تحقيق إخباري: سائقو سيارات الأجرة في لبنان غارقون في بؤس أزمات البلاد وتداعيات كورونا

2021-03-01 00:14:49|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بيروت 28 فبراير 2021 (شينخوا) " إذا تمكنت من العمل فدخلي اليومي لا يكفي لإطعام عائلتي بسبب انهيار الاقتصاد وإجراءات فترات إغلاق البلاد" التي تفرضها سلطات لبنان للحد من تفشي فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).

هذا ما قاله لوكالة أنباء ((شينخوا)) جمال شهيب سائق سيارة الأجرة الذي تجاوز الخمسينات من عمره.

بدوره قال سائق سيارة الأجرة نبيل عميرات (60 عاما) لـ ((شينخوا)) حول وسائله للبقاء على قيد الحياة في الظرف الراهن " نعيش أنا وعائلتي بالحظ والصدفة فقط".

وقبل تفشي (كوفيد-19) وانهيار الليرة اللبنانية ، كان عميرات يجني 30 ألف ليرة لبنانية (20 دولارا أمريكيا بحسب السعر الرسمي القديم البالغ 1500 ليرة لبنانية للدولار الأمريكي) في اليوم ، لكنه اليوم بالكاد يجني 10 آلاف ليرة (ما يعادل نحو دولار أمريكي واحد بسعر السوق الموازية).

وكان الحد الأدنى للأجور في لبنان البالغ 675 ألف ليرة لبنانية يوازي 450 دولارا ، أما اليوم ومع احتساب سعر الدولار الواحد 9500 ليرة فقد أصبح الحد الأدنى 72 دولارا بتراجع نحو 84 في المئة.

وأشار عميرات انه منذ بداية تفشي (كوفيد-19) في البلاد بدأ بالاعتماد على دعم ابنته التي تجني أقل من 400 ألف ليرة لبنانية شهريا موضحا أن هذا الدخل بدوره تآكل.

وأوضح السائق شهيب أن السيارة التي يعمل عليها ليست مستأجرة وأنه كان قد اشتراها ولوحتها العمومية بمدخرات سنين عمل خلالها سائقا للآليات الثقيلة خارج البلاد.

وأشار إلى أن معاناته هي أقل من معاناة السائقين الذين يستأجرون السيارة واللوحة وعليهم دفع قيمة الإيجار الشهري.

ولفت إلى أنه خلال فترات الإغلاق الطويلة كان الخروج يتطلب الحصول على أذن لساعات قليلة من منصة الكترونية خاصة .

وقد فرضت السلطات اللبنانية ، خلال العامين الحالي والماضي ، عدة فترات من الإغلاق على أمل الحد من عدد حالات تفشي (كوفيد-19) في البلاد ، وفقد عشرات آلاف الموظفين والعمال في مختلف القطاعات أعمالهم أو أجزاء كبيرة من دخلهم، وكان سائقو سيارات الأجرة من بين أكثر المتضررين لأنهم يعتمدون على تحرك وتنقل المواطنين وزوار البلاد لتحصيل دخل يومي يؤمن معيشتهم .

ولفت شهيب إلى أنه مع تخفيف الإجراءات بات يمكن الخروج إلى العمل بشرط أن تقل السيارة راكبين فقط في حين أنه بالكاد يمكن العثور على راكب واحد بسبب الخشية من التنقل في السيارات العمومية خشية من تفشي (كوفيد-19).

وأكد أنه مثقل بالديون وأن تكلفة العمل باتت تضمن خسارة فادحة بسبب تعقيم السيارة والصيانة وقطع الغيار، مشيرا إلى أن تغيير زيت المحرك كانت كلفته 50 الف ليرة فيما باتت اليوم بعد انهيار الليرة 400 ألف ليرة.

وأضاف أنه قام مؤخرا بتبديل إطارين هالكين للسيارة بتكلفة مليون و400 الف ليرة بعدما كانت تبلغ 250 ألف ليرة، مشيرا إلى أن أجرة انتقال الراكب تبقى الفي ليرة فقط.

وأوضح أن الطامة الكبرى ستقع برفع دفع الحكومة الدعم عن البنزين فيصل سعر الصفيحة إلى 3 أضعاف سعرها الحالي (مايقارب 90 ألف ليرة لبنانية) ما يعني أن كلفة انتقال الراكب ستصل إلى 9 آلاف ليرة وهو ما لا قدرة للبنانيين على تحمله.

وطالب بتعاونية لقطع غيار السيارات المعفاة من رسوم الجمارك للسائقين العموميين وبقسائم محروقات مدعومة من الحكومة للوحات السيارات العمومية.

وقال شهيب إنه أمام خيار واحد هو إطفاء محرك سيارته والجلوس بالمنزل تلافيا للخسارة، مشيرا إلى أنه يفكر جديا بترك مهنته كسائق ليفتتح محلا صغيرا لبيع الخضروات.

وقال السائق مروان خير ، الأب لأربعة أطفال ، لـ ((شينخوا)) بينما كان يوقف سيارته في شارع الحمرا السياحي والتجاري الذي كان يعج عادة بالمتسوقين والسياح "كما ترى ، شوارع بيروت فارغة ولا أحد يطلب خدماتنا الآن".

وأضاف "خفضت الحكومة مؤخرا بعض إجراءات الإغلاق في البلاد وسمحت للسائقين باستئناف العمل لكن الركاب نادرون هذه الأيام".

وقال "معظم الناس يبقون في منازلهم هذه الأيام لتجنب الإصابة بالفيروس في ضوء الزيادة المستمرة في عدد الوفيات الناجمة عن (كوفيد -19)".

ويتذكر خير عندما كان لبنان يستقبل ملايين السائحين سنويا ، مما يبقي آلاف السائقين مشغولين طوال العام.

وقال "نحن بحاجة إلى معجزة للتغلب على (كوفيد -19) لنكون لدينا القدرة على العمل بانتظام مرة أخرى".

وأوضح نائب رئيس نقابة سائقي سيارات الأجرة العامة في جنوب لبنان إبراهيم بخاري لـ ((شينخوا)) إن سائقي سيارات الأجرة عانوا من عدة صعوبات وأن (كوفيد -19) زاد من بؤسهم.

وقال بخاري "يصعب اليوم على سائقي سيارات الأجرة العثور على ركاب كما أن السائق لايمكنه أن ينقل سوى راكبين في سيارته بدلا من 4 في ظل التباعد الذي تفرضه السلطات للوقاية من (كوفيد -19)"، مضيفا أن ذلك يؤثر على دخل السائقين.

وأشار إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه السائقين ، إلى جانب (كوفيد -19) ، هو رفع الدعم عن البنزين داعيا إلى إبقاء هذا الدعم لسائقي سيارات الأجرة.

وأوضح بخاري أن "المواطنين سيختارون بعد ذلك ركوب سيارات الأجرة بدلا من دفع ثمن باهظ لمحروقات سياراتهم".

ويدعم مصرف لبنان المركزي السلع الأساسية وبينها القمح والدواء والمشتقات النفطية ومنتجات غذائية أخرى مستوردة لتمكين المواطنين من شرائها بأسعار معقولة ، وذلك على أساس سعر الصرف الرسمي للدولار الأمريكي البالغ 1515 ليرة لبنانية في حين أن سعر الصرف في السوق الموازية يقارب 9500 ليرة وسط تزايد حاجة البلاد للنقد الأجنبي وتراجع وفرته محليا.

ومن شأن عدم دعم السلع الأساسية أن يرفع سعرها نحو 5 مرات الأمر الذي سيؤدي إلى زلزال اجتماعي وسط بطالة قياسية وتآكل مدخرات اللبنانيين وأجورهم الشهرية.

وكان الوضع المزري لسائقي سيارات الأجرة في لبنان قد أثار سابقا عدة احتجاجات من قبل العاملين في القطاع لكن نقابات السائقين تحذر من قيامها بحلول منتصف شهر مارس المقيل بتحركات تشل البلاد إذا لم تنظر الحكومة في حلول تضمن مدخولهم القليل وتحفظ للبنانيين قدرتهم على استعمال النقل العمومي.

ومع تداعيات أزمة تفشي (كوفيد-19) ، يواجه لبنان أزمة سياسية وشغورا حكوميا منذ أغسطس الماضي عقب كارثة انفجار مرفأ بيروت الذي دمر أحياء عدة في العاصمة وبخسارة 300 الف شخص لمنازلهم وخسائر قدرت ب15 مليار دولار.

كذلك يواجه لبنان أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية متشابكة أدت إلى ارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وإلى تفاقم البطالة والتضخم المالي وانهيار العملة المحلية والقدرة الشرائية وسط تراجع متسارع في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر 2019 مع تجميد المصارف للسحوبات النقدية بالدولار الأمريكي وتقييدها بالعملة المحلية.

الصور

010020070790000000000000011101451397738741