تحقيق إخباري: مرض فيروس كورونا الجديد يغير طقوس العراقيين في شهر رمضان المبارك

2020-05-14 19:47:17|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بغداد 14 مايو 2020 (شينخوا) لشهر رمضان المبارك رونقه الخاص لدى العراقيين الذين اعتادوا على قضاء لياليه في طقوس متميزة وسهرات رمضانية جماعية تمارس فيها العديد من الأنشطة الشعبية التي ورثوها عن أجدادهم.

ويشعر العراقيون، بخيبة أمل لأن مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) غير لياليهم الدافئة في هذا الشهر الفضيل ما جعله يختلف عن رمضان في كل السنوات الماضية، ناهيك عن أن المرض زاد من معاناة الفقراء الذين لا يستطيعون توفير قوتهم اليومي نتيجة للتدابير الاحترازية وفرض حظر التجوال من قبل السلطات الحكومية.

وفرضت السلطات العراقية إجراءات مشددة في عموم البلاد للحد من انتشار مرض فيروس كورونا الجديد، مثل إغلاق المساجد، ووقف صلاة الجماعة وصلاة الجمعة، وصلاة التراويح، ومنع التجمعات في الأماكن العامة وإغلاق المقاهي والمطاعم وكل الإنشطة التي يجتمع فيها الناس.

غياب الانشطة

غابت في هذا الشهر معظم الطقوس الدينية والشعبية التي يمارسها العراقيون خلال رمضان، بعد أن أجبرهم مرض فيروس كورونا الجديد على لزوم بيوتهم وعدم مغادرتها خوفا من الإصابة.

وقال عبدالرحمن عمر من مدينة الاعظمية شمالي بغداد (58 سنة) لوكالة أنباء (شينخوا) "رمضان هذه السنة يختلف عن كل السنوات الماضية، فمنذ أكثر من 40 عاما لا أتذكر صادفنا مثله، حتى أيام الاحتلال الأمريكي والعنف الطائفي كانت هناك طقوس دينية وشعبية تقام في رمضان".

وأضاف "كنا في كل رمضان نلعب لعبة المحبيس (الخاتم، وهي لعبة شعبية توارثها العراقيون منذ مئات السنين) في إحدى المقاهي الشعبية، وتقام مسابقات بين فرق المناطق، وأشهرها فرق الأعظمية والكاظمية والفضل، لكن هذه السنة توقف كل شيء، بسبب مرض فيروس كورونا".

بدوره، قال احسان طه "هذه السنة افتقدنا خيم رمضان (خيمة تنصب في حديقة أو مكان عام وتقام فيها أمسية ثقافة أو شعرية أو مناقشة موضوع عام) بسبب مرض فيورس كورونا، ولم نستطع أن نذهب إلى المساجد للصلاة أو حضور أي مناسبة دينية أو اجتماعية أو ثقافية".

وأضاف "فعلا أنه رمضان مختلف عن كل السنوات الماضية، فقد أجبرنا على البقاء في بيوتنا، والتوقف عن أغلب الإنشطة والطقوس الدينية والاجتماعية التي كنا نمارسها سابقا، فلم يعد بامكاننا زيارة أقاربنا وأصدقائنا والسهر معهم حتى ساعات الفجر الأولى".

ومن مظاهر غياب الأنشطة والطقوس في رمضان إغلاق المساجد وعدم إقامة صلاة الجماعة، وصلاة التراويح، بالإضافة إلى توقف مآدب الافطار الجماعي التي كانت تقوم بها المساجد، وبعض الناس الميسورين.

كما فقدت الأسر العراقية متعة التسوق المسائي من المولات والتجوال في الأسواق، وتناول وجبات الإفطار في المطاعم، فضلا عن توقف الحركة في الشوارع مساء وهذا على العكس من السنوات السابقة حيث كانت هذه الشوارع مزدحمة وتعج بالناس حتى ساعات الفجر الأولى.

وفقد الشباب واحدا من أهم الأنشطة التي كانوا يمارسونها في رمضان، وهي مباراة كرة القدم والمسابقات الشعبية التي تجرى في المساء بالملاعب المغلقة أو بالملاعب الشعبية خلال شهر رمضان، حيث منع هذا النشاط بسبب مرض فيروس كورونا الجديد والاجراءات المتخذة لمنع انتشاره.

وغابت عن رمضان هذا العام المسابقات الرمضانية التي تجريها القنوات التلفزيونية المحلية، والبرامج التي تقوم بزيارة بعض العوائل الفقيرة مع فنان مشهور أو رياضي معروف، أو شخصية معروفة وعمل وجبة إفطار معهم ومن ثم شراء الأجهزة الكهربائية التي تحتاجها هذه العائلة وتقديمها كهدية لها إضافة إلى مبلغ مالي يساعدها لاستقبال العديد.

نشاطات بديلة ومساعدة المحتاجين

يلجأ الإنسان دائما إلى البدائل في الظروف الصعبة والتكيف معها، فلم يختلف العراقيون عن باقي شعوب العالم في هذا الاتجاه، حيث سارعت الجمعيات الإنسانية والمنظمات الخيرية والفرق التطوعية وبعض الاشخاص إلى مساعدة العوائل الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود لتجاوز هذه الأزمة.

وقال ابراهيم جاسم (متطوع) ضمن مجموعة شباب تقدم المساعدات للفقراء لـ (شينخوا) "كثفنا من نشاطاتنا مع بداية شهر رمضان المبارك، لتوزيع سلات غذائية على المحتاجين لمساعدتهم في هذا الظرف الصعب".

وأشار جاسم إلى أن فريقه التطوعي قام بتوزيع أكثر من 1650 سلة غذائية في مناطق مختلفة من بغداد، على المحتاجين، الذين فقدوا أعمالهم بسبب الإجراءات المتخذة للحد من انتشار مرض فيروس كورونا الجديد، مبينا أنهم بدأوا أيضا بتوزيع ملابس وهدايا العيد للأسر المحتاجة.

وتابع "إن شهر رمضان فيه قدسية حيث يشعر الناس بمعاناة الاخرين وبما أن رمضان هذه السنة يختلف عن باقي السنوات السابقة فقد قام الكثيرون من الأغنياء الذين اعتادوا على إقامة إفطار جماعي، بدعمنا بالأموال لمساعدة المحتاجين وإيصال سلات غذائية لهم إلى بيوتهم".

بدوره، قال عبدالأمير حسين (42 عاما) موظف حكومي "اتواصل مع أصدقائي عبر وسائل التواصل الإجتماعي، حيث قمنا بعمل (جروب) يضم مجموعة من الأصدقاء، ونقوم يوميا باختيار موضوع ونناقشه فيما بيينا، وفي المقدمة يأتي مرض فيروس كورونا الجديد حيث نقوم بتبادل المعلومات عنه وأخر تطوراته لكي نتجنب الإصابة به".

وأضاف "أن الظروف الصعبة التي فرضها مرض فيروس كورونا الجديد جعلت الأسر العراقية تجلس لفترة طويلة وهذا بدوره ساهم في تقوية الأواصر العائلية أكثر، وأعاد الدفء للعلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة".

وأوضح انه يقوم بالتواصل مع أفراد عائلته الكبيرة واقاربه عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي، وقال وهو يضحك "نقوم بعمل سهرة مع عائلة من عوائل أشقائي أو شقيقاتي عبر الانترنت، ونتسامر ونضحك وحتى الاطفال يشاركون في هذه السهر عبر الانترنت، لتعويضهم عن البقاء في البيوت".

ويأمل العراقيون أن تسفر الإجراءات التي اتخذتها السلطات الصحية إلى تحقيق الانتصار على مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، لكي يعودوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية.

وحسب بيانات وزارة الصحة العراقية، فقد سجل في البلاد منذ ظهور أول إصابة في 24 فبراير الماضي ولغاية يوم أمس الاربعاء 3032 إصابة بمرض فيروس كورونا الجيد، 115 وفاة، و 1966حالة شفاء وما يزال 951 مريضا يتلقون العلاج في مستشفيات البلاد المختلفة.

الصور

010020070790000000000000011100001390571201