تحقيق إخباري: بين بكين والقاهرة...أسرة مصرية تقضي رمضان في ظل الفترة الوبائية

2020-05-11 17:52:20|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 11 مايو 2020 (شينخوا) منذ تسع سنوات...تعمل المصرية هالة أحمد في هيئة إعلامية صينية كبرى بالعاصمة الصينية بكين وتعيش مع زوجها وابنيها (يدرسان في المرحلتين الإعدادية والثانوية).

ونظرا لارتباط ابنيها بامتحان نهاية العام في القاهرة، توجه الزوج والابنان إلى مصر في مارس على أن تلحق بهما الأم في إبريل لكي تجتمع الأسرة معا على مائدة واحدة في شهر رمضان.

غير أنه في ظل أزمة صحية يشهدها العالم وتحت مظلة إجراءات احترازية فرضها فيروس كورونا الجديد، لم تسافر هالة إلى أسرتها وواصلت العمل من المنزل في بكين، حيث قالت "صحيح أننا افترقنا، ورمضان مختلف وهادئ هذا العام حول العالم، لكننا نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنلتقي عبر منصاتها الافتراضية بالصوت والصورة، متحدين ظروف كورونا".

فعلى غير المعتاد، شعرت الأسر في أرجاء العالم العربي بأن شهر رمضان هذا العام جاء في صمت، وسط التزام بالبقاء في المنزل بهدف المساهمة في الحد من انتشار الفيروس، وتوارت وسط ذلك بعض مظاهر رمضان المعروفة مثل التجمعات والعزائم بين العائلات والأصدقاء على موائد الإفطار، والشوارع العامرة بموائد الرحمن والمزينة بفوانيس رمضان، والمطاعم والمقاهي الساهرة حتى وقت السحور.

ووسط الالتزام بالبقاء في المنزل، خفت الحركة في الشوارع والأسواق لتشهد مع حلول شهر رمضان حسبما يقول سمير، زوج هالة، "بعض التزايد النسبي مع نزول المواطنين لشراء المستلزمات الرمضانية وسط وعي في الشارع المصري تجاه الوقاية من الفيروس، فهناك حارس أمن يقوم بتعقيم أيدي كل من يدخل المتجر، فيما يحافظ المتسوقون على مسافة بينهم وبين الآخرين عند دفع الحساب".

ويضيف سمير "علينا أن نتقبل الاختلاف في التقاليد الرمضانية هذا العام، فالتباعد الاجتماعي والاهتمام بالمسافة أثناء التسوق واتباع الإرشادات الوقائية مثل ارتداء الكمامة والقفاز وغسل اليدين، ساهمت في عدة بلدان في تسطيح منحنى الفيروس ومن ثم الحد من انتشاره. وبالتالي من الضروري المثابرة على كل هذه الإجراءات الوقائية".

وتتفق هالة معه، معبرة عن قناعتها بأهمية الاستفادة من تجارب البلدان الأخرى حيث تقول إن "النتائج الإيجابية التي حققها الشعب الصيني في بداية مكافحته لتفشي الفيروس في الصين يحفزنا على الصمود لنتغلب عليه معا. وكما تقول الحكمة الصينية، فإنه بالتضامن والتعاون ستمضي مجتمعاتنا ذات المصير المشترك نحو عالم أفضل".

وفي الواقع، منذ بداية الوضع الوبائي في العالم، اتخذت الحكومة المصرية حزمة متعاقبة من الإجراءات، حيث خصصت تمويلا بقيمة 100 مليار جنيه مصري في إطار خطة الدولة الشاملة للتعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا الجديد. كما قامت بتعليق حركة الطيران في كافة المطارات المصرية وفرضت حظر التجوال الليلي ورفعت درجة الاستعداد والجاهزية لمواجهة الفيروس وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية، هذا إلى جانب تعليق الدراسة في المدارس والجامعات.

ووضع تعليق الدراسة في بلدان عدة بسبب الفيروس بلايين البشر في العالم أمام تحدي دراسي جديد. فقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في مارس الماضي أن عدد الطلاب الذين أضطروا إلى الانقطاع عن المدارس والجامعات، إثر تفشي الفيروس بلغ نحو 850 مليون طفل وشاب، أي ما يقارب نصف عدد الطلاب في العالم.

وفي ظل ذلك، حملت الدراسة خلال رمضان هذا العام طابعا جديدا. واعتمدت بعض الدول ومن بينها مصر طريقة التعليم عن بعد، إذ قالت هالة "إنه وسيلة للتغلب على هذا التعليق، دخل بها نمط التعليم عالم الإنترنت الفسيح، لكني قلقة بعض الشيء، فهل سيندمج ولداي مع النظام الجديد".

ولكن شأنهما شأن الكثير من أبناء الأسر في العالم العربي الذين يواجهون نفس التحدي، يتحدث الابنان بعبارات مطمئنة للأم قائلين "صحيح أننا نفتقد أجواء المدرسة ونترقب العودة إلى ممارسة أنشطتنا فيها، لكن أطمئني يا أمي، سنذاكر دروسنا بانتظام في المنزل ونعدك بأن نحقق نتيجة جيدة في أول تجربة لنا نخوض فيها امتحان نهاية العام على الإنترنت".

وتسير حياة الأسرة المصرية بين بكين والقاهرة لينجز كل فرد فيها عمله وواجبه مع اختلاف الزمان والمكان وسط اشتياق متبادل تتخلله اتصالات بالفيديو، حيث يقول الابن الأصغر في كل مرة "ماما، أتمنى أن يجتمع شمل الأسرة من جديد وأعود للعب مع أصدقائي الصينيين وتناول الأطعمة اللذيذة التي أحبها مثل فطائر جياوتسي المحشوة وبط بكين".

وهالة يحدوها نفس الأمل مستمدة الكثير من التفاؤل من أجواء بكين حيث تقول "لقد حل الربيع، وعاد الأطفال إلى المرح داخل المجمعات السكنية، وزادت الحركة على الطرق، واستأنفت بعض الأنشطة التجارية أعمالها، وكلها تدل على عودة الحياة بالعاصمة تدريجيا إلى طبيعتها بعد انحسار انتشار الفيروس في الصين".

وعند منتصف الليل بتوقيت بكين، كان سمير على مسافة آلاف الأميال في القاهرة منهمك في إعداد وجبة إفطار تماثل ما كانت تصنعه الأم في رمضان من مأكولات وحلوى وعصائر. فيما أخذت هالة تتأمل في صورة جماعية لها مع زوجها وابنيها على هاتفها المحمول لتنقل عبرها مشاعرها العميقة لأسرتها التي تفتقدها كثيرا وهي تقول "أحبكم كثيرا، ليجمعنا اللقاء قريبا".

الصور

010020070790000000000000011100001390479091