تقرير إخباري: تقرير أممي: المجتمعات المفككة تضع الناس والكوكب في مسار تصادمي

2020-12-17 15:36:46|arabic.news.cn
Video PlayerClose

الأمم المتحدة 16 ديسمبر 2020 (شينخوا) يعد كوفيد-19 أحدث أزمة تواجه العالم، ولكن ما لم يفلت البشر قبضتهم على الطبيعة، فهي لن تكون الأخيرة، وفقا لتقرير أممي صدر مؤخرا.

ووفقا لتقرير "الأفق التالي: التنمية البشرية والأنثروبوسين" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن قادة العالم بحاجة إلى اتخاذ خطوات جريئة لتخفيف ما يُمارس على البيئة والحياة الطبيعية من ضغوط هائلة، أو المجازفة بعرقلة تقدم الإنسانية.

وقال أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "لدى البشر اليوم سلطات للسيطرة على الكوكب أكبر بكثير من أي وقت مضى. وبعد ما شهدناه من تفشي جائحة كوفيد-19، وتسجيل ارتفاعات قياسية في درجات حرارة المناخ، وتصاعد غير مسبوق لأوجه عدم المساواة، حان الوقت لاستخدام تلك السلطات لإعادة تعريف مفهوم التقدم على نحو لا يمكن معه إخفاء بصماتنا الكربونية والاستهلاكية."

وأضاف "هذا التقرير يبين أنه حتى اليوم لم ينجح أي من بلدان العالم في تحقيق معدلات التنمية البشرية المرتفعة جدا دون أن تضع أنشطته وممارساته ضغوطا هائلة على موارد الكوكب. ولكن بيدنا أن نصبح الجيل الأول الذي يصحح هذا الخطأ بما من شأنه أن يرسم آفاقا جديدة للتنمية البشرية".

وفي معرض استضافته لإطلاق التقرير، أكد ستيفان لوفين، رئيس وزراء السويد، أن "التقرير من خلال تركيزه على القضايا ذات الأهمية الحاسمة في عصرنا مثل تغير المناخ وتصاعد أوجه عدم المساواة، يساعدنا على توجيه جهودنا نحو صياغة المستقبل الذي نصبو إليه".

ويرى التقرير أن الأفق التالي للتنمية البشرية سيتطلب منا جميعا أن نعمل مع الطبيعة وليس ضدها، وهو ما سيقتضي تحولات هامة في الأعراف الاجتماعية، والقيم، وتدابير الحوكمة، والحوافز المالية.

على سبيل المثال، تشير تقديرات حديثة إلى أن أشد البلدان فقرا في العالم قد تواجه بحلول عام 2100 زيادة تناهز مائة يوم في العام من الظواهر الجوية شديدة الوطأة بسبب تغير المناخ، وإن كان بالإمكان خفض هذا المعدل بمقدار النصف إذا ما تم الالتزام بتنفيذ اتفاق باريس بشأن تغير المناخ بشكل كامل، وفقا للتقرير.

ويمكن لتدابير إعادة تشجير الغابات ورعايتها بشكل أفضل وحدها توفير ما يقرب من ربع الإجراءات التي يتعين علينا اتخاذها قبل عام 2030 لمنع الاحترار العالمي من بلوغ الحد الحرج، والذي يقدر بدرجتي حرارة مئويتين فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة.

ويوضح التقرير أيضا أن أوجه عدم المساواة فيما بين البلدان، بل وداخل البلد الواحد، والتي تمتد جذورها العميقة في تربة الاستعمار والعنصرية، تعني أن الأغنياء يستحوذون على فوائد الطبيعة ويُصدرون تكاليفها للآخرين، وهو الأمر الذي يقوض فرص الفقراء ويقلل قدرتهم على فعل أي شيء لتصحيح تلك الأوضاع.

وأضاف التقرير أنه في الكثير من الأحيان يتسبب التمييز على أساس العرق في تعرض المجتمعات بشكل أكبر للأضرار والمخاطر البيئية عالية التأثير، مثل النفايات السامة أو التلوث المفرط، وهو الأمر الذي يتكرر في المناطق الحضرية عبر قارات العالم.

ويدفع التقرير بأنه مع دخول الناس والكوكب حقبة جيولوجية جديدة تماما، وهي التي تعرف بـ "الأنثروبوسين" أو "العصر البشري،" قد حان الوقت لأن تعيد كافة البلدان تصميم مسارات التقدم الخاصة بها لتشمل تحليلا محاسبيا كاملا للضغوط الخطيرة التي يمارسها البشر على موارد هذا الكوكب، ومعالجة الاختلالات القائمة في التوازن بين السلطات والفرص، والتي تمنع التغيير.

كما يدفع التقرير بأن اتخاذ الإجراءات العامة يمكنه أن يعالج تلك التفاوتات القائمة في المجتمعات، ضاربا أمثلة تتراوح بين الضرائب التصاعدية المتزايدة، وحماية المجتمعات الساحلية من خلال توفير الاستثمار الوقائي والتأمين، وهي خطوة يمكنها أن توفر الحماية لحياة 840 مليون شخص يعيشون على طول سواحل العالم. ولكن يجب أن تتضافر الجهود لضمان ألا تؤدي تلك الإجراءات إلى وضع الناس في مواجهات متزايدة مع كوكبهم.

وأدخل التقرير عنصرين إضافيين: البصمة المادية للبلد ومقدار ما ينتجه من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في دليل التنمية البشرية، الذي يقيس مستويات الصحة والتعليم ومستويات المعيشة في كل بلد من بلدان العالم، ليبين كيف يتغير المشهد الإنمائي العالمي إذا ما وضعنا رفاه الناس وسلامة الكوكب، على حد سواء في قلب تعريفنا لمفهوم التقدم البشري.

وهذا الدليل المعدل لهذا العام ويطلق عليه دليل التنمية البشرية المعدل بعامل الضغط على موارد الكوكب يرسم ملامح تقييم جديد لمفهوم التقدم البشري، أكثر وضوحا وإن كان أقل وردية. فعلى سبيل المثال، في سياق هذا التقييم الجديد يخرج 50 بلدا من مرتبة الدول ذات تنمية البشرية المرتفعة جدا، بما يعكس البصمة المادية لتلك البلدان واعتمادها الكبير على الوقود الأحفوري. في الوقت نفسه، تصعد بلدان مثل كوستاريكا ومولدوفا وبنما حوالي ثلاثين مرتبة في الترتيب، بما يبرهن على أن تخفيف الضغط على الكوكب هو أمر ممكن.

وقالت جاياثما ويكراماناياكي، مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة للشباب "لقد حققت البشرية إنجازات مذهلة، ولكن من الواضح أننا تعاملنا مع استهلاكنا لموارد كوكبنا كأمر مسلم به".

وأضافت "يتعين علينا تغيير طبيعة علاقتنا مع الكوكب لنجعل استهلاك الطاقة والموارد مستداما، ولنضمن لكل الشابات والشبان القدر الكافي من التعليم والتمكين يساعدهم على تقدير ما يمكن أن يوفره عالم صحي من مباهج الحياة".

وقال بيدرو كونسيساو، مدير مكتب تقارير التنمية البشرية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمؤلف الرئيسي لهذا التقرير"المجتمعات المفككة التي نشهدها اليوم تضع الناس على مسار تصادمي مع الكوكب".

وأضاف أن "الأفق التالي للتنمية البشرية لا يتعلق بالاختيار بين الناس والأشجار، بل يتعلق بإدراكنا اليوم أن التقدم البشري المدفوع بالنمو غير المتكافئ وكثيف الكربون قد وصل إلى مجراه".

وأتم "يمكن للتنمية البشرية أن تتقدم خطوة للأمام على مسار التحول نحو دعم المجتمعات والكوكب معا وفي ذات الوقت من خلال معالجة أوجه عدم المساواة، والاستفادة من أدوات الابتكار والعمل الوثيق مع الطبيعة".

الصور

010020070790000000000000011100001395973541