من خلال هذا الاتفاق، وذلك للحفاظ على أمنها المحيط بها وأمنها الإقليمي. مع ذلك، فإن ما تفعله أوروبا حاليا هو التعاون مع الولايات المتحدة تحت ضغط "الترغيب والترهيب". بالتالي، تسبب التقاعس الأوروبي إزاء القضية النووية الإيرانية إلى انحسار فعالية الاتفاق خطوة بخطوة.

وكشف مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن الحكومة الأمريكية لجأت إلى الضغط على القطاع الخاص من خلال التهديد بفرض تعريفات جمركية إضافية على صادرات السيارات إذا استمر الأوربيون في دعم الاتفاق النووي، واصفين الخطوة الأمريكية بـ"الابتزاز" الغرض منه عدم السماح بسلاسة العمل بالاتفاق دون وجودها.

وأوضح وو بينغ بينغ أن نية الولايات المتحدة واضحة تتلخص في "إجبار إيران على إعادة توقيع اتفاق جديد يوافق عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، معتبرا أن العقوبات المفروضة على إيران الناجمة عن "الضغط الشديد" و"الولاية القضائية الطويل" للولايات المتحدة تشابه تقريبا وضعية استئناف الأمم المتحدة فرض عقوباتها عليها.

الصور

010020070790000000000000011101451387246321