مقالة خاصة: كيف كان من الممكن تجنب أحدث فصل من فصول مأساة كوفيد-19 في الولايات المتحدة

2021-08-14 16:03:18|arabic.news.cn
Video PlayerClose

نيويورك 13 أغسطس 2021 (شينخوا) دفعت الموجة الرابعة المميتة من تفشي مرض فيروس كورونا الجديد والتي تعصف بالولايات المتحدة حاليا، الكثيرين إلى التفكير مليا في سبب تعرض أمتهم لنفس الكابوس مرارا.

فوجود مواجهة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى جانب التردد في أخذ اللقاح وعدم وجود استجابة موحدة كلها عوامل غير مفيدة في هذا الصدد. فقد كان من الممكن منع حدوث هذا السيناريو البائس لو كان هناك مزيد من الحس السليم واحترام للعلوم الطبية، وفقا للخبراء وتقارير وسائل الإعلام.

-- لحظة تفكير وتأمل

مع انتشار المتحور "دلتا" شديد العدوى في أنحاء أمريكا والذي أدى بدوره إلى ارتفاع حالات الإصابة اليومية الجديدة بكوفيد-19 إلى أعلى مستوى لها منذ ستة أشهر، "تشهد أجزاء كثيرة من البلاد ظاهرة ديجافو (تعني حدث من قبل) والتي تُذكر بالأيام الأولى للجائحة -- وهو أمر يقول الخبراء إنه كان من الممكن تجنبه"، حسبما ذكرت شبكة ((إن بي سي)) يوم الخميس.

ونُقل عن تينر جودوين فينيما، الأستاذة والباحثة الزائرة في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي، قولها "كان من الممكن منع هذه الزيادة بأكملها تماما"، وأشارت إلى أنه إذا كان المزيد من الناس قد اختاروا أخذ التطعيم بمجرد أن يكونوا مؤهلين، فإن ذلك كان سيبطئ من انتشار الفيروس.

وقالت "لقد تراجعنا بالتأكيد خطوة كبيرة الى الوراء"، مضيفة "إذا أردنا الخروج من ذلك بأي شيء، فهو أن هذه الموجة الرابعة تقدم أدلة أكثر إقناعا على ضرورة القيام على الصعيد العالمي بتنفيذ تدابير الصحة العامة التي نعرف أنها ستوقف انتشار الجائحة".

فقد ذكرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أنه يجب على الأشخاص ارتداء الكمامات بالأماكن المغلقة، حتى لو كانوا مطعمين، في المناطق التي تنتقل فيها العدوى بكوفيد-19 "بشكل كبير" و"مرتفع"، لافتة إلى أن أكثر من 90 في المائة من المقاطعات الأمريكية تشهد الآن معدلات عالية أو كبيرة من العدوى بكوفيد-19.

ووفقا للأرقام المحدثة على الموقع الإلكتروني لصحيفة ((نيويورك تايمز))، فقد ارتفعت حالات الإصابة اليومية الجديدة بكوفيد-19 في أمريكا إلى 124234 يوم الأربعاء، بزيادة قدرها 86 في المائة عما كانت عليه قبل أسبوعين. وبلغ عدد الوفيات بمرض فيروس كورونا الجديد 552 حالة يوم الأربعاء، بزيادة قدرها 75 في المائة على مدى 14 يوما.

-- خطر في تكساس

في جميع أنحاء ولاية تكساس بجنوب وسط البلاد، حذر مسؤولو الصحة من تزايد العبء على المستشفيات وإجهادها، فضلا عن أزمة متنامية لم تُشهد منذ أوائل فبراير، عندما اجتاحت موجة في أواخر فصل الشتاء نظام الرعاية الصحية بالولاية، حسبما ذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) يوم الخميس.

تم إدخال أكثر من 10 آلاف شخص من أهالي تكساس المستشفيات للعلاج هذا الأسبوع، وعملت ما لا يقل عن 53 من المستشفيات بأقصى طاقتها مع تشغيل وحدات العناية المركزة. والأطباء "خائفون مما هو قادم"، قلقون بشأن ما إذا كان المتحور "دلتا" بإمكانه أن يسحق قدرات الرعاية الصحية.

ونُقل عن إسماعيل بورسا، أحد كبار مسؤولي الصحة في مقاطعة هاريس، قوله لمشرعي الولاية يوم الثلاثاء "إذا استمر هذا الأمر على هذا الحال، وليس لدي أي سبب للاعتقاد بأنه لن يستمر، فمن المستحيل أن يتمكن المستشفى الذي أعمله به من معالجة هذا الأمر. ومن المستحيل أن تكون المنطقة قادرة على التعامل مع هذا الأمر".

مع تفاقم الوضع، هدد الحاكم جريج أبوت، العضو بالحزب الجمهوري، بمقاضاة المدارس أو المسؤولين الذين يخرقون طوعا حظر تفويض الكمامات الذي فرضه في أواخر يوليو. وقال أبوت "إن الطريق إلى الأمام يعتمد على المسؤولية الشخصية -- وليس التفويضات الحكومية".

سجلت تكساس مؤخرا حوالي 12400 حالة إصابة في المتوسط يوميا، أي ما يقرب من ضعف العدد الذي شوهد قبل أسبوعين فقط. يأتي هذا الارتفاع في الوقت الذي أفاد فيه حوالي واحد من كل خمسة مستشفيات بها وحدات العناية المركزة، أو 583 مستشفى إجمالا، أن 95 في المائة على الأقل من أسرة العناية المركزة كانت ممتلئة.

وتكساس هي واحدة من بين عدة ولايات تصارع تزايدا خطيرا في حالات الإصابة أدى المتحور "دلتا" إلى تفاقمه. ففي وقت سابق من هذا الصيف، ارتفعت حالات الإصابة في فلوريدا ولويزيانا وأركنساس. كما هو الحال في تلك الولايات، فإن الغالبية العظمى من المرضى الذين يدخلون المستشفيات في تكساس هم ممن لم يتلقوا التطعيم.

-- تضارب في فلوريدا

يعود ملايين الأطفال الأمريكيين إلى المدرسة، وكثير منهم أصغر من أن يتم تطعيمهم. ومن ناحية أخرى، يتم إدخال الأطفال إلى المستشفيات بأعداد صغيرة ولكنها متزايدة -- و"تقترب من معدلات أعلى من موجة الشتاء"، حسبما ذكرت الإذاعة الوطنية العامة يوم الأربعاء.

وعلى عكس العام الماضي، لن يكون لدى العديد من المدارس خيار التعلم عن بعد هذا الخريف. ورغم أن بعضها قد يطبق تفويضات الكمامات، إلا أن حفنة من الحكام الجمهوريين - بمن فيهم رون ديسانتيس من فلوريدا - أصدروا أوامر تنفيذية تحظر تطبيق تلك التفويضات.

فقد منع ديسانتيس الأسبوع الماضي المناطق التعليمية المحلية من مطالبة الطلاب بارتداء الكمامات وسط ارتفاع في حالات الإصابة، وهددت بأن مديري المدارس في الولاية الذين يلزمون الطلاب بارتداء الكمامات دون إعطائهم إمكانية الامتناع عن ذلك قد يتم حجب رواتبهم.

ويتخذ أولياء أمور الطلاب ذوي الإعاقة في فلوريدا موقفا بشأن الكمامات ويقاضون ديسانتيس. ومن ناحية أخرى، تدرس الحكومة الفيدرالية للرئيس جو بايدن ما إذا كان بإمكانها توجيه أموال التحفيز غير المستخدمة لدعم المعلمين في فلوريدا الذين قد يتحدون أمر الحاكم الرافض لتطبيق تفويضات الكمامات في المدارس.

وذكر موقع ((بوليتيكو)) الإخباري الأمريكي أن "ديسانتيس جعل من نفسه الوجه الوطني للمقاومة المناهضة لاستجابة بايدن لكوفيد-19. لذلك قرر الرئيس توجيه لكمة لهذا الأمر".

وأفادت مجلة ((فوربس)) للأعمال بأن الحظر على مستوى الولايات الذى يمنع المناطق التعليمية من تطبيق تفويضات خاصة للكمامات، والساري الآن في سبع ولايات، "يواجه عددا متزايدا من الدعاوى القضائية والمعارضة من المدارس التى سنت ضرورة ارتداء الكمامة خلال العام الدراسي القادم في انتهاك لقواعد الولاية".

-- تردد في أخذ اللقاح

قال بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية إن الارتفاع الأخير في حالات الإصابة بكوفيد-19 يزيد من التعب والإجهاد. لكن هذه المرة يتفاقم الإجهاد بسبب شيء جديد وهو: الإحباط بسبب عدم كفاية أخذ اللقاحات الذي كان من الممكن أن يمنع معظم مرضى كوفيد-19 من أن يكونوا بين أيدي العاملين في مجال الرعاية الصحية ليعكفوا على رعايتهم، حسبما ذكرت صحيفة ((وول ستريت جورنال)).

فقد أظهرت البيانات الفيدرالية أن المتحور "دلتا" أدى إلى ارتفاع الإصابات في الولايات المتحدة إلى متوسطات تبلغ حوالي 100 ألف يوميا. وفي بعض أجزاء البلاد التي تشهد معدلات تطعيم منخفضة، يتم إدخال أعداد كبيرة من الناس إلى المستشفيات.

ضرب المتحور "دلتا" الولايات الجنوبية والغربية الوسطى من البلاد بما فيها تكساس وفلوريدا وألاباما ولويزيانا وميسوري وميسيسيبي وأركنساس. و"كل منها لديه تغطية تطعيم كامل أقل من المعدل الوطني البالغ 59 في المائة بين الأشخاص المؤهلين، على الرغم من أن معدلات التطعيم ترتفع مرة أخرى في بعض تلك الولايات"، وفقا لما ذكره تقرير الصحيفة.

-- لم يفت الأوان أبدا

هناك نقطة مضيئة واحدة في استجابة أمريكا الفاشلة لكوفيد-19 وهي أن: الارتفاع الهائل في عدد حالات الإصابة بكوفيد-19 وحالات دخول المستشفيات الناتجة عنه، ومعظمها لأشخاص غير مطعمين، دفع إلى اتخاذ إجراءات في عدد من الولايات. ففي هاواي، صارت التجمعات الاجتماعية الداخلية تقتصر مجددا على 10 أشخاص. وفي مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا، عادت مواقع "درايف ثرو" المتخصصة في أخذ المسحات من داخل السيارة لإجراء اختبارات الكشف عن كوفيد-19، للعمل مرة أخرى.

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم يوم الأربعاء أن الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان في الولايات المتحدة ستنفذ إجراء هو الأول من نوعه في البلاد تطالب فيه جميع المعلمين وموظفي المدارس بتلقي التطعيم مع عودة المدارس من العطلة الصيفية.

كما يدرس البيت الأبيض استخدام قوة الإنفاق الحكومية الفدرالية لدفع كيانات مثل مرافق الرعاية طويلة الأجل إلى مطالبة موظفيها بالحصول على التطعيم. وكان وزير الدفاع لويد أوستن قد طلب في وقت سابق من هذا الأسبوع تطعيم جميع أفراد الجيش الأمريكي بحلول 15 سبتمبر.

وأعلنت إدارة بايدن يوم الخميس أن العاملين في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الذين قد يكونون على اتصال بالمرضى سيتم تطعيمهم ضد كوفيد-19.

وفي يوم الخميس أيضا، بدأت إدارة الغذاء والدواء تستعد لتعديل تصاريح الاستخدام الطارئ للقاحي فايزر ومودرنا المضادين لكوفيد-19 للسماح للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة بالحصول على جرعة ثالثة أو حقنة معززة.

فقد صرح كبير المستشارين الطبيين بالبيت الأبيض أنتوني فاوتشي لوسائل الإعلام بأن الجميع سيحتاجون يوما ما "على الأرجح" إلى حقنة معززة، مضيفا "لقد بدأنا بالفعل نرى مؤشرات على حدوث بعض التناقص" في متانة اللقاحات.

ولكنه قال إنه من غير المحتمل أن يتم إعطاؤهم إياها على نطاق واسع في أي وقت قريب. فالأولوية هي إعطاء جرعات معززة لأولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، بما في ذلك المصابين بالسرطان والأشخاص الذين خضعوا لعمليات زرع أعضاء.

الصور

010020070790000000000000011100001310126989