مقالة خاصة: الاقتصاد العالمي المفتوح ضروري للانتعاش العالمي وسط وباء كوفيد-19

2020-08-15 14:56:12|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 15 أغسطس 2020 (شينخوا) بالنسبة للعديد من الأجانب الذين يعيشون هنا في العاصمة الصينية، يعتبر سوق سانيوانلي علاجا فريدا للحنين إلى الوطن.

مع جميع أنواع المنتجات الغذائية المستوردة، مثل الجبن الفرنسي والكسكس المغربي والخضروات الشعبية لدى الأسر الغربية، يلبي السوق احتياجات المقيمين الأجانب الذين يبحثون عن طعم الوطن.

ويُعزى نجاح السوق أساسا إلى انفتاح الصين في العقود الأخيرة، حيث لم تغير التجارة خلالها بين الصين وبقية العالم أنماط حياة الناس بشكل ملحوظ فحسب، بل عززت أيضا الاقتصاد العالمي بشكل كبير.

-- ذكريات مبهجة

قبل عودتها إلى مسقط رأسها في تولوز بفرنسا قبل عامين، عاشت إستل غارنو في بكين لمدة خمس سنوات.

ولدى استذكارها حياتها في البلاد، ذكرت غارنو أن زيارة سوق سانيوانلي كل أسبوع تقريبا هي جزء من أكثر ذكرياتها بهجة في الفترة التي أمضتها في الصين.

وقالت إنه "سوق يمكنك أن تجد فيه مكونات من جميع أنحاء العالم"، مضيفة أن السوق سمح لها بتذوق نكهات بلدها واكتشاف المزيد من المأكولات الأخرى.

وافتتح السوق، الذي يقع في أحد أكثر الأحياء الدولية في بكين بالقرب من منطقة السفارات، في أوائل التسعينيات.

ويوان ميرونغ، 45 عاما، هي واحدة من أوائل أصحاب الأعمال في السوق. وتتحدر أصلا من مقاطعة شانشي شمال غربي الصين وتدير متجر بقالة متخصص في منتجات الألبان المستوردة في السوق منذ ما يقرب من 20 عاما.

وقالت يوان إن "نصف زبائننا أجانب من اثنتي عشرة دولة وبعضهم أصبحوا أصدقاء لنا"، مضيفة أن الجبن المستورد من أوروبا هو أحد أكثر منتجاتها مبيعا.

ووفقا لمكتب الشؤون الخارجية التابع للحكومة الشعبية لبلدية بكين، فإنه بحلول نهاية عام 2018، وصل عدد المؤسسات الخارجية في بكين إلى 37 ألفا، بإجمالي 142 ألف مقيم أجنبي.

وقد مكنت المطالب الضخمة من ازدهار السوق، على الرغم من أن تفشي كوفيد-19 غير المتوقع أوقف عمليات العديد من البائعين.

ولم يكن هذا العام سهلا بالنسبة لتشانغ مي، على سبيل المثال، وهي بائعة أسماك بدأت أعمالها في السوق في عام 1998.

وفي يونيو، أجبرت عدة حالات إصابة مؤكدة مرتبطة بمأكولات بحرية مستوردة كشك تشانغ على الإغلاق لمدة أسبوع.

ومقارنة بالعام الماضي، انخفض حجم أعمال تشانغ بأكثر من 50 في المائة خلال النصف الأول من عام 2020.

غير أنه منذ منتصف يوليو، بدأت الأعمال في سوق سانيوانلي في استعادة الزخم، مما جلب الأمل لتشانغ.

وقالت إنه "بفضل جهود الجميع، أصبح الوباء تحت السيطرة ويمكننا العودة إلى أعمالنا".

وأضافت أن "العديد من عملائنا الأجانب عادوا إلى بكين بعد إعادة فتح الحدود وانتعشت أعمالنا، على الرغم من أن الصيف عادة ما يكون خارج الموسم".

-- انتعاش الصين الاقتصادي

هذا التعافي هو ملخص الانتعاش الاقتصادي للصين من الآثار الحادة للوباء، الذي أصاب حتى الآن أكثر من 20 مليون شخص وأودى بحياة أكثر من 750 ألف شخص في جميع أنحاء العالم.

وتوسع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 3.2 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2020، وفقا لما ذكره مكتب الإحصاء الوطني الصيني.

وارتفع الناتج الصناعي ذو القيمة المضافة في الصين، وهو مؤشر اقتصادي مهم، بنسبة 4.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني حيث كثفت المصانع الإنتاج وسط إجراءات السيطرة على كوفيد-19.

وارتفع الاستثمار في التطوير العقاري بنسبة 1.9 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2020، مقارنة بانخفاض قدره 7.7 في المائة خلال الفترة من يناير إلى مارس، في حين زاد مؤشر إنتاج الخدمات في الصين بنسبة 2.3 في المائة على أساس سنوي في يونيو مع استمرار تعافي الأنشطة الاقتصادية.

وأفاد مارتن رايزر، المدير القطري للبنك الدولي في الصين، أن الانتعاش الاقتصادي للبلاد كان أفضل من المتوقع في الربع الثاني، في ضوء الوباء.

وقال رايزر إنه "بالفعل أعلى مما توقعناه في يونيو عندما أصدرنا تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية، وقمنا برفع توقعاتنا وفقا لذلك".

وفي معرض إشارتها إلى أن الوباء أضعف سابقا ثقة الأعمال في الصين، سلطت أليشيا غارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا ببنك الاستثمار "ناتيكسيس"، ومقره باريس، الضوء على مرونة الاقتصاد الصيني.

وقالت هيريرو، وهي أيضا زميلة بارزة في "بروغيل"، وهي مؤسسة أبحاث مقرها بروكسل، "لقد أظهرت الصين مرونة كبيرة بشأن تفشي فيروس كورونا الجديد، وهي من بين أوائل الاقتصادات الكبرى التي تعافت".

وأشار سيلويستر زافارز، القنصل العام السابق لبولندا في شانغهاي، إلى أن الانتعاش الاقتصادي للصين جلب الثقة إلى تعافي الاقتصاد العالمي وسط كل من الوباء والركود العالمي الشديد.

وأوضح زافارز أن البلاد أصبحت أول اقتصاد رئيسي يستأنف النمو منذ تفشي الوباء، مضيفا أن "هذا سيلعب دورا إيجابيا في إعادة بناء الاقتصاد العالمي في فترة ما بعد الوباء".

-- الحاجة إلى اقتصاد عالمي مفتوح

وعلى الرغم من أن الوباء قد أجج المشاعر المناهضة للعولمة وغذى الحمائية في مختلف أنحاء العالم، إلا أن الصين لم تتراجع قط عن قرارها ببناء اقتصاد مفتوح.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في اتحاد الأعمال الوطني السويسري "إيكونوميسويس"، إن "أهم جزء في السياسة الاقتصادية الصينية اليوم، من وجهة نظري، هو التزام الحكومة بتوسيع الباب أمام العالم، على الرغم من الصعوبة الناجمة عن أزمة فيروس كورونا الجديد".

وشهدت الصين ارتفاعا في تجارتها الخارجية بنسبة 5.1 في المائة على أساس سنوي في يونيو، مع زيادة الصادرات والواردات بنسبة 4.3 في المائة و6.2 في المائة على التوالي، وفقا لبيانات رسمية.

وبالإضافة إلى مساعدة نفسها على تحقيق انتعاش اقتصادي سريع، فإن التزام الصين باقتصاد مفتوح قد أدى إلى ضخ زخم جديد في الاقتصاد العالمي المتعثر.

وخلال الفترة من يناير إلى يونيو، ظلت "الآسيان" أكبر شريك تجاري للصين، حيث ارتفعت التجارة بنسبة 5.6 في المائة على أساس سنوي، بما يمثل 14.7 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية للصين.

وقال ويليان ويرانتو، الخبير الاقتصادي في بنك "أو سي بي سي"، إن النمو الاقتصادي الصيني من المرجح أن يفيد دول جنوب شرق آسيا حيث تستحوذ البلاد على "نصيب الأسد" من الصادرات الإقليمية.

وذكر ويرانتو أن "الارتفاع الطفيف سيحيي الآمال في أن يساعد اقتصاد الصين في جذب الآخرين".

ومع ذلك، لا يزال المشهد الاقتصادي العالمي قاتما. وانكمش الاقتصاد الأمريكي بمعدل سنوي قدره 32.9 في المائة في الربع الثاني، وهو أكبر انخفاض منذ 1947. ومن المتوقع أن تواجه منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي انخفاضا بنسبة 9.1 في المائة في النمو الإقليمي في عام 2020، في حين سينخفض النمو في أفريقيا هذا العام من تقدير أولي قدره 3.2 في المائة إلى ما بين ناقص 2.8 في المائة وصفر في المائة.

ولم تكن الدعوة إلى اقتصاد عالمي مفتوح قط بمثل هذه الإلحاحية في هذه اللحظة الحرجة حيث ابتلي العالم بأزمة مزدوجة هي الركود الاقتصادي والوباء.

وفي كلمة ألقاها في حفل افتتاح الاجتماع السنوي الخامس للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية عبر وصلة فيديو في يوليو، شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ على روح الانفتاح والتعاون.

وقال شي إن الصين تؤيد دائما التعددية وتلتزم بها، وتسعى لتحقيق التنمية مع بقية العالم بروح الانفتاح والتعاون متبادل المنفعة.

ولفتت هيريرو إلى أنه كما هو واضح في سوق سانيوانلي، سيستفيد الناس من التعاون متبادل المنفعة وتبادل السلع والمعلومات والتكنولوجيا.

ويرى مينش أنه "من الأهمية بمكان أن تعارض الصين أي اتجاه لعكس اتجاه العولمة".

وقال الخبير الاقتصادي إن "الأسواق المفتوحة أساسية للنمو طويل الأجل للصين وكذلك بالنسبة لبقية العالم".

الصور

010020070790000000000000011100001392926901