أشخاص يطاردون القمر— حياة فنية أسطورية لبول غوغان وفينسنت فان جوخ

2021-04-13 09:52:14|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 13 أبريل 2021 (شينخوانت) قد تكون شخصية بول غوغان غير معروفة لبعض الناس. ولكن الكاتب العالمي البريطاني سومرست موم كان قد وصف في إحدى رواياته المشهورة بعنوان "القمر وستة بنسات" وسيطا في البورصة البريطانية لديه أسرة سعيدة وحياة مهنية مستقرة. وأصبح فجأة مفتونا بالرسم وترك أفراد أسرته وتوجه إلى العاصمة الفرنسية باريس لمتابعة حلمه بالرسم. ومن أجل التعرف على أسلوب التعبيرات البدائية، ذهب إلى جزيرة تاهيتي في جنوب المحيط الهادئ للعيش مع السكان الأصليين هناك وخلق العديد من الأعمال الفنية ذات ميزات العادات الشعبية البرية المحلية.

ويعتمد الرسام في كتاب موم الذي سعى وراء حلمه الفني دون أي مبالاة على نموذج بول غوغان، والذي يعرف مع فينسنت فان جوخ وبول سيزان بأنهم الرسامون العظماء الثلاثة لمرحلة ما بعد الانطباعية.

وفي رواية "القمر وستة بنسات"، يمكن للقراء الاطلاع على قصة التخلي عن الحياة الواقعية للسعي وراء الحلم، حيث يمثل القمر في الكتاب حلما، وهو بعيد ومضيء، لكن من الصعب لمسه. وأما ستة بنسات، فتمثل الثروة وهي الاتجاه الذي يختاره معظم الناس. وأولئك الذين يختارون القمر يصعب على الآخرين فهمهم. وحتى لو لم يكن هناك مال، فإن أولئك الذين يطاردون الأحلام لا يزالون سعداء للغاية في عملية مطاردتهم، وغوغان واحد منهم.

ولد غوغان عام 1848 في باريس وانتقلت أسرته لاحقا إلى بيرو، التي تركت الثقافات المعقدة والمتنوعة فيها انطباعا عميقا في ذهن غوغان. وعندما كان في السابعة عشرة من عمره، بدأ مهنته كملاح. وربما كانت كلمة "تشرد" محفورة في جيناته منذ لحظة ولادته، وجعله ذلك غير قادر على الجلوس في مكتب البورصة كموظف عادي وترك مهنته المستقرة وأسرته لينهمك في الرسم. وبدأ غوغان تعلم الرسم في سن الخامسة والعشرين، حيث كان فن الرسم الانطباعي يشهد ذروته، لكن غوغان لم يكن راضيا أبدا عن الأناقة الرائعة للانطباعية. وما أراد تصويره لم يكن حياة هادئة، بل عادات وتقاليد أكثر حماسة وبدائية. وفي عام 1888، بدأ غوغان تعاونه مع فان جوخ، ويمكن القول إن الرسامين اشتركا في جنون واحد في أسلوب الرسم، حيث شككا في الفن التقليدي ليميلان إلى الرسم بطريقة أكثر ذاتية. وبعد فقد فان جوخ أذنه، تركه غوغان وعاد إلى باريس، حيث أن الخلاف الذي وقع بينهما غير معروف حتى الآن.

وفي عام 1891، ذهب غوغان إلى جزيرة تاهيتي، وعاش بها حتى وفاته عام 1903، حيث منحته العادات والتقاليد المحلية لسكانها إلهاما إبداعيا لا نهاية له. وظلت الأخطاء الفادحة مثل التخلي عن الأسرة والخلاف مع فان جوخ الذي تسبب بشكل غير مباشر في فقد الأخير لأذنه، ظلت تلاحق غوغان دائما، وجعلت الجميع يسخرون من حياته الفوضوية ومساعيه الفنية المجنونة.

وفان جوخ هو الشخصية الهامة التي لا تنفصل عن حياة غوغان الفنية، وهو رسام مر بحياة أكثر أسطورية من غوغان. وابتكر فان جوخ سلسلة من الأعمال الفنية العظيمة طوال حياته القصيرة ومن بينها "ليلة النجوم" و"سلسلة الصور الذاتية" و"عباد الشمس". وبعد انقطاع التعاون مع غوغان، غالبا ما كان فان جوخ يصاب بنوبات صرع، ولكنه يصر على الرسم عندما يكون في حالة وعي. وفي عام 1890، أطلق فان جوخ الرصاص على نفسه نتيجة أزمة نفسية حادة وتوفي عن عمر يناهز 37 عاما. وكانت حياة فان جوخ مأساوية، لكنه أصبح أسطورة بعد وفاته، وحظيت أعمال فان جوخ باهتمام أكبر أيضا بسبب تجربته الحياتية الخاصة. ولم تُعرف الحقيقة وراء مآسي "الفقر والجنون وقطع الأذن والانتحار والشهرة بعد الموت"، لكن هذه الكلمات كانت كافية لانتشار نسخ مختلفة من قصص فان جوخ من خلال الروايات واللوحات والأفلام والمسلسلات التلفزيونية والقصائد والأغاني على نطاق واسع وأصبح فان جوخ رمزا فنيا، حتى أنه بات يؤثر على صورة الفنانين في مخيلة العديد من الناس، وأن الفنانين يجب أن يكون لديهم شغف مجنون بالفن مثل فان جوخ. ولكن في الحقيقة، قد يكون فان جوخ فقط شخصا آخرَ يطارد القمر.

   1 2 3 4 >  

الصور

010020070790000000000000011101451398768981