مقالة خاصة : عارف ابو لطيف .. "نحات الطين" الوحيد في لبنان

راشيا الوادي، لبنان 23 فبراير 2020 (شينخوا) وسط محترف يطل على سهل فسيح، يمضي الفنان اللبناني السبعيني عارف ابو لطيف، ساعات طوال يعالج الطين بحرفية وإتقان ليغدو منحوتات وتحفا فنية تحاكي شخصيات شهيرة وتقليدية وتحيي التراث الشعبي اللبناني.

وابو لطيف هو الفنان الوحيد في لبنان، الذي يستعمل الطين في منحوتاته.

وقد برع الرجل في عمله على مدى أكثر من نصف قرن، أنجز فيه مئات المنحوتات، التي تجاوزت لبنان إلى الكثير من الدول العربية والغربية.

ويقول ابو لطيف، الذي يبلغ السبعين من عمره لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه بدأ مسيرته الفنية في طفولته بالرسم على الورق لينتقل بعدها إلى النحت على الطين.

ويستفيد النحات اللبناني من توفر الطين وبكميات كبيرة في بركة عند الطرف الغربي لقريته "عيحا" وفي قرى مجاورة.

ويشير إلى أن فن النحت إبداع فني يمكن أن يتم على الصخور والمعادن والسيراميك والخشب والبيض وحبات الأرز، لكن الطين هو الذي استهواه.

ويوضح أنه يجمع الطين الأبيض والأسمر اللون بعد جفاف بحيرة قريبة من منزله، كما يأتي به من بلدتي راشيا الفخار وضهر الأحمر القريبتين، وهو نوع جيد ذو صلابة قوية بعد جفافه.

ويشير ابو لطيف إلى أن ما يميز النحت على الطين هو سهولة تطويعه مع معدات قليلة تسهل عملية التشذيب وإزالة الزوائد، وقضبان حديدية تساهم في تماسك وتثبيت المنحوتة.

لكنه يؤكد كذلك أن النحت بالطين فن معقد يلزمه حرفية فائقة ونفسا طويلا، مشيرا إلى أن فترة إنجاز كل منحوتة تكون بحسب حجمها، فمنها ما ينجز خلال ساعة ومنها ما يلزمه أسابيع.

ويلفت إلى أن فن النحت بالطين إبداع يستخدم خيرات الطبيعة ويطوعها إلى منحوتات.

وحاز ابو لطيف شهادة عليا في الفنون من إحدى جامعات البرازيل عام 1975.

ويجمع الفنان اللبناني منحوتاته في معرض صغير ملحق بمنزله يضم حوالى 250 منحوتة.

ويقول إنه باع مئات المنحوتات في لبنان وفي الخارج، وتراوحت أسعارها بين 200 وخمسة آلاف دولار.

وتتوزع منحوتات وتماثيل ابو لطيف ما بين شخصيات الريف اللبناني التقليدية، وبينها الحارس والفلاح والخباز، وتشمل الأمراء اللبنانيين القدامى في القرنين الثامن والتاسع عشر، والفلاسفة والأدباء والشعراء مثل الأم تيريزا ولينين وابن خلدون وابو العلاء المعري.

ويقول الفنان التشكيلي شوقي دلال، ل(شينخوا) حول أعمال ابو لطيف، إن "صياغة المنحوتة عنده تجمع ما بين التأمل والاستلهام وتحقيق الاندفاع التشكيلي المربوط بالتراث الحضاري".

ويشير دلال إلى أن النحت على الطين يعتبر من الفنون التشكيلية القديمة، التي استخدمتها الحضارات القديمة لأغراض اجتماعية ودينية وثقافية.

ويحافظ ابو لطيف مع الطين على لون المادة الخام والطبيعي دون أية زخرفات مصطنعة ويحركه باتقان ليحاور به الواقع والرمز والتاريخ، بحسب دلال.