مقالة خاصة: الإهمال والتمييز وعدم الاكتراث -- مثالب حقوق الإنسان الأمريكية التي كشفتها الجائحة

2020-07-24 16:43:46|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 24 يوليو 2020 (شينخوا) كشف سلوك واشنطن، الذي يتلخص في إهمال حياة المواطنين والتمييز ضد الأقليات العرقية والإضرار بالتعاون الدولي، في خضم جائحة كوفيد-19 المستشرية، حقيقتها تجاه حقوق الإنسان.

وقد أدت استجابة الإدارة الأمريكية الحالية لمرض فيروس كورونا الجديد، والتي تُعتبر على نطاق واسع فاشلة ومتعثرة، إلى تفاقم المشاكل المتجذرة في البلاد مثل الانقسام الاجتماعي، وفجوة الثروة، والتمييز العنصري، وضعف حماية حقوق ومصالح الفئات الضعيفة، وفي الوقت نفسه، كشف عن نفاق وازدواجية واشنطن بشأن حقوق الإنسان.

في نظر العديد من المراقبين، فإن صورة الولايات المتحدة كـ"مدينة على تلة"، وهي صورة للبلاد باعتبارها "منارة الأمل" للعالم آخذة في التلاشي.

وقال ديفيد كرايمر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لحقوق الإنسان، إن "الأشخاص الذين يدافعون ويناضلون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية في جميع أنحاء العالم يشعرون بخيبة أمل حيال الحكومة الأمريكية ولا ينظرون إلى الإدارة الحالية كشريك حقيقي".

--الإهمال: ليست كل الأرواح البشرية مهمة

على الرغم من التحذيرات المبكرة بشأن فيروس كورونا الجديد، سرعان ما أصبحت الولايات المتحدة البلد الأشد تأثرا في العالم مع تسجيلها أكثر الحالات المؤكدة وأعلى عدد من الوفيات، على الرغم من أنها تتمتع بأكبر قدر من القوة الاقتصادية والتكنولوجية وأكثر الموارد الطبية وفرة في العالم.

وتجاوز عدد حالات كوفيد-19 في الولايات المتحدة عتبة 4 ملايين يوم الخميس ليصل إلى 4005414 بحلول الساعة 3:04 مساء بالتوقيت المحلي (1904 بتوقيت غرينتش)، وفقا لمركز علوم وهندسة النظم في جامعة جونز هوبكنز. وفي الوقت نفسه، ارتفع عدد الوفيات على المستوى الوطني بسبب المرض إلى 143820.

وأصبح كوفيد-19 المسبب الأول للوفاة في الولايات المتحدة، حيث تسبب بوفاة أشخاص على نحو يومي أكثر بالمقارنة مع السرطان أو أمراض القلب، وفقا لرسم بياني نُشر في مجلية ((نيوزويك)) في 9 إبريل. وقد أودى المرض بحياة أمريكيين أكثر مما تسببت به الحرب الكورية وحرب فيتنام والحرب في أفغانستان وحرب العراق مجتمعة.

وكان من الممكن تجنب العديد من تلك الوفيات لو كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب أكثر استباقية في مكافحة الجائحة. قدرت دراسة أجراها باحثون من جامعة كولومبيا أنه لو كانت الولايات المتحدة قد بدأت في إغلاق المدن وأمرت بالتباعد الاجتماعي قبل أسبوعين من 1 مارس، لكان من الممكن تجنب نحو 83 بالمائة من الوفيات التي حدثت في البلاد بحلول أوائل مايو.

لقد انكشفت كل من أنانية الحكومة الأمريكية وقصر نظرها واضطرابها وعجزها وانعدام مسؤوليتها في تعاملها المخيّب للآمال مع هذه الجائحة. ولا يمكن لواشنطن بأي حال من الأحوال أن تتنصل من اللوم على الخسائر الباهظة التي تسبب بها الوباء المستشري في البلاد.

وبسبب تجاهلها الصارخ للتحذيرات المبكرة، فوتت واشنطن على نفسها اغتنام الفرصة الضيقة للقضاء على العدوى في مهدها. وفي التعامل مع كوفيد-19، تجاهل بعض السياسيين الأمريكيين أيضا صحة الناس وحياتهم، وأعطوا الأولوية للسياسات الانتخابية ومكاسب رأس المال.

وفي وقت تواصل الجائحة انتشارها، فإن هؤلاء السياسيين، بدلا من تكثيف جهودهم لمكافحة فيروس كورونا الجديد، كانوا مهووسين بتسييس القضايا ذات الصلة وجعل الآخرين كبش الفداء. ومع استمرار عدم احتواء المرض، تجاهلوا التحذيرات المهنية وهرعوا إلى تخفيف الإجراءات التقييدية لتحقيق مكاسب اقتصادية، الأمر الذي أدى فقط إلى معاودة تفشي المرض.

وأشار غريغ غونسالفيس، المدير المشارك لشراكة العدالة الصحية العالمية في جامعة ييل، إلى أن استجابة إدارة ترامب تجاه كوفيد-19 "تقترب بشكل مروع من الإبادة الجماعية على نحو افتراضي".

ونشر تغريدة على موقع التدوين المصغر (تويتر) يوم 6 مايو جاء فيها "كم عدد الأشخاص الذين سيموتون هذا الصيف، قبل يوم الانتخابات؟ وما هي نسبة الوفيات بين الأمريكيين الأفارقة واللاتينيين وغيرهم من أصحاب البشرة الملونة؟"، مضيفا "ما عساكم تسمون الموت الجماعي بالسياسة العامة؟"

ومن المؤسف أن الفئات الضعيفة في البلاد، بما في ذلك كبار السن والفقراء والأمريكيين الأفارقة والأمريكيين اللاتينيين، قد تحملت العبء الأكبر من كوفيد-19 وما تزال الأكثر عرضة للخطر.

في 23 ولاية أمريكية على الأقل، تم ربط غالبية الوفيات بدور رعاية المسنين، وفقا لصحيفة ((نيويورك تايمز)). وحتى 15 يوليو، فإن الوفيات في مرافق الرعاية طويلة الأجل شكلت أكثر من 42 بالمائة من الوفيات الناجمة عن الجائحة في البلاد.

ومع ذلك، لا يبدو أن البعض في النخبة الأمريكية يلقون بالا لهذا الأمر. وصرح دان باتريك، نائب حاكم ولاية تكساس، لشبكة ((فوكس نيوز)) في 23 مارس، بأن الأجداد أمثاله لا يريدون "التضحية بالبلاد" وعلى "استعداد" للمخاطرة بالموت لحماية الاقتصاد من أجل أحفادهم.

وألمح بن شابيرو، رئيس تحرير ((ديلي واير))، وهو موقع إخباري يميني أمريكي، في مقابلة أجريت معه يوم 30 إبريل، بأن حياة المسنين لا تستحق الإنقاذ.

وقال "إذا توفى شخص يبلغ من العمر 81 عاما بسبب كوفيد-19، فهذا ليس نفس حال شخص آخر عمره 30 عاما يموت بسبب كوفيد-19 ... إذا ماتت جدة في دار رعاية في سن 81، فهذا أمر مأساوي ومريع، كذلك فإن متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة هو 80".

-- التمييز: التحيز الخانق

قبل وقت ليس بطويل من تعرض جورج فلويد للاختناق حتى الموت من قبل ضابط شرطة أبيض قام بوضع ركبته على رقبته، كان قد فقد وظيفته كحارس في مطعم. إن سوء حظ الأمريكيين الأفارقة لم يكن ناتجا فقط عن التمييز العنصري الراسخ والممنهج في أمريكا، بل كان أيضا بمثابة مثال للمعاناة المتفاقمة التي تواجه الأمريكيين غير البيض خلال كوفيد-19.

كما أن أوجه عدم المساواة الصحية والاجتماعية الممنهجة القائمة منذ أمد بعيد قد وضعت مجموعات الأقليات العرقية والإثنية في خطر أكبر للإصابة بكوفيد-19 أو فقدان حياتهم. كما أنهم أكثر عرضة للآثار الاقتصادية القاسية المترتبة على ذلك.

وقال المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، في بيان صدر في 25 يونيو إنه حتى 12 يونيو، كان معدل إصابة أو وفاة الأشخاص السود غير اللاتينيين بفيروس كورونا الجديد حوالي 5 أضعاف المعدل المسجل لدى الأشخاص البيض غير اللاتينيين، بينما بلغ معدل الأشخاص البيض من أصل لاتيني أو اللاتينيين 4 أضعاف تقريبا المعدل المسجل لدى الأشخاص البيض غير اللاتينيين.

وبسبب التكلفة الباهظة لتغطية التأمين الصحي، لا يزال جزء كبير من الأقليات العرقية الأمريكية غير مؤمن عليهم. في عام 2018، كان لدى اللاتينيين والسود أعلى معدلات لمن هم خارج نطاق التأمين، مع نسبة 19 بالمائة و11 بالمائة على التوالي، مقارنة بالبيض، مع نسبة 8 بالمائة، وفقا للبيانات التي جمعتها مؤسسة عائلة كايزر، وهي منظمة أمريكية غير ربحية.

لا تظهر أنظمة الرعاية الطبية والصحية في الولايات المتحدة العدالة للأمريكيين الأفارقة. وبالمقارنة مع الأشخاص البيض، فإن الأمريكيين الأفارقة يتلقون معالجة أقل، والمعاملة التي يتلقونها أقل جودة، وفقا لما ذكره مارك موريال، رئيس الرابطة الحضرية الوطنية، وهي أكبر منظمة تاريخية للحقوق المدنية والدفاع عن الحضرية في البلاد.

وقال في بيان يوم الخميس "نحن أقل عرضة لتلقي العلاج لشكوانا. وحتى مع العلاج، فإننا أقل عرضة لأن نشهد نتائج إيجابية. إن مستوى التفاوت العالي يقوض ثقة الأمريكيين السود في نظام الرعاية الصحية".

وعلى صعيد سوق العمل، اتسعت فجوة البطالة العرقية بشكل أكبر خلال الجائحة. وفي شهر يونيو، شهدت أمريكا أكبر فجوة بين الأمريكيين الأفارقة والبيض على مدار خمس سنوات.

وانخفض معدل البطالة للمجموعة الملونة إلى 15.4 في المائة، بينما انخفض معدل البيض إلى 10.1 في المائة، وفقا لبيانات نشرتها وزارة العمل في 2 يوليو.

-- عدم الاكتراث: تعريض العالم للخطر

وقال مارفن كاناهوي، وهو مهاجر غواتيمالي يبلغ من العمر 38 عاما، إن تجربته الخاصة كانت نموذجية لآلاف الأشخاص الذين تم احتجازهم أو ترحيلهم من قبل إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية خلال الجائحة.

وقال كاناهوي، الذي عاد مؤخراً إلى بلاده بعد أن عمل في الولايات المتحدة لمدة 17 عاما، "لم يعطونا أبدا حتى صابون اليدين أو معقمات من أجل التطهير".

وباستثناء غرفة الطعام ومنطقة الهاتف، لم تكن هناك تدابير للنظافة أو الوقاية مثل التباعد الاجتماعي في منشأة كان يتقاسم فيها مهجعا وأدواش وحمامات مع نحو 200 مهاجر آخر من غواتيمالا والسلفادور وهندوراس ونيكاراغوا.

وتحت ذريعة احتواء كوفيد-19 في الداخل، لم يدخر بعض السياسيين الأمريكيين أي جهد للمضي قدما في أجندة واشنطن المثيرة للجدل لتطبيق قانون الهجرة لترحيل الآلاف من سكان أمريكا الوسطى، بما في ذلك مصابون بفيروس كورونا الجديد إلى بلدانهم الأصلية. وبذلك كانت إدارة ترامب بدون أدنى شك تصدر الفيروس إلى بلدان أخرى، مما يعرض العالم بأسره لخطر كبير.

بعد انتشار الجائحة في بعض مراكز الاحتجاز، استمرت دائرة الهجرة والجمارك، دون اختبار المهاجرين المحتجزين هناك، في ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، بحسب تقرير صدر مؤخرا عن مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية، وهو مركز بحوث مقره واشنطن.

وكشف في أواخر مايو أن دائرة الهجرة والجمارك قامت منذ 13 مارس بـ135 رحلة ترحيل على الأقل إلى 13 دولة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وقد تبين في وقت لاحق ثبوت إصابة بعض المرحلين إلى غواتيمالا وجامايكا والمكسيك وكولومبيا وهايتي.

وإلى جانب تصدير كوفيد-19، العدو المشترك للبشرية، أظهرت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة عدم اكتراثها بالحاجة الملحة للوحدة والتضامن في المعركة العالمية.

فهي تواصل إتباع النهج الأحادي تحت اسم "أمريكا أولا" من خلال سلسلة من التحركات، بما في ذلك فرض حظر تصدير على الإمدادات الطبية المحلية، والتنافس ضد بلدان أخرى للحصول على براءات اختراع للقاح ضد فيروس كورونا الجديد. وفي أواخر يونيو، اشترت الحكومة الأمريكية معظم الإنتاج المتوقع للأشهر الثلاثة القادمة من عقار "ريمديسيفير"، وهو دواء لعلاج كوفيد-19، من الشركة المصنعة الأمريكية "غيلياد".

والأسوأ من ذلك أن إدارة ترامب قررت الانسحاب رسميا من منظمة الصحة العالمية في يوليو 2021، والذي من شأنه أن يلحق ضررا بالمعركة العالمية ضد كوفيد-19، وسيكون له آثار وخيمة ليس فقط على العالم فحسب، بل سيشمل أيضا الولايات المتحدة نفسها.

ووصف لورانس أو.جوستين، مدير معهد أونيل لقانون الصحة الوطني والعالمي في جامعة جورجتاون، وكذلك مدير المركز المتعاون مع منظمة الصحة العالمية بشأن قانون الصحة الوطني والعالمي، هذه الخطوة بأنها حمقاء ومتغطرسة وكارثية.

وبالنسبة له، وكذلك للعديد من الآخرين، فإن الانسحاب "سيجعل الأمريكيين أقل أمانا خلال أزمة صحية عالمية غير مسبوقة".

الصور

010020070790000000000000011100001392377391