باحث سوري: التصريحات العدائية ضد الصين والمشوهة لسمعتها هي أيضا نوع من "الفيروسات"

2020-05-01 16:44:53|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين أول مايو 2020 (شينخوا) فيما يلي مقاطع من مقالة كتبها كريم الوادي، رجل أعمال سوري مقيم في بكين، وباحث في جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية:

التصريحات العدائية ضد الصين والمشوهة لسمعتها هي أيضا نوع من "الفيروسات"

منذ اندلاع جائحة (كوفيد-19)، قد تغير عالمنا. وعلى الرغم من استحالة تأكيد الاتجاهات المستقبلية حتى الآن، إلا أن تأثير (كوفيد-19) الكبير على العالم بأسره بات مؤكدا وواضحا.

تختلف استجابة كل دولة للجائحة من خلال اتخاذ التدابير والإجراءات المختلفة. فبينما لا تستطيع أكثر من نصف دول العالم تحقيق العزل الصارم، لا تتمكن كثير من الدول تحمل تكاليف العزل بسبب ضغوط مسائل تأمين الغذاء والكساء. فقد أخبرني صديقي الذي يعيش في سورية، على سبيل المثال، فيما يتعلق بالعزل قائلا: " إذا لم أذهب للعمل اليوم، فلن يكون هناك طعام للأطفال غدا".

لقد تسببت الجائحة بخسائر فادحة لكثير من الناس، فضلا عما ولّدته من مشاعر سلبية ومعاناة لمعظم سكان العالم، بينما سارع بعض السياسيين لاستغلال الأمر والمبالغة فيه وتضخيمه. وعلى وجه الخصوص، اتهم سياسيون من دول غربية الصين بالمسؤولية عن تفشي الجائحة، كما برزت مؤخرا بعض الأصوات المُطالبة بالحصول على تعويضات من الصين.

وفي ظل المواجهة والعلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة، تنبع تصريحات بعض السياسيين الأمريكيين من أساس مواقفهم العدائية ضد الصين. ومن هذا المنظور؛ يُمكن فهم تصريحات الساسة الأمريكيين الذين يعتبرون أن الصين بدأت تبرز كمنافس للولايات المتحدة، وإذا ما استمرت في التطور والتنمية، فإنها ستشكل تحدياً وتهديداً لمكانة الولايات المتحدة في العالم.

أنا لست خبيرا قانونيا، ولكن على حد علمي، لا توجد سابقة قانونية مماثلة في تاريخ البشرية، طُلب بموجبها من دولة ما تحمل المسؤولية ودفع تعويضات عن خسائر نجمت عن انتشار أحد الأوبئة. وإذا ما فتحنا هذا الباب، فمن أين يمكن أن نبدأ؟ هل نبدأ من (كوفيد-19)، أم من فيروسات سابقة مثل (اتش 1 إن 1) و إيبولا و ميرس و الإيدز؟ وإذا ما كانت التأثيرات الاقتصادية الناتجة عن وباء ما تعتبر سببا للمطالبة بالتعويض، فلماذا لا يمكن أيضا حساب الكوارث التي سببتها الأزمة المالية للولايات المتحدة في عامي 2008 و2009؟

إن ما يحتاجه العالم اليوم للمناقشة بشكل أكبر يتمثل بكيفية التوحد لمواجهة العدو المشترك للبشرية والقضاء عليه، إلى جانب القيام بتحليل موضوعي بدلا من التشكيك في أسلوب معالجة الوباء للصين وشفافية البيانات التي نشرتها.

وفي حقيقة الأمر، ومن خلال متابعتي اليومية لمجريات الأحداث من داخل الصين، فإن من الجدير بالذكر أن الأطباء الصينيين وما إن لاحظوا وحللوا بعض حالات العدوى في نهاية ديسمبر من العام الماضي، حتى سارعت الحكومة المركزية وفي غضون أيام قليلة لاتخاذ قرار حاسم وغير مسبوق يصعب على دول أخرى اتخاذه، وهو إغلاق مدينة ووهان، محور المواصلات المحلي الذي يتجاوز عدد سكانها 10 ملايين نسمة.

وفيما يتعلق بتجربتي الشخصية، فأحد أعمالنا التجارية تتضمن قطاع السياحة إلى خارج الصين. ومن أجل السيطرة على تفشي الوباء، تلقيت تعميما من الحكومة الصينية بإلغاء جميع المجموعات السياحية المتوجهة إلى الخارج قبل عطلة عيد الربيع. ونظرا لأن الوباء لم يكن قد بدأ تفشيه خارج الصين وقتها، رفض الشركاء الأجانب الاستجابة والاعتراف ببند الأسباب القاهرة، ما ألحق بنا خسائر فادحة! ومن جهة أخرى، ما من شك في جسارة وأهمية المحاولات التي قامت بها الصين وقتها لوقف تفشي الجائحة خارجها. وكمثال على ذلك، فإنني تقريبا لم أخرج من منزلي منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، وكذلك الأشخاص من حولي.

وبشكل عام، فإن التقدير الأكثر موضوعية للصين هو أنها بذلت قصارى جهدها وفعلت أقصى ما يمكنها القيام به وفقا للظروف في ذلك الوقت.

وفيما تبقى الصين وجهة مفضلة للشباب الأفريقي، ممن يأتون إليها بقصد الدراسة والعمل والتجارة، يبرز سؤال يتوجب توجيهه لبعض وسائل الإعلام الغربية التي زعمت بوجود ممارسات تمييزية صينية ضد الأفارقة: طالما هناك ادعاءات بذلك فلماذا يواصل الأفارقة القدوم إلى الصين، وبخاصة الطلاب منهم؟

وكأجنبي عاش في الصين لمدة 20 عاما، لم أشعر بأي ممارسات تمييزية من الصينيين ضد الأجانب. وفي الوقت نفسه، وبصفتي باحثا، أتابع الأخبار المختلفة كل يوم ولم ألحظ أخبارا ذات صلة بالممارسات التمييزية في وسائل الإعلام الصينية.

تعد الصداقة والتسامح جزءا من جوهر الثقافة الصينية. كما يعتبر توخي الحذر والسلامة من الخصائص الثقافية الصينية وهذا ما يفسر التزام الصينيين الكامل بقواعد السلامة وبخاصة أثناء الأزمات. وأثناء تفشي الجائحة في الصين، قام الصينيون العاديون بتذكير الأشخاص المخالفين الذين لا يرتدون الأقنعة الصحية ولا يتبعون اللوائح ذات الصلة، سواء كانوا صينيين أو أجانب.

وبالإضافة إلى الحكومة الصينية، لم تتوان العديد من المنظمات الشعبية الصينية في تقديم كمّ كبير من المواد الطبية لمساعدة الدول الأفريقية على مكافحة الوباء. وبسبب اهتمام الصين البالغ بصورتها على الساحة الدولية، فإنها ستتعامل بجدية مع أي سلوك يضر بهذه الصورة. وانطلاقا من هذه الحقائق، يمكننا أن نتساءل: "كم عدد الدول الكبرى في العالم التي تولي اهتماما بالغا لمشاعر البلدان الأفريقية والشعب الأفريقي؟"

لقد كانت الصين أكبر مساهم في انتعاش الاقتصاد العالمي بعد الأزمة المالية لعام 2008. ومن الأزمة المالية حتى الوقت الحاضر، لم تتأخر الصين عن تقديم المساعدات لأفريقيا التي نما اقتصادها بشكل متسارع. وقد مر النمو الاقتصادي للقارة الأفريقية خلال العقد الماضي بأفضل فتراته تاريخيا، حيث تعد الصين الدولة الأكبر من خارج القارة الأفريقية التي ساهمت بأكبر قدر في هذا النمو.

وفي خطاب ألقيته في جنوب إفريقيا نهاية العام الماضي، ذكرت أن العديد من الأشخاص في أفريقيا اعتبروا تركيا والبرازيل وإندونيسيا وروسيا نماذج يحتذى بها للتنمية قبل عشر سنوات. لكن الوضع الآن قد تغير، فهناك العديد من البلدان النموذجية التي حققت تطورات ملموسة في أفريقيا، بما فيها رواندا وكينيا وإثيوبيا، التي تتمتع كلها بتعاون عميق مع الصين.

الصور

010020070790000000000000011100001390237031