تحقيق إخباري: أزمة "كوفيد-19" تلقي بظلالها السلبية على حياة الأطفال في غزة

2020-11-18 18:17:19|arabic.news.cn
Video PlayerClose

غزة 18 نوفمبر 2020 (شينخوا) تلقي أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) بتداعيات سلبية على مختلف أوجه الحياة في قطاع غزة دون أن يسلم منها حتى أطفال يجدون أنفسهم في مواجهة انتشار المرض وظروف إغلاق.

ولليوم الثاني عشر على التوالي، لم يتمكن الطفل خالد أحمد من سكان بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة من لقاء والدته المصابة بمرض فيروس كورونا.

وتتلقى والدة أحمد العلاج والرعاية الطبية في أحد مراكز الحجر الصحي، التي تشرف عليها السلطات الحكومية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ويقول الثلاثيني عبد الرحمن أحمد، الشقيق الأكبر لأحمد، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن شقيقه يعيش في عزلة تامة عنهم منذ رحيل والدته، لافتا إلى أنه يرفض اللعب أو الاندماج معنا.

ويضيف أحمد أن شقيقه "لا يكف عن البكاء لساعات طويلة، ويرفض التحدث مع أي أحد آخر سوى والدته التي عادة ما يتحدث معها عبر الهاتف النقال".

ويشتكي أحمد من عدم وجود أي برامج توعية لأهالي الأطفال كي تمكنهم من التصرف بطريقة صحيحة مع أولئك الذين يعانون من مشاكل نفسية بسبب تغير الظروف المحيطة بهم.

وسجل قطاع غزة حتى اليوم 50 حالة وفاة وأكثر من 11 ألف إصابة بفيروس كورونا منذ إعلان السلطات الحكومية اكتشاف أول حالات إصابة محلية بالمرض في 24 من أغسطس الماضي.

وعقب ذلك، تم فرض سلسة من الإجراءات والقيود المشددة لمنع انتشار المرض بين السكان، من بينها إعلان الإغلاق الكامل على كافة المؤسسات الحكومية والتعليمية ومنع التجمعات العامة والحركة بين المحافظات.

وتحت ضغط التدهور الاقتصادي تم تخفيف بعد عدة أسابيع، إجراءات الإغلاق بينها إعادة فتح المدارس تدريجيا حيث يتم السماح لطلاب مرحلتي الثانوية والإعدادية بالدوام المدرسي وفق الإجراءات الوقائية.

وتقول عائلات إن أطفالهم يعيشون في "سجن حقيقي"، والحرمان من ممارسة حياتهم الطبيعية بالإضافة إلى أنهم لا يمتلكون أي وسائل ترفيهية تخفف عنهم الضغوط النفسية.

من ذلك ما تعانيه الطفلة غزل محمد (10 سنوات)، من عزلة وانطوائية بإضافة إلى ردود أفعالها العنيفة على أبسط التصرفات، على حد قول والدتها سميحة صبح.

ولم تتمكن غزل، وهي الابنة الوسطى من بين خمس شقيقات، من الاستمرار بدوامها المدرسي بسبب ارتفاع عدد الإصابات بشكل ملحوظ في قطاع غزة.

وتشتكي غزل لـ((شينخوا)) أنها "لم تعد تلعب مع صديقاتها في المدرسة ولم تعد تمارس حياتها الطبيعية كما كانت قبل الإغلاق".

وتقول والدتها سميحة صبح أن عدم استقرار الأوضاع في غزة والسماح لطلاب بالعودة إلى مدارسهم فيما تمنع أخرين، كانت سببا رئيسيا في تغيير بعض السلوكيات لدى 3 من بناتها.

وتضيف "للأسف الشديد، أصبحت غزل واثنتين من شقيقاتها أكثر عزلة وانطوائية، وكذلك أكثر عنفا في ردود أفعالهن على بعض التصرفات، وأكثر عنادا مقارنة بما كانت حالتهم قبل فترة الإغلاق".

وتشتكي الأم من قضاء أطفالها غالبية الوقت في اللعب على الهواتف النقالة، أو مشاهدة التلفاز دون أن يمارسن اللعب مع بعضهن البعض.

غير أن الحال يختلف في منطقة مثل مخيم الشاطئ للاجئين المكتظ بمنازل شديدة الفقر.

ويقضي الطفل سامح حمدونة غالبية وقته في اللعب مع أقرانه بين أزقة المخيم دون اتباع الإجراءات الوقائية مثل ارتداء الكمامة أو الحفاظ على التباعد الاجتماعي.

وتتخوف الثلاثينية أنغام حمدونة والدة الطفل، من إصابة ابنها بالمرض بسبب قضائه وقت أكبر في الشارع مع رفاقه.

وتقول حمدونة وهي أم لأربعة أبناء لـ(شينخوا) إنها لم تتمكن من السيطرة على طفلها وإبقائه في المنزل، كما كان الحال خلال فترة الإغلاق الأولى التي فرضتها حكومة حماس أواخر مارس الماضي.

وتضيف "يبدو أن الوضع يزداد سوءا في قطاع غزة الذي يعاني الويلات من الفقر والبطالة، ونحن لا نعلم ماذا نفعل في تربية أطفالنا الذين أصبحوا أكثر عنادا وأكثر ابتعادا عنا".

ويشهد القطاع ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات بمرض فيروس كورونا في الأيام الأخيرة، حيث سجلت وزارة الصحة اليوم 486 إصابة لترفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 11,471 إصابة و50 وفاة.

وحذرت وزارة الداخلية في غزة من احتمالية العودة إلى فرض الإغلاق الشامل في حال بقي مؤشر الإصابات يرتفع، وفي حال لم يلتزم السكان بالإجراءات الوقائية.

ويقول الخبير النفسي درداح الشاعر لوكالة أنباء (شينخوا) إن فئة الأطفال هي الأكثر تضررا من تداعيات انتشار كورونا في غزة، بحيث تسبب الإغلاق تسبب بانقطاع تواصلهم مع التعليم.

ويؤثر ذلك سلبا على علاقاتهم الاجتماعية وكذلك على وضعهم النفسي، بحسب الشاعر

ويشير إلى أن طبيعة الأطفال تكمن في تفريغ طاقاتهم من خلال اللعب والتفاعل الاجتماعي مع أقرانهم، وحرمانهم من أساسيات الحياة بالنسبة لهم ستكون لها آثار سلبية مثل اللجوء إلى العزلة أو العنف.

ويعتقد الشاعر أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الحاكمة للحد من تفشي الفيروس، كان فيها "خطأ استراتيجي"، موضحا أنها لم تساهم في الحد من التفشي.

ويتخوف الشاعر من استمرارية الوضع الراهن أو الذهاب إلى الأسوأ، لافتا إلى أن ذلك سيكون له التأثير السلبي على نشأة جيل من الأطفال الضعفاء بسبب حرمانهم من احتياجاتهم الأساسية.

ويؤكد الخبير النفسي ضرورة تدارك وضع الطفولة في غزة من قبل السلطات الحاكمة وأخذ التدابير الاحترازية التي لا تطيل انفصال الأطفال عن البيئة المحيطة بهم.

ونصف سكان قطاع غزة تقريبا من الأطفال يعيشون غالبيتهم في ظروف غير مستقرة بحسب إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

   1 2 3 >  

الصور

010020070790000000000000011100001395249481