مقالة خاصة: بعد طرده من الولايات المتحدة بحكم الواقع.. صحفي صيني: مازلت أؤمن بالصداقة والود

2020-08-14 19:14:29|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 14 أغسطس 2020 (شينخوا) عندما كنت ألتقط صورا في تايمز سكوير عشية رأس السنة الجديدة 2020، مسجلا احتفالات الأشخاص القادمين من دول حول العالم، لم أكن أتخيل أنني سأعيش مثل هذه الفترة المضطربة والفوضى بعد شهرين.

مغادرة سريعة وسط تفشي المرض

في منتصف شهر مارس، توقفت مسيرتي المهنية الصحفية التي دامت ثلاث سنوات بشكل مفاجئ بسبب قيام وزارة الخارجية الأمريكية بطرد مقنع بحكم الأمر الواقع لـ60 صحفيا صينيا من الولايات المتحدة، حيث طلب الجانب الأمريكي منا مغادرة البلاد على الفور.

وحيث إن مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) كان مستشريا، ما تسبب في تقليص عدد الرحلات بشكل حاد في ذلك الوقت، حاولت السفارة الصينية طلب فترة سماح لنا، لكنها تلقت فقط رفضا باردا من الحكومة الأمريكية.

وفي أقل من أسبوع، قمت بتسليم عملي وحزم أمتعتي وإنهاء عقد الإيجار وأغلقت جميع الحسابات، وتمكنت من الحصول على تذكرة طيران عبر الإنترنت ... لم أتوقع أبدا أنني كنت سأتمكن من إنهاء كل هذه الأعمال الشاقة بهذه الكفاءة.

وفي الوقت الذي كان فيه المرض ينتشر بسرعة في نيويورك وفي الولايات المتحدة ككل، كانت معدات الحماية الطبية تعاني من نقص حاد. وفي ظل ظروف ووقت محدود، حاول المكتب الإقليمي لوكالة أنباء ((شينخوا)) في أمريكا الشمالية تزويد كل منا بالأقنعة والقفازات والمطهرات، لكن النظارات والملابس الواقية لم تكن متاحة للشراء.

وكانت الرحلة التي استمرت لأكثر من 10 ساعات في مكان مغلق محفوفة بالمخاطر للغاية في ذلك الوقت، لا سيما لأننا لم نكن نتمتع بحماية كافية ، ما جعلنا نشعر بالذعر خلال الرحلة بأكملها.

وبعد وصولي إلى بكين، من المطار إلى مكان التسجيل المحدد ثم إلى فندق الحجر الصحي، دخلت أخيرا غرفة في فندق، ووضعت أمتعتي وشعرت بالإرهاق التام - حيث استغرقت ما يقرب من 40 ساعة منذ مغادرتي نيويورك.

جهودي كصحفي

الآن بعد الاستقرار، أصبح لدي أخيرا حالة مزاجية ووقت للنظر إلى الوراء في تجارب عملي في الولايات المتحدة على مدار السنوات الثلاث الماضية.

سؤال واحد مازال يطاردني: ما الخطأ الذي ارتكبته أنا وزملائي بالضبط والذي جعل الحكومة الأمريكية تخافنا وتكرهنا ولا تشعر بالارتياح إلا من خلال طردنا؟

إن العلاقات الصينية-الأمريكية واحدة من أهم وأعقد العلاقات الثنائية في العالم. كنت قد أعددت نفسي لرحلة صعبة عندما تم إرسالي إلى الولايات المتحدة عام 2017.

ومع ذلك، فإنني وقد ولدت في الثمانينيات بعد أن أقامت الصين والولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية، نشأت في عصر الإصلاح والانفتاح في الصين باقتناع بأن الانفتاح والشمول والتنمية المشتركة هي القضايا الرئيسية لعالم اليوم الذي يعتمد تطوره بشكل كبير على التعاون الصيني-الأمريكي.

بصفتي صحفيا ومراقبا ومسجلا للتاريخ، كنت دائمًا مفعما بشعور الإنجاز عندما أتيحت لي الفرصة لتقديم أمريكا الحقيقية للقراء من خلال جهودي الخاصة وتعميق التفاهم والتواصل بين الشعبين.

كنت مسؤولا عن تحرير ونشر الصور الإخبارية التي التقطها زملائي المتمركزون في أنحاء الولايات المتحدة، والتي تراوحت موضوعاتها من الإيجازات الصحفية للرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، إلى بورصة نيويورك، وإلى حدائق ديزني لاند التي تم إطلاقها حديثا، والتي تشكل لحظات من الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للولايات المتحدة.

وفي هذه الأثناء، غالبا ما تطوعت للعمل في المقدمة، مستخدمًا كاميرتي الخاصة لتسجيل كل جانب من جوانب المجتمع الأمريكي، وقد أعجبت بعدد من القصص التي تعلمتها خلال المقابلات.

وفي عام 2017، عندما استأنفت الصين استيراد لحوم البقر من الولايات المتحدة بعد 14 عاما من التعليق بسبب مرض جنون البقر، سافرت إلى ولايتي نبراسكا وأيوا الأمريكيتين النائيتين، حيث كنت أخطو على روث البقر غير خائف من دماء الحيوانات، لتصوير مزارع الماشية وكذلك مصانع الذبح والتجهيز.

ومن خلال التعاون مع زملائي المقيمين في الصين، استخدمت مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو لتوضيح كيفية انتقال لحوم البقر الأمريكية عالية الجودة عبر المحيطات ليتم تقديمها في النهاية على موائد المستهلكين الصينيين.

وفي عام 2019، ذهبت إلى لاس فيجاس لتغطية تجمع لثمانية من قدامى المحاربين الذين كانوا ضمن صفوف "النمور الطائرة" الذين ساعدوا الصين خلال الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى أفراد عائلاتهم وأصدقائهم الصينيين. وشاهدت كيف أن الصداقة بين البلدين، التي تفتحت من بين النار والدم في زمن الحرب، قد ترسخت وانتقلت من جيل لآخر.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، نما تصوري للولايات المتحدة من كونها مجردة إلى ملموسة. ومن خلال الصور التي تعاملت معها، أصبحت متعاطفا مع الأمريكيين العاديين وأعجبت بالمشاعر المشتركة التي نتشاركها.

لقد شاهدت فرحة المستثمرين عندما وصلت أسواق الأسهم إلى مستويات عالية جديدة، وشاهدت غضب السكان على مستوى القاعدة من الظلم الاجتماعي، وحزن أسر ضحايا الهجمات الإرهابية أو حوادث إطلاق النار الوحشية، وسعادة لم شمل العائلات خلال احتفالات الأعياد، وما إلى ذلك.

لماذا ينبغي لوم كل هؤلاء ووصمهم؟

الصداقة والود مازالا اختياري

إن الطرد الذي واجهه الصحفيون الصينيون العاملون في الولايات المتحدة مجرد صورة مصغرة لاتجاه تيار العلاقات الصينية-الأمريكية التي أعاقتها وخربتها مجموعة معينة من الأشخاص. لقد رسم بعض المتشائمين صورة قاتمة للعلاقات الثنائية المستقبلية.

ومع ذلك، ومن خلال تذكر الأشخاص والأحداث التي واجهتها خلال السنوات الثلاث الماضية، يمكنني رؤية الضوء في نهاية النفق حتى خلال هذا الوقت المظلم.

ما زلت أتذكر بيل بيليت (70 عاما)، وهو مزارع في ولاية أيوا ملتزم بإنتاج لحوم البقر عالية الجودة وتصديرها إلى السوق الدولية. هو وزوجته من أشد المؤيدين لترامب، لكنهما لا يؤيدان الحرب التجارية التي شنتها واشنطن ضد الصين.

وقال بيليت "أعتقد أنه من الجيد لنا جميعا أن نفهم بعضنا البعض وأن نتشارك في الموارد المتاحة لدينا. كل بلد لديه موارد مختلفة، ونحن بحاجة إلى التجارة لجعل العالم مكانا أفضل".

وكثيرا ما أفكر في إدوارد بينيدا الذي يعيش في سانتا باربرا في كاليفورنيا، حيث إن والده جلين بينيدا، وهو جندي مخضرم ضمن صفوف "النمور الطائرة" والذي توفي لاحقا عام 2010، أنقذ السكان المحليون حياته لأنهم كافحوا لإنقاذه عندما تحطمت طائرته في مقاطعة هوبي بوسط الصين.

وقال بنيدا، الذي غالبًا ما يذهب إلى المدارس المحلية في لوس أنجليس لعرض فيلم وثائقي عن لقاءات والده في الصين: "إننا نعتبر الشعب الصيني جزءا من عائلتنا. أنا لا أتحدث فقط عن الأشخاص الذين أنقذوا حياة والدي، ولكن لدينا علاقة عميقة جدا وقوية مع جميع الصينيين".

أفكر أيضا في جاري في نيويورك، المدينة التي يكون فيها معظم الناس معزولين عن بعضهم البعض.

اقترب مني جاري ذات يوم لمناقشة القضايا المتعلقة بهونغ كونغ وشينجيانغ. وبينما لم نتمكن من الاتفاق على أشياء كثيرة، فقد أوضحنا أيضا الكثير من سوء الفهم. بعد أن علم أنني سأغادر أمريكا قريبا، اصطحب عائلته بأكملها إلى شقتي ليودعني غير آبه لتفشي المرض وأهداني بطاقة تذكارية.

بسبب هؤلاء الأشخاص والحوادث التي لا تُنسى، لن أسمح للكراهية بأن تسيطر علي، رغم أن الطرد، الذي يعد نكسة مهنية كبيرة، قد أصابني بالصدمة، ما زلت أؤمن بقوة الصداقة. وأنا مقتنع أن الود سينتصر.

وفي مارس أيضا، ردا على القمع الذي لا أساس له الذي تتعرض له المنظمات الإعلامية الصينية من جانب البيت الأبيض، أصدرت الصين إجراءات مضادة لتقليل عدد المراسلين الأجانب لوسائل الإعلام الأمريكية العاملة فى الصين.

وبحلول ذلك الوقت، بلغت جائحة "كوفيد-19" ذروتها في الولايات المتحدة، وتكهن البعض بأن الصين ستنتقم بنفس الإجراءات وتطلب من الصحفيين الأمريكيين المحرومين من تصاريح العمل حزم أمتعتهم ومغادرة البلاد على الفور.

لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قال: "بالنسبة إلى موعد مغادرتهم البلاد ... نأخذ أيضا في الاعتبار الوضع على الأرض، بما في ذلك المرض. وستكون الصين أكثر منطقية وستتعامل مع خروجهم بطريقة أكثر إنسانية ".

لا أعرف ما إذا كان نظرائي الأمريكيون قد غادروا بالفعل. أتمنى لهم العافية سواء كانوا في طور حزم أمتعتهم أو في وطنهم بالفعل. آمل أيضا أن يحتفظوا بذكرياتهم العزيزة عن الصين وأن تتاح لهم فرصة العودة.

( هان فانغ الذي عمل من قبل في المكتب الإقليمي لوكالة أنباء شيخوا لأمريكا الشمالية كمحرر للصور)

010020070790000000000000011100001392908801