تعليق: "مصائب قوم لن تكون عند قوم فوائد"..لا بديل عن وحدة العالم في مواجهة العدو المشترك

2020-03-03 11:06:01|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بقلم محمد مازن

بكين 3 مارس 2020 (شينخوا) في وقت صعب مثل الذي تمر به البشرية الآن، كان من الطبيعي أن يخرج الرافضون للعولمة من جحورهم ويدعون إلى فك الارتباط والانعزالية ويحلفون بأقدس أيمانهم بأن الظرف الصحي الحالي يدعم نظرياتهم وأنه من الضروري "تشييع العولمة إلى مثواها الأخير".

لكن في الواقع، الذعر الناجم عن فيروس كورنا الجديد يؤكد على خطأ رؤاهم، إذ لم يؤكد المرض على عمق ارتباط العالم ببعضه قط، بل أكد أيضا على ضرورة رفع القبعة للعولمة والمضي بها قدما. فالاستجابة العالمية المطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى هي-- التعاون والتأزر والوحدة في مكافحة تفشي فيروس كورونا الجديد.

فقد ضرب الفيروس قارات العالم كلها تقريبا باستثناء انتاراكتيكا. ومن آسيا وأوروبا وأفريقيا إلى الأمريكتين واستراليا يواصل الفيروس انتشاره من دولة إلى أخرى. وتجاوز عدد الإصابات المؤكدة به 90 ألف حالة في العالم وفاق عدد الوفيات 3 آلاف.

والثابت أن الصين تبنت موقفا مفتوحا ومسؤولا تجاه فيروس كورونا الجديد منذ اندلاع انتشاره. وإلى جانب مشاركة المعلومات حوله في الوقت المناسب مع منظمة الصحة العالمية والدول الأخرى، وأغلقت الصين مركز اندلاعه "مدينة ووهان" ومدن أخرى. واعتمدت تدابير حجر صحي صارمة لمنع الفيروس من الانتشار خارج حدوده، وأثبتت تلك الجهود فعاليتها في احتواء الفيروس، وتشهد على ذلك الأرقام التي تشير إلى تراجع معدل الوفيات والإصابات به في الصين الآن.

لكن اللافت في سياق التعاطي مع أزمة انتشار الفيروس هو أن الإجراءات التي اتخذتها الصين وانتقدها البعض قد بدأت تطبق على نطاق واسع في الدول المصابة، حيث تم إغلاق مدن وعزل عدد كبير من المواطنين ومنع التجمعات والأحداث والفعاليات، بل تجلت أيضا بشكل وبآخر مدى ازدواجية المعايير لدى البعض وتحاملهم ضد الصين من خلال إجراءات، أقل ما يقال، أنها تجاوزت توصيات رأس الصحة في العالم، منظمة الصحة العالمية.

فقد كان رد فعل البعض، وخاصة في الغرب، في المرحلة الأولى من تفشي المرض في الصين يتسم بالأنانية وضيق الأفق. لم تدخر وسائل إعلامية غربية أية جهود لتشويه الصين، كما لم يفوت عدد من صقور السياسة اللحظة لتسييس المرض. ومن رجال سياسة ومسؤولين كبارا إلى وسائل إعلامية، طالت الصين انتقادات واتهامات لا أساس لها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا وحتى إنسانيا.

لكن في نفس الوقت، أعرب قادة أكثر من 160 دولة ومنظمة دولية عن تضامنهم مع الصين وقدموا المساعدة وأكدوا أيضا ثقتهم بآفاق التنمية الاقتصادية في الصين ودورها كقوة دافعة للنمو العالمي.

وفي أحدث رسائل الدعم أمس الاثنين، زارت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد الصين بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي ومعها مساعدات طبية، في مثال رائع يظهر الدعم المتبادل بين الأصدقاء وقت الشدة.

بالتأكيد كل بلد له الحق أن يتخذ الإجراءات التي تكفل له الحفاظ على سلامة مجتمعه، ولكن مع تعمق الأزمة العالمية الناجمة عن فيروس كورونا الجديد، أظهرت الأزمة مدى التصاق العالم ببعضه، ومدى ما يمكن أن يؤثر فيه التباطؤ في اقتصاد على سلسلة التوريد العالمية.

ومن هذا المنطلق، تواصل عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع نظيريه الياباني والكوري الجنوبي الأسبوع الماضي وأكد على ضرورة استقرار سلاسل التوريد الصناعية وسلاسل الإمداد وتقليل تأثير المرض على التعاون الثنائي قدر الإمكان.

وفي هذا الوقت الصعب، تكتسب المخاوف من نقص أقنعة الوجه وغيرها من المستلزمات الطبية والملابس الواقية جاذبية في العالم. وتجاهد الشركات الصينية لزيادة إنتاج تلك المستلزمات لتلبية الطلب المتزايد في الداخل والخارج وضمان عدم انقطاع سلسلة التوريد العالمية. وقد تجاوز الإنتاج اليومي للأقنعة من طراز "إن95" في الصين 1.07 مليون قطعة اعتبارا من الأسبوع الماضي.

وبالنسبة لبلد مثل الولايات المتحدة، تحتل الصين المرتبة الثانية بين الدول التي ترسل إليها الأدوية والمستلزمات الطبية، وهي نقطة في بحر تؤكد على أهمية التعاون بين البلدين في مواجهة دعوات "فك الارتباط" بين الاقتصادين الأكبر في العالم.

هناك احتمال أن يتفاقم الداء ويزداد الطلب على الموارد الطبية، وأن يتجه اهتمام البلدان في جميع أنحاء العالم إلى تأمين إمدادات المواد لضمان أن تعمل مجتمعاتها بشكل طبيعي. لكن في هذا الوضع يتحتم التركيز على الصورة الأكبر وتضافر العالم والاستعداد لتقديم المساعدة إلى المناطق المصابة.

فقد فرض الوباء ظرفا وقتيا صعبا يستلزم على البشرية أن تواجهه بشكل مشترك، فلا يمكن لدولة واحدة أن تواجهه بمفردها. ولا يمكن لدولة أن تستفيد من محنة الأخرى. إنه عدو مشترك. ومن باب أولى أن تتركز جهود مجابهته على التعاون وتنسيق الإجراءات والاتفاق على معايير موحدة بشأن حركة الأشخاص والمنع من السفر والتجارة وتأمين سلاسل التوريد العالمية، بدلا من سياسة إلقاء اللوم واتخاذ إجراءات أحادية.

لقد تأسس النظام العالمي الحالي نتيجة للعولمة، ومن شأن الدعوات المنادية بالانعزالية وإحباط العولمة أن تعرض مصالح الجميع للخطر في عالم معولم.

وفي هذه اللحظة الحاسمة، ينبغي أن تتكاتف جميع الدول لمكافحة الفيروس والتغلب على الصعوبات وألا تسمح له بإيقاظ الأنانية البشرية، حتى لا تنتشر في العالم كفيروس يصعب مواجهته. ويجب أن يدرك الجميع أن "مصائب قوم لن تكون عند قوم فوائد".

الصور

010020070790000000000000011100001388386081