مقال بيتر مورير على شبكة شينخوانت: كوفيد-19...يضع من يرزحون تحت وطأة الصراع أمام تهديد جديد مخيف

2020-04-10 19:54:06|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بيتر مورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر (صورة الأرشيف)

بكين 10 إبريل 2020 (شينخوا) في وقت يجتاح فيه مرض الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) العالم، نشر بيتر مورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر على موقع شبكة شينخوانت مقالا ممهورا بتوقيعه بعنوان "كوفيد-19... يضع من يرزحون تحت وطأة الصراع أمام تهديد جديد مخيف"، عرض فيه وجهات نظره حول كيفية التعامل مع كوفيد-19. وفيما يلي النص الكامل للمقال:

اذا كانت الضحية الأولى للحرب هي الحقيقة، فالثانية ربما تكون حقا شيئا يُكن له العالم بأسره كل تقدير: إنها الرعاية الصحية.

إن الأسر التي تفر من الصراع، أو ترزح حاليا تحت وطأتها، تعلم أن المساعدات الطبية ميزة نادرة وثمينة في مناطق الحروب. ووسط رعب القنابل والرصاص، يعد وجود منشأة طبية عاملة بمثابة واحة منقذة للحياة، ولكن الأمر شبه المؤكد هو أن الطاقم الطبي سيكون منهكا من شدة العمل ويواجه نقصا في الإمدادات.

وهذا النقص في الرعاية الطبية هو ما يجعل زحف كوفيد-19 بلا هوادة نحو مناطق الصراع أمر مرعب للغاية: فهو يمثل تهديدا جسيما للحياة في أماكن غالبا ما يُنظر فيها للناس على أنهم مجهولي الاسم والمحيا. لكن منظمتي تساعد وتتعرف على أناس حقيقيين، وأسر حقيقية، يقفون الآن أمام عاصفة هوجاء.

بصفتي رئيسا للجنة الدولية للصليب الأحمر، فإنني أعرف الأحداث الصعبة للغاية التي لا بد أن يواجهها ضحايا الحرب. فنحن نطعم من يعانون من سوء التغذية الحاد. ونستمع إلى الناجيات من الاعتداء الجنسي. ونلم شمل العائلات المشتتة، ونضمد جروح الحرب البشعة.

خلاصة القول، نحن نرى العالم في أسوأ حالاته، ولهذا أود أن يستمع قادة العالم والحكومات بعناية: أنا أخشى.

أخشى من أن يطغى فيروس كورونا الجديد حتى على قدرات البنية التحتية المتقدمة للدول الغربية.

أخشى من حدوث اندماج بين هشاشة الأوضاع الصحية وضعف القدرة الطبية عندما يصل الفيروس إلى سجون العالم التي تفتقر افتقارا شديدا للموارد، ليفضي ذلك إلى انتشار المرض على نطاق واسع.

أخشى من أن يكون التباعد الاجتماعي مستحيلا وتكون الموارد الطبية شحيحة عندما يصل كوفيد-19 إلى مخيمات اللاجئين المكتظة ومراكز الإيواء الهشة.

فقد وجد الأطفال والآباء ولاسيما الأجداد أنهم سيُتركون قريبا وحدهم ليدافعوا عن أنفسهم في مواجهة هذا المرض، ولهذا السبب أحث الحكومات والمجموعات الإنسانية مثل منظمتي على أن يبذلوا قصارى جهدهم لمساعدة أكثر الفئات ضعفا.

لقد كان هذا أمرا ضروريا منذ فترة طويلة. واليوم، مساعدة أولئك الأقل قدرة على الدفاع عن أنفسهم في مواجهة المرض باتت واجبا أخلاقيا وسياسيا، حتى - أو بشكل خاص - خلال الآثار الاجتماعية والاقتصادية المعوقة والناتجة عن أزمة صحة عالمية. فنحن نستطيع، بل ويتعين علينا تخفيف المعاناة التي يسببها هذا المرض لمن هم أقل قدرة على التغلب عليه.

فقد وجدت مؤسسة ((راند)) في دراسة أجرتها عام 2016 أن أفغانستان وهايتي واليمن و22 دولة في إفريقيا تشكل الدول الـ25 الأكثر عرضة لمواجهة تفشٍ للأمراض المعدية. وإن غالبية الدول العشر الأكثر عرضة لذلك منها تعد مناطق صراع.

وتجري اللجنة الدولية للصليب الأحمر حاليا إعادة توجيه رئيسية لأنشطة المساعدة التي نقوم بها، من أجل تكييف عملنا القائم مع واقع تفشي الفيروس الذي نعاصره اليوم. ففي المرافق الطبية التي ندعمها في دول مثل سوريا والصومال والعراق، نقوم بزيادة مخزون الإمدادات الأساسية وتعزيز تدابير الوقاية من العدوى والسيطرة عليها.

وفي مرافق الاحتجاز في أكثر من 50 دولة، تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع السلطات على تعزيز الفحوص الطبية وإجراءات الوقاية للوافدين الجدد، والزوار، والحراس، وموظفي خدمة التوصيل. كما ندعم إجراءات التطهير ونوزع مواد النظافة. لقد رأينا أن مثل هذه التدابير تمنع انتشار الكوليرا والإيبولا في أماكن الاحتجاز في غينيا وليبيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وعلينا أن نفعل الشيء نفسه مع كوفيد-19.

إنها خطوات حاسمة في الوقت الراهن. ولكن ثمة خطوة حاسمة أخرى: تتمثل في ضرورة أن تواصل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها الأعمال غير المتعلقة بكوفيد-19. فعلى سبيل المثال، استقبلت المستشفيات التي ندعمها في جنوب السودان أكثر من 145 مريضا مصابين بطلقات نارية في الأسابيع الأخيرة. فلابد من مساعدتهم أيضا.

الحقيقة المحزنة تكمن في أن أولئك الذين يرزحون تحت وطأة الصراع، قد يشكل كوفيد-19 بالنسبة لهم تهديدا مميتا آخر. ولهذا السبب الوجيه دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف عالمي لإطلاق النار؛ ويحتاج العاملون في المجال الإنساني إلى كل مساحة ممكنة للاستجابة للجائحة الحالية.

إن استجابتنا المزدوجة للصراع وكوفيد-19 تواجه صعوبة إضافية بسبب الإجراءات الحيوية المتخذة لاحتواء الجائحة. فقيود السفر تحول دون جمع المساعدات الإنسانية وتمنع فرقنا من دخول الدول أو إيصال الإمدادات. وسوف نعمل على التغلب على هذه التحديات، ولكننا نطلب من صناع القرار وضع استثناءات للعمل الصحي والإنساني.

إذا كانت المساعدة ضرورة أخلاقية، يجب على الحكومات والأطراف المسلحة في مسارح الصراع توفير مساحة إنسانية محايدة وغير متحيزة، دون إثقالها باللوائح والقيود؛ ويجب على الجميع حماية الكرامة الإنسانية، دون تهميش واستبعاد ووصم.

أخشى من أن يكون هجوم كوفيد-19 على أكثر الفئات ضعفا في العالم شرسا. إن الوقت ضيق بالفعل، ولكن علينا العمل معا الآن للحد من المعاناة بقدر ما نستطيع. ويجب على الحكومات والأطراف المتناحرة والسلطات تغيير سلوكهم. فالفيروسات لا تعرف الحدود؛ وقد يخيم شبح الافتقار إلى تقديم الاستجابة والموارد للمحتجزين واللاجئين على العالم بأسره.

الصور

010020070790000000000000011100001389649051